"يا قارئ كتابي، أبكي على شبابي، بالأمس كنت حيا، واليوم تحت التراب"

 

لا أحد يعلم حجم الوجع الذي يحتويه صدري، ولا احد يحس ارتعاش أنفاسي الغاضبة، وحده الله يعلم، ما في داخلي، فلا ملجأ الا ليه، حين تعصف بنا الاحزان والهموم، وهو القائل (الذين اذا إصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا الية راجعون) واي مصيبة تلك يا رباه، التي هزت القلوب قبل الدروب، في ذلك المساء حيث اكتظت الشوارع بسيارات السعاف، والاشلاء المبعثرة، والاجساد المحترقة، بركة دماء حمراء، ثمة حطام، بعض الجثث هي لا طفال مقطعين، يحترقون، وبجنبهم كيسا يحترق، صراخات تتعالى هناك فتاة تبحث عن خطيبها(حبيبة عدولي) اين هو؟.

فتاتي الاجابة بأن عدولي عند الله بعد ان زفته ملائكة السماء عريس الى جنات الشهداء، وشهيد اخر لم تكتمل فرحته بنجاحة وتخرجه، فكانت احتفالية التخرج في السماء، يا له من مشهد مرعب، لست ادري على من اكتب؟.

عن قلب فتاة غدر بها القدر، فالبس خطيبها الكفن!

عن قلب أم أصبح فؤادها فارغا!

عن شق جيب شقيقة على شقيقها!

عن اب مسك بيده صورة ولده!

عن أبنت رحلت عنها امها!

لست ادري، لست ادري

كيف يمكن ان اتكلم وانا ارى، أب يتفحص في مكان المفخخات يتفحص الجثث المحترقة، وطفلة تموت من شدة الالم الحرق، والنار تصل الى أحشائها، بعد ان تمزق جسدها الصغير، تصرخ من شدة الوجع، لتموت سريعا محترقة، ما اقسى قلمي وهو يكتب لكم تلك الحادثة، مع اني في غصة من الحزن، بيت تلك الفوضى والنار اللاهبة، هنالك صرخة أخ تخرسك من شدة حزنها، وهو يبحث عنه في ركام الانقاض، والاجساد الطاهرة وهو ينادي أخي.. أخي، لوكان لهذه الدمعات كلمات، لقالت لكم الكثير والكثير، لكن الصمت قد سار ليها دون الفصح، وخطفت آهات الروح وسرق انينها من ثناياها، فأصبح الفرح حزن، والعيد مأتم، شعب كان منتظر العيد فأصبح العيد شهيد، في العالم اجمع يحتفلون بالعيد بمراسيم وطقوس، الا الشعب العراقي فطريقته مختلفة تماما يستقبل شهر الخير بالتفجيرات والشهداء، ويودعه بالدموع والضحايا، بين مفقود وشهيد، بأية حال يستقبل العيد، وقد افترشت زهوره الثرى، عيد معرى من الفرح، رحل قبل ان يأتي، لا عيد في وطني، عجيب انت يا وطني، ما أرخص الدم، اكثر الاشياء بيعا في وطني، هو الكفن، ما اتعس الاطفال في عيدهم، ذهبوا الى الاسواق لتبضع بمناسبة التنزيلات العيد، فوجدوا ان التنزيلات الهائلة، ليست في الثياب، لا بل في دمائهم، عجيب، انت يا وطني البلدان تستقبل العيد بالجديد وانت تستقبله بالحديد.

كل ما فيه الحياة رحل، برحيلهم، لم يبقى احباب، ولا رفاق، اصدقاء فرقتهم الشظايا، ودموع على الخد منتظرة ابيها ليمسح دمعاتها، فعندما رات جثة عليها خاتم ابيها مسحت دمعتها، ومسحت على راسها، ليس غريبا بل انه اصبح جزءا من حياتنا اليومية، نتنفسه كالهواء ويسري في عروقنا كالدماء، نعم قد اخطأ العيد عندما طرق باب بغداد هذا العام، لا يحق لنا الفرح، فنحن عراقيون، كلنا مشاريع موت، اليوم وبعد غد وبعد.

لمجرد انك انسان نزيهة تعمل لتأكل، لا اكثر ولا نهم جبناء لم يتحملوا خسارتهم في الفلوجة، احرقونا ليبرد حقدهم.

ونحن ايضا سنقضي وسننسى الضحايا، لأننا سنشغل بتحرير الموصل، نعلم ان الشهادة تنتظرنا، لن نجعلها تنتظر كثيرا، وهذا وعد منا، وبعدها افعلوا ان كنتم رجالا، نستقبل الموت منكم، بوشاح العلم العراقي ولأنقبل الا بالدرجة الشهادة فهذا دربنا، وهذا عراقنا، عراق الشهداء.

اضف تعليق


التعليقات

مصعب أحمد
العراق
اختي الفاضلة ..
انت تمتلكين ذوق راقي في جـلب ماهو مميّز وجديد،
دايما كلاماتك ترتدي ثوب التميز والابداع..
صح أحساسك ولسانك فعلا كلنا مشاريع موت .
اسجل اعجابي بقلمك ياطـهر ورحم الله الشهداء السعداء2016-07-05
مريم الجوراني
بغداد
انا لله وانا اليه راجعون ،هذه الكلمات تجعلني احلق بعيد حيث الإبداع
اللا متناهي والجمال الخلاب والكلمة الراقية الفذه، فعلا صدقتي .
لمجرد انك انسان نزيهة تعمل لتأكل، لا اكثر ولا نهم جبناء لم يتحملوا خسارتهم في الفلوجة، احرقونا ليبرد حقدهم.2016-07-05