q

تعهد المفوض السابق لشؤون اللاجئين بالمنظمة الدولية ورئيس الوزراء البرتغالي السابق الامين العام الجديد للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بتطبيق اصلاحات جديدة لتحسين وضع وعمل هذه المنظمة العالمية، التي وبحسب بعض المراقبين عانت الكثير من المشكلات والازمات وقال امام الجمعية العامة للأمم المتحدة "يجب ان تكون الامم المتحدة مستعدة للتغير". واضاف "لقد حان الوقت لتعترف الامم المتحدة بالتقصير واصلاح الطريقة التي تعمل بها" موصيا بإصلاحات في ثلاثة مجالات هي حفظ السلام ودعم التنمية المستدامة والادارة. وبمواجهة نزاعات كثيرة مثل الحرب في سوريا، قال "نحن بحاجة الى المزيد، الوساطة والتحكيم والدبلوماسية الوقائية". واوصى رئيس الوزراء الاشتراكي السابق في البرتغال ب"استراتيجية اصلاح شاملة لاستراتيجية وعمليات الامم المتحدة" لصالح السلام والامن. واكد امام ممثلي 193 دولة ان الامم المتحدة يجب ان تعتمد "اكثر على الاشخاص وبدرجة اقل على البيروقراطية".

ويرى بعض الخبراء ان دور غوتيريس قد لا يختلف كثيرا عما سبقه، بسبب هيمنة بعض الجهات والدول المتنفذة، وخصوصا الدول الخمس دائمة العضوية (روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة)، التي تمتلك بحسب بعض المصادر حق الفيتو والاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن دون إبداء أسباب، ولم يرد لفظ "فيتو" في ميثاق الأمم المتحدة، بل ورد لفظ "حق الاعتراض" وهو في واقع الأمر "حق إجهاض" للقرار وليس مجرد اعتراض. إذ يكفي اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائياً. حتى وإن كان مقبولاً للدول الأربعة عشر الأخرى. وساعد حق النقض الفيتو الولايات المتحدة على تقديم أفضل دعم سياسي للكيان الإسرائيلي ذلك بإفشال صدور اي قرار من مجلس الأمن يلزم "إسرائيل" بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية وأعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو إفشال أي قرار يدين "إسرائيل" باستخدام القوة المفرطة وخصوصا في حرب لبنان 2006 وقـطاع غـزة في نهاية عام 2008 أدى ذلك إلى الشك بمصداقية الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي.

ويتناقض هذا النظام عموماً مع القواعد الأساسية التي تشترطها النظم الديمقراطية، ناهيك عن أن الدول الخمس هذه لم تنتخب لعضوية هذا المجلس بصورة ديمقراطية، فهي أيضاً لا تصوت على القرارات بنظام الأغلبية المعروف.

وقد ظهرت في السنوات الأخيرة أصوات تطالب بتعديل نظام الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن، بإضافة دول اخرى، وهي على أي حال دعاوى للتوسيع دون المساس بمبدأ (الفيتو)، وقد سمعت بعض الأصوات الداعية إلى إلغاء نظام التصويت بالفيتو نهائياً واعتماد نظام أكثر شفافية وديمقراطية وتوازن. ويرى البعض أن التوازنات التي يتطلبها صدور القرارات في مجلس الأمن تحت ظل الفيتو، تضعف من النزاهة والموضوعية للتك القرارات. وأن هذا النظام للتصويت ساهم في إضعاف بل وتقويض نزاهة الأمم المتحدة، كما ينص ميثاق الامم المتحدة على ان الامين العام هو "اكبر موظف في المنظمة" ويتولى بصفته هذه "كل مهام اخرى يكلفه" بها مجلس الامن الدولي والجمعية العامة والمجلس لاقتصادي الاجتماعي والهيئات الاخرى في المنظمة الدولية. ويسمح الميثاق للأمين العام بـ "بلفت انتباه مجلس الامن الى اي قضية يرى ان من شأنها تهديد حفظ السلام والامن الدوليين".

وتحدد هذه الخيوط العريضة صلاحيات المنصب تاركة في الوقت ذاته للأمين العام هامش تحرك كبيرا. وعليه ايضا الدفاع عن قيم الامم المتحدة وسلطتها المعنوية والتحدث والتحرك من اجل السلام حتى لو ادى ذلك من وقت الى اخر الى ازعاج الدول الاعضاء. واحد الادوار الرئيسية للامين العام استخدام مساعي "النوايا الحسنة" اي الاستفادة من استقلاليته وعدم انحيازه ونزاهته للقيام بشكل علني وغير علني بمساع بهدف تجنب ظهور نزاعات او تفاقمها او توسعها.

عام السلام

وفي هذا الشان اعلن الامين العام الجديد للامم المتحدة انطونيو غوتيريس عزمه على ان يجعل من 2017 "عاما من اجل السلام"، في رسالة بثت بمناسبة العام الجديد وتسلمه مهام منصبه. وكتب غوتيريس "في هذا اليوم الاول على رأس الامم المتحدة، يراودني السؤال: كيف نساعد ملايين الاشخاص الذين تحاصرهم النزاعات؟". واضاف "في هذا اليوم الاول من العام الجديد، اطلب منكم جميعا ان تتخذوا معي هذا القرار: فلنلتزم بجعل السلام اولويتنا المطلقة".

واوضح الامين العام الجديد للامم المتحدة ان "كل ما نقدره ونجله بصفتنا عائلة بشرية -الكرامة والامل والتقدم والازدهار- رهن بالسلام. لكن السلام رهن بنا". واضاف "قفوا الى جانبي في خدمة السلام، يوما بعد يوم. ولنجعل من 2017 عاما للسلام". ودعا رئيس الوزراء البرتغالي الاشتراكي السابق الى ان "نجعل من 2017 السنة التي يتعين علينا جميعا فيها، مواطنين وحكومات وقادة، بذل كل ما في وسعنا لتجاوز خلافاتنا". وخلص الامين العام الجديد للامم المتحدة الى القول "من التضامن والتعاطف في حياتنا اليومية، الى الحوار والاحترام، ايا تكن الانقسامات السياسية... من وقف اطلاق النار في ساحات القتال الى التسويات على طاولة المفاوضات". بحسب رويترز.

وتعهد انطونيو غوتيريس بتطبيق اصلاحات لتحسين وضع المنظمة العالمية، وقال امام الجمعية العامة للامم المتحدة "يجب ان تكون الامم المتحدة مستعدة للتغير". واضاف "لقد حان الوقت لتعترف الامم المتحدة بالتقصير واصلاح الطريقة التي تعمل بها" موصيا باصلاحات في ثلاثة مجالات هي حفظ السلام ودعم التنمية المستدامة والادارة. وبمواجهة نزاعات كثيرة مثل الحرب في سوريا، قال "نحن بحاجة الى المزيد، الوساطة والتحكيم والدبلوماسية الوقائية".

وتابع انه "على استعداد "للمشاركة شخصيا" اذا لزم الامر. ولفت الى ان قوات حفظ السلام باتت في كثير من الأحيان مسؤولة عن "الحفاظ على سلام لا وجود له". واوصى رئيس الوزراء الاشتراكي السابق في البرتغال ب"استراتيجية اصلاح شاملة لاستراتيجية وعمليات الامم المتحدة" لصالح السلام والامن.

قوات حفظ السلام

من جانب اخر يسعى الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى الرد بشكل جذري على الاعتداءات الجنسية التي يرتكبها جنود حفظ السلام، وقد أعلن الجمعة استراتيجية جديدة بهدف تغيير الوضع. وعين غوتيريس، الذي تولى منصبه في الأول من كانون الثاني/يناير خلفا لبان كي مون، لجنة مؤلفة من تسعة أشخاص يعملون على نهج جديد، ليعطي بذلك إشارة واضحة عن عزمه على تشديد العقوبات ردا على هذا النوع من الاعتداءات التي تلحق ضررا بالغا بصورة الأمم المتحدة.

ومجموعة العمل هذه ستقدم "بشكل سريع إلى حد ما" استنتاجاتها "المتعلقة بالطريقة التي يمكن عبرها التقدم بنحو أكثر جرأة" في هذا النوع من القضايا، بحسب ما أشار ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة. وتعرضت بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لعشرات تهم الاعتداء الجنسي، غير أن البلدان التي تشارك عبر جنودها في تلك البعثات كثيرا ما تتردد في ملاحقة الجنود المشتبه بهم.

واستنادا إلى قواعد المنظمة الدولية، يعود إلى البلاد التي يتحدر منها جنود حفظ السلام ملاحقة العناصر المتهمين بسوء السلوك أثناء تأديتهم مهماتهم في إطار الأمم المتحدة. لكن جماعات حقوق الإنسان تشتكي من عدم اتخاذ إجراءات ضد هؤلاء الجنود المتهمين، الذين غالبا ما لا يتم التحقيق معهم، أو أنهم لا يحصلون إلا على عقوبات خفيفة. والاستراتيجية الجديدة التي سيتم وضعها، ستشكل إحدى عناصر تقرير حول الاعتداءات الجنسية يقدمه غوتيريس في شباط/فبراير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. بحسب فرانس برس.

العام الفائت أشار تقرير سنوي قدمه بان كي مون الى وجود 69 تهمة اعتداء جنسي واستغلال بحق جنود ينتمون الى 21 دولة مختلفة. غير أن هذا الرقم ارتفع الى 82 تهمة الشهر الفائت، وفقا لموقع الأمم المتحدة، غالبيتها تتعلق بجنود عاملين ضمن إطار مهمة "مينوسكا" في جمهورية أفريقيا الوسطى. وأشار دوجاريك إلى أن الأمم المتحدة تدرك صعوبة التخلص بالكامل من هذا النوع من السلوك السيئ، لكن غوتيريس يريد تعزيز العقوبات بشكل جدي.

نساء في مناصب قيادية

الى جانب ذلك عين الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ثلاث نساء في مناصب قيادية في المنظمة. وكان غوتيريس قد تعهد بتطبيق إصلاحات لتحسين وضع المنظمة العالمية، واختار رئيس الوزراء البرتغالي السابق وزيرة البيئة النيجيرية أمينة محمد نائبة له، وعين برازيلية وكورية جنوبية في منصبين رئيسيين بهدف تحسين تمثيل النساء في مناصب قيادية في المنظمة الدولية. وتتولى نساء حاليا أقل من ربع المناصب القيادية في الأمم المتحدة.

وعين غوتيريس، الذي يتولى مهامه في الأول من كانون الثاني/يناير، المسؤولة في وزارة الخارجية البرازيلية ماريا لويزا ريبيرو فيوتو كبيرة الموظفين والكورية الجنوبية كيونغ-وا كانغ في منصب المستشار الخاص حول السياسة وهو منصب مستحدث. وكان تعيين أمينة محمد نائبة للأمين العام متوقعا بعدما قادت بنجاح المفاوضات حول أهداف التنمية المستدامة، وهي 17 هدفا وافقت عليها الأمم المتحدة لإنهاء الفقر المدقع في 2030. وستخلف أمينة محمد السويدي يان إلياسون. بحسب فرانس برس.

وكانت فيوتو كذلك سفيرة لبلادها في ألمانيا، ومبعوثة للأمم المتحدة، وهي خبيرة اقتصادية في 62 من عمرها ساهمت في تحديد دور البرازيل في إطار نادي "بريكس" للاقتصادات الناشئة، وعملت مديرة لحقوق الإنسان في وزارة الخارجية. تبلغ كانغ 61 عاما، وترأس حاليا فريق غوتيريس الانتقالي، وتولت سابقا منصب نائب مسؤول المساعدات الإنسانية لدى الأمم المتحدة منذ نيسان/أبريل 2013. وقال غوتيريس بعد إدلائه القسم إن "المساواة بين الجنسين أمر لا بد منه وستكون أولوية واضحة في هيئات الأمم المتحدة من أعلى المناصب إلى أدناها".

مصالح الولايات المتحدة

في السياق ذاته حذرت سامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من أن مصالح الولايات المتحدة بما فيها الأمن القومي سيلحق بها الضرر إذا تراجعت البلاد عن الدور البارز التي تلعبه في الأمم المتحدة. وتأتي تصريحاتها في ظل انتقادات من أعضاء الكونجرس في واشنطن للمنظمة الدولية.

وانتقص الرئيس المنتخب دونالد ترامب أيضا من قدر المنظمة بعد أن وافق مجلس الأمن الدولي يوم 23 ديسمبر كانون الأول على قرار يطالب بإنهاء أعمال الاستيطان الإسرائيلية وشكك ترامب في قيمة المنظمة بينما هدد بعض المشرعين الجمهوريين بتقليص التمويل الأمريكي لها. وفي مذكرة وداعية قالت باور العضو في إدارة الرئيس باراك أوباما "الدول الأخرى ستسير وراءنا إذا واصلنا القيادة. من دون قيادتنا سيكون الفراغ على الساحة الدولية مضرا للغاية للمصالح الأمريكية."

وعددت باور أسبابا لاستمرار المشاركة الأمريكية القوية في المنظمة التي تضم 193 دولة منها طموحات كوريا الشمالية النووية والصراعات في سوريا وليبيا وجنوب السودان وتغير المناخ وأزمة اللاجئين العالمية وروسيا. وكتبت باور في المذكرة المؤلفة من 13 صفحة "في الوقت الذي تواصل فيه روسيا تهديد حلفائنا وتحاول التدخل في الأنظمة السياسية في أوروبا ومناطق أخرى سيتعين علينا أن نبدي إدانة واسعة لهذه الأفعال ضمن منتدى الأمم المتحدة." بحسب رويترز.

وتقول وكالات مخابرات أمريكية إن روسيا مسؤولة عن هجمات إلكترونية قبل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني استهدفت مساعدة ترامب على هزيمة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وهو الأمر الذي تنفيه موسكو. وتحدثت باور أيضا عن أهمية الأمم المتحدة في ضمان نجاح الاتفاق بين إيران وقوى عالمية للحد من طموحات طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. وكان ترامب قد تعهد بإلغاء الاتفاق. وقالت باور "علينا أن نواصل الوفاء بالتزاماتنا واستخدام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231... لضمان أن يبقى برنامج إيران النووي سلميا بشكل حصري." واختار ترامب حاكمة ولاية ساوث كارولاينا نيكي هيلي لتحل محل باور التي تشغل منصبها منذ 2013. ومن المقرر أن تتولى هيلي المنصب بعد أن يوافق مجلس الشيوخ على ترشيحها.

أنطونيو غوتيريش

ولد أنطونيو غوتيريس يوم 30 أبريل/نيسان 1949 في العاصمة البرتغالية لشبونة، وبها نشأ وتربى. درس الفيزياء والهندسة الكهربائية في المعهد العالي للتكنولوجيا، وتخرج عام 1971، ليبدأ بعدها ممارسة العمل الأكاديمي أستاذا مساعدا، ويجيد التحدث بالبرتغالية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية.

وتولى غوتيريس منصب رئيس وزراء بلاده خلال الأعوام 1996-2002، وعمل رئيسا للمجلس الأوروبي عام 2000، وكان رئيسا لمنظمة "الاشتراكية الدولية" من 1999 إلى 2005. كما كلف غوتيريس بمهمة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منذ عام 2005 إلى 2015 حيث عمل على معالجة أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط. بدأت مسيرة غوتيريس السياسية الطويلة من البرتغال عند انضمامه عام 1973 للحزب الاشتراكي البرتغالي الذي شغل منصب أمينه العام سنة 1992، والذي تمكن تحت رئاسته بعد ثلاث سنوات من تصدر نتائج الانتخابات التشريعية، ما فتح له الباب لتولي منصب رئيس الوزراء.

ناضل غوتيريس من أجل انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، كما عرف بمناهضته لمطلب السماح بالإجهاض في البرتغال. وكان الرئيس البرتغالي السابق أنيبال كفاكو سيلفا قد قال في وقت سابق إن غوتريس قد ترك إرثا في الوكالة التي كان يديرها مما يعني أنه أصبح "صوتا محترما يستمع إليه العالم"، وصوت أعضاء مجلس الأمن الدولي بالإجماع على ترشيح غوتيريش لتولي منصب الأمين العام خلفا لبان كي مون.

اضف تعليق