q
الانتظار ليس فكرة طوباوية بعيدة عن الواقع، ولا هو فكرة سلبية تجعل الإنسان يبتعد عن المجتمع وعن الناس وينعزل في مكان قصي ليتعبَّد أو يتلهَّى في شؤونه الخاصة، بل هو عمل حقيقي وواقعي يعيشه الإنسان بكل وجوده وتفاصيل حياته مع نفسه وفي أسرته الصغيرة ثم الكبيرة...

مقدمة ضرورية

لا يمكن لباحث في القضية المهدوية المباركة أن يدرسها إلا ويقف طويلاً عند مسألة هي في غاية الأهمية والرُّقي والحيوية بحيث أنها مُلهمَة الأجيال، ومربية الرِّجال والنساء والأطفال عليها، وهي فكرة الانتظار، فما هو الانتظار، ولماذا ننتظر، ومَنْ ننتظر، وكيف ننتظر ونصبر كل هذه القرون المتطاولة على أمل وُلد في بطن الماضي البعيد، ونعتقد بأنه يأتي من باطن الغيب القريب فما هي فلسفة الانتظار عند المنتظرين والعشاق الأكارم لصاحب الأمر وناموس الدَّهر الحجة بن الحسن مهدي هذه الأمة وهادي الأمم إلى نجاتها؟

فكر الانتظار السَّامي

ولذا فإن فكرة الانتظار بحدِّ ذاتها هي فكرة إيجابية وفاعلة حضارية لما تحمله من معاني سامية ولذا ورد التأكيد عليها في لسان الروايات الشريفة التي تتحدَّث عن الانتظار كقيمة إيمانية راقية بالفعل، فهي فكرة، وإيمان، وعلم، وعمل وليس فكرة سلبية انفعالية وانعزالية، بل حتى أن نفس انتظار الفرج من أعظم الفرج كما يقول الحديث الشريف عن سيدنا ومولانا وإمامنا الرِّضا عالم آل محمد (صلوات الله عليهم)، فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْفُضَيْلِ عَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اِنْتِظَارِ اَلْفَرَجِ، فَقَالَ: (أَ وَ لَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّ اِنْتِظَارَ اَلْفَرَجِ مِنَ اَلْفَرَجِ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: (وَاِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ). (تفسیر العیاشی: ج۲ ص۱۵۹)

وليس انتظار الفرج أن تدَّعي أنك من المنتظرين لصاحب الأمر، فما أكثر المدَّعين للإسلام والإيمان ولكن إذا لم يُقرن ذلك العلم بالعمل الحقيقي وبما يُمليه عليك الواجب الرِّسالي فأنت لست من المنتظرين الحقيقيين لإمامك بل أنت سمعت الفكرة ورحت تردِّدها على لسانك (يا فرج الله)، ولكن عندما تؤمن بالفكرة وتعيشها في كل تفاصيل حياتك وتعمل كل ما بوسعك، وتسعى جهدك وجهادك في سبيل التهيئة والتحضير لنفسك ولمَنْ هم حولك لحضور وظهور صاحب الأمر، ودائماً تسأل نفسك هذا السؤال: (ماذا لو حضر الدَّاعي وقال لي: أجب سيدك ومولاك صاحب الأمر فهل أنت حاضر للتلبية، وجاهز للحضور والتضحية؟).

وأجب لنفسك وعن نفسك بصدق عليه فإن كنت جاهزاً فكرياً ورسالياً وعلمياً وعملياً للتلبية ومن ثم للتضحية إذا تطلب الأمر فعندها بارك لنفسك هذا الإنجاز العظيم، وهذا المقام الرفيع، وأنت تكون من المنتظرين حقاً لإمامك وقد حضَّرت نفسك وروحك وبدنك وكل ما حولك لتكون رهن الإشارة ومستعداً للخدمة في ديوان صاحب الزمان الذي سيكون فسطاطه بوسع الأرض وربما يتمدَّد ليشمل بعض أطراف الكون الأخرى أيضاً.

الانتظار عبادة سامية

ولا أحد يحتج بالعبادة فالعبادة ليست بكثرة الصلاة، ولا الصيام، لأن هناك الكثير من القائمين ليس لهم من قيامهم إلا التعب، والكثير من الصائمين ليس لهم منه إلا الجوع والعطش والنَّصب، وهذا ما يقوله الإمام الرِّضا (عليه السلام) أيضاً: (لَيْسَ اَلْعِبَادَةُ كَثْرَةَ اَلصَّلاَةِ وَاَلصَّوْمِ إِنَّمَا اَلْعِبَادَةُ اَلتَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)، ولكن ما هو أمر الله الذي علينا أن نفكِّر به ويكون أفضل من الصلاة والصيام أيها الأحبة الكرام؟

أ لسنا نسمِّي الإمام الحجة بن الحسن بصاحب الأمر؟ وصاحب الزمان؟ نعم؛ هو الذي ينتظر أمر الله ليقوم على اسمه المبارك ويقيم ما أمره الله به في كتابه الحكيم، وما يتنزل عليه في ليلة القدر من كل عام كما قال ربنا سبحانه: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) (القدر: 4)، فكل أمر يكتبه أو يقدِّره الباري سبحانه يكون في ليلة النِّصف من شعبان وهي ليلة ميلاده المبارك الميمون، ولكن يمضيه في ليلة القدر من كل عام وتنزل الملائكة به على صاحب الأمر وناموس الدَّهر الإمام الذي ننتظره بفارغ الصبر.

 وإذا دققنا في هذا الجانب الفكري والعقائدي وبحثنا في الأحاديث لوجدنا بأن هذا الانتظار ليس فعلاً إيجابياً فقط بل هو يرقى عن الفعل ليصبح عبادة من أهم وأعظم العبادات، وهذا ما يقوله أمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي (عليه السلام): (أَفْضَلُ عِبَادَةِ اَلْمُؤْمِنِ اِنْتِظَارُ فَرَجِ اَللَّهِ)، فهو فعل عبادي أي يجب أن تقرنه بنيَّة القربى والطاعة لله تعالى، لأنه بهذا الشيء يكون العمل عبادياً وإلا فيكون من نوع آخر، فانتظار الفرج بهذه النيَّة والكيفية يرتقي بالإنسان ليكون متناسباً ومتناسقاً مع الهدف الذي خلقه الله لأجله، وذلك في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56)، أي ليطيعوا الأوامر وينتهون عن الزواجر، والطاعة الحقَّة لا تكون إلا عن الطريق الذي حدَّده الرَّب لعبده، وطريق العباد يمرُّ من عند إمامهم ليكون هو الرَّقيب عليهم، والشَّاهد لما يفعلونه في حياتهم، كما في الآيات الكريمة والروايات الشريفة.

فعندما نكون في مثل هذه الحالة فنحن نكون في طاعة وعبادة دائمة لله تعالى حتى لو كنا نائمين أو قائمين في درسنا أو عملنا أو أي ساحة من ساحات الجهاد المتنوعة العلمية والعملية، وذلك لأنك أينما ستكون سيكون فكرك وعملك بنيَّة خالصة في التحضير والتهيئة لحضور وظهور صاحب الأمر لتكون تحت رايته وأمره.

الانتظار فعل حضاري

والانتظار في الحقيقة ليس هو فكرة طوباوية بعيدة عن الواقع، ولا هي خيال جامح، ولا حتى حلماً وردياً يعيشه الإنسان في حالة النوم ولا حتى اليقظة، ولا هو فكرة سلبية تجعل الإنسان يبتعد عن المجتمع وعن الناس وينعزل في مكان قصي ليتعبَّد أو يتلهَّى في شؤونه الخاصة، بل هو عمل حقيقي وواقعي يعيشه الإنسان بكل وجوده وتفاصيل حياته مع نفسه وفي أسرته الصغيرة ثم ضمن أسرته الكبيرة وهي الأمة الإسلامية فيعيش همومها وآلامها بكل قساوتها وصعوبتها، لأنه مَنْ سمع منادياً يا للمسلمين ولم يجبه فليس بمسلم، وكذلك المؤمنين مَنْ سمع أخاه المؤمن يستغيث ويستجير به ولا يجيره ويغيثه فليس بمؤمن.

فالحياة عقيدة مقرونة بالجهاد، وأفضل الجهاد في هذا العصر -وفي كل عصر الغيبة- هو العمل الجاد ليكون عملك وحياتك وكل ما لديك ليكون في خدمة صاحب الزمان ولذا قال الإمام الرِّضا (عليه السلام): (أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِي اِنْتِظَارُ فَرَجِ اَللَّهِ تَعَالَى)، فأفضل أعمال الأمة الإسلامية ليس الصلاة وهي عمود وعماد الدِّين، ولكن للشخص نفسه، ولا الصوم الذي هو جُنَّة من النار، لأنها تقي الصائم فقط، بل أفضل الأعمال هو ذلك العمل الذي يحقق ويسعى لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ويسعى لرفع راية التوحيد في كل مكان على ظهر هذه المسكونة، وأن يعمَّ العالم الأمن والأمان ويسود السِّلم والسلام، وذلك بقيام دولة الحق والعدل المنتظرة بقيادة الإمام الحجة بن الحسن المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

فهذا في الحقيقة أفضل الأعمال العبادية والجهادية والحضارية أيضاً، لأن الناس كل الناس، وكل الشعوب والأمم الآن يضجُّون إلى الله ويعجُّون من هذا الظلم والجور الذي يقع عليهم جميعاً، فالحضارة الرقمية تمطرهم بفسادها من فوق رؤوسهم ومن تحت أرجلهم ولا يجدون إلا الفاسد فظنوا أن الفساد والإفساد هو الأصل ولا وجود للصحيح السليم في هذه الحياة وهكذا وصل بهم الحد إلى أن يكونوا في حضارة الشيطان التي ينعدم فيها صوت الرحمن وفعلاً مَنْ يذهب إلى الغرب والشرق وإلى كل مكان يدَّعون فيه الحضارة فإنه لن يجد الله ولا حتى ذكر الله في شيء أبدا.

فأرباب الحضارة الرقمية والثورة الصناعية قتلوا الإله عندهم منذ أكثر من قرن، ثم قتلوا الإنسانية في الإنسان ليحولوا المجتمعات البشرية إلى مجتمعات بهيمية، أو حيوانية يعيشون في صراع دائم على المصالح والأقوى يقتل الأضعف، وكأننا في غابة من الغابات الاستوائية لا قيمة فيها ولا قانون يحكمها ولا شريعة تضبط الطغاة فيها، وأستغرب من الغرب الذي يتحدَّث عن الحضارة وما لديه إلا الحقارة، وها هي الحكومات عندهم يمسخونهم عن إنسانيتهم ويخرجونهم من طينتهم وطبيعتهم بما يشيعونه لديهم من أفكار وممارسات لا أخلاقية يندى لها جبين التاريخ خجلاً منها.

واجب المنتظرين الآن

والآن في هذا المعترك الحضاري الأمة الإسلامية أمام تحدي حقيقي ووجودي لوقف هذا التدهور القيمي فيها، وإذا لم تستطع أن توقف كرة النار ووصلت إليها وفعلت فعلها من حيث الفساد فإنهم سيحق عليهم كلمة العذاب كما قال ربنا سبحانه وتعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (الإسراء: 16)، فالله تعالى يأمرهم بالطاعة وأداء الحقوق إلى أهلها، ولكنهم يبخلون ويعصون الله تعالى كما نرى ونسمع الآن ما يفعلونه في كل مكان، فلقد ملأوا الأرض فساداً كما قال ربنا سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم: 41)

وهنا يظهر معنى انتظار الفرج حقيقة وأنه فعل حضاري لأنه ينقذ الحضارة من الهلاك والدَّمار الذي سينزل عليها كما نزل على المفسدين من قبل كقوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط وفرعون ونمرود وغيرهم من الطغاة فاليوم على المنتظرين أن يقوموا بواجبهم المقدَّس، وأن يقفوا بوجه هذه الحرب الكونية الخشنة والناعمة، والساخنة والباردة، على القيم الدِّينية عامة والإسلامية خاصة، وبذلك ينتظرون بالصلاح والإصلاح لكل ما أفسده هؤلاء الأشقياء ويحضِّر نفسه ومجتمعه والناس لاستقبال ذلك المصلح الكوني، والقائد العالمي ليبني حضارة الإنسان والإنسانية بكل معنى الكلمة.

 ويُجمل الإمام الشيرازي الراحل (رحمه الله) وظائف المنتظرين بقوله: "هناك وظائف عديدة على الناس في زمن غيبة الإمام (عج)، وهي بين الواجب والمستحب.. ومنها: الإيمان بالإمام المهدي (ع)، والاعتقاد به، وانتظار الفرج، والعبادة، وحسن الأخلاق، والصبر على الأذى والتكذيب، والدعاء لتعجيل الفرج، والالتزام بالأوامر الشرعية، والتمسك بالدين، ورعاية المؤمنين، وقضاء حوائجهم، والثبات على الولاية، والبراءة، وتقليد الفقهاء العدول، والرجوع إليهم في الحوادث الواقعة، وعدم تصديق من يدعي السفارة، والنيابة الخاصة، والصلاة والسلام على الإمام، وقراءة زيارته، والبكاء والحزن على غيبته". (من حياة الإمام المهدي (عج): ص229)

وهذا ما ورد في رواية جميلة جداً عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: أَ لاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا لاَ يَقْبَلُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اَلْعِبَادِ عَمَلاً إِلاَّ بِهِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى؛ فَقَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَاَلْإِقْرَارُ بِمَا أَمَرَ اَللَّهُ وَاَلْوَلاَيَةُ لَنَا، وَاَلْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِنَا، يَعْنِي اَلْأَئِمَّةَ خَاصَّةً وَاَلتَّسْلِيمَ لَهُمْ وَاَلْوَرَعُ وَاَلاِجْتِهَادُ وَاَلطُّمَأْنِينَةُ وَاَلاِنْتِظَارُ لِلْقَائِمِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لَنَا دَوْلَةً يَجِيءُ اَللَّهُ بِهَا إِذَا شَاءَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ اَلْقَائِمِ فَلْيَنْتَظِرْ وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَعِ وَمَحَاسِنِ اَلْأَخْلاَقِ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ فَإِنْ مَاتَ وَقَامَ اَلْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ اَلْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ فَجِدُّوا وَاِنْتَظِرُوا هَنِيئاً لَكُمْ أَيَّتُهَا اَلْعِصَابَةُ اَلْمَرْحُومَةُ). (الغيبة (للنعمانی): ج۱ ص۲۰۰)

وليعلم المنتظر الكريم أن عمله جهاداً وعبادة ومن أعظم الأعمال إلى الله تعالى فعَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ اَلْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): (إِنَّ اَلْمَيِّتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ بِمَنْزِلَةِ اَلضَّارِبِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ). (المحاسن للبرقي: ج۱ ص۱۷4)

ومقام المنتظر مقام عظيم عند الله ورسوله وأئمة المسلمين من أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) فعَنِ اَلْإِمَامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ: فِي وَصِيَّةِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَذْكُرُ فِيهَا أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ وَاِعْلَمْ أَنَّ أَعْجَبَ اَلنَّاسِ إِيمَاناً وَأَعْظَمَهُمْ يَقِيناً قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ لَمْ يَلْحَقُوا اَلنَّبِيَّ، وَحَجَبَتْهُمُ اَلْحُجَّةُ، فَآمَنُوا بِسَوَادٍ عَلَى بَيَاضٍ). (كمال الدين للشيخ الصدوق: ج۱ ص۲۸۸)

فالإنسان المؤمن بإمامه ويعمل ويجاهد وعينه على الغيب ويحلم ويأمل متى يأتي الله بذاك الإمام الهمام والقائد الضرغام ليُخلِّصه من هؤلاء الأشرار الأشقياء من طغاة الإنس ومردة الجن الذين ملأوا الأرض ظلماً وجوراً وأفسدوا كل شيء في هذه الحياة التي خلقها الله وأمر بعمارتها بالصالحات فأفسدوها بالمعاصي، فهذا العبد هو عند الله من أحباب رسوله المصطفى (صلى الله عليه وآله) لأنه آمن وأيقن بما وصله من كتاب وروايات مكتوبة على القراطيس البيضاء وأولئك كانوا مع رسول الله وأهل بيته وكانوا ينافقون، ويتآمرون عليهم فكم هو الفرق بين مَنْ رأى فجحد، ونافق، وكفر، وبين آخر سمع وقرأ فآمن، وأيقن، وانتظر؟

فالفرق واضح، والبون شاسع.. نسأل الله تعالى أن نكون من المنتظرين الفاعلين لصاحب الأمر وناموس الدهر الحجة بن الحسن مهدي هذه الأمة وهادي الأمم إلى خلاصها ونجاتها وأن يجعلنا من أنصاره وأعوانه والقادة في دولته دولة الحق والعدل العالمية المنتظرة.

اضف تعليق