بالرغم من ان أصل كلمة "الديمقراطية" يونانية وتعني ان الشعب هو مصدر السلطات وحكومته هي حكومة الشعب، الا ان اليونان لم تطبق هذا على مجتمعها ولم تسمح بالمشاركة السياسية لجميع الافراد بل اقتصر الأمر على طبقة "المواطنين الأحرار" فقط وحرم الأرقاء من الحقوق السياسية، ومعهم طبقة الأحرار الذين لم يبلغوا مرتبة المواطنين.

وبعد عقود من شكل الحكم الدكتاتوري في العراق "حضرت" الديمقراطية لمجتمعنا لنختار ممثلين يحملون اصواتنا لنحقق من خلالهم فكرة الشعب مصدر السلطات وهو من يحكم نفسه بنفسه.!!

السؤال المهم الان ان كان الشعب قد افاق من وهم الديمقراطية التي هيأت له " فاسدين ومفسدين" عملوا على نهب الثروات وتفتيت مبدأ السيادة الحقيقية التي هي اساس المبدأ الديمقراطي باعتبارها سلطة عليا تنظم علاقات الدولة بالدول الاخرى دون تأثير من أحد وفي نفس الوقت تنظم الامور الداخلية بقرارات ملزمة لكل الافراد في الدولة!! وفي غياب أحد الشرطين فأن الديمقراطية تصبح اكذوبة ووهما ويدخل الشعب في متاهة المصطلح الذي اضاع فكرة السيادة وتطبيق القانون الملزم للجميع وهو ما يحصل محليا بشواهد وشواخص واضحة باعتبار ان كل سلطة تفتقر الى هذه الاشتراطات تعتبر سلطة غير مشروعة.

فهل اضعنا حاضر ومستقبل العراق عبر دخولنا في حالة تغييب الوعي باعتبارنا نظام ديمقراطي فيما واقع الحال يشير الى تنامي "ديكتاتوريات متعددة" تأخذ سلطتها الفعلية عبر هشاشة فكرة السيادة الحقيقية والقانون الفاعل في تنظيم الحياة العامة للأفراد.

الشعب بفئاته المتعددة يصرخ يوميا ضد "البرلمان" ويدعو الى حله ومحاسبة افراده، ويهتف عارضا مأساته الانسانية التي لم يجد لها حلولا ناجعة رغم توالي الوعود والميزانيات الضخمة وتعدد الكتل والاحزاب والتشكيلات التي تدعي اغلبها بأنها جاءت لنصرة المواطن من مظلوميته التاريخية فيما واقع الحال يشير الى استحداث مظلوميات اكبر باتت واقعا يوميا يتمثل بأوجه قبيحة منشطرة من سوء الخدمات والواقع الأمني والاقتصادي المتردي والفساد القاتل واستباحة ثروات الاجيال ودخول البلاد في نفق الديون ورهن مقدرات الشعب باتفاقيات وصفقات لا يظهر منها إلا ما يشير الى ضبابيتها وسوء استخدام السلطة في ابرامها وتكبيل المجتمع بنتائجها السلبية.

وإن كانت الامم المتحدة قد اعتبرت "ان الاساس الذي تبنى عليه الحكومة هو تنفيذ حاجات الشعب ورغباته بما لا يتعارض مع مصلحة البلاد". فلنا ان نسأل عن حقيقة ما نعيشه اليوم من مفهوم متأرجح ما بين الديمقراطية التي استنسخت ديكتاتورية وما بين الدكتاتورية التي اضاعت مفهوم الديمقراطية.!!

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق