شرع صلاح الدين أحمد موسى في القيام برحلة طويلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا بعد فراره من الحرب في دارفور في 2018، واختار في النهاية حدود المغرب البرية مع جيب إسباني باعتبارها نقطة الدخول الأكثر أمانا، لكن رحلة اللاجئ السوداني أجهضت بشكل كارثي في الأسبوع الماضي، عندما حاول هو و2000 مهاجر...

شرع صلاح الدين أحمد موسى في القيام برحلة طويلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا بعد فراره من الحرب في دارفور في 2018، واختار في النهاية حدود المغرب البرية مع جيب إسباني باعتبارها نقطة الدخول الأكثر أمانا، لكن رحلة اللاجئ السوداني أجهضت بشكل كارثي في الأسبوع الماضي، عندما حاول هو و2000 مهاجر آخرين اقتحام جيب مليلية الإسباني، قُتل في المحاولة ما لا يقل عن 23 مهاجرا ووقعت مناوشات عنيفة مع قوات الأمن المغربية وحرس الحدود الإسباني. وقالت السلطات المغربية إن الوفيات نجمت عما أسمته تدافعا، وسقوط مهاجرين من فوق سياج مرتفع. بحسب رويترز.

وقال موسى إنه تظاهر بالموت ورقد بين الجثث الهامدة والمصابين، في محاولة للبقاء على قيد الحياة، كانت رحلته واحدة من أكثر القصص رعبا والتي تنقل خلالها على مدى سنوات بين مصر وليبيا والجزائر، وقال الشاب البالغ من العمر 24 عاما لرويترز إنه اختار المغرب كنقطة انطلاق نحو الملاذ الآمن في أوروبا لأنه سمع أن حدوده البرية يمكن اختراقها دون مساعدة من المهربين، وباعتباره متمرسا في محاولات الهجرة، بعد محاولتين فاشلتين لعبور البحر من ليبيا إلى إيطاليا، كان موسى حريصا على تجنب أي شيء له صلة بالمهربين.

يأس

قال موسى إن المهاجرين اقتحموا المركز الحدودي مدفوعين إلى ذلك بالإحساس بالجوع والشعور باليأس، وبسبب القلق والخوف بعد الكارثة التي وقعت في مليلية، أصبح يبحث الآن عن طريق أقل خطورة، وأضاف خلال اعتصام لطالبي اللجوء أمام مقر المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في الرباط "لا أريد البقاء في المغرب. علي أن أجد بلدا آمنا"، وكانت أجساد معظم المعتصمين تحمل ندوبا من أثر الجروح وإصابات جراء الاشتباكات مع قوات الأمن في مليلية وبعد محاولات تسلق السياج الفاصل بين الجيب والمغرب.

وينفي المغرب استخدام القوة المفرطة ويقول إن إجراءاته جاءت ردا على هجوم جماعي عنيف للغاية من قبل المهاجرين، وتقاضي المملكة 65 مهاجرا، معظمهم سودانيون، بتهم من بينها تنظيم عمليات العبور ومهاجمة قوات الأمن وإحراق الغابات.

يعترف موسى بأن بعض المهاجرين كانوا يحملون أسلحة بسيطة، وقال "كان علينا أن نحمل العصي للدفاع عن أنفسنا فقط.. ردَّ الأمن المغربي بالضرب واستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. كان علينا واجب الدفاع عن أنفسنا".

قال موسى، وهو مزارع من غرب دارفور، إنه غادر منزله في 2018 متوجها إلى مصر بعد مقتل والده على أيدي ميليشيات عربية نهبت ماشية الأسرة ولوثت بئرهم الوحيد، عمل لمدة أربعة أشهر في مصر لكسب ما يكفي من المال للسفر إلى ليبيا، البلد غير المستقر الذي مزقته سنوات الانقسام والحرب، وعمل هناك في سوق للخضار، من طرابلس، قام موسى بمحاولتين فاشلتين للوصول إلى إيطاليا، قبل أن يسمع من أصدقائه أن "المغرب... له حدود برية مع إسبانيا يمكننا القفز دون دفع أي أموال للمهربين".

أموت من العطش

سافر موسى إلى الجزائر عبر منطقة دبدب الصحراوية، ودخل المغرب بشكل غير قانوني في صيف 2021، يقول "الأيام التي اعتقدت فيها أنني سأموت من العطش والجوع كثيرة لدرجة أنني لا أستطيع حسابها"، كان العبور الجماعي في الأسبوع الماضي أخطر محاولة على الإطلاق لاختراق أي من الجيبين الإسبانيين في المغرب والأكبر منذ اتفقت الرباط ومدريد هذا العام على تعزيز التعاون في مراقبة الحدود.

وقال عمر ناجي، من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الناظور بالقرب من مليلية، إن حملة القمع التي يشنها الأمن المغربي على مخيمات المهاجرين بالقرب من مليلية اشتدت بعد الاتفاق، وقال ناجي "نهج صفر هجرة لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف"، وقال موسى إن القوات المغربية دمرت الملاجئ التي يعيش فيها المهاجرون في الغابة وأفسدت "طعامنا"، وأضاف "على مدى ثلاثة أيام، لم يتبق لنا شيء نأكله في الجبال. كنا نموت من الجوع. لذلك لم يكن لدينا خيار آخر سوى السير في مجموعة نحو السياج".

اضف تعليق