q

في مشهد عميق ذو دلالات؛ أسقطت إسرائيل اليوم اللثام عن وجهها الفاشي القبيح، وذلك عندما هرول أفراد من أمن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) نحو أعضاء القائمة العربية الموحدة، وفي مشهد قمعي فاشي عنصري حاصروا النواب العرب وجروهم من ملابسهم خارج القاعة؛ وسط تهليل وتصفيق حار من باقي الأعضاء اليهود؛ في مشهد بربري مستنسخ من حقب غابرة لأنظمة فاشية ديكتاتورية.

أُخرج العرب من الكنيست الإسرائيلي لأنهم مارسوا حقهم الإنساني والقانوني في الاحتجاج الصامت؛ وذلك عبر رفع لافتات كتب عليها القدس عربية، وعلماً أن تلك العبارة هي تجسيد لقوانين وقرارات الشرعية الدولية، بمعنى أنها ليست عبارة تحريض؛ أو عبارة تسئ لأحد أو تحرض عليه؛ أو حتى تنتقده، لكن قناع الدولة الديمقراطية الهش لم يصمد أمام عبارة عادلة كتلك، وسقط وأظهر الوجه الفاشي العنصري للدولة وللضيف وللإدارة التي يمثلها، وسط تصفيق شوفيني موغل في العنصرية من ممثلي برلمان شعب الله المختار.

المشهد لا يحتاج لترجمة أو أي عبارات تعبيرية فهو يتحدث عن نفسه، ليقول هذه هي دولة إسرائيل اليهودية الفاشية؛ وتلك هي ديمقراطيتها التي أصمت أذان العالم، وهي تتفاخر بها في المحافل الدولية، إنها ديمقراطية الدولة العنصرية اليهودية التي لا مكان فيها حتى للافتة مرفوعة بأيدي الآخر، فكيف يكون هناك مكان فيها لذاك الآخر الذي لا يؤمن بروايتها الصهيونية المزعومة عن التاريخ، وعن شعب الله المختار وعن وعد الرب السرمدي.

إنها ديمقراطية الفاشيين والنازيين فكما أُخرج العرب من الكنيست؛ أُخرج النازيون أجداد أولئك الإشكنازيين المصفقين بحرارة لهذا المشهد من كل مراكز الدولة الألمانية السياسية والاقتصادية، ولاحقا أخرجوهم فيزيائيا من المجتمع، وساقوهم إلى الأفران، فلم تختلف الفاشية الصهيونية فهم من أخرجوا أجداد وآباء أولئك النواب العرب من أرضهم التاريخية، وحولوهم إلى لاجئين ونازحين، وهي نفس الديمقراطية الفاشية التي ترفض عودتهم لأرضهم، وترفض منحهم وطن في ما تبق لهم من أرضهم في الضفة والقطاع، وهي نفس الديمقراطية الفاشية التي تصر على ضم مقدساتهم رغماً عن أنف القوانين الدولية؛ ويدعى ممثلها في الأمم المتحدة أنه يمتلك صك من الرب بملكية أرض شعب آخر.

إنه الانحطاط الأخلاقي الفاشي في أوضح صوره، يتجسد أمام العالم وتدعمه وتغذيه إدارة أمريكية من نفس النمط الفاشي، وعلى العالم أن يستفيق لهذا النموذج الفاشي الصهيوني قبل فوات الأوان، لأن تمادى النظام الصهيوني لن تقف تداعياته على الفلسطينيين وحدهم بل ستتعداهم إلى الإقليم والعالم بأسره، ولا يغتر دول الإقليم بمعاهدات السلام أو بالاتفاقات والأحلاف السرية، فلا سلام مع من يؤمن بنظرية التفوق العرقي والقومي لأنه يرى الآخر أقل منه إنسانية، وتلك هي طبيعة النظم الفاشية التوسعية عبر التاريخ، والتي أدت في النهاية لإراقة بحور من الدماء.

إن العالم اليوم ليس أمام تحدي أخلاقي فحسب لكبح جماح إسرائيل وإدارة ترامب الصهيونيتين، بل هو أمام تحدي مصيري للسلم والأمن الدولي، وعلى الشعب الأمريكي والعالم الحر تدارك خطورة ما يحدث قبل قوات الآوان.

* أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية
[email protected]

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق