هناك مشكلات كبيرة تلازم الحكم المركزي، وعكس ذلك تماما تظهر محاسن كثيرة وكبيرة بانتهاج الحكم اللامركزي، من أخطر تلك المشكلات (المركزية) جمع السلطات في بوتقة واحدة وتركيزها لدى شخص القائد الأعلى، فيتم ضرب الدستور وإنْ كان مؤقتا، وبهذا لا يخضع الحاكم الفرد لأية سلطة تحد من قراراته...

ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (اصلاح النظام اللامركزي في العراق) خلال الفترة المخصصة من 1516/10/2018 إلى 20/10/2018، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين (الدكتور بشار الساعدي، الدكتور ايهاب النواب، الدكتور علاء الحسيني، النائب ماجد شنكالي، النائب منصور مرعيد عطية).

أجرى الحوار رئيس ملتقى النبأ للحوار علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.

محور النقاش

هناك مشكلات كبيرة تلازم الحكم المركزي، وعكس ذلك تماما تظهر محاسن كثيرة وكبيرة بانتهاج الحكم اللامركزي، من أخطر تلك المشكلات (المركزية) جمع السلطات في بوتقة واحدة وتركيزها لدى شخص القائد الأعلى، فيتم ضرب الدستور وإنْ كان مؤقتا، وبهذا لا يخضع الحاكم الفرد لأية سلطة تحد من قراراته التي تنتج عن عقلية معقدة مدعومة بإطار نفسي مريض، وهكذا يكون الشعب كله وسياسة الدولة بأكملها تحت رحمة عقل (قيادي فردي) وفي الغالب يكون مصاب بالجهل والتخلف وانعدام الرؤية المستقبلية الثاقبة.

برأيكم

-ماهو الفارق بين النظام المركزي والنظام اللامركزي

-ماهي مخاطر النظام المركزي

-ماهي علاقة اللامركزية بالاستقرار السياسي

-ماهي دعائم ترسيخ نظام اللامركزية

-كيف تؤثر اللامركزية في عملية صنع القرار

الدكتور بشار الساعدي

اللامركزية تحمل دلالتين: الاولى سياسية (لا مركزية سياسية) والثانية ادارية (لا مركزية ادارية)... الاولى تظهر في الاتحادات الكونفدرالية بشكل واضح، وتظهر في الاتحادات الفدرالية بشكل اقل وضوحاً او يمكن وصفه بالنسبي. في حين ان اللامركزية الادارية تظهر بشكل واضح جداً في الاتحادات الفدرالية ولا وجود للحديث عن لا مركزية ادارية من عدمه في الاتحادات الكونفدرالية لعدم وجود علاقة عضوية- ادارية بين الوحدات الداخلة في الاتحاد، وبالتالي لا توجد هنالك منطقية في الحديث عن اللامركزية في هذا النوع من الاتحادات...

فيما يتعلق بالشأن العراقي فقد اقر قانون مجالس المحافظات رقم ٢١ لعام ٢٠٠٨ المعدل - المادة ٤٥ من القانون، بنقل الصلاحيات الادارية الخدمية الى المديريات المعنية على ان تقوم مجالس المحافظات بنقل تلك الصلاحيات اذ تقوم الوزارات المعنية(البلديات، الري، التربية، الصحة، الكهرباء...) بنقل الصلاحيات الخدمية الى مجالس المحافظات وتقوم الاخيرة بتوزيعها على المديريات. غير ان الذي حصل هو احتكار بعض المحافظين او مجالس المحافظات لتلك الصلاحيات مما قاد الى شل عمل المديريات، اذ اصبحت هذه المديريات دون صلاحيات تعمل بها حتى في ابسط الامور. اضف الى ذلك اصبحت تقف بين الوزارة والمحافظة دون المقدرة على ان تحرك ساكن، مما انعكس سلباً على تقديم الخدمات...

الدكتور ايهاب النواب

مما لا شك فيه أن موضوعة اللامركزية اخذت حيزاً واسعاً في البحوث والنقاشات وسعت الحكومة محاولة منها لتخفيف الضغط عليها ان تطبق النهج اللامركزي في البلد والذي اصطدم بحواجز وعقبات كثيرة .. وعلى مايبدو اننا نواجه ذات المشكلة التي واجهتنا اثناء صدمة التحول من اقتصاد شمولي الى اخر حر.. اي بمعنى أن اي تحول وان كان نحو الافضل لابد أن يكون ضمن مراحل . فضلاً عن هذا ينبغي أن لايبقى تفكيرنا محصور على ان اللامركزية مجرد نهج سياسي فالامر متعلق كذلك بالمجتمع وبالتالي لايمكن أن يحدث اي تحول سياسي صحيح مالم يرافقه تحول فكري اجتماعي في نفس السياق.. ومن اهم دعائم اللامركزية هي اولا الايمان باللامركزيه على انها ضرورة واصلاح لابد منه لا على انها مجرد اداة او ستراتيجية وحسب ..

فاللامركزية تسهم في زيادة الثقة والسرعة في اتخاذ القرار والانجاز من خلال منح الصلاحيات كما تعمل على فك وحلحلة كافة القضايا والمشاكل وايجاد الحلول المناسبة لها عبر تخفيف الضغط على الجهات الحكومية المركزية الى اخرى ادنى منها هي في العادة تكون اقرب للمواطن ولمشاكله .. ويبقى ان نفهم ضرورة أن تكون هناك ستراتيجية واضحة لاعتماد اللامركزية تشمل جميع ابعاد وحدود المجتمع وعلى شكل مرحلي لضمان تطبيق ونجاح اللامركزية في العراق ..

الدكتور علاء الحسيني

اللامركزية لها مفهوم محدد يتمثل بتوزيع اختصاصات سلطة من سلطات الدولة او اكثر اذ يتم الركون اليها على المستوى الاتحادي بين السلطات الاتحادية والاقاليم التي تتمتع باختصاصات تشريعية وتنفيذية وقضائية ودون الاتحادي بين الحكومة المركزية والمحافظات التي تتمتع ببعض الاختصاصات التنفيذية فقط وفقط ولكن المشرع الدستوري في العراق ولجنة كتابة الدستور بالتحديد اختلط الأمر عليها فعاملت المحافظة وهي بالمستوى الثاني معاملة الاقليم وهذا واضح في المواد ١١٤ و١١٥ وما سواها كالمواد ١٢٢ و١٢٣ وهو الأمر الذي خلف الكثير من الحرج في التطبيق على مستوى التشريع واتخاذ القرار ومن جهة اخرى تسبب في تعثر الاصلاح الاداري في العراق وما نقل الصلاحيات وفق المادة ٤٥ من قانون المحافظات الا عقبة زادت الامر سوء كونها تجاوزت الفهم الصحيح للنظام المركزي الذي يخفف منه بنظام عدم التركيز الاداري اي نقل سلطة البت النهائي واتخاذ القرارات الى ممثلي المركز بالمحافظات كمدير عام الصحة والتربية والشرطة.

لا ان تنقل الى شخصية معنوية غير مرتبطة بالادارة المركزية ممثلة بالمحافظ وما نقل الصلاحيات الا خروج عن النظام اللامركزي التقليدي وانشاء نظام هجين ومشوه بربط الدوائر الفرعية للوزارات المركزية بالمحافظة وبعد ذلك وجدنا ان نقل الصلاحيات زاد من التعقيد الاداري وبطء الدوائر في اداء عملها وتدخل اعضاء المجالس المحلية بالشؤون الفنية لتلك الدوائر والحل الوحيد للخروج من هذا المأزق بالعودة الى الاصول العامة لنظامي المركزية واللامركزية والتوسع في مفهومي تفويض الاختصاصات واعادة توزيعها على اكبر دائرة ممكنه من المسؤولين الاداريين لنضمن الخلاص من البيروقراطية المقيته والرجوع للمركز بكل شيء وتكون مقدمة للادارة المحلية الرشيدة والاقتراح الاخر التوسع بالتجربة الديمقراطية المحلية بالسماح للعراقيين لاختيار من يدبر شؤونهم المحلية عبر الانتخاب فقط بدءا من منصب مختار القرية او المحلة مرورا بمجلس الناحية الذي الغاه البرلمان العراقي الموقر بالتعديل الثالث لقانون المحافظات ٢٠١٨ فكان بوابة فساد فتحت على مصراعيها بسعي كل النواحي للتحول الى اقضية وانتهاءا بانتخاب مجلس القضاء والمحافظة. انتخابا نزيها يكفل التكافؤ في التمثيل لكل العراقيين بلا تمييز لاي سبب كان.

النائب ماجد شنكالي

عندما نناقش المركزية كنظام سياسي اول مايتبادر الى ذهننا النظام الرئاسي الدكتاتوري الشمولي الاوحد لاننا عايشنا نظاما فاشلا دكتاتوريا، ولكن في الحقيقة الانظمة المركزية والتي تعمل بها اكثر من ١٦٥ دولة في العالم فيها دول ناجحة بكل المقاييس كالمملكة المتحدة،وفرنسا،واغلب دول اوربا،تركيا،الصين واليابان والتي في اغلبها تعتمد حكما مركزيا سياسيا مع لامركزية ادارية قادرة على التسريع في حل مشاكل المناطق والولايات البعيدة عن المركز وفي الجانب الاخر ايضا نرى نجاحا كبيرا في اللامركزية السياسية في الدول التي تعتمد النظام الفيدرالي كالولايات المتحدة،المانيا،الامارات العربية المتحدة،الهند كاكبر دولة ديمقراطية وفيدرالية في العالم وهذه الدول تعتمد لامركزية سياسية وادارية.اما في العراق فهي حالة من الفوضى لايمكن درجها تحت اي المسميين المركزي او اللامركزي فالحكومة الاتحادية تعامل الاقليم مركزيا وكانه محافظة والاقليم يتعامل في بعض المواضيع بصلاحيات تتعدى الصلاحيات الاتحادية اما تعامل الحكومة مع المحافظات فهناك خلل كبير في تطبيق وفهم نقل الصلاحيات بين الوزارات والمحافظات مما خلق مشكلات اكبر من التي كانت قبل نقل الصلاحيات الادارية فهي لاتعني ابداً حصر الصلاحيات بيد المحافظ ومجلس المحافظة بل هي في الواقع نقل لبعض صلاحيات الوزارات الخدمية الى المدراء العامين في المحافظات للاسراع في حل المشاكل واتخاذ القرارات التي من شانها خدمة المواطنين.

أهم عبوب المركزية هي البطأ في اتخاذ القرارات وايجاد الحلول وقلة الاهتمام بالمناطق البعيدة عن العاصمة ويتميز بالجمود ولاتشجع على الابتكار وروح المبادرة وعلى العكس من ذلك اللامركزية الادارية تتصف باتخاذ قرارات اسرع واكثر ملائمة وفاعلية ومنح المدراء في المحافظات صلاحيات وسلطة واسعة تساعد على التحسن في تطوير الاداء .وعيوب اللامركزية تظهر واضحة عند المبالغة في تطبيقها بشكل مطلق يمكن ان تؤدي الى الى المساس بوحدة وقوة السلطة الادارة المركزية عندما تعطى الاولوية للمصالح المحلية على حساب مصلحة الدولة.

اهم مخاطر النظام المركزي هي حصر وتركز السلطة في يد شخص او محموعة من الاشخاص تؤدي الى نشوء نظام دكتاتوري مستبد يعمل على انتهاك حقورق الانسان والحريات وهذا مانراه في اغلب الدول العربية والافريقية والاسلامية التي استقلت عن روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق.بالتاكيد ان تطبيق اللامركزية بشكل منظم وفق القانون والدستور وكل حسب اختصاصاته وصلاحياته سيؤدي الى استقرار مجتمعي واقتصادي واداري يسهم في الاستقرار السياسي وهذا عكس مانراه في العراق. واهم دعائم ترسيخ اللامركزية هي تشريع القوانين وبناء المؤسسات القادرة على تطبيق اللامركزية بالشكل الامثل لخدمة المواطنين اينما كانوا وتعمل على بناء دولة المواطنة والمؤسسات والايمان الكامل من ساسة البلد وقادته فكرا وتطبيقا باللامركزية.

النائب منصور مرعيد عطية

اللامركزية اذا ماطبقت بالشكل الصحيح وفق الدستور وبدعم من مؤسسات تعمل وفق القانون ستساهم بشكل فعال في صنع القرار سواء من قبل الحكومات المحلية او من السلطات الاتحادية..

1. الفرق بين المركزية و اللامركزية

تعني مركزية السلطة أن سلطة التخطيط واتخاذ القرارات هي حصرا في أيدي الإدارة العليا. بمعنى اخر تركيز جميع القوى و الصلاحيات على مستوى القمة.

وتشير اللامركزية إلى قيام الإدارة العليا بنشر السلطات على إدارة المستوى الأوسط أو الأدنى. وهو تفويض السلطة على جميع مستويات الإدارة.

ويتوقف تحديد ما إذا كان النظام مركزيا أو لامركزيا إلى حد كبير على موقع سلطة إتخاذ القرار و درجة سلطة صنع القرار في المستويات الدنيا.

2. عيوب ومخاطرالمركزية:

أ- تنشغل وحدات الإدارة العليا بسبب تركز السلطة فى يدها بصغائر الأمور.

ب - لا يستطيع المسئول فى الإدارة العليا والذى تتركز فى يده السلطة الاهتمام بالأمور الاستراتيجية.

ج‌- لا يلتفت المسئول فى الإدارة العليا والذى تتركز فى يده السلطة إلى ما يحدث فى الوحدات المحلية من فرص كان يمكن اقتناصها أو تهديدات كان يمكن تجنبها.

ح‌- عدم أستطاعه الإدارة العليا معرفة أحتياجات المواطنين.

خ‌- تبني السلطات العليا ردود فعل و تصورات غير منطقيه لما يحدث في المناطق وذلك بناء على ما ينقل لها من معلومات غير دقيقه سوى كانت إيجابيه أو سلبيه مما يوثر على أداء الدولة وعملية تقييم العاملين فيها بشكل سلبي .

3. اللامركزية تؤثر سلبا وايجابا في الاستقرار السياسي , فعندما تتحول اللامركزية الى انفلات وعدم التنسيق و التضاد مع المركز و الوحدات الاخرى فان الاستقرار يتعرض الى خطر .

ولكن هناك تاثير ايجابي للامركزية عندما تمارس بشكل متسق ومتوازن حيث تشعر المناطق المختلفة ذات الخصوصية القومية والدينية والاقتصادية بالعدالة و الاهتمام ويقوى انتماءها الوطني وهذا يقوي ويدعم الاستقرار السياسي في البلاد.

4. دعائم ترسيخ نظام اللامركزية

ـ أن تدير شؤونها بنفسها بواسطة هيئاتها المحلية .

ـ أن تكون هذه الهيئات خاضعة لرقابة الإدارة المركزية على نطاق ضيق فاللامركزية طريقة من طرق الإدارة تتضمن توزيـع الوظيفـة الإدارية بين الحكومة وبين الهيئات والمؤسسات العامة المحلية تحت إشراف الدولة .

- تقوية الشخصية المعنوية أو الاعتبارية للهيئات المحلية بما ينتج عن ذلك من نتائج كالأهلية القانونية والإستقلال المالي والإداري وحق التقاضي .

- ان تكون مجالسها منتخبة أو مداراة من قبل مواطنين منتخبين .

- تطويرالتجربة الديمقراطية التي جاءت لإفساح المجال للمواطنين في تسيير شؤونهم العمومية بأنفسهم عن طريق الانتخابات.

5. اللامركزية و عملية صنع القرار:

اللامركزية تسرع اتخاذ القرارات وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات الادارات وأقدر على رعايتها, و تقلل الروتين في اتخاذ القرارات الإدارية المناسبة وفي الوقت المناسب، و متلائمة مع طبيعة المشكلات المراد حلها.

.................................
*ملتقى النبأ للحوار مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
للاتصال: 07811130084// [email protected]

اضف تعليق