منوعات - علوم

تخفيف السرعة ينقذ الأرواح في المدن

الحد الأقصى 20 ميلاً، ساعة

أدى الحد من السرعة في المدينة إلى 20 ميلاً في الساعة إلى خفض الوفيات على الطرق بمقدار الربع تقريباً والإصابات الخطيرة بمقدار الثلث. وانخفضت معدلات حوادث الطرق في جميع أنحاء المدينة من دون اتخاذ أي إجراءات إضافية لإبطاء حركة المرور أو نشر دوريات الشرطة. كان هذا المخطط فعالاً...

منذ الانتخابات الفرعية في بلدتي أوكسبريدج وساوث روزليب في غرب لندن في نهاية شهر يوليو 2023، صارت المناطق ذات الانبعاثات الملوثة المنخفضة والحد من السرعة إلى 20 ميلاً/ساعة في دائرة الضوء، إلى درجة أن رئيس الوزراء ريشي سوناك قال إنه يقف إلى جانب سائقي السيارات، ودعا إلى إعادة النظر في هذه البرامج.

في أي مراجعة ينبغي للأدلة العلمية أن تؤدي دوراً بارزاً في القرارات المتعلقة بالسياسة المستقبلية، وعلى الرغم من أن السياسات المتعلقة بهذه القضية لا بد أن تبرز بنحو واضح، فإن الحجج العلمية تستحق أيضاً أن تُسمَع.

أحد الأجزاء المهمة جداً من الأدلة في النقاش المتعلق بسرعة القيادة والسلامة على الطرق هو أن حركة المرور البطيئة تُنقذ الأرواح. وهو ما توصلت إليه أيضاً دراسة حديثة مولها المعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية، وأُجريت في مدينتي إدنبرة وبلفاست.

في إدنبرة، أدى الحد من السرعة في المدينة إلى 20 ميلاً/ساعة إلى خفض الوفيات على الطرق بمقدار الربع تقريباً والإصابات الخطيرة بمقدار الثلث.

وانخفضت معدلات حوادث الطرق في جميع أنحاء المدينة من دون اتخاذ أي إجراءات إضافية لإبطاء حركة المرور أو نشر دوريات الشرطة. كان هذا المخطط فعالاً جداً من حيث التكلفة، كما أن التكلفة المتواضعة نسبياً لاستبدال علامات حدود السرعة لم تؤدِ إلى تحسين السلامة على الطرق فحسب، بل عززت أيضاً رفاهية السكان.

قبل القيود الجديدة، كانت 45 من أصل 100 سيارة في إدنبرة تسير بسرعة تزيد على 25 ميلاً/ساعة؛ وبعد عام واحد، انخفض العدد إلى 31.

ولاحظ الباحثون الذين أجروا الدراسة أن عدد حوادث الاصطدام في عام واحد انخفض بنسبة 40% ليصل إلى 367، وكان هناك عدد أقل من الضحايا بلغ 409 – بانخفاض قدره 39%. ويكشف تفصيل أرقام الضحايا أن الوفيات انخفضت بنسبة 23%، وانخفضت الإصابات الخطيرة بنسبة 33%.

كان أعضاء فريق البحث ينتمون إلى جامعات إدنبرة، وكيمبريدج، وإيست أنجليا، وسانت أندروز، وبريستول، وجامعة كوينز يونيفيرسيتي بلفاست. لقد تعاونوا أيضاً مع مؤسسة سسترانس الخيرية للمشي وركوب الدراجات. وعمل الباحثون مع سلطات المرور المحلية والوطنية لقياس مدى فعالية القيود التي فرضها مجلس مدينة إدنبرة للحد من السرعة إلى 20 ميلاً/ساعة في العام 2016. وطبقت الحدود الجديدة في 80% من شوارع إدنبرة.

كان الهدف الرئيس من الدراسة هو تقييم وفهم عمليات وتأثيرات تطوير وتنفيذ حدود السرعة البالغة 20 ميلاً/ساعة في إدنبرة وبلفاست. وكان الهدف الإضافي هو دراسة العوامل السياسية التي أدت إلى اتخاذ قرار الحد من السرعة الجديد تضمنت الدراسة إجراء مقابلات مع السكان لتقييم التأثير العام. كما فحص الباحثون السجلات والبيانات الرسمية، ودرسوا كيف جرى التوصل إلى القرار، وكيف طُبقت الأنظمة الجديدة.

إضافةً إلى الانخفاضات المذكورة سابقاً في الوفيات والإصابات على الطرق، وجدت الدراسة أن تقليل سرعة القيادة ساعد أيضاً على تحسين جودة البيئة. وتوصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج باستخدام مقياس يعرف باسم ”قابلية العيش“ والذي يتضمن مقاييس مختلفة للسلامة والصحة والاستدامة والنقل والمرافق ومستويات المعيشة. ووجدوا أن قابلية العيش تحسنت في كلتا المدينتين بعد الحد من السرعة.

لكن الشيء الذي قد يكون ذا أهمية خاصة بالنسبة إلى السياسيين المشاركين في هذا النقاش هو أنه في العام التالي للتنفيذ، زاد عدد الأشخاص المؤيدين للحد من السرعة، كما زاد استعدادهم للامتثال له. تشير الزيادة في التأييد إلى أن فكرة تقييد السرعة بمجملها أقل إثارة للجدل بكثير مما يفترضه عديد من السياسيين.

أدى مخطط بلفاست – الذي اقتصر على شوارع وسط المدينة – إلى انخفاض بنسبة 2% في أعداد الضحايا والاصطدامات. وتعكس هذه النتائج النطاق الضيق للمخطط، وأنه جرى تنفيذه في منطقة كانت فيها سرعات المرور منخفضة بالفعل قبل بدء التجربة، وهي في المتوسط أقل من 20 ميلاً/ساعة.

كانت هذه دراسة مختلطة المناهج نظرت إلى النتائج والعمليات والسياسة والتقييم الاقتصادي للتنفيذ في المدينتين.

توقع مجلس مدينة إدنبرة أن تكون هناك معارضة، وكانت هناك بعض الأصوات الصاخبة في البدء. لكن هؤلاء كانوا من مجموعات الضغط المنظمة المؤيدة لسائقي السيارات، وليس من السكان ككل. لم يرحب سائقو سيارات الأجرة بالتجربة في البدء، وكذلك شركات الحافلات المحلية. لكن في النهاية لم يكن هناك سوى القليل من المعارضة الصريحة. كانت هناك أيضاً بعض المعارضة في بلفاست، معظمها من السائقين التجاريين وسائقي التوصيل، ولكن هنا أيضاً لم تكن المعارضة كبيرة.

وتشير النتائج إلى أن فترة ما قبل التنفيذ كانت ذات أهمية خاصة. وساعدت الحملة الترويجية والمعلومات المناسبة على تشكيل المواقف العامة والسياسية.

وكان لحجم التنفيذ في المدينتين تأثير ملحوظ. كان النهج الذي اعتمدته إدنبرة على مستوى المدينة فعالاً في تقليل السرعة وأثر بنحو إيجابي في مجموعة من نتائج الصحة العامة. كان النهج الأضيق المقتصر على وسط المدينة في بلفاست (حيث كانت السرعات منخفضة بالفعل) أقلَّ فعالية. ومع ذلك فإن النتيجة الرئيسة لهذين المخططين كانت انخفاض عدد ضحايا الطرق من جميع مستويات الخطورة.

ومن المأمول أنه مع استمرار النقاش حول الحد من السرعة القصوى البالغة 20 ميلاً/ساعة، ألا ينسى المشاركون ما نعرفه بالفعل، وما تُظهره البيانات، وأهمية خفض السرعة للصحة العامة وما نتج عن ذلك.

* بقلم: البروفيسور مايكل كيلي، زميل زائر أول في قسم الصحة العامة والرعاية الأولية من جامعة كيمبريدج-نقلا عن مجلة مدار، مؤسسة التقدم العلمي
https://madar.aspdkw.com/

اضف تعليق