q
درجات الحرارة المنخفضة في مكاتب المدراء والمسؤولين الآخرين في المستشفيات جعلتهم بعيدين عن الشعور بأحوال المراجعين الذين يقضون ساعات طويلة بانتظار نتائج الفحوصات المختبرية، تحت ظروف يندى لها جبين الإنسانية، فيمكن ان تنتهي هذه المعاناة شريطة العثور على رأس الخلية التي سرقت المكيفات وصولا الى جميع المشتركين بتدهور القطاع الصحي...

تفاعل الرأي العام في العراق خلال الأيام الماضية بفضيحة أخرى من فضائح السرقات من المال العام، اذ بينت تقارير لجنة التدقيق في وزارة الصحة اختفاء أكثر من 160 مكيف هواء من مستشفى الرشاد في العاصمة بغداد.

وكشفت وثيقة مُسربة صادرة عن وزارة الصحة العراقية، اتخاذ الوزارة قرارا بسحب يد مدير مستشفى الرشاد للأمراض النفسية والعقلية في بغداد، وأكدت في كتاب رسمي أنه "استنادا إلى تقرير الزيارة التدقيقية التي قام بها فريق تدقيقي من دائرتنا والتي أثبتت اختفاء أكثر من 160 جهاز مكيف هواء في مستشفى الرشاد للأمراض النفسية والعقلية، تقرر سحب يد مدير المستشفى وتخويل مدير القسم الفني كافة صلاحيات مدير المستشفى، مع الإيعاز إلى قسم التفتيش للإسراع بإجراء التحقيق بالموضوع".

قبل خروج هذه القضية الى الرأي العام، وقبل تناول مدونين بعض المقاطع التي تؤكد هذا الاختفاء نود الإشارة مسألة معيبة على الحكومة العراقية، وهي إهمال أماكن الانتظار في المستشفيات وغيرها من الدوائر التي تشعر بالإهانة بمجرد الدخول اليها.

لا نريد الخوض فيما يتعلق بالدوائر الأخرى ونكتفي بطرح المشكلة التي تعاني منها المستشفيات الحكومية وفي عودة لجوهر الموضوع نقول.

ان المستشفى ليس مكان يقصده الناس للتنزه او قضاء أوقات ترفيهية، ولا أحد يرغب بزيارة هذه الأماكن الا من اجبره تدهور حالته الصحية على التردد للمراكز والمستشفيات، ومن هذا المنطلق يفترض بالمستشفيات ان تهيأ لاستقبال الحالات المرضية على اختلاف اشكالها.

بحيث يتم التعامل مع الشخص المريض على أساس نفسيته المحطمة، وجسده المتعب نتيجة المرض والمراجعات المتكررة، ولا يصح ان يترك المريض والشخص المرافق له بغرفة او باحة خالية من ابسط مقومات الراحة، وفي أحسن الأحوال توجد مروحة سقفية او جدارية تبث السموم على الجالسين.

بينما يعتني الأطباء بصور عامة في المراجعين لعياداتهم، عبر توفير أماكن نظيفة مكيفة تبعث الراحة النفسية لدى المراجع ولو بصورة وقتية، وكذا الحال بالنسبة للمستشفيات الاهلية التي اُثثت وفق المواصفات العالمية مراعين بذلك التقدم في مجال صناعة التجهيزات الطبية.

المواطن المراجع للمستشفيات الحكومية هو من لا يملك قيمة العلاج الغالية في المستشفيات الاهلية، وبصرف النظر عن امتلاكه المبلغ او لا، هنالك عامل انساني يجب مراعاته في المؤسسات الحكومية بكافة مفاصلها.

من جعل المؤسسات لاسيما المستشفيات بهذه الحالة من التراجع هو الفساد الذي طالت يده مكيفات الهواء بمستشفى الرشاد، وتطاول أيضا على مدى السنوات الماضية على حقوق المواطنين في إيجاد مراكز طبية علاجية تضاهي المؤسسات العالمية، بما يجعل المواطن غني عن السفر الى الخارج بحثا عن العلاج المكلف.

درجات الحرارة المنخفضة في مكاتب المدراء والمسؤولين الآخرين في المستشفيات جعلتهم بعيدين عن الشعور بأحوال المراجعين الذين يقضون ساعات طويلة بانتظار نتائج الفحوصات المختبرية، تحت ظروف يندى لها جبين الإنسانية، فيمكن ان تنتهي هذه المعاناة شريطة العثور على رأس الخلية التي سرقت المكيفات وصولا الى جميع المشتركين بتدهور القطاع الصحي.

اضف تعليق