عقوبة الإعدام التي تختلف طرق تنفيذ من دولة لأخرى، لا تزال وكما تشير بعض المصادر قضية جدلية رائجة في العديد من البلاد، وسط مساعي العديد من الدول والمنظمات الحقوقية لإلغاء تلك العقوبة، وعقوبة الإعدام هو قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع. وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام. وقد طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريبًا، ما عدا المجتمعات التي لديها قوانين مستمدة من الدين الرسمي للدولة تمنع هذه العقوبة. وترى منظمة العفو الدولية أن معظم الدول مؤيدة لإبطال هذه العقوبة مما أتاح للأمم المتحدة أن تعطي صوتًا بتأييد صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الإعدام. لكن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة حيث أن الأربعة دول الأكثر سكانًا وهي جمهورية الصين الشعبية والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام.

ومنذ الحرب العالمية الثانية، أصبح هناك اتجاه مستمر نحو إبطال عقوبة الإعدام. ففي عام 1977، قامت 16 دولة بتأييد مبدأ الإلغاء. وبداية من 1 مايو 2009، قامت 93 دولة بإلغائها، منها 10 دول ألغتها مع إمكانية العمل بها في ظروف معينة، بالإضافة إلى 36 دولة لم يعملوا بها لمدة 10 سنوات على الأقل أو كانوا في فترة تعليق العمل بهذه العقوبة. بينما أبقت 58 دولة بقوة على عقوبة الإعدام. وخلال عام 2007، تم الحكم على 3000 فرد أو أكثر بعقوبة الإعدام، وفي نهاية العام ذاته كان حوالي 25000 فرد ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام وتقاسمت باكستان والولايات المتحدة نصف هذا العدد من حالات الإعدام. وتعد الصين أكبر دولة تنفيذًا لعقوبة الإعدام. وقد قدرت منظمة العفو الدولية أن عدد المعدمين في الصين خلال عام 2007 هو 470، لكن العدد الصحيح قدر بـ 6000. وبعيدًا عن الصين، تم إعدام 800 شخص في 23 دولة بحيث تحتفظ كل من إيران والمملكة العربية السعودية وباكستان والعراق والولايات المتحدة بنصيب الأسد في هذه العمليات. وقد نفذت كل من السعودية واليمن عقوبة الإعدام على أفراد من أجل جرائم ارتكبوها وهم أحداث مخالفة للقانون الدولي.

وتعد سنغافورا واليابان والولايات المتحدة هي الدول المتقدمة الوحيدة التي أبقت على عقوبة الإعدام. كانت عقوبة الإعدام تطبق بشكل مستفحل في البلاد الفقيرة والاستبدادية التي تستخدم عقوبة الإعدام كوسيلة للقمع السياسي. ويلزم كل من الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا وبشدة عدم تطبيق عقوبة الإعدام.

وفي هذا الشأن أعلنت منظمة العفو الدولية أن السعودية أعدمت ما لا يقل عن 151 شخصا هذا العام الذي يعتبر أكبر عدد منذ عام 1995 وأعلى كثيرا من المعدل السنوي في الأعوام الأخيرة الذي نادرا ما تجاوز 90 حالة. وقد أشار دبلوماسيون إلى أن ذلك ربما يعود لتعيين المزيد من القضاة ما أتاح النظر في عدد كبير من قضايا الاستئناف المؤجلة. ويقول محللون سياسيون إن الزيادة ربما تعبر أيضا عن رد فعل صارم تجاه ما تشهد المنطقة من حروب واضطرابات.

ووفق منظمات حقوقية فإن السعودية تأتي ضمن أكثر خمس دول تنفيذا لأحكام الإعدام. وكانت تحتل المركز الثالث في عام 2014 بعد الصين وإيران وقبل العراق والولايات المتحدة. وقالت منظمة العفو في يوليو/ تموز إن نفس الدول الخمس أعدمت معظم المحكوم عليهم بالإعدام في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي. وجاء في بيان للمنظمة إن آخر مرة أعدمت فيها السعودية أكثر من 150 شخصا في عام واحد كانت في عام 1995 عندما أعدمت 192 شخصا. وأضافت المنظمة أن عقوبة الإعدام تستخدم بشكل غير متناسب ضد الأجانب في السعودية. وكان 45 أجنبيا من بين 63 شخصا أعدموا هذا العام بتهم تتعلق بالمخدرات. وبلغ العدد الإجمالي للأجانب الذين أعدموا هذا العام 71 شخصا.

الى جانب ذلك جدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون دعوته ايران الى وقف تنفيذ احكام الاعدام، وذلك بعد تنفيذ عمليتي اعدام لشابين. وقال بان في بيان انه يشعر بـ"حزن عميق" لاعدام الشابين بسبب اعمال ارتكبوها عندما كانوا قاصرين، وهو ما يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادقت عليها ايران. واشار الامين العام للامم المتحدة الى ان عمليتي الاعدام "تعكسا توجها مقلقا" في ايران، حيث تم تنفيذ حكم الاعدام بـ700 شخص منذ كانون الثاني/يناير الماضي، وغالبيتها في قضايا مخدرات. وقال بان ان هذا الرقم هو الاعلى خلال 12 عاما.

واعاد بان التأكيد على معارضة الامم المتحدة لعقوبة الاعدام ودعا "الحكومة الايرانية الى وقف تنفيذ احكام الاعدام بهدف الغاء عقوبة الموت". واعدمت شابة ايرانية في الـ23 تدعى فاطمة سالبهي تم تزويجها قسرا عندما كانت في الـ16 من رجل يكبرها سنا بكثير وحكم عليها بالاعدام في سن ال17 لقتلها زوجها. كما اعدم سرا شاب آخر يدعى صمد ذهبي، ادين في اذار/مارس العام 2013 بقتل شاب آخر عندما كان عمره 17 عاما. بحسب رويترز.

من جانب اخر اعدمت السلطات السعودية ثلاثة ايرانيين لادانتهم بتهريب المخدرات، بحسب ما اعلنت وزارة الداخلية. وقالت الوزارة "قبض على كل من نبي بخش جوس، محمد أكرم بلوج، أوميد بوليدة (إيرانيي الجنسية) عند قيامهم بتهريب كمية كبيرة من الحشيش المخدر للمملكة عن طريق البحر"، وذلك في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية. واشار البيان الى انه "بإحالتهم إلى المحكمة صدر بحقهم صك شرعي يقضي بثبوت ما نسب إليهم والحكم بقتلهم تعزيراً"، مضيفا "وقد تم تنفيذ حكم القتل في الجناة (...)في مدينة الدمام بشرق البلاد.

باكستان

على صعيد متصل قال محامون إن سجنا في باكستان ارجأ تنفيذ حكم الإعدام في سجين قعيد على كرسي متحرك قبل ساعة من شنقه إذ لا توضح قواعد السجن كيفية التعامل مع مثل من هم على هذا الحال. وكان من المقرر تطبيق حكم الإعدام على عبد الباسط في مدينة فيصل اباد بشرق‭‭ ‬‬باكستان لكن السلطات وقعت في حرج في آخر لحظة لانه لا يستطيع السير بنفسه إلى حبل المشنقة وفق المتعارف عليه بالسجن.

وقال وسام وحيد المتحدث باسم جماعة المساعدة القانونية (جاستس بروجكت باكستان) إنه "عندما جاءت اللجنة القضائية لتشهد الإعدام حاول هؤلاء جعله يقف على منصة الشنق .. لكن لم يتسن ذلك فقررت اللجنة ارجاء التنفيذ." وأيدت المحكمة العليا حكم الإعدام على عبد الباسط لكن على أن يتم وفق قواعد السجن. وقال وحيد إن عبد الباسط اصبح قعيدا وهو مودع بالسجن بعد أن اصيب بالالتهاب السحائي هناك ولم يتلق العلاج المناسب.

وحالة عبد الباسط هي الأحدث ضمن أحكام إعدام شهيرة ألقت الضوء على كفاءة النظام القضائي الباكستاني وإعادة النظر في عقوبة الإعدام. وأعادت باكستان تطبيق عقوبة الإعدام في ديسمبر كانون الأول كوسيلة للقضاء على التشدد الديني بعد أن قتل مسلحو طالبان أكثر من 130 تلميذا في مدرسة يديرها الجيش. ونفذ حكم الإعدام في 239 شخصا منذ ذلك الحين رغم أن عددا قليلا منهم كان على صلة بالتشدد الديني. ومعظمهم مثل عبد الباسط أدينوا في جرائم قتل.

وتقول عائلات كثير منهم إن أقاربهم اتهموا خطأ وإن الفقر هو الذي منعهم من الحصول على محامين جيدين أو دفع رشى. وأدين عبد الباسط (43 عاما) قبل ستة أعوام بقتل عم امرأة كان على علاقة بها. وأنكر الاتهامات وزعمت عائلته ان محاميه تلقى أموالا من خصومه.

من جانب اخر قال محامون إن السلطات الباكستانية ستنفذ حكم الإعدام شنقا في رجل يقول إنه كان في الخامسة عشرة من عمره عندما اعتقل لاتهامه بجريمة قتل يزعم أنه لم يرتكبها وذلك في أحدث قضية تسلط الضوء على نظام العدالة الجنائية المتداعي في البلاد. ويقول الرجل ويدعى أنصار إقبال إنه كان يبلغ 15 عاما عندما اعتقل مع صديق له قبل 16 عاما بتهمة قتل جار إذ قالت أسرة الضحية إن الجريمة ارتكبت بسبب جدال حول مباراة كريكيت.

وأضاف إقبال أن الشرطة لفقت له التهمة لأنه كان فقيرا حيث دست مسدسين في منزله. وقالت مايا فاو من منظمة (ريبريف) البريطانية التي تقدم المساعدة القانونية إن القانون الباكستاني يحظر إعدام القصر غير أن المحاكم الباكستانية رفضت الإطلاع على شهادات إقبال المدرسية وشهادة ميلاده لأنها قدمت في وقت متأخر. وتشير شهادته المدرسية وشهادة ميلاد له صادرة العام الحالي إلى أن إقبال كان يبلغ 14 و15 عاما على التوالي. بحسب رويترز.

ولا تحفظ السجلات كما ينبغي في باكستان كما يمكن تزوير الوثائق بسهولة. وقالت فاو إن المحكمة استنتجت أن إقبال كان في أوائل العشرينيات من العمر استنادا إلى تقديرات شرطي وقت إلقاء القبض عليه. وجرت محاكمة صديق إقبال كقاصر. وأوضحت فاو "أن العبء الأكبر يقع على كاهل الحكومة والادعاء ليثبتا أن الشخص الذي يواجه حبل المشنقة ليس قاصرا إذا كانت كل الأدلة المتوفرة تشير إلى العكس." وأضافت "وإلا فهي تضع المتهم في وضع لا يطاق." وأكد منير بسيط محامي إقبال أنه جرت محاكمة موكله بصفته بالغ وأنه أبلغ بأن إعدامه شنقا سينفذ في سجن سارجودها. ولم يتسن الحصول على تعقيب المحكمة ومسؤولي الادعاء.

أمريكا

في السياق ذاته تقدمت سلطات السجون في ولاية كاليفورنيا بمقترح لاستخدام مادة واحدة في صنع الحقن المستخدمة في تنفيذ أحكام الإعدام، بدل ثلاث، بغرض استئناف تنفيذ أحكام العقوبة المتوقفة منذ عشر سنوات. وجاء تعطيل العمل بهذه العقوبة نتيجة اعتراض أحد المحكومين بالإعدام، الذي طعن في هذه الطريقة لما قد يتعرض له من آلام مبرحة.

ورفعت سلطات السجون اقتراحا باستخدام مادة واحدة في تركيب الحقن القاتلة، على أن يجري اختيارها من بين أربع مواد مقترحة. وكانت الحقن القاتلة حتى العام 2006 تركب من ثلاث مواد، لكن أحد المحكومين نجح في تعليق الحكم قائلا إن تنفيذه قد يعرضه لآلام مبرحة، وهو ما يتنافى مع الدستور. ويوجد في كاليفورنيا حاليا 747 محكوما بالإعدام. وفي حال إقرار اقتراح سلطات السجون، فقد يستأنف تنفيذ عقوبات الإعدام فيها.

لكن متحدثا باسم سلطات الولاية إنه "من المبكر الحديث حاليا عن استئناف تنفيذ الإعدام". وكان إعدام شخص في ولاية أوكلاهوما العام 2014 أثار استياء وأعاد فتح النقاش حول الطرق المستخدمة في تنفيذ هذه العقوبة، بعدما عانى المحكومة من ألام مبرحة على مدى أربعين دقيقة قبل أن يفارق الحياة. ومنذ مطلع السنة، نفذ حكم الإعدام بحق خمسة وعشرين شخصا في عموم الولايات المتحدة، نصفهم في ولاية تكساس.

من جانبها قالت إدارة السجون في اوهايو ان الولاية ارجأت تنفيذ جميع أحكام الإعدام حتى عام 2017 على الأقل بسبب صعوبة الحصول على العقاقير اللازمة لاجراء الحقن القاتل. وقالت الإدارة في بيان إن "الحصول على مثل هذه العقاقير أصبح أمرا شديد الصعوبة على مدى السنوات القليلة الماضية بسبب شح الإمدادات وقيود التوزيع."

واوهايو هي إحدى 31 ولاية تطبق عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة. ولم تنفذ حكم الإعدام منذ يناير كانون الثاني 2014 وأمامها 11 حالة تنتظر تطبيق العقوبة في 2016 . وجاء ارجاء تنفيذ هذه الأحكام بعد إعلان اوكلاهوما تأجيل أحكام الإعدام وقرار لقاض بالتجميد المؤقت لاستئناف تنفيذ أحكام الإعدام في اركنسو.

وسارعت اوهايو والولايات الأخرى المطبقة لعقوبة الإعدام لايجاد مواد كيماوية لعقاقير الحقن القاتلة على مدى السنوات القليلة الماضية بعد أن حظرت شركات الدواء -ومعظمها في أوروبا- بيع العقاقير المستخدمة في الإعدام استنادا إلى أسباب أخلاقية. ونفذت اوهايو عقوبة الإعدام في 53 شخصا منذ تطبيقها في 1999 بعد أن أعادت المحكمة العليا بالولايات المتحدة العمل بعقوبة الإعدام في 1976. وهناك 145 شخصا ينتظرون تنفيذ العقوبة بالولاية بحسب ما ذكر مركز معلومات عقوبة الإعدام.

الى جانب ذلك أعدمت ولاية تكساس الأمريكية رجلا عمره 35 عاما أدين بقتل مهاجر مكسيكي بالرصاص وسرقة ثمانية دولارات منه. وقال مسؤول بإدارة السجون إن خوان جارسيا أعلنت وفاته بحقنة مميتة في غرفة الإعدام بهانتسفيل. وتنفيذ الإعدام هو رقم 529 في تكساس منذ أعادت المحكمة العليا الأمريكية عقوبة الإعدام في عام 1976 لتصبح الولاية هي الأكثر تنفيذا لحكم الإعدام بين كل الولايات الأمريكية.

وأدين جارسيا عندما كان عمره 18 عاما بقتل هوجو سولانو (32 عاما) في حادث سرقة عام 1998 في هيوستن. وقال مكتب المدعي العام في تكساس إن جارسيا قام وثلاثة من شركائه بموجة جرائم عنف منها السرقة في منطقة هيوستن. وأضاف "عندما رفض سولانو تقديم أي أموال أطلق عليه جارسيا النار أربع مرات في الرأس والرقبة فقتله." واصدر جارسيا بيانا طالب فيه الصفح من أسرة سولانو. بحسب رويترز.

على صعيد متصل صرحت مسؤولة بالسجون بأنه تم تنفيذ حكم الإعدام في المرأة الوحيدة المحكوم عليها بالإعدام في ولاية جورجيا الأمريكية وذلك في أول خطوة من نوعها بالولاية منذ 70 عاما. وقالت متحدثة باسم إدارة السجون إنه تم إعدام كيلي جيسندانر (47 عاما) بالحقن في سجن بمدينة جاكسون. وكان قد حكم بالإعدام على جيسندانر بعد إدانتها بالتخطيط لقتل زوجها عام 1997. أما صديقها الذي نفذ خطة خطف الزوج وقتله فقد حكم عليه بالسجن المؤبد.

وكان البابا فرنسيس وهو معارض قوي لعقوبة الإعدام قد حث المسؤولين على تخفيف حكم الإعدام عن جيسندانر. وهذا أول حكم بالإعدام ينفذ في امرأة بولاية جورجيا منذ 70 عاما. وهي المرأة السادسة عشرة التي ينفذ فيها حكم الإعدام بالولايات المتحدة منذ أعادت المحكمة العليا هذا الحكم عام 1976.

اضف تعليق