q
هذا النموذج يحاول تلميع صورته وجعلها المتصدرة دائماً سواء في الواقع او في وسائل التواصل الاجتماعي التي اصبحت بوابة لنشر غسيل هذه الشخصيات المريضة، اذ ان منصات وسائل التواصل الاجتماعي تعج بأنجازات وهمية وجوائز كارتونية لا قيمة حقيقية لها ومن دون وجود رقابة تمنع انتشار التفاهة والانحلال الذي نراه اليوم...

تجوع بطون الناس فيفقدون صوابهم ويبحثون عما يملئها ليعيدون لانفسهم ذلك التوازن، وهذه الحاجة التي يطلبها الانسان واحدة من اهم الحاجات الانسانية ولعل جميعنا يعرف الامر، لكن الذي لم نكن نعرفه لكونه لم يكن موجوداً بهذا الانتشار هو جوع الشهرة التي بات الكثير من الناس سيما الشباب منهم منهمكين بالبحث عنه ويالها من رحلة متعبة من دون جدوى، فلماذا كل هذا الهوس بالشهرة؟، وماهي طرق الوصول اليها.

الدافع الذي جعلني اكتب هذا المقال هو تكاثر هذه الفئة من الذين يتهالكون على الأضواء حتى لو كانت زائفة والأمجاد حتى لو كانت زائلة ولا قيمة لها، والمثير للسخرية ان هذه الفئة لم تقتصر على الشعبويين بل ضمت اليها قامات علمية ذات شهادات وتخصصات محترمة مثل الاطباء، اساتذة الجامعات، مدرسين، شيوخ الدين، وسواهم من الناس.

جوع الشهرة واحد من اكثر الامراض الاجتماعية ذات الاصول النفسية التي تضرب الدماغ الانساني فتذل النفوس وترهق الابدان وتذهب بماء وجه الانسان، فهذه النماذج بدأت تتكاثر في مجتمعنا وتتخذ من أجسادنا وأسماءنا مطية لها وتتدافع للجلوس في الصفوف الأمامية وقد لا تتوانى عن ارتكاب المعصيات لتحجز لها مكاناً بين اؤلئك المهوسون بهذه الهوس اللعين.

اغلبنا يعرف الكثير من هذا النموذج البشري الذي ينتمي الى فئة جائعي الشهرة والذي لا يتوانى عن اية سلوكية ممكن ان تقربه من هذه اللقب (مشهور)، وفي الوقت ذاته هذا النموذج يعتبر نفسه مختلف عن الآخرين كما يرى انفسه انه فائق القوة والذكاء والشكل الذي يوصله الى درجة عالية من الغرور والنرجسية التي لا تصل بالانسان الا الى محطات الانتقاد والاستخفاف والتهميش من قبل الناس الواعيين في المجتمع.

ومثل هذا النموذج يحاول تلميع صورته وجعلها المتصدرة دائماً سواء في الواقع او في وسائل التواصل الاجتماعي التي اصبحت بوابة لنشر غسيل هذه الشخصيات المريضة، اذ ان منصات وسائل التواصل الاجتماعي تعج بأنجازات وهمية وجوائز كارتونية لا قيمة حقيقية لها ومن دون وجود رقابة تمنع انتشار التفاهة والانحلال الذي نراه اليوم.

ما هي سلوكياتهم لكسب الشهرة؟

هؤلاء المهوسون بالشهرة يتخذون عدة طرق للوصول السريع الى الشهرة بعيداً عن كون هذه الطريقة صحيحة ام لا فالمهم هو النتيجة التي يبغونها، واهم مايقومون به هو:

بعضهم يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق مايعرف بـ(البث) وهو يتحدث عن امر (اي امر) المهم انه يتحدث ومصطحباً معه فتات ملمعة تجذب عيون الشباب صوبها فيمتزج حديثهم بالميوعة والسذاجة والسطحية الفكرية التي يميل اليها الساذجون من الناس، والادهى من ذلك ان بعضهم يظهر زوجته او اخته ليحصل على مشاهدات عالية وبالتالي يصل الى هدفه.

سلوكية آخرى يقوم بها اللاهثون خلف الشهرة هو الميل الى المشاركة في الانشطة المجتمعية بغرض حب الظهور لا بغرض خدمة الناس، فما ان يعلن عن اي نشاط اجتماعي حتى تجدهم اول من يصل الى مكان ذلك التجمع لتبدأ بعدها الصور والفديوهات والمجاملات المليئة بالنفاق والكذب وغيرها من السوكيات الغير متنزنة بالمطلق.

مجال التربية والتعليم لم يبقى بمأمن من هذا الهوس فقد دخله المدرسون من اوسع ابوابه سيما في معاهد واماكن (التدريس الخصوصي)، اذ يستخدم هؤلاء المدرسين اللا تربويين اساليب رخصية لاستمالة الطلبة للدخول في معاهدهم ومن يطلع على الفديوهات على وسائل التواصل يعرف ما اقول، فقد اصبحت للاسف هذه الاماكن مراتعاً للكثير من السلوكيات المنحطة من قبل الطلبة والمدرسين تحت تأثير الشهرة وهوسها، فهذه السلوكيات وغيرها الكثير هي مداد الشهرة الباهت الذي يسعى اليه من لا لون له ولا شخصية وقيمة.

اضف تعليق