من رحم الحضارة العراقية وتاريخها العريق، الذي لا يزال نوره يسطع بين حضارات العالم، أنجبت هذه الحضارة الكثير من الصناعات اليدوية التي عرفتها البشرية، من هذه الصناعات السجاد اليدوي، حيث النقوش والرسوم التراثية والألوان الزاهية، تسحر العيون بجمال صنعها، الذي يتميز بألوانه وخطوطه المختلفة، صناعة قديمة تشتهر بعض محافظات الجنوب بصناعتها، وعادة تتم على يد نساء ماهرات واغلب النساء هن من الارياف او من الطبقة الفقيرة.

"الحوّاكة" الاسم المحليّ، الّذي يطلق على المرأة الّتي تعمل في حياكة السجّاد اليدوي، وترتبّ قطع السجّاد بواسطة آلة يدويّة تسمّى "السدّة" أو "الجومة"، وهي عبارة عن 4 أوتاد من الخشب تدقّ وتثبت في الأرض بإحكام، وتربط بالحبال لتبدأ عمليّة النسج بواسطة مشط تمسك أسنانه، حيث تتحلى النساء بقدرة أكبر من الرجال على الصبر والتحمل والاحساس بالجمال في نسج السجاد.

لاشك ان الامر معقّد، ويختلف التعب من سجادة الى اخرى حسب النوع والألوان والزخرفة، وعلى الرغم من المصير المجهول لهذه الصناعة الحرفية التي تراجعت يوما بعد يوم، إلا أنها يمكن أن تعود الى سابق عهدها اذا وجدت من يهتم بها، ولكنها تبقى في ظل الظروف الحالية التي يمر بها العراق مهدّدة بالانقراض.

نادرا ما تجد بيتا عراقيا، لدية سجادة عراقية، صناعة وطنية، اعتاد البعض ان يفرشوا بيوتهم، بسجاد ايراني أو التركي، بالألوان الزاهية والموديلات الحديثة، مما جعل السجاد اليدوي في العراق يتراجع عن الحضور في الاسواق والمنافسة، بسبب أعمال العنف المنتشرة والقتال المستمر، والتي أجبرت العراقيين اهمال الصناعات اليدوية، واستيرادها من البلدان الاخرى، لذلك بات وجود هذا النوع من المفروشات العراقية نادر الوجود في الاسواق، فلا احد يسأل عن السجاد البابلي او الفلكلوري، وإذا لم يتمّ تدارك هذا الموضوع بتشجيع التجار لعرض السجاد العراقي وشرائه من المعامل وتوفير الدّعم للعاملين، وإقامة المعارض لبيعه بسعر مناسب ينافس السجاد المستورد، فإن هذه الصناعة سيكون مصيرها الموت.

في الوقت الحاضر ومع كل الازمات التي يمر بها البلاد نحتاج ان نقف مع هذه الصناعات اليدوية التي أصبح مصيرها مهدّدا بالانقراض، فلا بد ان نعيد لها الحياة من جديد وننقذها من الاهمال والنسيان، ولانها مهنة قديمة من تراث هذه الارض، يجب الحفاظ عليها، فهي تعد امتدادا لتاريخ طويل من الحضارة البابلية.

امنية لدى الشعب العراقي ان ينزل هذا النوع من المفروشات العراقي الى الاسواق بشكل متزايد وبصناعة حديثة، بعدما كان هو المصنع الاول لهذه الحرفة منذ أزمنة قديمة، والعراقيون يصنعون السجاد حتى انتشرت هذه الصناعة بين الدول الاخرى بعد سقوط الدولة العباسية، فكانت السجادة العراقية ((سجادة البازايك)) اقدم سجادة في العالم، صنعت في القرن الخامس قبل الميلاد من قبل الشعب العراقي، وهي موجودة في متحف هرمتاك في مدينة سان بطرس بيرك الروسية، فقد عرف عن الصناعة العراقية أنها الرائدة الاولى من نوعها، وكلنا على أمل بعودة هذه الصناعة ونزولها الى الاسواق، بتشجيع من البائع والصانع لدعم الصناعة الوطنية، ورفع نسبة العمالة، والتقليل من نسبة البطالة في العراق.

اضف تعليق


التعليقات

مؤيد علاء
ان شاء الله ببركة أقلامكم ترجع الصناعة العراقية وبكل فخر2015-12-26