q
حث الامام ابو جعفر (ع) على تلاوة الكتاب العزيز لأنه المنبع الفياض لهداية الناس واستقامتهم، وهو مما يحيى القلوب، ويمدها بطاقات من النور، والوعي، ووردت اخبار عن أئمة اهل البيت (ع) وهي تحث المسلمين على تلاوة القرآن، وتحفزهم على الامعان في آياته، والتأمل في اسراره، وهي تنمي العقول...

من العلوم التي خاضها الامام أبو جعفر (ع) في محاضراته تفسير القرآن الكريم، فقد خصص له وقتا من اوقاته، تناول فيه جميع شئونه، وقد اخذ عنه علماء التفسير ـ على اختلاف آرائهم وميولهم ـ الشيء الكثير، فكان (ع) من المع المفسرين في الاسلام، وكان من جملة ما عرض له اثناء بحوثه عن القرآن ما يلي:

فضل قراءة القرآن:

وحث الامام ابو جعفر (ع) على تلاوة الكتاب العزيز لأنه المنبع الفياض لهداية الناس واستقامتهم، وهو مما يحيى القلوب، ويمدها بطاقات من النور، والوعي، وقد روى (ع) ما قاله جده رسول الله (ص) في فضل تلاوته قال (ع):

«قال رسول الله (ص): من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، ومن قرأ الف آية كتب له قنطار من تبر.. »(1)

ووردت اخبار مماثلة لهذا الحديث عن أئمة اهل البيت (ع) وهي تحث المسلمين على تلاوة القرآن، وتحفزهم على الامعان في آياته، والتأمل في اسراره، وهي ـ من دون شك ـ تنمي العقول، وتهذب النفوس وتصونها من الانحراف، وتهديها الى سواء السبيل.

الترجيع بقراءة القرآن:

اما الترجيع بقراءة القرآن، وتلاوته بالصوت الحسن فانه ينفذ الى اعماق القلب ودخائل النفس، ويتفاعل مع العواطف، وذلك لما اشتمل عليه من الحكم والمعارف التي لا غنى للحياة عنها.

وقد عنى أئمة أهل البيت (ع) بتلاوة القرآن الكريم، فكان الامام أبو جعفر (ع) من أحسن الناس صوتا بقراءته للقرآن (2).

وروى أبو بصير قال: قلت: لأبي جعفر إذا قرأت القرآن فرفعت صوتي جاءني الشيطان فقال: انما ترائي بهذا أهلك والناس، فقال (ع): يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين، تسمع أهلك، ورجّع بالقرآن صوتك فان الله يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا (3).

تنزيه القرآن من الباطل:

القرآن الكريم هو معجزة الاسلام الكبرى «كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. لا ريب فيه هدى للمتقين» وليس فيه أي تناقض في احكامه ولا تناف في آياته (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (وهو يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (ولا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) وقد فسر هذه الآية الامام ابو جعفر (ع) قال: «لا يأتيه الباطل من قبل التوراة، ولا من قبل الانجيل والزبور، ولا من خلفه اي لا يأتيه من بعده كتاب يبطله» وفي رواية عن الصادقين (ع) انه «ليس في أخباره عما مضى باطل ولا في أخباره عما يكون في المستقبل باطل».

ذم المحرفين للقرآن:

وذم الامام أبو جعفر (ع) المحرفين لكتاب الله، وهم الذين يؤوّلون آياته حسب اهواءهم، فقد كتب (ع) في رسالته الى سعد الخير «وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه، وحرفوا حدوده، فهم يرونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية» (4)

الاستعمالات المجازية في القرآن:

وشاع الاستعمال المجازي في لغة العرب، وذاع أمره في كثير من أنحاء الاستعمال كالاسناد المجازي، والمجاز في الكلمة، ومنه باب الكنايات التي قيل انها أبلغ من التصريح، ويعتبر ذلك من لطائف هذه اللغة ومحاسنها، وفي القرآن الكريم طائفة كبيرة من الآيات كان الاستعمال فيها مجازيا منها قوله تعالى: «يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي» فان المنصرف من اليد هو العضو المخصوص ويستحيل ذلك عليه تعالى لاستلزامه التجسيم وهو مما يمتنع عقلا على الله تعالى، وقد سأل محمد ابن مسلم الامام أبا جعفر عن ذلك فأجابه (ع):

«اليد في كلام العرب القوة والنعمة قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) وقال: (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) أي بقوة، وقال: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ويقال: لفلان عندي اياد كثيرة أي فواضل واحسان، وله عندي يد بيضاء أي نعمة » (5).

ومعنى ذلك ان اليد لم تستعمل في معناها المنصرف وإنما استعملت في غيره اما مجازا أو حقيقة بناء على انها مشتركة اشتراكا لفظيا في هذه المعاني التي ذكرها الامام.

البسملة جزء من سور القرآن:

وذهب الامام ابو جعفر (ع) وسائر أئمة اهل البيت (ع) الى ان البسملة جزء من سور القرآن الكريم، وتبعهم على ذلك جمهور غفير من علماء المسلمين، وقراؤهم (6) وقد كتب يحيى بن أبي عمران الهمداني رسالة الى الامام أبي جعفر (ع) جاء فيها « جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ: ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب، فلما صار الى غير أم الكتاب من السورة تركها؟ فقال العباسي: ليس بذلك بأس » فأجابه (ع) برسالة جاء فيها « يعيدها مرتين على رغم آنفه ـ يعني العباسي ـ » (7) وتظافرت الاخبار من الفريقين بجزئيتها، وقد شذ من انكر ذلك.

نزول القرآن على سبعة احرف:

وشاع بين المفسرين أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وقد استندوا في ذلك الى ما روي عن أبي جعفر (ع) من أنه قال: «ان القرآن نزل على سبعة أحرف» (8) وقد كثرت الأقوال في هذه الجهة حتى أن ابا حاتم ذكر ان الأقوال بلغت خمسا وثلاثين قولا (9).

ولا بد لنا من وقفة قصيرة لننظر الى معاني الأحرف السبعة ومدى صحتها ونسبتها الى الامام الباقر (ع).

الحروف السبعة:

أما الحروف السبعة، فقد اختلفت الأقوال في المراد منها وهذه بعضها:

1 ـ انها الوعد والوعيد، والأمر والنهي، والقصص والمجادلة، والامثال وقد ضعف هذا الوجه ابن عطية، وقال: ان هذا لا يسمى احرفا (10).

2 ـ انها المعاني المتقاربة التي ترد بألفاظ مختلفة نحو اقبل وهلم أو عجل واسرع، وقد اختار هذا الوجه الطبري (11) إلا ان ذلك لا يحمل أي طابع من التحقيق، فان للإنسان ـ على هذا الوجه ـ ان يقرأ القرآن على أشكال مختلفة، وذلك يؤدي الى اختلاف كبير من اضافة آية أو حذفها لأن الاختلاف في الالفاظ يستتبع الاختلاف في الجمل ـ حسبما يقول القرطبي ـ (12).

3 ـ ان المراد بها الابواب السبعة التي نزل بها القرآن وهي: الزجر، والأمر، والحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والامثال (13) ويرد عليه أن هذه لا تسمى أحرفا، مضافا الى أن الزجر والحرام شيء واحد فلا تكون سبعة.

4 ـ إنها اللغات الفصيحة من لغات العرب، وهي متفرقة في القرآن فبعضها بلغة قريش، وبعضها بلغة هذيل، وبعضها بلغة هوازن وبعضها بلغة اليمن، وبعضها بلغة كنانة، وبعضها بلغة تميم، وبعضها بلغة ثقيف، ونسب هذا القول الى البيهقي والأبهري وصاحب القاموس... إلا أن هذا الوجه ينافيه ما ورد عن عمر من أن القرآن نزل بلغة مضر (14).

5 ـ إنها سبع قراءات، واشكل على ذلك سيدنا الاستاذ بانه إن أريد منها السبع المشهورة فهي غير ثابتة حسبما حققه عند البحث عن تواتر القراءات، وإن أريد بها السبع على اطلاقها فمن الواضح أن عدد القراءات اكثر من ذلك بكثير (15).

هذه بعض الاقوال، وقد عد سيدنا الاستاذ عشرة أقوال إلا أنه فندها، وأثبت انها لا ترجع الى محصل، وقد الف أبو شامة كتابا في هذه المعاني، وابطل معظمها.

انكار الامام للاحرف السبعة:

وانكر الامام أبو جعفر (ع) الأحرف السبعة، ولم يصح ما نسب إليه أنه رواها فقد روى في الصحيح عنه زرارة انه قال: « إن القرآن واحد نزل من عند واحد، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة » (16) وأثر عن الامام الصادق (ع) انكار ذلك فقد سأله الفضيل بن يسار فقال له: ان الناس يقولون: إن القرآن نزل على سبعة احرف، فقال (ع): « كذبوا ـ أعداء الله ـ ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد » (17).

طرق التفسير:

واختلفت اتجاهات المفسرين للقرآن الكريم، وقد سلكوا في ذلك طرقا مختلفة منها:

التفسير بالمأثور:

ونعني به تفسير القرآن بما أثر عن النبي (ص) وأئمة الهدى، وهذا ما سلكه اغلب مفسري الشيعة كتفسير القمي، والعسكري، والبرهان وغيرها وحجتهم في ذلك أن أهل البيت (ع) هم المخصوصون بعلم القرآن على واقعه وحقيقته، وليس لغيرهم في ذلك أي نصيب، وقد اشار الى ذلك الامام أبو جعفر (ع) بقوله: « ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء » (18) فالأوصياء هم الذين عندهم علم الكتاب، ظاهره وباطنه، وقد تظافرت الأدلة على وجوب الرجوع إليهم في تفسير القرآن، يقول الشيخ الطوسي: ان تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح عن النبي (ص) وعن الأئمة الذين قولهم حجة كقول النبي (ص) (19).

التفسير بالرأي:

ويراد به الأخذ بالاعتبارات العقلية الظنية الراجعة الى الاستحسان (20) وقد ذهب الى ذلك المفسرون من المعتزلة والباطنية، فلم يعنوا بما أثر عن اوصياء رسول الله (ص) في تفسيرهم، وإنما استندوا الى ما يرونه من الاستحسانات العقلية، وقد نهى عن ذلك الامام أبو جعفر (ع) فقد دخل عليه قتادة الفقيه المشهور فقال له الامام:

« أنت فقيه أهل البصرة؟ »

« نعم هكذا يزعمون.. »

« بلغني أنك تفسر القرآن.. »

« نعم.. »

فانكر عليه الامام ذلك قائلا:

« يا قتادة إن كنت قد فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، يا قتادة ويحك إنما يعرف القرآن من خوطب به.. » (21)

وقد قصر الامام أبو جعفر (ع) معرفة الكتاب العزيز على أهل البيت (ع) فهم الذين يعرفون المحكم من المتشابه، والناسخ من المنسوخ وليس عند غيرهم هذا العلم، وقد أثر عن الأئمة (ع) القول: «انه ليس شيء أبعد من عقول الرجل من تفسير القرآن، الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل ينصرف الى وجوه » (22).

أما الأخذ بظواهر الكتاب فلا يعد من التفسير بالرأي المنهى عنه، وقد خالف في حجيتها بعض المحدثين، وتمسكوا بأدلة قد فندت من قبل علماء الاصوليين (23).

تفسير الامام الباقر:

وألف الامام أبو جعفر (ع) كتابا في تفسير القرآن الكريم نص عليه محمد بن اسحاق النديم في «الفهرست» عند عرضه للكتب المؤلفة في تفسير القرآن الكريم قال: «كتاب الباقر محمد بن علي بن الحسين في تفسير القرآن. رواه عنه أبو الجارود زياد بن المنذر رئيس الجارودية» وقال السيد حسن الصدر: وقد رواه عنه أيام استقامته جماعة من ثقاة الشيعة منهم أبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي، وقد اخرجه علي بن ابراهيم بن هاشم القمي في تفسيره من طريق أبي بصير (24) ويقول الرواة: أن جابر بن يزيد الجعفي ألف كتابا في تفسير القرآن أخذه من الامام (25).

نماذج من تفسيره:

وروى عنه المفسرون الشيء الكثير من تفسير آيات القرآن الكريم، وهذه بعضها:

1 ـ قوله تعالى: (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا) (26) قال (ع): الغرفة: هي الجنة وهي جزاء لهم بما صبروا على الفقر في الدنيا » (27).

2 ـ قوله تعالى: (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) (28) سئل أبو جعفر (ع) عن غضب الله؟ فقال (ع): طرده وعقابه » (29).

3 ـ قوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَ اهْتَدى) (30) فسر (ع) الهداية بالولاية لأئمة أهل البيت وقال: فو الله لو ان رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام، ولم يجيء بولايتنا إلا اكبه الله في النار على وجهه » (31).

4 ـ قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (32) قال (ع): يعني بذلك تبليغ ما أنزل الى الرسول (ص) في فضل علي (33) وقد روى (ع) أن الله اوحى الى نبيه أن يستخلف عليا فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من اصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره الله بادائه (34).

5 ـ قوله تعالى: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) سورة المدثر: آية 11. نزلت هذه الآية في الوليد بن المغيرة المخزومي الذي اتهم النبي (ص) بالسحر، وكان الوليد يسمى في قومه الوحيد، والآية سيقت على وجه التهديد له، وقد روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر انه قال: الوحيد ولد الزنا، وقال زرارة ذكر لأبي جعفر ان أحد بني هشام قال في خطبته أنا ابن الوحيد فقال: ويله لو علم ما الوحيد ما فخر بها:! فقلنا له: وما هو؟

قال: من لا يعرف له أب (35).

6 ـ قوله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها.) (36) قال (ع): تنزل الملائكة والكتبة الى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون في السنة من أمور ما يصيب العباد، والأمر عنده موقوف له فيه على المشيئة فيقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب» (37).

7 ـ قوله تعالى: (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) (38) المراد من الآية أن الغاوين والقوى الكافرة يجمعون ويطرح بعضهم على بعض في النار قال الامام أبو جعفر (ع) « انها نزلت في قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه الى غيره » (39).

8 ـ قوله تعالى: (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (40) قال (ع): في تفسيره للآية انه تعالى اعظم واعز واجل وأمنع من أن يظلم، ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته حيث يقول: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعني الأئمة منا، ثم قال: في موضع آخر (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (41).

9 ـ قوله تعالى: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (42). روى محمد بن مسلم قال: قلت: للإمام أبي جعفر إن من عندنا يزعمون أن المعنيين بالآية هم اليهود والنصارى؟ قال: إذا يدعونكم إلى دينهم، ثم اشار (ع) الى صدره فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون (43).

10 ـ قوله تعالى: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (44).. » قال (ع): « نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولو الالباب » (45).

11 ـ قوله تعالى: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (46) فسر الامام أبو جعفر (الذين اوتوا العلم) بأئمة أهل البيت (ع) (47) وروى أبو بصير أن الامام أبا جعفر قرأ هذه الآية وأومأ بيده الى صدره (48).

12 ـ قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (49) روى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (ع) قال: لما نزلت هذه الآية قال المسلمون: يا رسول الله ألست امام الناس كلهم أجمعين؟ فقال (ص): أنا رسول الله الى الناس أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون، ويظلهم أئمة الكفر والضلال واشياعهم، فمن والاهم واتبعهم، وصدقهم فهو مني ومعي، وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني، ولا معي، وانا منه بريء.. » (50)

13 ـ قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) (51).

وسأل سالم الامام أبا جعفر عن هذه الآية فقال (ع): السابق بالخيرات الامام، والمقتصد العارف للإمام، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام (52) وروى زياد بن المنذر عنه (ع) انه قال: اما الظالم لنفسه فمن عمل صالحا وآخر سيئا، واما المقتصد فهو المتعبد المجتهد واما السابق بالخيرات فعلي والحسن والحسين ومن قتل من آل محمد (ص) شهيدا (53).

14 ـ قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (54) قال (ع):

قال أمير المؤمنين (ع): كان رسول الله (ص) المتوسم، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون (55).

15 ـ قوله تعالى: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (56) قال (ع): يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع) والاوصياء من ولده، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم ماء غدقا يعني اشربنا قلوبهم الايمان، والطريقة: هي الايمان بولاية علي والاوصياء (57).

16 ـ قوله تعالى: (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (58) سأل بريد بن معاوية الامام أبا جعفر (ع) عن المعنيين بقوله تعالى: (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)؟ فقال (ع): ايانا عنى، وعلي اولنا، وافضلنا وخيرنا بعد النبي (ص) (59).

17 ـ قوله تعالى: (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً.) (60) سأل بريد العجلي الامام أبا جعفر (ع) عن هذه الآية؟ فقال (ع): جعل في آل ابراهيم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرونه في آل ابراهيم، وينكرونه في آل محمد (ص)؟ قال بريد: وما المراد (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال: الملك العظيم ان جعل فيهم أئمة من اطاعهم اطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم (61).

18 ـ قوله تعالى: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (62) سئل (ع) عن الروح فقال: هي القدرة (63).

19 ـ قوله تعالى: (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) (64) قال (ع): لجابر الجعفي ما يقول فقهاء العراق في هذه الآية؟ قال جابر: رأى يعقوب عاضا على ابهامه، فقال (ع):، حدثني أبي عن جدي علي ابن أبي طالب ان البرهان الذي رآه انها حين همت به، وهمّ بها أي طمع فيها، فقامت الى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض خشية أن يراها أو استحياء منه، فقال لها يوسف: ما هذا؟ فقالت: الهي استحي منه أن يراني على هذه الصورة، فقال يوسف: تستحي من صنم لا ينفع ولا يضر، ولا يبصر، أفلا استحي أنا من الهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت، ثم قال: والله لا تنالين مني أبدا، فهو البرهان (65).

هذه بعض الآيات التي فسرها الامام ابو جعفر (ع) وبها ينتهي بنا الحديث عن تفسيره للقرآن الكريم.

* مقتطف من كتاب (حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل-الجزء الاول) للشيخ باقر شريف القرشي

.................................................
(1) البيان في تفسير القرآن (ص 25).
(2) أصول الكافي.
(3) البيان في تفسير القرآن (ص 210).
(4) الوافي (ص 274) آخر كتاب الصلاة.
(5) ناسخ التواريخ 1 / 434 نقلا عن توحيد الصدوق.
(6) تفسير الآلوسي 1 / 39، تفسير الشوكاني 1 / 7.
(7) فروع الكافي 3 / 312، ومعنى قوله (ع): « يعيدها مرتين » يعني انه كرر لفظ الاعادة من باب التأكيد.
(8) غاية النهاية في طبقات القراء 2 / 202، القراءات القرآنية (ص 420).
(9) تفسير القرطبي 1 / 9.
(10) نظرة عامة في تاريخ الفقه الاسلامي (ص 67).
(11) تفسير الطبري 1 / 15.
(12) تفسير القرطبي 1 / 36.
(13) البيان في تفسير القرآن (ص 183).
(14) البيان في تفسير القرآن (ص 185).
(15) البيان في تفسير القرآن (ص 191).
(16) أصول الكافي كتاب فضل القرآن.
(17) أصول الكافي كتاب فضل القرآن.
(18) الوافي 2 / 130.
(19) التبيان 1 / 4.
(20) فرائد الاصول للأنصاري.
(21) البيان في تفسير القرآن (ص 267).
(22) فرائد الاصول (ص 28).
(23) يراجع في ذلك فرائد الاصول للشيخ الانصاري، والبيان.
(24) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام (ص 327) الفهرست للشيخ الطوسي (ص 98) وحقق هذا التفسير المحامي السيد شاكر الغرباوي إلا انه لم يقدمه للنشر.
(25) النجاشي.
(26) سورة الفرقان: آية 70.
(27) البداية والنهاية 9 / 301.
(28) سورة طه: آية 82.
(29) الفصول المهمة (ص 227).
(30) سورة طه: آية 83.
(31) مجمع البيان 7 / 23 طبع بيروت.
(32) سورة المائدة: آية 67.
(33) خصائص الوحي المبين (ص 30).
(34) مجمع البيان 4 / 223.
(35) مجمع البيان 10 / 387.
(36) سورة القدر: آية 4.
(37) دعائم الاسلام 1 / 334.
(38) سورة الشعراء: آية 94.
(39) اصول الكافي 1 / 47.
(40) سورة البقرة: آية 57.
(41) أصول الكافي 1 / 146.
(42) سورة الأنبياء: آية 7.
(43) أصول الكافي 1 / 211.
(44) سورة الزمر: آية 9.
(45) أصول الكافي 1 / 212.
(46) سورة العنكبوت: آية 49.
(47) مجمع البيان 7 / 288.
(48) أصول الكافي 1 / 212.
(49) سورة الاسراء: آية 17.
(50) اصول الكافي 1 / 215.
(51) سورة فاطر: آية 32.
(52) اصول الكافي 1 / 214.
(53) مجمع البيان 7 / 409.
(54) سورة الحجر: آية 75.
(55) أصول الكافي 1 / 219.
(56) سورة الجن: آية 16.
(57) اصول الكافي 1 / 220.
(58) سورة الرعد: آية 43.
(59) أصول الكافي 1 / 229 مجمع البيان 6 / 301 روى عن أبي جعفر أنها نزلت في آل البيت.
(60) سورة النساء: آية 54.
(61) أصول الكافي 1 / 206.
(62) سورة الحجر: آية 29.
(63) تفسير البرهان (ص 558).
(64) سورة يوسف: آية 24.
(65) البداية والنهاية 9 / 310.

اضف تعليق