q
سجلت أسعار النفط مؤخرًا ارتفاعًا، بعدما أدت توترات البحر الأحمر، وهجمات جماعة الحوثي على السفن المتجهة لإسرائيل إلى تأخر وصول الشحنات، بعدما لجأت ناقلات عدة لتغيير مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، ودفعت هذه التوترات نحو فرض المزيد من القيود على سوق النفط، خاصة في أوروبا وأفريقيا...

ارتفعت أسعار النفط بنحو 9% خلال العام الجاري 2024، مدفوعة بتأثير توترات البحر الأحمر وتغير مسار الشحن وتخفيضات تحالف أوبك+ الطوعية، حسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة، وكان خام برنت قد لامس حاجز 84 دولارًا للبرميل، في تداولات الخميس 22 فبراير/شباط الجاري، إلا أنه عاد وسجل انخفاضًا طفيفًا عند 83.29 دولارًا في مستهل تعاملات، وكانت مخزونات النفط العالمية من الحقول البرية قد سجلت هبوطًا قياسيًا، وسط ترقب لقرار تحالف أوبك+ بشأن تمديد التخفيضات الطوعية إلى الربع الثاني من العام.

الأسعار وتوترات البحر الأحمر

سجلت أسعار النفط مؤخرًا ارتفاعًا، بعدما أدت توترات البحر الأحمر، وهجمات جماعة الحوثي على السفن المتجهة لإسرائيل إلى تأخر وصول الشحنات، بعدما لجأت ناقلات عدة لتغيير مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول.

ودفعت هذه التوترات نحو فرض المزيد من القيود على سوق النفط، خاصة في أوروبا وأفريقيا، حسب ما أوردته رويترز في تقرير لها.

ومن جانبه، قال المحلل في إف جي إي (Facts Global Energy)، جيمس ديفيز، إن اتخاذ الناقلات مسار شحن أطول فرض قيودًا على توازن النفط الخام في الأسواق، وكشف عن أن الآونة الحالية تشهد طلبًا قويًا على الخام، بفعل ارتفاع هوامش التكرير رغم خضوع عدد من المصافي لعمليات صيانة، ويؤثر تأخر الشحنات من قناة السويس في تغيير خريطة الشراء فضلًا عن أسعار النفط، إذ فضّل المشترون المنتجين الأقرب لبلدانهم، مثلما حدث مع عروض خام غرب أفريقيا وبحر الشمال.

وبدأت هجمات الحوثي على ناقلات البحر الأحمر منتصف نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية على غزة، وقادت أميركا تحالفًا من عدة دول للرد على هذه الهجمات، ما زاد من توترات البحر الأحمر وتغير مسار الشحن.

إنتاج أوبك+

تزامن ارتفاع أسعار النفط مع اندلاع توترات البحر الأحمر، وبدء سريان الخفض الطوعي لبعض دول تحالف أوبك+ خلال الربع الأول، من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني، حتى نهاية مارس/آذار)، ويأتي ارتفاع الأسعار في صالح التحالف، الذي اتخذ إجراءات طوال العامين الماضيين لضبط الأسواق، ورغم خفضه الإنتاج خلال تلك المدة فإن الأسعار لم تتجاوز 80 دولارًا للبرميل الذي يستهدفه غالبية المنتجين للتوازن، ويكتسب ارتفاع أسعار النفط وتراجع الإمدادات ميزة، بدفعه المتداولين نحو عدم الاحتفاظ بالمخزونات لبيعها لاحقًا بأسعار أعلى.

وقال رئيس إستراتيجيات السلع في مصرف ساكسو بنك الاستثماري الدنماركي، أولي هانسن، إن طبيعة الإمدادات حاليًا، والاستقرار "المؤقت" لأسعار النفط فوق 80 دولارًا للبرميل، من عوامل ثبات سوق النفط، وأشار إلى أن ثبات السوق يتلقى دعمًا من التوقعات المتفائلة للطلب مع استمرار تحول مسار شحن الناقلات، واستغراق الناقلات وقتًا أطول للوصول إلى وجهتها، مضيفًا أن حالة سوق النفط الحالية جيدة بالنسبة إلى أوبك+، ومن المقرر أن يحسم التحالف موقفه من الخفض الطوعي للإنتاج خلال الربع الثاني من العام الجاري، سواء بتمديد الخفض أو إعادة ضخ الإمدادات في الأسواق، بحلول مطلع شهر مارس/آذار المقبل.

ارتفاع الأسعار ومستقبل العقود

رغم أن ارتفاع أسعار النفط قد يسهم في ثبات الأسواق نسبيًا فإنه يُثير المخاوف من رفع تكلفة كل من: "الطاقة، والنقل، والتصنيع"، وقد تتجه بعض البنوك إلى خفض أسعار الفائدة على أثر ارتفاعات الخام، وارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 9% خلال العام الجاري، واستقرت أسعاره عند 84 دولارًا للبرميل في 22 فبراير/شباط.

وخلال اليوم ذاته، صعد مؤشر سوق العقود الآجلة لأعلى مستوياته منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما يعكس "محدودية" السوق الفورية، ويبدو أن سوق النفط مقبلة على مرحلة مهمة، مع هبوط مخزونات النفط البرية العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2017، إذ تراجعت إلى 4.4 مليار برميل، طبقًا لما نقلته رويترز عن تقرير لـ"جيه بي مورغان"، ووصل الفارق بين سعر خام فورتيز وخام برنت المؤرخ إلى أعلى مستوياته، منذ ما يقارب 3 أشهر في سوق بحر الشمال، وسجلت درجات خامات محلية بديلة ارتفاعًا أيضًا، في حين تراجعت كميات خام الشرق الأوسط إلى أوروبا من مستوى 1.07 مليون برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسب بيانات كبلر.

خامات الشرق الأوسط ونيجيريا

مع ارتفاع أسعار النفط، وتوقعات تراجع جديد للمعروض لصالح الطلب، تُشير التوقعات إلى أن واردات الأسواق الأوروبية من خامات الشرق الأوسط سوف تنخفض إلى 606 آلاف برميل يوميًا، خلال الشهر الجاري.

ويتزامن ذلك مع نشاط أفريقي، إذ تكثف نيجيريا من بيع شحناتها بمعدل أسرع من ذي قبل، وفاق خام فوركادوس أسعار خام برنت المؤرخ بنحو 6 دولارات للبرميل، وخام كو (Que) بنحو 3.80 دولارًا، وخام بوني الخفيف 3 دولارات.

ومن جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لشركة بلاك غولد إنفستورز (Black Gold Investors)، غاري روس، أن سوق الخام الحلو منخفض الكبريت محدودة، مرجعًا ذلك إلى "توقف حقل شرارة الليبي، وخفض الإنتاج الأميركي بفعل الطقس البارد، والخلافات حول الدفع مقابل النفط الروسي"، وعزز من نقص المعروض في سوق النفط مقابل ارتفاع في الطلب، التوقف المفاجئ لمصفاة وايتنغ التابعة لشركة النفط البريطانية بي بي (BP).

اضف تعليق