q
ومابين المبدأ والمنتهى كانت سجدة طويلة لله .. يعلن الفوز في وقت عظيم، ومكان أعظم ... وطريقة ظلت تهز أركان التاريخ .. لم أعرف أو أسمع عن حاكم يتم اغتياله في عاصمته ويقسم برب الكعبة ويقول: (فزت)!!. اي فوز يتحدث عنه علي ابن ابي طالب عليه السلام...

ما أعظم العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، فيها ليلة القدر العظيمة، وفيها قتلت الصلاة في محرابها، وقتل القرآن الناطق الإمام علي أبن أبي طالب -عليه السلام- يا لها من فجيعة!. ((تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء)).

بشهادته ارتدى الإسلام ثواب السواد، وضاعت العدالة وانتهكت الحقوق، وقتلت الكرامة الإنسانية، وشعر كل إنسان باليتم.

لقد فاز الإمام علي (ع) بأعلى وأشرف وسام وهو الشهادة في محراب الصلاة وهو صائم يصلي في ليلة القدر العظيمة في شهر رمضان المبارك.

لقد قالها إمام المتقين وسيد الحكمة والبلاغة (ع): "فزت ورب الكعبة"، لقد وصف شهادته بالفوز، وكان طوال حياته الشريفة ورغم كل ما قام به من أعمال عظيمة في خدمة الدين والرسالة المحمدية والإنسانية.. فانه كان ينتظر لحظة شهادته في شهر رمضان المبارك وفي ليلة القدر العظيمة وفي محراب الصلاة، واثناء الصلاة وفي حالة السجود وهو صائم .. ليختم بداية حياته التي كانت ولادته في بيت الله في جوف الكعبة المشرفة أقدس بقعة، لتكون النهاية في بيت الله في محراب الصلاة في مسجد الكوفة، وتصبح حياته بين الكعبة المشرفة ومحراب الصلاة في بيوت الله، انه الفوز المبين والمقام العظيم الذي ناله أمير المؤمنين (عليه السلام).

فاز علي بالشهادة

فاز علي بالشهادة، وخسرت الأمة والبشرية علي الإمام والقائد الحكيم والعابد والزاهد والحاكم والقاضي العادل والبطل الشجاع المغوار، سيف الله الغالب ذو الفقار، وسيد البلاغة والحكمة، والأب الحنون، والد الأمة، وأب الأيتام والمساكين، من قال (ع): "يا أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني -قالها ثلاث مرات- ولن تسألوا بعدي مثلي، أنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض، فو الله لا تسألوني عن شيء من كتاب الله إلا أحدثكم ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أو في سهل أو في جبل، فو الله ما تسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون، إلا نبأتكم به". كلمة تدل على سعة العلم والمعرفة عند الإمام علي (عليه السلام)، ولا أحد يتجرأ ان يقولها غيره. ولكن معظم من كانوا في زمانه لا يملكون الإيمان والوعي .. للاستفادة من الإمام المرتضى (عليه السلام).

ومن المؤسف انه يوجد في الأمة فئة في هذا العصر تسير على طريق من ملئت قلوبهم حقدا وحسدا وبغضا .. للإمام علي(ع)، بتهميش سيرة وعلوم الإمام (ع)، .. فخسرت البشرية الكثير والكثير.

اي فوز يتحدث عنه أمير المؤمنين؟

أنقل لكم كلمة رائعة كتبت بحق الإمام (ع)، من قبل "الدكتور عباس محمود العقاد في كتابه عن الإمام علي -عليه السلام- معلقا على ما قاله الإمام ليلة تلقيه الضربة من قبل اللعين ابن ملجم "فزت ورب الكعبة" بهذا الإعلان العظيم اختتم علي -عليه السلام- حياته التي ابتدأت في بيت الله وانتهت في بيت الله!.

ومابين المبدأ والمنتهى كانت سجدة طويلة لله .. يعلن الفوز في وقت عظيم، ومكان أعظم ... وطريقة ظلت تهز أركان التاريخ .. لم أعرف أو أسمع عن حاكم يتم اغتياله في عاصمته ويقسم برب الكعبة ويقول: (فزت)!!. اي فوز يتحدث عنه علي ابن ابي طالب عليه السلام؟!

أنا أقسم برب الكعبة لو إجتمعت كل قواميس السياسة والحكم في العالم لما استطاعت ان تحيط بمعنى هذا الفوز!.

اشترك في 80 غزوة وصرع بها أبطال العرب وصناديدهم، ولم يقل فزت!!

بايعه الناس على الخلافة في مشهد لم يسبق لاي خليفة أن مرّ به، ولم يقل فزت!!.

بل قال: اتخذوني وزيراً لا أمير!.

منذ سنين كلما أمر على هذه الكلمة ((فزت ورب الكعبة)) أشعر ان كل منظومتي الفكرية تهتز!!.

إذا كان علي عليه السلام هو الفائز .. فمن الخاسر ياترى؟!!

الفوز والخسارة في قاموس عليّ يرسمان لوحة الإنسانية التي ارادها الله ان تستخلفه في عالم الوجود .. فليراجع كل منّا (فوزه) و (خسارته) ويعرضهما على قاموس عليّ عليه السلام ..."

فاز علي وخسرت البشرية

الحقيقة الأكيدة فاز الإمام علي -عليه السلام- بالفوز المبين، وخسر كل من نصب العداء له -للإمام علي(ع)-، وحاربه ومن حاول الإساءة إليه وتهميشه، وخسرت الإنسانية بفقده ورب الكعبة .. انها خسارة للعالمين.

استشهاد الأمير عليه السلام

روي ان الإمام الحسن بن علي بعد شهادة أمير المؤمنين (عليهما السلام) قال: «لقد قُبض في هذه الليلة رجلٌ لم يسبقه الأوّلون بعمل، ولا يُدركه الآخرون بعمل، ولقد كان يجاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله فيَقِيه بنفسه، ولقد كان يُوجِّهه برايته، فيكتنفُه جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفِّي في هذه اللّيلة التي عُرِج فيها بعيسى ابن مريم، ولقد تُوفِّي فيها يوشع بن نون وصيُّ موسى، وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله..». (مقاتل الطالبيين، الأصفهاني)

نتقدم بخالص التعزية والمواساة بشهادة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) إلى أخيه رسول (ص) وإلى زوجته فاطمة الزهراء وإلى الحسن والحسين والأئمة الطيبين (عليهم السلام)، ولا سيما مولانا صاحب العصر والزمان الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج) وإلى المراجع والعلماء العظام والاحرار والشرفاء في العالم.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

دعاء اليوم الحادي والعشرين:

اَللّـهُمَّ اجْعَلْ لى فيهِ اِلى مَرْضاتِكَ دَليلاً، وَلا تَجْعَلْ لِلشَّيْطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلاً، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ لى مَنْزِلاً وَمَقيلاً، يا قاضِيَ حَوائِجِ الطّالِبينَ.

اضف تعليق