q
لقد عاش الإمام الحسن العسكري (ع) فترة قصيرة حسب المقاييس الزمنية، ولكنها طويلة جدا حسب الإنجازات العظيمة وأهمها إنجاز ولادة الإمام محمد المهدي (عج) وحمايته، وقد تجلت خلال تلك المرحلة الخطيرة والحساسة جدا، بفضل قيادته الحكيمة والفعالية، وتحمله كافة التحديات والصعوبات، ومنها محاولات قتله من قبل السلطات الظالمة...

فترة إمامة الإمام الحسن العسكري -عليه السلام- وولادة الإمام المهدي (عج) من أصعب الفترات في حياة الأئمة الأطهار -عليهم السلام- وشيعتهم… اذ شهدت تلك الفترة إزدياد حجم القمع والترهيب والرعب والاستهداف.. من قبل الحكام ضد الأئمة، بسبب:

١/ الخوف الشديد لدى حكام بني العباس من ولادة الإمام المهدي (عج) فهم على علم ودراية بحسب الأحاديث التي رويت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تؤكد على ان الإمام الثاني عشر هو مهدي الأمة؛ الذي سيقضي على الظلم والظالمين والفاسدين ويقيم العدل والقسط. وبما ان الإمام الحسن العسكري (ع) هو الإمام الحادي عشر فان ابنه هو الإمام الثاني عشر محمد المهدي المنتظر(عج).

٢/ خوف الحكام الظالمين الدائم من الأئمة -عليهم السلام-، وكذلك من الأمة التي ترفض ظلم وفساد السلطات، واستعانة تلك الحكومة بعسكر جدد، عقيدته عسكرية همجية دموية الحرب والقتل..، بلا اي ثقافة وعادات ولا تقاليد عربية، بل بلا إيمان والتزام وورع واحترام للنبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) ولا احترام وتقدير لأهل بيت النبي (ص).

القيادة الرشيدة للإمام العسكري

لقد عاش الإمام الحسن العسكري (ع) فترة قصيرة حسب المقاييس الزمنية، ولكنها طويلة جدا حسب الإنجازات العظيمة وأهمها إنجاز ولادة الإمام محمد المهدي (عج) وحمايته، وقد تجلت خلال تلك المرحلة الخطيرة والحساسة جدا، بفضل قيادته الحكيمة والفعالية، وتحمله كافة التحديات والصعوبات، ومنها محاولات قتله من قبل السلطات الظالمة أعداء الحق والحقيقة والعدالة والكرامة لقطع شجرة الإمامة ومنع ولادة الإمام الثاني عشر الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج).

ترهيب للإمام وأهله ومحبيه

عاش الإمام العسكري -عليه السلام- وأهله وشيعته أجواء مليئة من القمع والترهيب والرعب والقلق والخوف لكل أهل بيته -عليه السلام- ومن حوله واخوة وعمام وعمات ومحبين..، الكل في حالة قلق ومراقبة شديدة.

كانت السلطة في حالة استنفار للبطش بكل قوتها العسكرية للقضاء على الإمام العسكري (ع) وأهل بيته وشيعته، وأهم أهدافها منع ولادة الإمام المهدي (عج) والقضاء عليه.

إن استهداف الإمام العسكري (ع) من قبل الحكام الظالمين من بني العباس بدأت قبل ولادته -عليه السلام- حيث كانت ولادته في معسكر الاعتقال لوالده الإمام الهادي -عليه السلام- في مدينة سامراء حسب بعض الأقوال (وقيل ولد في المدينة المنورة)، وعاش طفولته وتوفى في مرحلة مبكرة من الشباب - عمره 28 سنة- في منطقة عسكرية وهي سامراء، التي كانت في تلك الفترة الزمنية عبارة عن مدينة لتجمع الثكنات العسكرية التي تتكون من الترك وغيرهم، أصحاب الغلظة والشدة في التعامل مع الرعية، مما جعل الناس ترفض وجودهم المكثف والقوي في مدينة بغداد، وكانت السلطة الحاكمة انتقلت إلى هذه المدينة (سامراء) لتكون تحت حماية عسكرية بعيدا عن مدينة بغداد العاصمة، خوفا من حدوث اغتيالات للحكام بسبب الفتن والانقسامات في البيت العباسي وسيطرة العسكر على القرارات والفوضى في إدارة البلاد، ونتيجة خوف السلطة الشديد من قيام وتحرك اي معارضة و احتجاجات شعبية، وحتما أعظم خوفهم الشديد كان من الأئمة الأطهار ومن شيعتهم، الذين يحظون بمحبة وتقدير الناس، ولهذا تم نقل الإمام الهادي لهذه المدينة وهناك ولد الإمام العسكري عليهما السلام ليكونا تحت عيون العسكر مباشرة وإبعاد اي تواصل لهما مع بقية الناس، وخاصة شيعتهم.

الإمام العسكري قضى جل حياته المباركة في أيام إمامة والده وأيام إمامته بين العسكر ولهذا سمي بالعسكريين.

إضاءة حول مظلومية الأئمة المتأخرين

وللمعلومية ان الأئمة وبالخصوص المتأخرين منهم وبالتحديد: الإمام محمد الجواد، الإمام علي الهادي، الإمام الحسن العسكري، كانوا تحت مراقبة شديدة جدا جدا بسبب خوف الحكام الظالمين منهم وخوفهم من استمرارية الإمامة إلى الإمام الثاني عشر الإمام المهدي (عج)، هدفهم منع ولادته والقضاء عليه عند ولادته، ولهذا حرم عشاق محمد وآل محمد (شيعتهم) والأمة الاسلامية والعالم من وجودهم وعلومهم وفضائلهم والتعرف عليهم أكثر وأكثر، ونقل ما يمكن عنهم بسبب المعايشة معهم ومخالطتهم وبعد ذلك الكتابة عنهم، ورغم كل القمع والبطش والمنع والتضييق والمحاصرة والمراقبة الشديدة والاقامة الجبرية ومحاولات الاغتيال والتصفية..، إلا ان الله -سبحانه وتعالى- تكفل بحفظهم وظهور علومهم عبر التواصل المحدود مع شيعتهم.

وحتما هناك تقصير شديد من قبل عشاقهم ومحبيهم وشيعتهم بالكتابة أكثر عن حياتهم وانجازاتهم والتحديات والتضحيات.. أسوة بالائمة السابقين، وحتما ساهم عزلهم عن الناس وخاصة عامة شيعتهم والتضييق عليهم في ذلك التقصير.

المطلوب الاجتهاد أكبر وأعظم في تسليط الأضواء على حياتهم للاستفادة منها فهم أنوار.

الإمام العسكري والتقييد

لقد منع الإمام العسكري -عليه السلام- من العيش بين أهله ومع شيعته بشكل طبيعي، بل ان شيعته حرموا منه في بغداد والكوفة ومدينة جدهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) المدينة المنورة وغيرها من مدن يتواجد فيها عشاق أهل البيت -عليهم السلام-، والاستفادة من نوره وعلومه ورعايته..، بينما تم إبقائه في سامراء المدينة العسكرية ليكون تحت الرقابة الأمنية المشددة طوال الوقت وتقييد حريته..، تحت الإقامة الجبرية.

الإمام العسكرية وفن التواصل بسرية

بفضل الله تعالى، ووجود الإمام العسكري (ع)، الذي أستطاع بحكمته وسياسته وقيادته وإمامته،.. التعامل بحكمة وهدوء، وقدرة عالية من التواصل والاهتمام ورعاية شيعته بطرق مختلفة من الكتمان والسرية، تمثل مدرسة وأفضل تجربة في إدارة الأمور في الظروف القاهرة الصعبة والخطيرة تحت الإقامة الجبرية في منطقة عسكرية، والقدرة على عدم الاصطدام مع السلطة الظالمة، التي كانت على أتم الاستعداد لتصفية الإمام الحسن العسكري -عليه السلام- وأهل بيته ومحبيه.

فقد جنب الإمام العسكري -عليه السلام- شيعته من وقوع اي كارثة عليهم من حكم عسكري دموي لا يرحم، حاكم يريد فرض إرادته عبر القوة المفرطة وجيوش من الترك وغيرهم لا يعرفون إلا لغة الحروب والقتال، المليئة قلوبهم بالعنف الشديد، المتعطشة لسفك الدماء.

التخطيط والتهيئة

رغم كل أجواء الترهيب والتضييق على الإمام العسكري (عليه السلام) وأهل بيته وجماعته، إلا إنه-عليه السلام- كان حريصا على التخطيط والتهيئة لأهم حدث مستقبلي للرسالات السماوية والبشرية، ولادة الإمام الموعود أمل الشعوب الإمام محمد المهدي الهادي المنتظر (عج). الذي كان الجميع يترقب مولده الميمون المبارك، كما ان الحكام الظالمين وأعداء الحق والحقيقة والعدالة يترصدون ذلك ولهذا يعملون على عدم ولادته، لانه سيضع النهاية لسلطتهم الظالمة والجور والطغيان.

ولمنع ولادة حجة الله الإمام المهدي (عج)، قامت الحكومات العباسية الظالمة باعتقال وسجن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لمرات عديدة حيث عاش معظم حياته القصيرة في سجون الطغاة وإخضاعه للمراقبة الدائمة، كي يمنعوا ولادة صاحب الزمان الإمام المهدي (عج) الذي سيهدد كل الظالمين والمفسدين والطغاة والجبابرة، وسينشر العدل والقسط بعدما ملئت ظلما وجورا.

حيث إن مسألة ظهور المنقذ والمخلص الإمام محمد المهدي (عج)، وان على يديه تتحقق العدالة على وجه الأرض ويملأها عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا، ويقتص من الظالمين والمجرمين؛ هي من الأمور المُسلَّمة بين المسلمين، ولهذا كانت السلطات الحاكمة تتبع وتراقب بحذر شديد تسلسل الأئمة الأطهار (ع) وتراقبهم وتجعلهم تحت المراقبة الشديدة للقضاء على الإمام المهدي (ع) الذي يمثل أكبر تهديدا لسلطتها، خاصة وأن الأخبار الواردة عن الرسول الأعظم النبي الاكرم سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- التي تتحدث عن الإمام المهدي كثيرة وثابتة بانه الإمام الثاني عشر وانه الإمام التاسع من ولد الإمام الحسين بن علي -عليهم السلام -، روي عن رسول الله (ص) قال: «لا تذهب الدنيا حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي». (أي يماثل اسمه اسمي).

ولهذا أخفى الإمام الحسن العسكري -سلام عليها- وبطرق اعجازية ولادة مولوده الإمام محمد المهدي (عج) عن السلطات الحاكمة.."، ومن أهم أدوار الإمام العسكري وكل أدواره وأعماله عظيمه، ولكن العظمة تتجلى في انه والد صاحب العصر والزمان الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج)، وتحمله كل التحديات والصعوبات والمخاطر لتحقيق ولادة مولوده قائم آل محمد (عج).

الإمام العسكري السجن والاغتيال

عاش الإمام الحسن العسكري -عليه السلام- فترة زمنية مليئة بالمخاطر والتحديات، والتعرض للسجن لمعظم حياته القصيرة، ولمحاولات عديدة للتصفية من قبل حكام بني العباس الظالمة: المعتز والمهتدي، وأصعبها في اخر سنوات عمره في زمن المعتمد الذي حاول اغتيال الإمام العسكري (ع) منذ الأيام الاولى لاستلامه للسلطة، حيث كان أول أهدافه القضاء على الإمام العسكري (ع)؛ لانه يشعر بالدونية والنقص والضعف مهما كانت قوته من سلطة ومال وعسكر كبير من الاشداء البنية غير العرب..، أمام إمامة الإمام العسكري (ع) حجة الله عز وجل، الذي يحظى بشعبية وتأييد من قبل أفراد الأمة، وحتما الخوف من ولادة الإمام المهدي الموعود (عج)، ويمثل جبهة معارضة الظلم والطغيان والفجور والاستبداد والفساد.

وبفضل الله تعالى الذي تكفل بولادة النور واخفاء وظهور المخلص والأمل الموعود الإمام الحجة المهدي المنتظر (عج).

أصعب المواقف

حتما التضييق والاعتقال التعسفي والتعذيب، وإبعاد الإمام العسكري (ع) عن أهله ومحبيه.. صعب، ولكن الأكثر صعوبة من ذلك؛ مراقبة أهل بيته وخاصة النساء خوفا من حدوث الحمل وولادة الإمام الحجة المنتظر (عج)، واضطرار الإمام العسكري -عليه السلام- لإخفاء حمل وولادة الإمام المهدي (عج) عن الاقرباء والدائرة الأقرب والثقاة مثل عمته السيدة حكيمة -سلام الله عليها-؛ بل اخفاء من تكون أمه عبر العديد من الجواري كي لا تتعرض اي واحدة من هن للاستهداف المباشر، انها أيام قلق بل ترهيب ورعب وأعظم !.

وقد فرحت السيدة نرجس بحملها وأخبرها الإمام العسكري (ع) عن هوية وعظمة ما في بطنها بانه منقذ البشرية والمخلص الموعود الإمام المهدي (عج). وقد اخفت السيدة نرجس خبر حملها عن جميع من معها في المنزل والجواري والأهل.. خوفا من تسرب الخبر. وفي حمل وولادة الإمام محمد المهدي (عج) معاجز حيث لم يظهر طوال فترة حمل السيدة نرجس أي أعراض الحمل والولادة.

وبرعاية إلهية تمت ولادة الإمام محمد المهدي المنتظر (عج) في سنة 255 هجرية من زوجته نرجس -سلام الله عليها- بالخفاء. جاء في الروايات "حلت ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة، فطلب الإمام الحسن العسكري من عمته السيدة حكيمة أن تلازم «نرجس» في تلك الليلة ولا تفارقها. فقد شاءت العناية الإلهية أن تكون هذه الليلة المباركة، ليلة الخامس عشر من شعبان، هي الليلة الموعودة، لولادة المنتظر الموعود، ووضعت «نرجس» وليدها المبارك، تحيطه العناية برعايتها، وتحفّ الملائكة بمهده. وأسماه أبوه - إنفاذ لمشيئة الله - محمداً المهدي".

أجواء الترهيب

بعد ولادة قائم آل محمد، صاحب الزمان، الإمام محمد المهدي (عج) بخمس سنوات، وكلها سنوات قمع وخوف وقلق ورهب ورعب هي من أصعب السنوات لإبقاء خبر ولادة الإمام محمد المهدي المنتظر (عج) في السر.

من أجواء الترهيب والصعوبات:

حرمان الإمام الحسن العسكري (ع) الأب من رؤية أبنه الغالي الإمام الحجة المهدي (عج) في كل وقت، حرمان الطفل الإمام المهدي المنتظر (عج) من حقه الطبيعي العيش برفقة وَالِدَيْهِ، ويحصل مثل بقية الأطفال على الرعاية والاهتمام بما يناسب مكانته العظيمة، بل انه عاش بعيدا عن وَالِدَيْهِ في الخفاء.. كي لا يطلع الاعداء وغيرهم على امر ولادته، بل أخفى الإمام العسكري (ع) ولادة ابنه الإمام محمد المهدي (عج) عن أقاربه وأهله الدائرة القريبة، ولكنه قدم ابنه الإمام الحجة المنتظر لعدد قليل جدا جدا من الموالين المخلصين الثقاة، حيث الإمام العسكري عرفهم عليه بانه هو الإمام من بعده وهو الإمام الثاني عشر الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج)، وقدم لهم العلامات التي تدل على الإمام من بعده الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج).

استشهاد الإمام العسكري

ورغم كل ذلك قام أعداء محمد وآل محمد (ص) وأعداء الإمام العسكري (ع) والإمام المهدي (عج) سلطات بني العباس، في عصر الحاكم الجائر المعتمد، بتسميم الإمام العسكري (ع) في سجنه الأخير وبعد أيام من خروجه من السجن، والسم يجري في جسده الشريف استشهد الإمام العسكري -عليه السلام- في سن الشباب وبعد عمر كله تحديات وصعوبات وقمع وسجن وقلق وترهيب، ففي 8 ربيع الأول سنة 260 للهجرة وعمره 29 أو 28 سنة، وذلك في منزله وبين أهله من شدة الالام والاوجاع من السم، ودفن -سلام الله عليه- في داره بسامراء إلى جانب قبر أبيه الإمام علي الهادي -عليهما السلام-.

وقد روي عن شهادته (ع): "أنه قد سُم واغتيل من قبل السلطة حيث دس السم له المعتمد العباسي الذي كان قد أزعجه تعظيم الأمة للإمام العسكري وتقديمهم له على جميع الهاشميين من علويين وعباسيين فأجمع رأيه على الفتك به".

تحية تعظيم

كل البشرية تتجه للإمام حسن العسكري (ع) بالشكر والتقدير والامتنان لدوره بحفظ الأمل المخلص وحماية المنقذ للبشرية الإمام المهدي صاحب الزمان واخفائه، رغم عيون الأعداء والتضييق والقمع.

وساعد الله قلب إمامنا القائم المهدي (عج) على تحمل كل الصعوبات والتحديات ورحيل الأب والمربي العطوف الحنون، وهو طفل صغير، مختبئا.

استهداف السيدة نرجس والدة الإمام المهدي

هناك روايات تذكر ان السيدة نرجس -سلام الله عليها - بعد استشهاد الإمام العسكري -عليه السلام- تعرضت للملاحقة والاعتقال التعسفي والتضييق، وانها تحملت أنواع المحن والعذاب، ولم تعترف بولادة الإمام المهدي (عج)، وكل تلك التضحيات في سبيل اخفاء امر ولادة ابنها الإمام محمد المهدي المنتظر (عج) أو مكان وجوده، منها الروايات التالية:

"بعد وفاة الإمام الحسن العسكري -عليه السلام- سنة 260، قبض المعتمد العباسي على السيدة نرجس، وطالبها بالمهدي فأنكرته، وادّعت أنها حامل لتموّه الأمر عليهم فلا يبحثوا عن طفل وليد، مما دعا بالخليفة العباسي إلى نقلها إلى داره، وأحاطها بمجموعة من الجواري والنساء، وبقيت السيدة نرجس تحت الإقامة الإجبارية وهم ينتظرون أن تضع جنينها، إلى أن حدثت اضطرابات خطيرة في الدولة وفتن متعددة شغلت السلطات عنها، فنسوا امرها، فاستطاعت الخلاص منهم، وتقول بعض المصادر إنها التجأت إلى دار أحد الشيعة الثقات وهو (الحسن بن جعفر النوبختي).

وتضيف الرواية: "وبعد موت المعتمد ومجيء المعتضد سنة 279 - والذي كان متشددا على أهل البيت وشيعتهم كالمتوكل - علم بوجود السيدة نرجس في دار الحسن بن جعفر النوبختي، فألقى القبض عليها مرة أخرى، وحملها إلى قصره وحبست هناك حتى وافتها المنية في أيام المقتدر العباسي".

بعد وفاتها دفنت مع الإمامين العسكريين في المشهد المقدس نفسه، خلف ضريح الإمام العسكري عليه السلام.

وحول معاناتها وتحملها المحن وصبرها وحفظ السر.. جاء في امر زيارتها: (أَشْهَدُ أَنَّكِ أحْسَنْتِ الكَفالَةَ وَأَدَّيْتِ الاَمانَةَ وَاجْتَهَدْتِ فِي مَرْضاتِ الله وَصَبَرْتِ فِي ذاتِ الله وَحَفِظْتِ سِرَّ الله وَحَمَلْتِ وَلِيَّ الله وَبالَغْتِ فِي حِفْظِ حُجَّةِ الله وَرَغِبْتِ فِي وُصْلَةِ أَبْناءِ رَسُولِ الله عارِفَةً بِحَقِّهِمْ مُؤْمِنَةً بِصِدْقِهِمْ مُعْتَرِفَةً بِمَنْزِلَتِهِمْ مُسْتَبْصِرَةً بِأَمْرِهِمْ مُشْفِقَةً عَلَيْهِمْ مُؤْثِرَةً هَواهُمْ...).

اضف تعليق