هل باتت نسبة استهلاك اللحوم حول العالم اكثر من اي وقت مضى، وهل تناول اللحوم آمن على الصحة؟، وما مدى تسبب استهلاك اللحوم الحمراء واللحوم المصنّعة في الإصابة بالسرطان، هذه الاسئلة الصحية المهمة وغيرها تبرز اهمية العناية بالتغذية وخاصة ما يتعلق باستهلاك اللحوم لضمان صحة الانسان، وللإجابة على بعض هذه الاسئلة منها ما كشف باحثون خلال المؤتمر الدولي للعلوم والتكنولوجيات الخاصة باللحوم الذي اختتم فعالياته في جنوب وسط فرنسا، بانه من المتوقع أن يزداد الاستهلاك السنوي للحوم خلال الأعوام العشرة المقبلة بدفع من البلدان الناشئة، وفي خلال خمسين عاما، تضاعف تقريبا استهلاك المنتجات القائمة على اللحوم، من قبيل اللحم الطازج واللحوم المعالجة والأطباق المجلدة والمعلبات، وذلك في أنحاء العالم أجمع، مرتفعا من 23,1 كيلوغراما للشخص الواحد في السنة الواحدة عام 1961 إلى 42,2 كيلوغراما عام 2011.

إذ يتوقع الباحثون أن تستمر البلدان الناشئة في رفع الاستهلاك العالمي للحوم الذي يتراجع في المقابل في بلدان متقدمة (مثل بلدان أوروبا الغربية وأميركا الشمالية واليابان) من جراء الأزمة الاقتصادية من جهة، وازدياد الأهمية التي تولى لمسائل الرفق بالحيوان والأنظمة الغذائية السليمة من جهة أخرى، ولا بد في هذا السياق من أخذ عامل آخر في الحسبان ألا وهو التغير المناخي الناجم بجزء منه عن تربية الحيوانات.

على الصعيد نفسه قال خبراء منظمة الصحة العالمية إن اللحوم المعالجة يمكن أن تصيب الإنسان بسرطان الأمعاء كما ان اللحوم الحمراء تعتبر سببا مرجحا للمرض، وفي تقرير يمكن أن يزيد الجدل حول مزايا وعيوب أكل اللحوم وضعت الوكالة الدولية لابحاث السرطان ومقرها باريس والتابعة لمنظمة الصحة العالمية اللحوم المعالجة مثل النقانق ولحم الخنزير في الفئة الاولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل ايضا التبغ والاسبستوس ودخان الديزل وقالت ان هناك "أدلة كافية" تثبت صلتها جميعا بالسرطان، فيما يرى خبراء اخرون ان اللحوم المصنعة والحمراء يمكن أن تسبب سرطان القولون والمستقيم لدى البشر وان الاصابة تعتمد على الكميات المستهلكة من هذه اللحوم.

وعلى الرغم من أن بعض الوكالات الصحية قد أوصت بالفعل بالحد من مدخول اللحوم، فإن هذه التوصيات كانت موجّهة في معظمها إلى الحد من مخاطر أمراض أخرى. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، كان من المهم بالنسبة إلى الوكالة الدولية لبحوث السرطان أن تقدم البيِّنات العلمية الرسمية بشأن مخاطر السرطان المرتبطة بأكل اللحوم الحمراء واللحوم المصنّعة.

في حين قد تؤدي أساليب الطهو باستخدام درجات الحرارة المرتفعة إلى توليد المركبات التي قد تسهم في مخاطر السرطان، ولكن دورها في ذلك لم يُفهم بعد بالكامل، ويؤدي الطهو في درجات حرارة عالية أو بتعريض الطعام للهب أو للسطح الساخن مباشرة، مثل في حال الشواء على النار أو التشويح، إلى إنتاج المزيد من المواد الكيميائية المسرطنة (مثل الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات والأمينات العطرية المتغايرة الحلقات). ومع ذلك فلم يتوافر قدر كافٍ من البيانات يسمح للفريق العامل التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان بالتوصل إلى نتيجة بشأن مدى تأثير طريقة طهو اللحوم على مخاطر الإصابة بالسرطان.

وفي حالة اللحوم الحمراء، يعتمد التصنيف على قدر محدود من البيِّنات المستمدة من الدراسات الوبائية التي أشارت إلى وجود ارتباط إيجابي بين أكل اللحوم الحمراء والإصابة بسرطان القولون والمستقيم، كما يعتمد التصنيف أيضاً على بيّنات ميكانيكية قوية.

والمقصود بالبيِّنات المحدودة أنه قد لوحظ وجود ارتباط إيجابي بين التعرض للعامل والإصابة بالسرطان، ومع ذلك فلا يمكن استبعاد المبررات الأخرى التي قد تقف وراء هذه الملاحظات (ويطلق عليها تقنياً مسمى الصدفة أو التحيز أو الالتباس).

وقد صُنفت اللحوم المصنّعة في الفئة نفسها للعوامل المسببة للسرطان مثل تدخين التبغ واستخدام الأسبستوس (المجموعة 1 وفقاً لتصنيف الوكالة الدولية لبحوث السرطان، عامل مسرطن للبشر)، ولكن ذلك لا يعني أنها تنطوي على القدر نفسه من المخاطر. فتصنيفات الوكالة الدولية لبحوث السرطان تصف مدى قوة البيِّنات العلمية المتعلقة بالعامل المسبب للسرطان، ولا تقيّم مستوى المخاطر.

وخلص الفريق العامل التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان إلى أن اللحوم المصنّعة تتسبب في سرطان القولون والمستقيم. كما لوحظ ارتباطه بسرطان المعدة ولكن البيِّنات بشأن ذلك لم تكن قاطعة.

وتشير أحدث تقديرات مشروع العبء العالمي للأمراض، وهو منظمة مستقلة للبحوث الأكاديمية، إلى أن 34000 وفاة ناجمة عن السرطان سنوياً في العالم تُعزى إلى النُظم الغذائية الغنية باللحوم المصنّعة.

ولم يتأكد بعد أن أكل اللحوم الحمراء يسبب الإصابة بالسرطان. ومع ذلك، فإذا ما ثبت أن الارتباط الذي أُشير إليه هو ارتباط سببي، فإن تقديرات مشروع العبء العالمي للأمراض تشير إلى أن النُظم الغذائية الغنية باللحوم الحمراء قد تكون مسؤولة عن 50000 وفاة ناجمة عن السرطان سنوياً في العالم.

ولا تضاهي هذه الأرقام الوفيات الناجمة عن السرطان التي تُعزى إلى تدخين التبغ والبالغة مليون وفاة سنوية في العالم، وتلك التي تُعزى إلى استهلاك الكحول البالغة 60000 وفاة سنوية في العالم، والتي تُعزى إلى تلوث الهواء والتي تزيد على 200000 وفاة سنوية في العالم.

وارتبط استهلاك اللحوم المصنّعة بنسبة صغيرة من الزيادة في مخاطر الإصابة بالسرطان في الدراسات الخاضعة للاستعراض. وفي تلك الدراسات، زادت المخاطر بصفة عامة مع زيادة كمية اللحوم المستهلكة. ووفقاً للتقديرات المستمدة من تحليل البيانات الواردة في 10 دراسات، يؤدي تناول حصة من اللحوم المصنّعة وزنها 50 غرام يومياً إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18% تقريباً.

أما مخاطر الإصابة بالسرطان المتعلقة باستهلاك اللحوم الحمراء فيصعب تقديرها نظراً لأن البيِّنات الدالة على أن اللحوم الحمراء تسبب السرطان ليست على المستوى نفسه من القوة. ومع ذلك، فإن ثبت أن الارتباط بين اللحوم الحمراء وسرطان القولون والمستقيم هو ارتباط سببي، فإن البيانات المستمدة من الدراسات نفسها تشير إلى أن مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم قد تزيد بنسبة 17% لكل حصة من اللحوم الحمراء تزن 100 غرام يتناولها الشخص يومياً.

من جانب ايجابي يرى خبراء إن أكل اللحوم له فوائد صحية معروفة، وتتكون اللحوم من عناصر متعددة مثل حديد الهيم. كما إنها قد تحتوي على مواد كيميائية تتكون أثناء معالجتها أو طهوها. فتشمل المواد الكيميائية المسرطنة التي قد تتكون أثناء معالجة اللحوم مركبات ن-نيتروزو وهيدروكربونات عطرية متعددة الحلقات مثلاً.

وفي صدد الموضوع يُشير مصطلح "اللحوم الحمراء" إلى اللحوم العضلية لجميع الثدييات، بما في ذلك البقر والعجول والخنازير والحملان والخراف والخيل والماعز، بينما يُشير مصطلح اللحوم المصنّعة إلى اللحوم التي جرى تحويلها عن طريق التمليح أو المعالجة أو التخمير أو التدخين، أو غيرها من العمليات، بغية تحسين مذاقها أو تعزيز حفظها. وتحتوي معظم اللحوم المصنّعة على لحم الخنزير أو البقر، ولكنها قد تحتوي أيضاً على أنواع أخرى من اللحوم الحمراء أو الدواجن أو سقط الذبائح أو المنتجات الثانوية للحوم مثل الدم.

وتشمل أمثلة اللحوم المصنّعة نقانق "الهوت دوغ"، ولحم الخنزير المصنّع، والسجق، ولحم البقر المحفوظ والقديد أو اللحم المجفف، واللحم المعلب، والمستحضرات والصلصات المجهزة القائمة على اللحوم.

الاستهلاك العالمي للحوم إلى تزايد خلال العقد المقبل

بالاستناد إلى أرقام صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، قال إيريك ماتهييس المتخصص في مجال الاقتصاد الغذائي إنه "من المرتقب أن يرتفع الاستهلاك العالمي للحوم بنسبة 1,6 % في السنة خلال السنوات العشر المقبلة".

وقد نظمت الدورة الحادية والستون من المؤتمر الدولي للعلوم والتكنولوجيات الخاصة باللحوم في مدينة كليرمون-فيران الفرنسية بحضور نحو 500 عالم وخبير. ومن المقرر أن تعقد الدورة المقبلة من هذا المؤتمر السنوي في العاصمة التايلاندية بانكوك.

من جهته قال كيرت ستريف مدير برنامج الدراسات التابع للوكالة الدولية لابحاث السرطان في بيان "خطر اصابة شخص ما بسرطان القولون بسبب استهلاكه للحم المعالج لا يزال صغيرا لكن هذه المخاطر تتعاظم مع كم اللحم المستهلك"، ووصفت الوكالة اللحوم الحمراء التي تشمل لحوم الابقار والخراف والخنزير كمواد مسرطنة "مرجحة" في القائمة 2ايه التي تشمل أيضا مادة جليفوسيت المستخدمة في الكثير من المبيدات العشبية. بحسب رويترز.

ونظر الفريق العامل التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان في أكثر من 800 دراسة مختلفة عن السرطان في البشر (قدمت بعض الدراسات بيانات عن نوعي اللحوم كليهما؛ وفي الإجمالي هناك أكثر من 700 دراسة وبائية قدمت بيانات عن اللحوم الحمراء وأكثر من 400 دراسة وبائية قدمت بيانات عن اللحوم المصنّعة)، ويتألف الفريق العامل التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان من 22 خبيراً من 10 بلدان مختلفة (قائمة المشاركين).

والوكالة الدولية لبحوث السرطان هي منظمة بحثية تتولى تقييم البيِّنات عن أسباب السرطان ولكنها لا تصدر توصيات صحية. ولكن دراسات الوكالة تُستخدم في كثير من الأحيان كأساس لوضع السياسات والمبادئ التوجيهية والتوصيات الوطنية والدولية الرامية إلى الحد من مخاطر السرطان إلى أدنى قدر. وقد تقرر الحكومات إدراج هذه المعلومات الجديدة عن مخاطر السرطان الناجمة عن اللحوم المصنّعة في سياق المخاطر والفوائد الصحية الأخرى عند تحديث توصياتها بشأن التغذية.

هل تناول اللحوم آمن على الصحة؟

في سياق متصل تناول الدكتور موزلي ما يقرب من 130 غراما من اللحم يوميا، بحثا عن تأثير ذلك على الجسم، هناك العديد من التقارير الإخبارية التي تتحدث عن مخاطر تناول اللحوم. لكن هل هناك ما يدعم صحة تلك التقارير؟ الطبيب مايكل موزلي عمل على البحث عن الحقيقة وراءها، وقال موزلي إنه يحب تناول اللحوم، إلا أن ما كان مصدر سعادة بريئا في الماضي، أصبح الآن مصدر شعور بالذنب.

فإن كنت ممن يصدقون عناوين التقارير الإخبارية، فإن تناولك المتكرر لشطائر اللحم يزيد من مخاطر إصابتك بأمراض القلب والسرطان، ولا يأتي الخطر على الصحة من تناول اللحم الأبيض كالدجاج، بل من تناول اللحم الأحمر واللحوم المصنعة.

وبالرغم من أن هذه العناوين التي تحمل انطباعا سلبيا، لا يزال هناك معدل متوسط من البريطانيين يتناولون ما يقرب من 70 غراما من اللحوم الحمراء أو اللحوم المصنعة في اليوم، فيما أن ربع الرجال يتناولون ضعف هذه الكمية تقريبا.

هناك الكثير من الأشياء الجيدة في اللحوم الحمراء. فاللحم البقري، سواء أكان قطعا أو مفروما، يعتبر مصدرا ممتازا للبروتين وعناصر التغذية الأساسية، كالحديد وفيتامين بي 12، شديدي الأهمية للصحة. بحسب البي بي سي.

أما في ما يتعلق بالنواحي السلبية، فتعتبر اللحوم الحمراء والمصنعة مليئة بالدهن المشبّع.

بل إن لحم الخنزير والنقانق يزيد دهنه المشبع في الغرام الواحد بما يقرب من 16 ضعفا عن طعام التوفو الذي يصنع من الصويا.

من جانب آخر يتفق العلماء على أن تناول كميات كبيرة من اللحوم يعتبر عادة غذائية غير صحية، وبناء على دراسة شارك فيها تحت عنوان "تناول اللحم الأحمر وخطر الوفاة"، ونشرت في دورية "سجلات الطب الباطني"، يرى ويليت أن هناك ارتباطا بين تناول كميات صغيرة من اللحم الأحمر غير المصنع (نحو 85 غراما) وزيادة حدوث الوفاة بنسبة 13 في المئة، بينما أن تناول كميات مماثلة من اللحم الأحمر المصنع يرتبط بارتفاع خطر الوفاة لما يقرب من 20 في المئة لذا فليس مستغربا أن ويليت تقريبا لا يتناول اللحم على الإطلاق.

لكن موزلي وجد أن نتائجه لا تتفق مع نتائج دراسة أوروبية أحدث، كانت قد نشرت في مجلة "بي ام سي" الطبية عام 2013، وحملت عنوان "تناول اللحوم وحدوث الوفاة"، في هذه الدراسة، عمل الباحثون من فريق التحقيق الإشرافي الأوروبي في ارتباط مرض السرطان بالتغذية على متابعة نصف مليون شخص في 10 دول لفترة تجاوزت 12 عاما، وتوصل الباحثون إلى أن تناول كميات معتدلة من اللحم الأحمر لا تؤثر على معدلات الوفاة. وسجلت أقل معدلات الوفيات بين من يتناولون ما يصل إلى 80 غراما في اليوم.

وبالرغم من أنه كان هناك ارتفاع طفيف في المستوى العام لخطر الوفاة بين من يتناولون اللحوم الحمراء بكميات تزيد على 160 غراما، إلا أنه كانت هناك أيضا معدلات مرتفعة للوفاة بين من لا يتناولون اللحوم ضمن أنظمتهم الغذائية.

وخلص الباحثون إلى أن "تناول اللحوم بكميات قليلة – وعدم غيابها تماما – قد يكون مفيدا للصحة. ويمكن تفهم ذلك إذا ما أخذنا في الاعتبار أن اللحوم تعتبر مصدرا رئيسيا للعناصر الغذائية الهامة، كالبروتين والحديد والزنك وأنواع مختلفة من فيتامين بي و فيتامين ايه، إضافة إلى الأحماض الدهنية الأساسية".

لكن هناك أمرا بهذه الدراسة قد يفسد الآن فرحة محبي تناول اللحوم، فقد توصلت هذه الدراسة أيضا، كغيرها من الدراسات الأخرى، إلى أن تناول اللحوم المصنعة له تأثير سلبي على الصحة. ومع تناولها بكميات تزيد على 40 غراما في اليوم، بدأت معدلات الوفاة بالسكتة القلبية والسرطان في الارتفاع.

إلا أن الاختلاف على ذلك يبدو ظاهرا بين الخبراء أنفسهم، وينعكس ذلك فعليا على ما يتناولونه هم أنفسهم. ويبقى ما يعرض هنا مجرد تقديم للوقائع، في حين أن موطن الحقيقة يرجع تحديده إلى الناس.

ومن المؤكد أن تناول موزلي لكميات كبيرة من اللحوم المصنعة كان له تأثير سيء على جسمه. فبعد شهر من تناول شطائر اللحم المقدد والبرغر، ازداد وزنه وبدأت معدلات ضغط الدم والكوليسترول لديه في الارتفاع، وذلك قبل أن يعود إلى نظامه الغذائي التقليدي.

أمريكا

تعكف ولاية كاليفورنيا الأمريكية على بحث تقرير جديد أصدرته منظمة الصحة العالمية لاتخاذ قرار بشأن ما اذا كان يتعين ادراج اللحوم الحمراء والنقانق ولحوم الخنزير على قائمة الأغذية التي يحتمل ان تكون مسببة للسرطان ما يهييء المجال لخوض معركة مع شركات تصنيع وحفظ اللحوم بشأن الملصقات التحذيرية على المنتجات.

ومن شأن ادراج اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة على هذه القائمة التقليل من طلب المستهلكين على هذه المنتجات ما يلحق الضرر بالمنتجين الكبار وقد يفتح الباب على مصراعيه أمام قيام جمهور المستهلكين ممن أصيبوا بالأورام برفع دعاوى قضائية على شركات إنتاج اللحوم، وتتصدر كاليفورنيا عادة المبادرات الخاصة بالمستهلكين لا سيما في قطاع الزراعة وقد كانت وراء قوانين لوضع الدجاج في أقفاص أكبر حجما وفرض قيود على استخدام المضادات الحيوية في مجال الثروة الحيوانية وذلك قبل تطبيق هذه القوانين في ولايات اخرى بالبلاد.

وتقول مبادرة تم اقرارها في كاليفورنيا عام 1986 إن الولاية تحتفظ بقائمة من المواد الكيميائية وغيرها التي يعرف انها قد تتسبب في زيادة احتمالات الاصابة بالاورام وانه يتعين على المنتجين وضع تحذيرات واضحة وملائمة بالنسبة للمستهلكين. بحسب رويترز.

ويتوقع بعض الخبراء ان تضيف كاليفورنيا اللحوم المصنعة إلى هذه القائمة فيما يتعين آنئذ على الجهات المنتجة البرهنة للولاية على سلامة منتجاتهم وانه لا يتعين وضع تحذيرات عليها، وكانت المراجعة التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ومقرها باريس التابعة لمنظمة الصحة العالمية قد صنفت اللحوم المصنعة على انها "مسببة للسرطان لدى البشر" وذلك في الفئة الاولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل ايضا التبغ والحرير الصخري (الاسبستوس) وهي مواد توافرت بشأنها أدلة كافية.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن تناول شريحة من اللحوم المصنعة تزن 50 جراما -سواء من لحوم الأبقار أو الخنازير التي يجري حفظها عادة بطريقة التمليح أو التدخين- تزيد من خطر الاصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18 في المئة.

جنوب افريقيا

بالنسبة إلى الكثيرين في جنوب افريقيا فان مجرد الإشارة لأن اللحوم قد تسبب السرطان قد يكون مدعاة للسخرية والمساس بالتقاليد المرعية في بلد يشتهر بحفلات الشواء في الهواء الطلق التي يشارك فيها البيض والسود على حد سواء كأحد أنماط الحياة.

وقال أهالي جنوب افريقيا في رد فعلهم على تقرير لمنظمة الصحة العالمية صنف لحوم الأبقار والضأن والخنازير على انها قد تسبب السرطان إنهم سيجازفون بتعريض أنفسهم للخطر بدلا من ان يديروا ظهورهم لهذه العادة الاجتماعية المتأصلة في ثقافتهم المحلية.

يرجع عهد حفلات الشواء في الهواء الطلق التي يسمونها "براي" إلى المستوطنين الهولنديين في القرن السابع عشر لكن هذه العادة شاعت عبر القرون الثلاثة التالية بين مختلف أعراق البلاد كعادة غذائية ترفيهية مع الاصدقاء وأفراد الأسرة. بحسب رويترز.

وقال جان سكالينز -مؤسس حملة لتحويل عطلة يوم التراث التي توافق 24 سبتمبر ايلول من كل عام الى العيد الوطني "للبراي"- إنها عادة "يعشقها سكان جنوب افريقيا إذ ترسخ أواصر المودة بينهم أثناء التحلق حول النيران ولحوم البراي. يخالجني قدر كبير من الشك في ان مثل هذا البحث سيكون له أي تأثير على ذلك".

ويؤيد مبادرة عيد البراي القس الجنوب افريقي ديزموند توتو أحد أبرز المناهضين لنظام الفصل العنصري والحائز على جائزة نوبل للسلام الذي رسخ هذه العادة بوصفها قوة من أجل التوحد في جنوب افريقيا متعددة الأعراق، واجمالا يستهلك المواطن الجنوب افريقي 60 كيلوجراما من اللحوم سنويا بارتفاع عن المتوسط العالمي البالغ 42 كيلوجراما.

وبالنسبة إلى القادرين على شراء اللحوم في جنوب افريقيا لاسيما الحمراء منها فانها تعتبر سيد المائدة فيما يطلق أهالي جنوب افريقيا على من يقتصر طعامهم على لحوم الدجاج بانهم نباتيون، كان الخبراء قد خلصوا في الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى ان تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير وغيرها يمكن أن تسبب سرطان القولون والمستقيم لدى البشر كما ان اللحوم الحمراء تعتبر سببا مرجحا للاصابة بالمرض.

وكانت المراجعة التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ومقرها باريس التابعة لمنظمة الصحة العالمية قد صنفت اللحوم المصنعة على انها "مسببة للسرطان لدى البشر" وذلك في الفئة الاولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل ايضا التبغ والحرير الصخري (الاسبستوس) وهي مواد توافرت بشأنها أدلة كافية.

ايطاليا

حثت ايطاليا -وهي مهد شرائح لحوم الخنزيز المقددة والمملحة المصنعة في مدينة بارما- المستهلكين على ألا يصيبهم الهلع ويحجموا عن تناول هذه الوجبة التقليدية التي تشتهر بها احدى دول حوض البحر المتوسط وذلك بعد تحذير من ان مثل هذه اللحوم تسبب السرطان، وردت الهيئات الايطالية المعنية بالأغذية والزراعة ساخطة على تقرير لمنظمة الصحة العالمية قال إن تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير علاوة على التعرض للتبغ والحرير الصخري (الاسبستوس) تعتبر أسبابا مرجحا للاصابة بالسرطان، وقالت الرابطة الزراعية الايطالية (كولديريتي) في بيان "لا ترهيب بشأن اللحوم إذ ان اللحوم الايطالية هي الوجبات الصحية بدرجة أكبر" مشيرة الى ان الأغذية الايطالية تقف وراء أعلى توقعات بشأن طول العمر في العالم التي تصل الى 80 عاما بالنسبة الى الذكور و85 عاما للنساء، وقالت منظمة الصحة العالمية إن تناول شريحة من اللحوم المصنعة تزن 50 جراما -سواء من لحوم الأبقار أو الخنازير التي يجري حفظها عادة بطريقة التمليح أو التدخين- تزيد من خطر الاصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18 في المئة. بحسب رويترز.

وتقول الجمعية الوطنية الايطالية للحوم إن الايطاليين عادة ما يتناولون في المتوسط دون هذه الكميات وتشير تقديراتها الى انهم يستهلكون 25 جراما من هذه اللحوم يوميا، وأشارت الرابطة الزراعية الايطالية (كولديريتي) الى ان مبيعات حفظ اللحوم في البلاد تدر عائدات تصل الى 32 مليار يورو (35 مليار دولار) سنويا ويعمل بها 180 ألف فرد.

وقالت بياتريتشي لورنتسين بوزارة الزراعة الايطالية إن الحكومة تعكف على دراسة تقرير منظمة الصحة العالمية لكنها قالت إنه يتعين ألا يخشى الناس من هذه النتائج التي أشارت ايضا الى وجود "أدلة محدودة" على ان لحوم الأبقار والضأن والخنزير غير المصنعة قد تسبب السرطان، وقالت في معرض دولي بمدينة ميلانو "تعرفون ان الإفراط في تناول اللحوم الحمراء من العادات الضارة لكم. يكمن السر في أغذية حوض البحر المتوسط ... في تناول الحد الأدنى من كل شيء"، كانت الصحف الايطالية قد أفردت صفحاتها الأولى لابراز تقرير منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء مثلما حدث في بقية أرجاء العالم وحذرت صحف ايطاليا من نقانق (بروسكويتو) المقددة والمملحة التي تقدم في صورة شرائح كمقبلات قبل الوجبات الرئيسية.

بوليفيا

أيدت وزارة الصحة البوليفية التحذيرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية من مخاطر استهلاك اللحم الأحمر، موصية في المقابل باكل لحم اللاما، وأكدت فيكي أغويلار المسؤولة عن دائرة التغذية في وزارة الصحة "لدينا لحم جيد في بوليفيا، مثل لحم اللاما الذي يحوي نسبة قليلة من الدهون، لكن ينبغي بالطبع عدم الإفراط في استهلاكه". بحسب فرانس برس.

ويشهد لحم اللاما وهو حيوان من الفصيلة الإبلية يستخدم لنقل البضائع، رواجا منذ عشر سنوات في المطاعم الراقية، بفضل احتوائه كمية كبيرة من البروتين ونسبة قليلة من الدهون، أما فن الطبخ التقليدي عند الشعوب الأصلية في البلاد، فهو يركز منذ قرون على لحم هذا الحيوان لمنافعه الكبيرة بالمقارنة مع لحم البقر والدجاج والخنزير والماعز.

لكن أغويلار شددت على مخاطر الإفراط في الأكل، بغض النظر عن نوع اللحوم، وبالاستناد الى نتائج أكثر من 800 دراسة، صنف المركز الدولي للأبحاث في مجال السرطان التابع لمنظمة الصحة العالمية اللحوم المعالجة، وخصوصا اللحوم المقددة، ضمن فئة الأغذية "المسببة للسرطان لدى الانسان"، في حين صنفت اللحوم الحمراء مع لحم الخنزير والعجل ضمن خانة الأطعمة "المسرطنة على الأرجح".

المانيا

عرف الألمان بحبهم الشديد للنقانق لكنهم الآن يأكلون كميات أقل من اللحوم ويكثرون من الطعام النباتي مع تنامي القلق على الصحة والثمن الذي تدفعه البيئة من مزارع الماشية، واستهلاك اللحوم في غالبية الدول المتقدمة ثابت أو آخذ في التراجع لكن الحد من استهلاكها ملفت للنظر على وجه الخصوص في ألمانيا أكبر منتج في أوروبا للحم الخنزير والتي يوجد بها 1500 نوع من النقانق.

والتغير في عادات الأكل في ألمانيا يحدث بشكل مطرد وهاديء لا بشكل مفاجيء لكن صناعة الطعام تؤهل نفسها لحقيقة أن النقانق - واللحم بشكل عام - لم يعد لها هذا المكان المقدس على موائد طعام الألمان في اطار ثقافتهم الوطنية، وكان حزب الخضر في ألمانيا قد اقترح عام 2013 أن تبدأ مطاعم عمال القطاع العام في الامتناع عن تقديم اللحوم يوما في الأسبوع والاكتفاء بالوجبات النباتية.

الصين

الى ذلك ضبطت السلطات الصينية اطنانا من اللحوم المجلدة القديمة جدا يعود بعضها الى اربعين عاما، على ما نقلت وسائل الاعلام، ونقلت صحيفة "تشاينا ديلي" الحكومية ان السلطات ضبطت اكثر من مئة الف طن من الدجاج ولحوم البقر والخنزير تقدر قيمتها بثلاثة مليارات يوان (435 مليون يورو)، في سياق حملة وطنية لضبط اللحوم الفاسدة.

ووصف احد المسؤولين عن الحملة في مقاطعة هونان حالة اللحوم المضبوطة في مستودع في منطقته قائلا "كانت الرائحة لا تطاق، وكدت اتقيأ ما ان فتحت الابواب"، وكان هذا المخزن يحتوي على 800 طن من اللحوم غير الصالحة. بحسب فرانس برس.

واوقفت السلطات ما لا يقل عن 14 عصابة ضالعة في الاتجار باللحوم الفاسدة في عملية جرت قبل ايام، وذكر موقع اخباري الكتروني حكومي ان هذه اللحوم مصدرها المناطق الحدودية مع فيتنام، حيث يمكن تجنب التفتيش الحدودي.

وبحسب وسائل الاعلام، فان المهربين كانوا يشترون اللحوم باسعار متهاودة جدا من الخارج، ثم ينقلونها الى هونغ كونغ ومنها الى الصين عبر فيتنام، واكد مسؤولون في مقاطعة غوانكشي الحدودية مع فيتنام ان كميات من اللحوم المضبوطة "تعود الى ما لا يقل عن اربعين عاما" اي ان هذه اللحوم قطعت ووضبت فيما كان مؤسس جمهورية الصين الشعبية ماو تسي تونغ ما زال على قيد الحياة، وتعانى الصين عموما من ضعف الرقابة الصحية على الاطعمة، وتدوي فيها بين الحين والآخر فضائح غذائية واسعة النطاق.

اضف تعليق