التعليم المعتمد على التفكير ويقوم على الدمج والتكامل بين مهارات التفكير ومحتوى المادة الدراسية، بحيث يتم تعليم المحتوى، ومهارات التفكير في وقت واحد. وتمثل مهارات التفكير المراد تعلمها جزءا من الحصة الدراسية المعتادة هنا، يخطط المعلم درسه وفق المنهج المقرر، ويضمنه المهارات التي تتناسب مع محتوى الدرس، ويستمر...

التفكير سمة من سمات الانسان التي ميزته عن غيره من الكائنات الأخرى، يتم من خلال سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله من خلال واحدة او اكثر من الحواس الخمس المعروفة، ويتضمن التفكير البحث عن معنى، ويتطلب الوصول اليه تأملا وامعانا للنظر في مكونات الموقف او الخبرة التي يمر بها الفرد، ومن خلال التفكير يتعامل الانسان مع الأشياء التي تحيط به في بيئته، كما انه في الوقت ذاته يعالج المواقف التي تواجهه بدون اجراء فعل ظاهري، فالتفكير يستخدم الأفكار والتمثيلات الرمزية للأشياء والاحداث غير الحاضرة التي يمكن تذكرها او تصورها او تخيلها..

التفكير في اللغة

التفكير في اللغة كما يذكر صاحب المصباح المنير: تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني.. والتفكر: التامل.. وعرف ابن منظور التفكير والتفكر بانه اعمال الخاطر في شيء.. وقال العكبري الفكر جولان الخاطر في النفس.. وقال الراغب الفكر قوة مطرقة للعلم الى المعلوم والتفكر جريان تلك القوة بحسب نظر العقل وذلك للإنسان لا للحيوان، ولايقال الا فيما يمكن ان يحصل له صورة في القلب..

ويرى الجرجاني ان الفكر هو ترتيب أمور معلومة لتؤدي الى مجهول..

والتفكير تفعيل أي الزيادة في التركيز لما يجري، وقد امرنا سبحانه وتعالى في كثير من آيات القران الكريم بإعمال الفكر والتفكير، (أفلا يتفكرون) وهناك مصطلح آخر يقاربه وهو التدبر، إلا أنه –أي التدبر- يأتي بعد التفكير؛ لأنه يحصل نتيجة الأول فلا تدبر دون تفكير..

لقد حظي التفكير باهتمام العديد من الباحثين والمربين حتى بات من اكثر الموضوعات دراسة وبحثا في مجال علم النفس التربوي، وقد عنيت المدارس الفلسفية والفكرية والتربوية بتنمية الفكر والتفكير كي يصبح الفرد اكثر قدرة على مواجهة الصعوبات والمشكلات التي تعترض طريقه في شتى مجالات الحياة، سواء اكانت اجتماعية ام اقتصادية ام تربوية ام فكرية ام غيرها..

تعريف التفكير

اختلفت وجهات نظر العلماء والباحثين التربويين حول تعريف التفكير اذ قدموا الكثير من التعريفات حيث عرفه ادوارد دي بونو بانه العملية التي يمارس الذكاء من خلالها نشاطه على الخبرة واخراجه الى ارض الواقع، مثلما يشير الى اكتشاف متبصر او متان للخبرة من اجل الوصول الى الهدف.. وعرفه جون ديوي بانه يشير الى وجود مشكلة او ازمة لذلك ينظم طريقة منهجية لحلها..

لهذا ارتبط التفكير العلمي بالطريقة المنهجية التي يستخدمها الانسان في التصدي لهذه المشكلات او التغلب عليها وتبسيطها..

وعرفه باريل بان التفكير بمعناه البسيط يمثل سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الانسان عند تعرضه لمثير ما بعد استقباله عن طريق احدى الحواس الخمس اما بمعناه الواسع فهو عملية بحث عن المعنى في الموقف او الخبرة..

ويعرف التفكير على انه عملية ذهنية يتطور فيها المتعلم من خلال عمليات التفاعل الذهني بين الفرد وما يكتسبه من خبرات بهدف تطوير الأبنية المعرفية والوصول الى افتراضات وتوقعات جديدة..

ويعرف ايضا على انه عملية معرفية عليا تبنى وتؤسس على محصلة العمليات النفسية الأخرى كالأدراك والاحساس والتخيل، وكذلك العمليات العقلية كالتذكر والتعميم والتمييز والمقارنة والاستدلال وكلما اتجهنا من المحسوس الى المجرد كان التفكير اكثر تعقيدا..

وعرفته موسوعة على النفس بانه نشاط ذهني او عقلي يختلف عن الإحساس والادراك الحسي ويتجاوز الاثنين الى الأفكار المجردة.. وهو عملية واعية يقوم بها الفرد عن وعي وإدراك، ولا تتم بمعزل عن البيئة المحيطة، أي أن عملية التفكير تتأثر بالسياق الاجتماعي والسياق الثقافي الذي تتم فيه.

التفكير واللغة

وهناك علاقة وثيقة بين اللغة والتفكير، فباللغة يعبر عن التفكير، ومن اللغة والتفكير تشكل وحدة معقدة لا تنفصل، ومهما يكن الموضوع الذي يفكر به الإنسان، فهو دائما يفكر بواسطة اللغة.

إن التفكير واللغة مترابطان لا نستطيع فصل أحدهما عن الآخر، خاصة في عملية الاستيعاب والفهم، ولذلك نرى أن اللغة لها أهمية كبيرة في تشكيل المفردات، ومن ثم الجمل، وتری النظريات الحديثة في مجال التطور اللغوي أن التفكير أساس اللغة، ممثلا ذلك في تخزين المفردات والجمل واستدعائها ولفظها بشكل صحيح، فاللغة لا تنفك عن الفكر، والفكر لا مجال للتعبير عنه بغير اللغة، وبها يبرز فكر الإنسان من حيث الكتمان إلى حيز الوجود، فينتقي الإنسان ألفاظه وتعبيره وينشئ الكلام ويركب الجمل المفيدة، ويعيد النظر في كلماته لتطابق فكره، وتعتبر اللغة ثمرة من ثمار التفكير الإنساني، بها يقوم العقل بالعمليات التفكيرية من تجريد وإدراك وتحليل واستنتاج وحكم وربط للعلاقات، وإدراك لها من بين الظواهر.

حتى يصبح المتعلمون مهرة في اللغة، يجب عليهم إتقان ميكانيزمات اللغة، وتعلم النظام اللغوي، كما أن إتقان اللغة يجب ألا يقف فقط عند تعلمها فحسب، بل لا بد من ممارستها واستخدامها، كما أن استعمال المعنى ومعرفته لا يكفيان المتعلمين من أجل إتقان اللغة، ولكي يصبح المتعلمون مهرة في اللغة عليهم بالإضافة إلى استخدامها، ومعرفة المعنى إظهار التفكير الناقد و الإبداعي خلالها، مما يجعل المتعلمين مبدعين في إنتاج الفكر، ودعمها بتفسيرات منطقية وتفاصيل وأمثلة.

أغراض التفكير

أما متعلمو القراءة الإبداعية فعليهم التمكن من ربط أفكارهم وتوحيد استجاباتهم بطرق إبداعية، واستخدام التوسع، ونماذج التفكير المختلفة، وعلى متعلمي القراءة الناقدة التمكن من تحديد مبررات جيدة والاستشهاد بها في آرائهم أو إجاباتهم، والتكيف مع الانتظام ومخالفة القواعد والمحددات الخاصة والتقييد والتعميمات.

يحدث التفكير لأغراض متعددة مثل:

الفهم والاستيعاب.

اتخاذ القرار.

التخطيط، أو حل المشكلات.

الحكم على الأشياء.

الإحساس بالبهجة والاستمتاع..

التخيل.

الانغماس في أحلام اليقظة.

مميزات التفكير

يتميز التفكير بعدد من الخصائص نذكر منها:

انه سلوك هادف على وجه العموم لا يحدث في فراغ او بلا هدف.. التفكير سلوك تطوري يزداد تعقيدا وحذقا مع نمو الفرد وتراكم خبراته..

التفكير الفعال هو الذي يستند الى افضل المعلومات الممكن توافرها ويسترشد بالأساليب والاستراتيجيات الصحيحة..

الكمال في التفكير امر غير ممكن في الواقع، والتفكير الفعال غاية يمكن بلوغها بالتدرب والمران..

يتشكل التفكير من تداخل عناصر المحيط التي تضم الزمان (فترة التفكير) الموقف او المناسبة، والموضوع الذي يجري حوله التفكير..

يحدث التفكير بأشكال وانماط مختلفة (لفظية، رمزية، كمية، مكانية، شكلية) لكل منها خصوصيتها..

خصائص التفكير في علم النفس

للتفكير مجموعة من الخصائص في علم النفس:

التفكير عملية عقلية، فهي عملية نفسية داخلية، تهدف إلى التطور المعرفي للفرد - حجر الأساس في عملية التعلم وحل المشكلات - الإبداع قدرة يمكن إيجادها لدى كل فرد وتنميتها ولا تقتصر على مجموعة أو فرد - التفكير عملية شاملة، حيث تشمل جميع جوانب الحياة والإنجازات الإنسانية بكل صورها، فيدخل التفكير في عملية البناء الفكري والفردي والجماعي.

اما مستويات التفكير في علم النفس فهي:

الدنيا: وهو المستوى الخاص بالعمليات البسيطة في التفكير من (التذكر – إعادة الصياغة)..

المتوسطة أو الوسيطة: والعمليات الوسيطة هي المرحلة بين التفكير بصورة مبسطة (إدراك) والمستوى المتقدم (حل المشكلة) وهو يشمل كل من (طرح الاسئلة – التحليل – التفسير – الاستنتاج – التصنيف – وضع الفرضيات التوقع … إلخ).

العليا: وهو المستوى الأعلى حيث العمل على حل المشكلات من خلال (الإبداع – النقد – واتخاذ القرار).

اما عن أخطاء التفكير في علم النفس فهي:

التعميم: أشهر أخطاء التفكير وأكثرها انتشارًا، وقد ساعدت بعض الأعمال الفنية على تنميط بعض الفئات أو الشخصيات، فيصبح مثلًا (كل طيب ساذج يسهل خداعه) أو (كل فتاة جميلة محدودة الذكاء)، حيث يقع الكثير منا في تعميم بعض الصفات على فئة ما أو وضع مجموعة من العلب الجاهزة تحمل آراءً مسبقة لكل فئة.

التهويل/ التهوين: على الرغم من أن النظرة ليست واحدة، ما بين مفرط التفاؤل والذي يرى العالم جنة والناس ملائكة، وبين مفرط التشاؤم الذي يرى العالم جحيم مقيم والناس مجموعة من الأبالسة، فإن كلاهما يتفق على خطأ التفكير، حيث يقوم بالتفكير بشكل مغاير للحقيقة (مبالغ) في نظرته للواقع، في محاولة للهروب من معرفة الواقع بشكل حقيقي، ربما خوفًا أو كسلًا.

الثنائية: وهو الوقوع في خطأ الانتقال من حكم إلى نقيضه تمامًا، ويقع فيه الكثيرون، ونرى من مظاهره مثلًا أن يرى الفرد منا صديقه إنسان ملائكي، ليتحول بسبب موقف واحد إلى شيطان رجيم لا أمان له.

الانحياز والتعصب: وهو الانحياز للآراء المسبقة دون دلائل حقيقية والتعصب لفكرة أو فئة أو مجموعة.

التفكير بشكل شخصي: أي النظر للأشخاص أصحاب الفكرة دون النظر للفكرة نفسها، فيكون قبول الفكرة أو نفيها من قبول ورفض لصاحبها.

انماط التفكير

صنفت انماط التفكير في علم النفس التربوي الى:

التفكير الفعال: وهو من أشكال التفكير النقدي وأكثر تعقيدًا من السلبي عادةً، إذ يحلل المعلومات التي تعرض على الفرد ولا يتجاهلها، مما يسمح للفرد بفهم وتحليل أسباب تفكيره الشخصي وإدراك نفسه تمامًا، ويهدف هذا التفكير إلى إدراك الأفراد لبيئاتهم الداخلية والخارجية جيدًا لتحديد احتياجاتهم الحالية وطرق تلبيتها، ما يبني قاعدة بيانات في الذاكرة حول التجارب والخبرات الشخصية، ثم يستخدم العقل غير الواعي هذه الذاكرة لفهم مزيد من التصورات والأحاسيس، وبذلك تعمل مناطق مختلفة من الدماغ كشبكة بيانات مؤقتة أو طويلة الأمد..

التفكير المتقارب او التقاربي: وهو نوع من التفكير يركز على الخروج بالجواب المفرد الثابت لمشكلة ما. يهدف هذا التفكير لاشتقاق الجواب المفرد الأفضل أو الأكثر صحة للسؤال المطروح. يتطلب هذا التشديد على السرعة والدقة والمنطق، والتركيز على إدراك التقنيات المألوفة معادة التطبيق، وتراكم المعلومات المخزنة..

التفكير الناقد هو القدرة على تحليل الحقائق وتحرير الأفكار وتنظيمها، وتحديد الآراء وعقد المقارنات والتوصل للاستنتاجات وتقويمها وحل المشكلات.. او هو التفكير بالتفكير من اجل تنميته وجعل مخرجاته ذات مغزى واهمية للفرد...

التفكير المنتج: (قدرة الفرد على تقديم ناتج يختلف عما هو معروف لدى أناس اخرين، وتقويم او انجاز عمل جديد لايتوقف على نوع معين من التفكير، وهو العملية التي تتجاوز مسار التفكير العادي أي ماينتج عنه ناتج جديد)..

التفكير الاستقرائي: هو عملية استدلال عقلية تهدف الى جمع المعلومات والبيانات الخاصة بظاهرة معينة لإثبات فرضيات وتعميمها على الكل بناء على تلك المعلومات.

ويصف التفكير الاستقرائي مجموعة القواعد والفرضيات التي تنتقل من العام الى الخاص ومن الجزء إلى الكل بناء على المشاهدات والبيانات المتاحة والمتوفرة..

التفكير الجانبي: أسلوب لحل المسائل يقتضي الخروج عن المناهج المنطقية المألوفة والتفكير بطريقة أوسع بكثير من المعتاد. يرتبط التفكير الجانبي بعالم النفس والطبيب إدوارد دي بونو، وقد سماه كذلك ليميزه عن نوع آخر من التفكير سماه التفكير العمودي والذي يستند أساسا إلى المنطق أو ما يألفه الإنسان ويعتاد عليه. وقد اعتمد في تطويره لهذا النوع من التفكير على فهم الآلية التي يعمل بها الدماغ من الناحية العلمية، أي بما تم التوصل إليه عن طريق علم الأعصاب..

التفكير الشامل: ينظر إلى الصورة الكبيرة، على العكس من التفكير المركّز، فإن التفكير الشامل لا يتجاهل المشتتات. يحدث هذا النوع من التفكير عندما تترك عقلك يتجول بحرية، ويقوم بالربط بشكلٍ عشوائي. لا يحدث نمط التفكير الشامل في جزءٍ معين من أجزاء الدماغ، بل يحدث في كل أجزاء الدماغ. في الواقع هذا هو ميزة التفكير الشامل حيث أنه يعطي لعقلك الفرصة لربط النقاط وربط العمليات العصبية.

عادةً يحدث التفكير الشامل عندما تكون منشغلًا بأداء أعمال أخرى.

التفكير التأملي: عملية ذهنية نشطة واعية حول اعتقادات وخبرات الفرد بحيث يتمكن من خلالها الوصول إلى النتائج والحلول لمشكلات تعترضه.

او هو استقصاء ذهني نشط وواع ومتأن للفرد حول معتقداته وخبراته ومعرفته المفاهيمية والإجرائية في ضوء الواقع الذي يعمل فيه، بما يمكنه من حل المشكلات العملية وإظهار المعرفة الضمنية إلى سطح الوعي بمعنى جديد، ويساعده ذلك المعنى في استدلالات لخبراته المرغوب تحقيقها في المستقبل.

التفكير المجرد: القدرة على التفكير في الأشياء والمبادئ والأفكار غير الموجودة جسديًا، أي أنه مرتبط بالتفكير الرمزي والذي يستخدم استبدال رمز بشيء أو فكرة.

ويشير التفكير المجرد إلى قدرتنا على استيعاب المفاهيم المُعقَّدة التي لا تعتمد مباشرةً على حواسنا؛ وإنَّما تعتمد على قدرتنا في الاحتفاظ بالأُطر والنماذج الموجودة في أذهاننا لطريقة عمل العالم من حولنا، وتُعَدُّ القدرة على التفكير المجرد ضروريةً جداً لفهم عالمنا الذي يزداد تعقيداً وتحوُّلاً إلى الحياة الرقمية، حيث لا تُعَدُّ حواسنا الجسدية كافيةً لقيادتنا في الاتجاه الصحيح.

التفكير الرياضي: هو عملية بحث عن معني أو فكرة في موقف أو خبرة مرتبطة بسياق رياضي، أي أنه تفكير في مجال الرياضيات حيث تتمثل عناصر أو مكونات الموقف أو الخبرة في أعداد أو رموز أو أشكال أو مفاهيم أو تعميمات، ولما كان بالإمكان نمذجة وتمثيل العديد من المواقف والمشكلات بنماذج وتمثيلات رياضية، لذا يعتبر التفكير الرياضي شاملا لجميع أشكال وأنماط التفكير المختلفة.

ويرى الباحثون أن التفكير الرياضي عبارة عن نشاط عقلي الهدف منه استخدام كل أو بعض صور التفكير عند مواجهة المشكلات الرياضية والتعامل مع التمارين الرياضية المختلفة، وتحدده عدة مهارات تتعلق بالعمليات العقلية، وهي: الاستقراء - الاستدلال - التعبير بالرموز - التفكير العلائقي - التصور البصري المكاني - البرهان الرياضي، ويحدث هذا النوع من التفكير عندما تواجه الفرد مشكلة يصعب حلها بالطرق البسيطة أو المباشرة.

التفكير المعرفي: مجموعة العمليات العقلية التي تهدف إلى اكتساب المعرفة، وتنطوي الكثير من الحيثيات المهمة تحت عملية الإدراك المعرفي؛ مثل المعرفة والتذكر وحل المشكلات والقدرة على الحكم واتخاذ القرار، كما لا يمكن إغفال اللغة والخيال والتخطيط والإدراك.

التفكير التحليلي: هو ملاحظة ظاهرة أو مشكلة ما، ثم البدء في التحقيق فيها لتطوير أفكار أكثر عمقاً حولها، ويتوقع أن ينتج عن التفكير التحليلي معرفة متعمقة أو حلول أو أفكار إضافية تتعلق بالمشكلة أو الظاهرة التي تمت ملاحظتها.

إن العنصر الأساسي في التفكير التحليلي هو القدرة على التعرف السريع على علاقات السبب والنتيجة في الظاهرة أو المشكلة، مما يعني توقع ما قد يحدث أثناء عملية حل المشكلات.

التفكير المحسوس: يعتبر هذا التفكير من أكثر أنماط التفكير بساطة نظراً لاعتماد الفرد في تفكيره هذا على كلّ ما يشاهده أو يسمعه فقط؛ أي أنّ المثيرات الحسية هي أساس عملية التفكير، ويُعرف أيضاً بأنّه تلك العملية العقلية التي تستخدم لغايات التعرف على العالم المحيط وإدراكه بالاعتماد على المثيرات الحسية المختلفة؛ ولا يتوقّف هذا النوع من التفكير على إدراك الخصائص الطبيعية للأشياء المُدركة بواسطة العقل؛ بل يتعدى ذلك ليضم القدرة على إدراك المعنى والرموز التي تترك أثراً في المثيرات الحسية؛ بما معناه أنّ العقل يعتمد على الحواس الخمس في معرفة الأشياء، أي أنّها عملية تلقي المعلومات وتفسيرها واختيارها ومن ثم تنظيم المعلومات الحسية.

التفكير المبدع: التّفكير الإبداعي هو النّظر إلى شيء ما بطريقة مختلفة وجديدة، وهو ما يُعرف بالتّفكير خارج الصّندوق، حيث يشتمل على التّفكير الجانبيّ أو القدرة على إدراك الأنماط غير الواضحة في أمر ما، كما يمتلك الأشخاص المبدعون القدرة على ابتكار وسائل جديدة لحلّ المشكلات ومواجهة التّحديات.

التفكير الاستنباطي: مهارة التفكير الاستنباطي أو الاستنتاجي هي عملية استدلال منطقي، تهدف إلى الوصول إلى استنتاج ما بناءً على معطيات وفرضيات ومقدمات متوفرة تُعتبر برهانًا، أيّ أنّها عملية الانتقال من العام إلى الخاص، أو من العموميات إلى الخصوصيات، حيث تكون هذه المعطيات والفرضيات معلومات وحقائق طبقًا لقواعد منطقية محددة.

التفكير المتباعد: هو عملية معرفية تتضمن توليد مجموعة واسعة من الأفكار أو الحلول أو الإمكانيات الإبداعية استجابةً لسؤال أو مشكلة مفتوحة. إنه يشجع على التفكير (خارج الصندوق) واستكشاف وجهات نظر متعددة.

التفكير غير الفعال: وهو التفكير الذي لا يتبع منهجية واضحة دقيقة، ويبنى على مغالطات أو افتراضات باطلة أو متناقضة أو ادعاءات وحجج غير متصلة بالموضوع أو إعطاء تعميمات وأحكام متسرعة أو ترك الأمور للزمن أو الحوادث لتعالجها.

التفكير المنطقي: يُعرَف التفكير المنطقيّ بأنّه الانتقال من بيان ذي صلة إلى آخر أو من فكرة محدّدة ذات صلة إلى فكرة أخرى، حيث تسمى العبارات الأولى بالتفكير المنطقيّ بالسوابق والعبارات اللاحقة باللواحق. ويتّخذ المثال الكلاسيكيّ للتفكير المنطقيّ شكلاً من أشكال التفكير، ومثال ذلك: إذا كان التفكير ينطوي على أنّ جميع الأبقار حيوانات، فهذا يعني أنّ كل بقرة حيوان، ويبدأ التعميم بفرضية يُفترض أن تكون صحيحة، ومن ثمّ محاولة إيجاد استنتاج حول حالة معينة.

التفكير فوق المعرفي: هو قدرة الفرد على التفكير في مجريات التفكير أو حوله.

او هو ترجمة وعي الفرد وقدرته على أن يراقب، ويكيف، وينظم نشاطاته المعرفية فيما يتعلق بالتعلم.

والتفكير فوق المعرفي أول من صاغه جون إتش أستاذ علم النفس في جامعة ستانفورد، وهو أساس استراتيجيات التعلم الخاصة بها.

والذي اهتم بكيفية قيام المتعلم بفهم نفسه كمتعلم، أي قدرته على التخطيط والمتابعة والتقويم لعمله. بعد ذلك تطور الاهتمام بهذا المفهوم في عقد الثمانينات على المستويين: النظري والتطبيقي، ولا يزال يلقى الكثير من الاهتمام نظرا لارتباطه بنظريات الذكاء والتعلم واستراتيجيات حل المشكلة واتخاذ القرار.

التفكير العلمي: يُشير مفهوم التفكير العلمي إلى التفكير في محتوى العلم ومجموعة العمليات المنطقية التي تتخلّله؛ كالاستنباط، والتصميم التجريبي، والاستدلال السببي، وتكوين المفاهيم، واختبار الفرضيات، وغيرها من العمليات التي تسعى لإيجاد حلّ لمشكلة معينة.

التفكير الرأسي/المركز: هو نوع التفكير الذي يشدد على تسلسل منطقي للأفكار الصحيحة، أي أن حسن سير عملها هو الخطوات التي يجب اتباعها للتوصل إلى الحل الصحيح، بحيث يتم تحديد اتجاه الفكر بشكل واضح، مما يتيح لمحة عن الحل. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تبدأ من الأفكار أو المعرفة السابقة التي تم التحقق من صحتها بالفعل، والحلول التي أثبتت بالفعل فعاليتها.

هل يمكن تعليم التفكير؟

نعم يمكن تعلم التفكير، إذ إن التفكير عملية عقلية فردية ذاتية، ولكن الخبرة والتجارب والبحث أشارت إلى أن الأفراد الذين يتميزون بالتفكير العميق، يمتلكون مهارات معينة يمكن تعلمها واكتسابها وقياس نتائجها، وهناك اتفاق بين المربين يتعلق بنوع النشاط الذي يؤديه العقل عندما يقوم بإنجاز مهمة ما.

هذا النشاط يمكن وصفه والاستدلال عليه من خلال نوعين من العمليات هما:

- عملیات تستخدم اشتقاق المعنى وتوكيده، وتتضمن استراتيجيات منها: اتخاذ القرار وحل المشكلة، وتشكيل المفاهيم، والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي.

- عمليات توجه جهود الفرد وتضبطها وتقومها، لإيجاد المعنى وتشكيله وتوليده وتعرف بما فوق المعرفة، وتتكون من ثلاث عمليات رئيسة هي: التخطيط - المراقبة – التقويم.

هناك ثلاثة أساليب لتعليم التفكير كما تذكرها مناهج علم النفس التربوي وهي:

أولا: التعليم المثير للتفكير:

ويهدف إلى تنمية مهارات التفكير بطريقة غير مباشرة، ودون تسمية مهارات محددة للتفكير، وذلك بإيجاد البيئة التعليمية التي تستثير التفكير، وتساعد على تنمية مهاراته من خلال استراتيجيات في التدريس يستخدمها المعلم داخل الصف، مثل التنظيم المرن جلوس الطلاب في الصف، وتقسيمهم إلى مجموعات أو كل طالبين مع بعضهما، للنقاش و الحوار وانجاز مشروع أو حل مشكلة وطريقة توجيه الأسئلة للطلاب، ونوع الأسئلة واستقبال الاستجابات وطريقة دعمها.

وهو ما يجعل الصف بيئة مثيرة للتفكير ومحفزة عليه، ويستخدم بعض المعلمين هذا الأسلوب بفطرتهم واستفادتهم من طرق التدريس التربوية التي تعلموها وتدربوا عليها.

على المدرسة التي تنمي تفكير الطلاب ان تتميز بهذه الخصائص:

- وضوح فلسفة المدرسة.

- المناخ العام الديمقراطي.

- المناخ الصفي المثير للتفكير.

- البيئة الصفية الغنية بمصادر التعلم.

- أساليب التقويم المتنوعة.

- المعرفة هدف عام غیر مرتبط بالعلامة.

- كوادر المدرسة تتمتع بالجرأة والقيادة والانفتاح.

أما عن خصائص الصف المثير للتفكير فهي:

- الجو العام للصف مشجع ومثير.

- التفاعل الصفي متمركز حول الطالب.

- أسئلة تتناول مهارات تفكير عليا (تحليل، تأليف، تقويم).

- ردود المعلم على مداخلات الطلبة حاثة على التفكير.

كما يجب أن تكون سلوكيات المعلم مثيرة للتفكير وذلك عن طريق:

- تركيز اهتمام وانتباه الطلبة على الموضوع.

- يسأل أسئلة مفتوحة.

- يسأل أسئلة تفسيرية متشعبة.

- ينتظر قليلا بعد توجيه السؤال.

- يقبل عدة إجابات للأسئلة المفتوحة.

- يشجع المشاركة والتفاعل الصفي.

- لا يصدر أحكاما ولا يعطي أراء محبطة للتفكير.

- لا يعيد استجابات الطالب.

- يحث على التأمل والمحاكمة الإجابات الطلبة.

ثانيا: تعليم التفكير:

وهو أسلوب مباشر يمرر من خلال برامج أو مقرات مخصصة لمهارات التفكير، ومستقلة عن المواد الدراسية، يتم تعليمها خلال فترة محددة، بحيث يتم تحديد مهارات التفكير المستهدفة من خلال أنشطة وتمارين لا ترتبط بالمواد الدراسية.

ثالثا: التعليم المعتمد على التفكير:

ويقوم على الدمج والتكامل بين مهارات التفكير ومحتوى المادة الدراسية، بحيث يتم تعليم المحتوى، ومهارات التفكير في وقت واحد.

وتمثل مهارات التفكير المراد تعلمها جزءا من الحصة الدراسية المعتادة هنا، يخطط المعلم درسه وفق المنهج المقرر، ويضمنه المهارات التي تتناسب مع محتوى الدرس، ويستمر تعليم مهارات التفكير طوال السنوات، والمراحل الدراسية من بداية المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية.

أما التخطيط لهذه الدروس فيتطلب غير ما درج عليه المعلمون وفق الطرائق التقليدية، هنا نبدأ بتحديد أهداف المحتوى المعرفي، والمهارة المستهدفة من مهارات التفكير، وتحديد الوسائل المساعدة في تحقق هذه الأهداف، ثم المقدمة لكل من المحتوى ومهارة التفكير عن التفكير وتطبيق التفكير، وانتقال أثر التدريب لأنشطة خارج المادة الدراسية والتقويم.

وهذا الأسلوب ثبت أنه الأنجع والأكثر فاعلية، وامتدادا للأثر والاستمرار، إلى التفكير هو الأساس للتعليم وجعل مهارته جزءا من المادة الدراسية، ووسيلة لبلوغ واكتساب المعرفة، وتعلم المفاهيم والمهارات والاقتدار على تمثلها.

معوقات تعليم التفكير:

من أهم الأسباب التي تعيق تنمية مهارات التفكير في المدارس ما يلي:

1- ضعف تأهيل المعلمين فيما يتعلق بتنمية التفكير لدى الطلبة، حيث إن المواد التدريبية التي يتلقاها المعلمون عند إعدادهم قبل الخدمة، تكاد تخلو من أي موضوع يحث على تعليم التفكير.

2- النظام المدرسي والبيئة الصفية لا يشجعان على التفكير، حيث إن النظام المدرسي يحكمه الكثير من الضوابط التي تقيد المعلم، فيصبح لا يملك الحرية الكافية في اتخاذ القرارات، وبالتالي يصعب عليه بناء بيئة صفية ديمقراطية تشجع على طرح الأسئلة والحوار والتفكير.

3- إن الكثير من الأسئلة التي يطرحها المعلمون، تهدف إلى قياس قدرة الطلبة على الحفظ والاسترجاع، والفهم في أحسن الأحوال، وغالبا يبتعدون عن طرح أسئلة تتطلب التطبيق والتحليل والتقييم، وعادة لا يمنح المعلمون الطلبة الوقت الكافي لإجابة الأسئلة التي تحتاج إلى تفكير، فبعد أن يطرح المعلم السؤال ينتظر من الطالب إجابة فورية، أو تحويل السؤال إلي طالب آخر أو يجيب الإجابة بنفسه، حيث ان إعطاء الطلبة ثواني عدة للتفكير قبل تحويل السؤال إلى طالب آخر، فسوف يؤدي ذلك إلى تحسين نوعية الإجابات التي يقدمها الطلبة، ويرفع من مستوى المهام الفكرية في غرفة الصف.

4- غالبا لا يتم تعليم مهارة مراقبة الذات ومراقبة التعلم في المدرسة، فالمعلم لا يناقش مع الطلبة استراتيجيات لحل الأسئلة، أو عادات الدراسة التي تساعد الطلبة على التغلب على صعوبة النص، والمعلمون نادرا ما يطرحون الأسئلة التي تحث الطلبة على التأمل في أعمالهم، فمثلا: (هل هناك طرق أخرى لحل هذه المسالة؟)، (ماذا أفعل كي أتأكد أن إجابتي صحيحة؟).

5- عادة يستخدم المعلمون أساليب التقييم التقليدية لفحص الطلبة وأدائهم، ونادرا ما يطلبون منهم القيام بمهام حقيقية، تتطلب من الطلبة توظيف معرفتهم وفهمهم لموضوع الدرس، وتحثهم على التفكير والتميز، وتتيح لهم التميز والإبداع.

6- سيطرة المفهوم التقليدي حول تصميم المناهج، وبرامج تدريب المعلمين وأساليب التدريس، حيث إن المفهوم السائد عن التعليم هو عبارة عن عملية نقل المعلومات من المعلم إلى الطالب، ووفقا لهذا المفهوم فالتعليم يكون بمثابة (حشو دماغ) الطلبة عن طريق المحاضرة والتلقين.

7- عدم وضوح مفهوم التفكير وعدم الاتفاق على تعريف معين له، ولهذا يبقى مفهوم التفكير مغلفا بالضبابية وعدم الوضوح.

8- إن المواد التدريبية التي يتلقاها المعلمون هي مواد نظرية لا تصل إلى الممارسة الميدانية.

9- اعتماد النظام التربوي على اختبارات تقيس مستوى الحفظ والتذكر عند الطلبة.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2023
http://shrsc.com

....................................
احالات ومصادر
أنماط التفكير في ضوء نموذج ستيرنبرغ/ عبد الله شراب
التفكير الناقد دراسة نظرية وتطبيقات عربية وعالمية/ الدكتور محمد عبد السلام
التفكير الجانبي كسر للقيود المنطقية / ادوارد دي بونو
علم النفس المعرفي..النظرية والتطبيق/ عدنان يوسف العتوم
تطوير مهارات التفكير الإبداعي/ دناوي حسن مؤيد
تعليم التفكير.. مفاهيم وتطبيقات / فتحي جروان
علم النفس المعرفي/ عدنان العتوم
اتجاهات حديثة في تعليم التفكير/ مجدي عبد الكريم حبيب
موسوعة علم النفس والتربية
تعليم التفكير/ فتحي جروان
مهارات في اللغة والتفكير/ نبيل عبد الهادي وآخرون

اضف تعليق