يسعى كلا الجانبين الأمريكي والصيني إلى جعل نتائج التوتر بشأن المسألة التايوانية لمصلحته، وإرسال رسائل ضمنية للآخر، ويبدو أن الصين التي تصاعد نفوذها الاقتصادي العالمي بدأت تتخذ خطوة نحو الأمام فيما يتعلق بقوتها العسكرية واستخدامها لتثبيت مصالحها القومية. لكن، من الصعب الجزم باحتمالية حدوث تصعيد مباشر...

وصلت رئيسة مجلس الكونجرس الأمريكي نانسي بيلوسي، مساء يوم الثلاثاء الموافق 2 أغسطس/آب، إلى تايوان المتنازع بشأنها مع الصين. وعُدت هذه الزيارة حدثاً تاريخياً في العلاقات الأمريكية-الصينية؛ نظراً لكونها أول زيارة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى الجزيرة منذ خمسة وعشرين عاماً.

وتأتي الزيارة في ظل سلسلة من الأحداث الدولية، مثل الحرب الروسية-الأوكرانية، والتضخم العالمي، وأزمة إمدادات الطاقة، وغيرها، وقد تعد هذه الزيارة حدثاً فارقاً- شأنها شأن الأحداث الأخرى-في حال كان لها انعكاسات أمنية وسياسية على المستوى الإقليمي والدولي.

يحاول تقدير الموقف البحث في دوافع التصعيد الأمريكي الصيني بشأن تايوان، وانعكاسات هذا التصعيد على الملفات الأمنية المشتركة، بالإضافة إلى تقدير السيناريوهات المتوقعة للتصعيد بين واشنطن وبكين.

سيرورة الصراع بين الصين وتايوان

تقع تايوان في شرق بحر الصين، وتبعد حوالي 140 كيلومتراً عن مقاطعة فوجيان الصينية، وتتكون من عدد كبير من الجزر تُشكل أرخبيلاً يطل على المحيط الهادي، وأكبر هذه الجزر هي تايوان، التي أطلق اسم أرخبيل الجزر على اسمها.

وأما عن تاريخ الصراع الصيني التايواني فإنه يعود إلى القرن السابع عشر، بعد أن سيطرت الصين على الجزيرة واستولت سلالة تشينغ الصينية على حكم الجزيرة لقرون تالية. ولكن بعد خسارة الصين في الحرب الصينية اليابانية الأولى تخلت سلالة تشينغ عن إدارة شؤون الجزيرة، وأصبحت الجزيرة مستقلة عن الصين في 1895.

عاودت الصين السيطرة مجدداً على تايوان في عام 1945 بعد خسارة اليابان الحرب العالمية الثانية. وفي ذات الفترة بدأت الحرب الأهلية في الصين بين مناصري النظام الشيوعي ومناصري النظام الجمهوري، وانتهت الأحداث بسيطرة الشيوعيين على بكين عام 1949، وفَرَّ الجمهوريون بقيادة تشيانغ كاي شيك ومن بقي معه من الحزب القومي بما يعرف بـ(الكومينتانغ) إلى جزيرة تايوان.

أسس الشيوعيون المنتصرون جمهورية الصين الشعبية، في حين حصل الكومينتانغ على حكم تايوان، وأعلن كل من الفريقين أنهما الممثلان الرسميَّان للأراضي الصينية كلها. استمر حال العداء بين الجانبين إلى أن أعلنت تايوان إنهاء الحرب مع الصين في “البر الرئيسي” عام 1991، ودون أن تتنازل عن رغبتها في الاستقلال عن الصين، وهو ما يعد أمراً مرفوضاً بالنسبة للصين التي تصر على مبدأ الصين الواحدة، ولهذا الغرض أقرت، عام 2004، قانون مناهضة الانفصال، الذي يتيح للصين استخدام الوسائل العسكرية ضد أي مشروع للانفصال تطرحه تايوان.

دوافع الصراع الصيني الأمريكي بشأن تايوان

في عام 1979 أعلنت الولايات المتحدة التزامها بسياسة الصين الواحدة، ولكن الإعلان الأمريكي لم يشمل التعاون العسكري والاقتصادي مع تايوان، الذي كان معمولاً به منذ الحرب الكورية (عام 1950). وفي عام 1995، بدأت الولايات المتحدة تتخذ موقفاً آخر، وذلك عندما قرر رئيس تايوان، لي تين هوي، الذي كان يرغب في إعلان استقلال تايوان، زيارة الولايات المتحدة بقصد زيارة الجامعة التي تخرج فيها، وهو ما عدَّته الصين تجاوزاً لسياسة الصين الواحدة.

أجرت الصين حينها عدداً من تجارب إطلاق الصواريخ بالقرب من المياه المحيطة بتايوان، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرسال حاملتين للطائرات لمنع الصين من الاستمرار في إجراء التجارب الصاروخية بالقرب من تايوان. وفي 1996 زار أول وفد أمريكي رفيع المستوى جزيرة تايوان، وقاد الوفد رئيس مجلس النواب الأمريكي يوت غينغريتش، لتعد تلك الزيارة أول خطوة أمريكية لتطبيع العلاقات السياسية مع تايوان.

وبعد فوز ترامب بحكم الولايات المتحدة أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيسة تايوان، تساي إنغ ون، الساعية لمشروع الانفصال عن الصين. وقد أثار الاتصال الرئاسي الأمريكي مخاوف الصين، ليدخل التوتر الصيني التايواني مرحلة جديدة، ويصبح العنوان الرئيسي لعدد من ملفات التنافس والتوتر بين الصين والولايات المتحدة.

الدوافع الأمنية والعسكرية

تَعُدُّ الولايات المتحدة الأمريكية نفسها منذ الحرب العالمية الثانية في حرب مفتوحة مع الشيوعيين، بهدف فرض الهيمنة الأمريكية. ولهذا السبب انضمت الولايات المتحدة إلى كوريا الجنوبية في حربها مع كوريا الشمالية بعد أن أعلنت، في عام 1950، نيتها ضم الجزء الجنوبي بالقوة. أصبحت تايوان في تلك المرحلة حليفة للولايات المتحدة إلى جانب كوريا الجنوبية، في حين دعمت الصين كوريا الشمالية، وترتب على الدعم الصيني لكوريا الشمالية انقلاب في موازين المعركة، وانسحب الجنود الأمريكان من الأماكن التي سيطروا عليها في كوريا الشمالية عام 1951.

وفي الآونة الأخيرة، ارتبط الوجود العسكري للولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادي الآسيوي بالرغبة الأمريكية في ترسيخ وجودها في تلك المنطقة وتقوية دورها، وذلك لمواجهة الصين وطموحاتها في النفوذ إقليمياً وعالمياً.

من جانبها، تحاول العاصمة التايوانية، تايبيه، من خلال إعلان تحالفها مع واشنطن، ضمان مصالحها العسكرية والأمنية في حال تعرضها لأي تحرك عسكري صيني ضدها، فضلاً عن حصولها على حماية أمنية أمريكية عن طريق الوجود العسكري الأمريكي المنتشر في المحيط الهادي الآسيوي، وهو ما يشكل تحدياً أمنياً للصين المشتركة مع تايوان بمضيق مائي ضيق.

الصين بدورها تسعى إلى ضم تايوان بأي وسيلة كانت، لتأمين حدودها من أي عدو خارجي يهدد استقرارها، فضلاً عن رغبتها في أن تصبح القوة العسكرية الأولى في منطقة بحر الصين والمحيط الهادي الآسيوي، وهو ما تعرقله واشنطن بأنشطتها الداعمة لتايوان وتحركاتها العسكرية في المنطقة. وربما تتحقق لبكين رغبتها إذا ما أظهرت قوتها العسكرية في تايوان، وربما احتلالها، لتسريع الهيمنة الصينية على المجال الإقليمي.

الدوافع السياسية والاقتصادية

حاولت الولايات المتحدة منذ اللحظة الأولى التي هرب فيها الكومينتانغ إلى تايوان، الاستفادة من حالة العداء بين الجانبين لإضعاف موقف الصين الداخلي. فعلى الرغم من إقامة واشنطن لعلاقات دبلوماسية مع الصين، واعترافها بسياسة الصين الواحدة عام 1979، فإن ذلك لم يمنعها من تطوير علاقاتها مع تايوان، وذلك بهدف استخدامها ورقة لأغراض ومصالح أمريكية خاصة.

ولمدة طويلة استخدمت واشنطن ورقة تايوان للتأثير في السياسات الصينية الداخلية والخارجية، ولهذا نجد الطرفين يستخدمان نفس الأساليب الدبلوماسية؛ فالسكوت الأمريكي عن التلويح باستخدام ورقة استقلال تايوان، كان مقابل السكوت الصيني على قضايا دولية عديدة، مثل قضية غزو العراق وغيرها من القضايا. وقد طورت الولايات المتحدة التعاون التقني والاستثمارات المالية الضخمة مع تايوان، وربما هدف ذلك إلى التغلغل في السوق الإقليمية، والتأثير على الصناعات الصينية، ومن ثم إنشاء يد طولى على الصين وعلى المنطقة المحيطة بها.

أما بالنسبة للصين فتتمثل الدوافع السياسية في حرص بكين على المحافظة على موقعها الإقليمي والعالمي، وإظهار الصرامة الدبلوماسية في عدم التجاوب مع أي قضية لا تتوافق مع الرؤية الصينية، وهو أمر بدأ يتصاعد كثيراً في الفترة الأخيرة. إذ إنه مع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وضعف الحضور الأمريكي في الشرق الأوسط، تزايدت بوادر ظهور النظام العالمي متعدد الأقطاب، وبدأت الصين التوسع في نفوذها وتأثيرها، ومن ثم فإن الإصرار الصيني على عدم استقلال تايوان يأتي في سبيل تحقيق الأطماع الصينية المستقبلية، وأن استقلال تايوان ربما يهدد وحدة الصين ككل بشكل عام.

الانعكاسات الأمنية على الملفات المشتركة

أقامت الولايات المتحدة الأمريكية علاقات دبلوماسية واقتصادية مع الصين، إذ نجد الاستثمارات الصينية في أدوات الدين الأمريكية هي أضخم الاستثمارات الأجنبية حتى عام 2020، بعد أن عطلها ترامب، وفي المقابل نجد استثمارات أمريكية هائلة في الصين؛ إذ أظهرت بيانات شركة روديوم جروب للأبحاث أن الاستثمارات الأمريكية في أسهم الشركات الصينية بلغت حوالي 1.1 تريليون دولار في نهاية 2020، أي نحو خمس مرات أكثر من 211 مليار دولار ظهرت في البيانات الرسمية الأمريكية المعلنة في سبتمبر/أيلول 2020.

هذه العلاقة تتراجع تدريجياً، خصوصاً منذ تغيير المسارات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية التي بدأت تتجه نحو الشرق عوضاً عن مناطق النفوذ الأخرى، وهو ما جعل الصين تتخذ القرار ذاته بالتوجه نحو مناطق جديدة لبناء شركة علاقات ونفوذ تدعم توجهات الصين الحديثة، وتعد المنطقة العربية ودول إفريقيا ساحة رئيسية للاستثمار السياسي والدبلوماسي الصيني، وهو ما يُظهر تحولاً في شبكة العلاقات والمصالح الدولية الجارية، التي قد تُؤثر في شكل التحالفات المستقبلية لأعضاء المجتمع الدولي.

لذلك نجد أن الحالة الأمنية والسياسية بين الصين والولايات المتحدة تظهر حالة من الاستفزاز المتبادل، وهو ما يعطي احتمالية قرب انتهاء مفعول الورقة التايوانية التي تستخدمها واشنطن، ودخول العلاقات المشتركة في مرحلة جديدة.

ملف الوجود الأمريكي في منطقة المحيط الهادي الآسيوي

اتجهت الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة إلى توسيع علاقاتها مع دول منطقة المحيط الهادي الآسيوي، وذلك بهدف تنفيذ الاستراتيجية الخاصة بالأمن القومي الأمريكي، فقد عقدت معاهدات تعزيز شراكات أمنية وعسكرية مع حلفائها في المنطقة مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، فضلاً عن عقد شراكات جديدة مع دول مثل الفلبين وماليزيا وإندونيسيا، وكل ذلك بهدف تحقيق الرغبة الأمريكية في محاصرة الصين.

وقد تؤدي زيادة التصعيد الأمريكي الصيني حول تايوان إلى رفع مستويات التأهب الأمريكي في المنطقة وزيادة النشاط الأمريكي الدبلوماسي والعسكري، وربما الاعتماد على حلفائها لتشكيل خط دفاعي أمامي لمصالحها الاستراتيجية في مياه المحيط الهادي الآسيوي، وهو ما قد تواجهه الصين بالمثل؛ بتشديد مراقبتها الأمنية، وزيادة درجة التأهب العسكري لديها.

ملف التصنيع الحربي الصيني

استخدمت الصين خلال مناورتها العسكرية حول تايوان أسلحة برية وبحرية وجوية متطورة، وبعضها استخدِم أول مرة، وهو ما يظهر الاستعراض الصيني لما توصلت إليه من تقنيات عسكرية متطورة. وبالطبع لم تظهر الصين كل تقنياتها العسكرية؛ لكونها تدرك حجم التجسس الخارجي وجمع المعلومات الاستخباري بشأنها.

إلا أن السلاح العسكري الصيني الذي اطلعت عليه أغلب الوسائل الإعلامية العالمية ربما يساهم في زيادة مبيعات السلاح الصيني، التي بدأت مؤخراً بالصعود، خاصة مع ظهور تقنيات تكنولوجية حديثة ربما تضاهي التقنية الأمريكية والأوروبية السائدة.

في المقابل قد تتجه واشنطن إلى توسيع قراراتها بفرض عقوبات على الشركات الصينية المرتبطة بالتصنيع الحربي، وربما تلجأ إلى دفع حلفائها في الغرب إلى اتخاذ القرار ذاته لتصبح جملة عقوبات غربية على الشركات التي ترتبط بعلاقة مع الجيش الصيني أو جهازه التصنيعي.

ملف الحرب الروسية –الأوكرانية

تظهر التصريحات الصينية الأخيرة أنها تدافع عن حقها المصيري في أمنها والسيادة على أراضيها، وهي تصريحات تكاد تكون شبيهة بالتصريحات الروسية قبل بدء حربها مع أوكرانيا. إذ يرى كل من الجانبين الروسي والصيني أنهما يدافعان عن مصالحهما في وجه الهيمنة الغربية، وهو ما يستوجب التعاون المشترك بينهما، وتدعيم رؤيتيهما من خلال التصريحات الرسمية التي يؤيد بها كل طرف الآخر.

وفي حال تطور التصعيد الأمريكي الصيني في تايوان نحو المواجهات أو المناوشات المباشرة بين الصين وتايوان، فإن المواقف الداعمة بين الصين وروسيا قد تتحول إلى تحالفات عسكرية علنية، وربما ينعكس ذلك على الاستقرار العالمي نتيجة تصاعد الأحداث في بؤرتين للصراع؛ إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب.

السيناريوهات

استكملت إدارة بايدن ما قدمته إدارة ترامب من معونات عسكرية وعلاقات دبلوماسية متطورة مع تايبيه، وهو ما أثار غضب بكين المتصاعد ورفع من حدة تصريحاتها الرسمية وتحركاتها العسكرية في المنطقة المحيطة بتايوان. واعتبرت زيارة بيلوسي لتايبيه بمنزلة تصعيد في المواقف الأمريكية، وهو ما جعل الصين تلجأ إلى مزيد من التشدد في المسألة التايوانية، وإظهار القوة العسكرية الصينية وسيلةً للتهديد والوعيد.

ومن أبرز السيناريوهات المتوقعة:

سيناريو تفاقم الأزمة

يتوقع هذا السيناريو أن تتجه الأحداث نحو التصعيد في المنطقة المحيطة بتايوان، وذلك لعدم وجود تنسيق دبلوماسي إيجابي مع واشنطن بشـأن تايوان، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث مواجهات غير مباشرة أو مواجهات محدودة.

ويدعم هذا السيناريو:

– بقاء عناصر التصعيد حول تايوان؛ فلا تزال الصين تجري مناوراتها العسكرية التاريخية حول تايوان، وكل ذلك بغرض الضغط على تايوان لعدم التحرك نحو إعلان الاستقلال.

– حالة التأهب العسكري في المنطقة رداً على التدريبات العسكرية الصينية، إذ نجد المناورات العسكرية التي أجرتها تايوان، في 9 أغسطس/آب، والتي حاكت فيها الدفاع عن الجزيرة في حال هجوم صيني محتمل، وكذلك التدريبات العسكرية التي أجرتها الولايات المتحدة وعدد من الدول الحليفة في إندونيسيا، يوم الجمعة الموافق 12 أغسطس/آب، وهي تدريبات عسكرية سنوية، ومع ذلك صرح قائد القوات الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، الأدميرال جون أكويلينو، أن الأعمال المهددة للاستقرار من قبل الصين في المنطقة هو ما تحاول الولايات المتحدة تجنبه، وهو ما قد يشير إلى حالة التأهب العسكري القصوى التي تعيشها المنطقة.

بينما يضعف تحقق هذا السيناريو أن:

حجم المناورات العسكرية الضخمة التي تجريها الصين يدل على عزمها على استخدام القوة في حال الضرورة القصوى، وهو ما قد يجعل واشنطن تتريث في اتخاذ قرار دعم استقلال تايوان، لا سيما في ظل استمرار الحرب الأوكرانية-الروسية، والإنفاق العسكري الذي تبذله واشنطن في دعم كييف.

سيناريو المراوحة

يُرجح هذا السيناريو أن يراوح التوتر في منطقة تايوان وما حولها، دون أن تتجه الأحداث نحو التصعيد.

يدعم هذا السيناريو:

– تاريخ التوتر الصيني الأمريكي بشأن تايوان، والتهديدات الصينية السابقة بشأن استخدام القوة لكبح استقلال تايوان دون أن تتجه إلى مثل هذا التصعيد مطلقاً.

– الإجراءات التأديبية التي اتخذتها الصين ضد تايوان. فقد اكتفت بكين بإصدار عدد من الإجراءات التأديبية، وقد تكتفي بها كرد على زيارة بيلوسي، مثل حظر تصدير مواد التصنيع الخام إلى تايوان، وفرض عقوبات على بعض المؤسسات التايوانية نظراً لدورهم في الأنشطة “الانفصالية” حسب التعبير الصيني.

ويضعف هذا السيناريو:

زيادة حالة التوتر بين الصين وتايوان منذ تولي رئيسة تايوان الحالية، تساي إينج وين، إدارة البلاد، التي يحمل حزبها التقدمي الديمقراطي ميولاً استقلالية، فضلاً عن عدم تجاوب الولايات المتحدة مع تهديدات الصين بالتوقف عن الدعم المستمر لتايوان بالاستقلال.

سيناريو التهدئة

يفترض هذا السيناريو أن يؤول مسار الأحداث نحو التهدئة في منطقة تايوان وما حولها، وأن تتوصل كل من الصين والولايات المتحدة إلى تفاهمات متبادلة تحول دون تصعيد الأوضاع.

يدعم هذا السيناريو:

– الحالة الاقتصادية العالمية، وارتفاع مستويات التضخم، قد تكون عاملاً في الحد من التوتر، والاكتفاء بمراوحة التوتر مكانه.

ويضعف الأخذ بهذا السيناريو:

– تواتر إجراءات التصعيد من قبل الصين، وهو ما يظهر جدية موقفها في عدم السماح لأي جهة بالنيل مما حققته، وعدم تقديم تنازلات بشأن إضعاف موقفها الإقليمي والدولي، وهو ما يرسل إشارات بصعوبة حالة التهدئة في الوقت الحالي.

الخاتمة

يسعى كلا الجانبين الأمريكي والصيني إلى جعل نتائج التوتر بشأن المسألة التايوانية لمصلحته، وإرسال رسائل ضمنية للآخر، ويبدو أن الصين التي تصاعد نفوذها الاقتصادي العالمي بدأت تتخذ خطوة نحو الأمام فيما يتعلق بقوتها العسكرية واستخدامها لتثبيت مصالحها القومية.

لكن، من الصعب الجزم باحتمالية حدوث تصعيد مباشر بين الولايات المتحدة والصين، ولعل تبعات الحرب الروسية الأوكرانية خير شاهد على ذلك، فالحرب لم تؤد إلى صدام أمريكي مع روسيا على الرغم من التهديد الروسي للمصالح الأمريكية هناك. إضافة إلى أن تايوان جزيرة لا يعترف عالمياً باستقلالها سوى 16 دولة، ولذلك يبدو أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تدخل في مواجهات عسكرية مباشرة مع الصين، ولكنها ربما تحاول إشغال الصين عن تطوير توسعها الإقليمي والعالمي، فهل تتجه الصين إلى استخدام القوة لإنهاء المسألة التايوانية أم تتجه إلى مفاوضات حاسمة مع تايوان لإغلاق ملف الجزيرة تماماً؟

https://fikercenter.com

اضف تعليق