q
تحتل قضية الهجرة غير الشرعية أولوية في البرنامج السياسي قبل الانتخابات المتوقعة العام المقبل، فحكومة المحافظين التي تواجه تراجعا في أوساط الناخبين قبل عام من الانتخابات العامة، قد تعهدت بوقف رحلات القوارب الصغيرة عبر قناة المانش لكن خططها باءت بالفشل. أكثر من 100 ألف مهاجر غير نظامي عبروا...

أقرّ البرلمان البريطاني مشروع قانون مثير للجدل بشأن الهجرة يمنع خصوصاً المهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتّحدة بشكل غير قانوني من طلب اللجوء في هذا البلد، في خطوة ندّدت بها بشدّة الأمم المتحدة.

ووصلت إلى ميناء بورتلاند في جنوب إنكلترا البارجة "بيبي ستوكهولم" التي سيقيم عليها حوالي 500 طالب لجوء، في خطوة تريد من ورائها الحكومة تخفيف كلفة إقامة هؤلاء في فنادق، في حين ندّدت بها منظمات حقوقية واصفة إياها بـ"السفينة السجن".

وتحتل قضية الهجرة غير الشرعية أولوية في البرنامج السياسي قبل الانتخابات المتوقعة العام المقبل، فحكومة المحافظين التي تواجه تراجعا في أوساط الناخبين قبل عام من الانتخابات العامة، قد تعهدت بوقف رحلات القوارب الصغيرة عبر قناة المانش من شمال فرنسا، لكن خططها باءت بالفشل.

وقد أظهرت أرقام رسمية أنّ أكثر من 100 ألف مهاجر غير نظامي عبروا منذ 2018 بحر المانش على متن قوارب صغيرة، على الرّغم من وعود الحكومة البريطانية بمكافحة هذه الهجرة غير الشرعية.

وبحسب إحصاء أجرته وكالة فرانس برس الجمعة استناداً إلى بيانات الحكومة البريطانية، بلغ العدد الإجمالي للمهاجرين غير النظاميين الذين حاولوا منذ العام 2018 الوصول بحراً إلى السواحل الإنكليزية 100715 مهاجراً.

وبدأ احتساب أعداد المهاجرين الذين يحاولون الوصول على متن قوارب صغيرة عبر المانش إلى إنكلترا، وغالبيتهم انطلاقاً من السواحل الفرنسية القريبة، في 2018 بعد إغلاق السلطات الفرنسية المداخل المؤدّية إلى ميناء كاليه ونفق القناة.

ومع إغلاق هذه المداخل أمام المهاجرين بات عبورهم القناة إلى إنكلترا على متن شاحنات أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن شبه مستحيل، الأمر الذي دفع بالمهرّبين للاستعاضة عن هذا الطريق البرّي الآمن بالطريق البحري الخطر.

والقناة الإنكليزية، أحد أكثر المضائق ازدحاماً في العالم، غالباً ما تشهد غرق قوارب تضيق بالمهاجرين بعد أن يدفعوا أموالاً باهظة لمهرّبيهم.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2021 لقي 27 شخصاً مصرعهم خلال محاولتهم عبور القناة.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، قضى أربعة أشخاص في غرق مركب مهاجرين في القناة.

وعلى الرّغم من الوعود التي أطلقها الساسة البريطانيون بـ"استعادة السيطرة" على الحدود حالما تخرج بلادهم من الاتّحاد الأوروبي، فإنّ عدد المهاجرين الذين تمكّنوا من الوصول إلى الأراضي البريطانية على متن قوارب صغيرة ارتفع منذ بريكست.

وبلغ هذا العدد مستوى قياسياً في 2022 إذ وصل إلى السواحل الإنكليزية 45 ألف مهاجر.

ومنذ بداية العام الجاري نجح 15،826 مهاجراً في الوصول عبر القناة إلى إنكلترا.

ووعد رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك "بوقف القوارب".

وتقدر السلطات وجود ألف مهاجر حاليًا على الساحل الشمالي لفرنسا في انتظار توفر إمكانية محاولة العبور، وفقًا لمصدر مطلع.

وتضاعفت محاولات عبور المهاجرين على متن قوارب صغيرة من شمال فرنسا، وسط أحوال جوية مؤاتية.

وسجلت وزارة الداخلية البريطانية وصول 755 شخصاً في يوم واحد، وهو رقم قياسي يومي منذ بداية العام.

وسجّل العام 2022 أرقاماً غير مسبوقة إذ عبر 45 ألف شخص، على الرغم من مخاطر يتعرضون لها، حيث قضى 27 مهاجرا بسبب غرق زورقهم في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 تتراوح أعمارهم بين سبعة أعوام و46 عاماً.

وفي إطار التحقيق القضائي الذي تم فتحه في حادث العام 2021، وجهت لائحة اتهام إلى 11 شخصاً يشتبه في أنهم من المهربين، ويخضع سبعة عسكريين آخرين للتحقيق.

وأثارت المأساة التوتر بين باريس ولندن اللتين اتفقتا منذ ذلك الحين على تعزيز مكافحة الهجرة، حيث ضاعفت الحكومة البريطانية حزمها.

قانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية

من جهته أقرّ البرلمان البريطاني مشروع قانون مثير للجدل بشأن الهجرة يمنع خصوصاً المهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتّحدة بشكل غير قانوني من طلب اللجوء في هذا البلد، في خطوة ندّدت بها بشدّة الأمم المتحدة.

ويعتبر هذا النصّ حجر الزاوية في مشروع رئيس الوزراء ريشي سوناك لمحاربة الهجرة غير الشرعية، الملف الذي وضعه في أعلى سلّم أولوياته.

ووعد رئيس الوزراء بـ"وقف" وصول المهاجرين غير النظاميين إلى بلاده عبر بحر المانش على متن قوارب صغيرة تنطلق غالباً من السواحل الفرنسية القريبة.

وهذا النصّ الذي أثار انتقادات واسعة داخل المملكة المتحدة ومن جانب منظمات حقوقية دولية، ينصّ خصوصاً على منع المهاجرين الذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى الأراضي البريطانية من طلب اللجوء في هذا البلد.

وبعد احتجاز المهاجرين غير النظاميين، تريد الحكومة ترحيلهم بأسرع ما يمكن، إمّا إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث مثل رواندا، أياً كان البلد الذي أتوا منه.

وأبرمت بريطانيا في العام الماضي اتفاقاً مع رواندا لإرسال مهاجرين غير شرعيين إلى البلد الأفريقي، لكن لم يتم تنفيذ أيّ عمليات ترحيل بعد بموجب هذا الاتفاق المثير للجدل.

وكان مقرّراً إجراء أول عملية ترحيل في حزيران/يونيو 2022 لكنّ الرحلة الجوية تمّ إلغاؤها بعد قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وفي نهاية حزيران/يونيو، أعلن القضاء أنّ هذا الاتفاق غير قانوني، لكنّ الحكومة البريطانية أعلنت في الحال عزمها على استئناف هذا الحُكم.

وفي البرلمان، تمّت عرقلة مشروع قانون الهجرة لأسابيع بعد أن مارس مجلس اللوردات ضغوطاً من أجل إدخال العديد من التعديلات عليه.

ومن أبرز التعديلات التي أُدخلت على مشروع القانون فرض قيود على احتجاز الأطفال وحماية ضحايا العبودية الحديثة.

وكان رئيس أساقفة كانتربري جاستين ويلبي، وهو الزعيم الروحي للكنيسة الأنغليكانية وعضو أيضاً في مجلس اللوردات، من أشدّ المعارضين لهذا القانون.

وقال أسقف كانتربري خلال المناقشات في مجلس اللوردات "لست أرى كيف" سيسمح هذا النصّ بإيقاف قوارب المهاجرين، مضيفاً "لم أسمع أيّ شيء أقنعني".

وسارعت الأمم المتّحدة إلى التنديد بالقانون الجديد، مؤكّدة أنّه يتعارض مع القانون الدولي ويرسي سابقة مثيرة للقلق.

وقال رئيس المفوضية السامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك ورئيس المفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان مشترك إنّ مشروع القانون "يتعارض مع التزامات البلاد بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان واللاجئين".

وحذّر المسؤولان الأساسيان في الأمم المتّحدة عن هذا الملف في بيانهما من أنّ هذا القانون "ستكون له عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية".

وأوضحا أنّ مشروع القانون ينشئ سلطات احتجاز تتمتع بصلاحيات واسعة وتخضع لإشراف قضائي محدود.

وقال غراندي في البيان إنّ التشريع الجديد "يقوّض بشكل كبير الإطار القانوني الذي وفّر الحماية للكثيرين، ويعرّض اللاجئين لمخاطر جسيمة في انتهاك للقانون الدولي".

وفي بيانهما، ذكّر المسؤولان الأمميان بأنّ اتفاقية اللاجئين لعام 1951 تعترف صراحةً بأنّه يمكن أن يضطر اللاجئون لدخول بلد اللجوء بشكل غير قانوني.

وتتّهم لندن طالبي اللجوء الذين يدخلون أراضيها خلسة بأنّهم "يتخطّون الطابور" على حساب أولئك الذين يدخلون البلاد بصورة قانونية وآمنة.

لكنّ المسؤولين الأممّيين شدّدا على أنّ الطرق الآمنة والقانونية نادراً ما تكون متاحة لمعظم الفارّين من الحروب الذين غالباً ما يكونون غير قادرين على الحصول على جوازات سفر أو تأشيرات.

وحذّر تورك من خطر أن يرسي هذا التشريع البريطاني "سابقة" قانونية تتّبعها دول أخرى.

وقال إنّ هذا النصّ "يشكّل سابقة مقلقة في مجال تفكيك الالتزامات المتعلقة باللجوء، قد تميل لاتّباعها دول أخرى، بما في ذلك في أوروبا".

ونبّه رئيس المفوضية السامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان إلى أنّ هذا الأمر "قد يكون له تأثير سلبي على مجمل المنظومة الدولية لحماية اللاجئين وحقوق الإنسان".

وقال تورك وغراندي إنّ التشريع البريطاني الجديد لا يتضمن أيّ ضمانات بأنّ طالبي اللجوء سيكونون قادرين على الحصول على الحماية في رواندا.

ويخضع الأطفال غير المصحوبين بذويهم لنطاق القانون الجديد.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أنّه من دون ترتيبات ترحيل قابلة للتطبيق، سيبقى مئات آلاف المهاجرين في بريطانيا إلى أجل غير مسمّى في أوضاع قانونية محفوفة بالمخاطر.

وقال تورك إنّ "إجراء عمليات الإبعاد في ظلّ هذه الظروف يتعارض مع حظر الإعادة القسرية والطرد الجماعي والحقّ في الإجراءات القانونية الواجبة ومع الحياة الأسرية والخاصة ومع مبدأ المصالح الفضلى للأطفال المعنيين".

من جهته قال غراندي إنّ محاولات بريطانيا لتسريع إجراءات اللجوء "سيقوّضها بشكل كبير التشريع الجديد".

وبحسب تورك وغراندي فإنّ القانون الجديد سيعرّض المهاجرين غير الشرعيين "لخطر الاحتجاز والفقر المدقع".

وحضّ تورك "حكومة المملكة المتّحدة على تجديد هذا الالتزام بحقوق الإنسان من خلال عكس هذا القانون وضمان أنّ حقوق جميع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء يتم احترامها وحمايتها والالتزام بها".

وتعليقاً على إقرار النصّ، قال "مجلس اللاجئين" وهو منظمة غير حكومية بريطانية "هذا يوم مظلم" لسمعة بريطانيا و"لحظة خطرة" للساعين للحصول على حماية، مشدداً على أنّ "الكفاح من أجل نظام لجوء عادل وإنساني مستمر".

وليس هذا القانون السلاح الوحيد في ترسانة الحكومة البريطانية ضدّ الهجرة غير الشرعية.

وفي آذار/مارس الماضي أبرمت لندن وباريس اتفاقاً تعهّدت بموجبه بريطانيا تمويل جهود فرنسا الرامية لمنع المهاجرين غير الشرعيين من المغادرة نحو المملكة المتّحدة.

بارجة بيبي ستوكهولم

وفي هذا الحين وصلت إلى ميناء بورتلاند في جنوب إنكلترا البارجة "بيبي ستوكهولم" التي سيقيم عليها حوالي 500 طالب لجوء، في خطوة تريد من ورائها الحكومة تخفيف كلفة إقامة هؤلاء في فنادق، في حين ندّدت بها منظمات حقوقية واصفة إياها بـ"السفينة السجن".

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن نقل المملكة المتحدة طالبي لجوء، بمن في ذلك ذوو إعاقة وضحايا تعذيب، قسرًا إلى بارجة "بيبي ستوكهولهم" الشبيهة بالسجن، تصرف قاسٍ ويأتي ضمن حملتها غير المشروعة لإيجاد أماكن بديلة لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي على ضرورة التزام الحكومة البريطانية باحترام حقوق الإنسان وضمان السكن الملائم والآمن والكرامة الإنسانية للمهاجرين وطالبي اللجوء بدلًا من احتجازهم في بارجة وُصفت بأنها "فخ قاتل".

وأوضح أنّ إجلاء السلطات لطالبي اللجوء من البارجة بعد اكتشاف بكتيريا "الليجيونيلا" في نظام المياه بالسفينة يؤكد المخاوف بشأن العواقب الإنسانية الخطيرة التي قد تلحق بالمهاجرين وطالبي اللجوء لدى تسكينهم في أماكن لا تتوفر فيها التدابير الصحية المناسبة، مشدّدًا على ضرورة تخلي الحكومة البريطانية بشكل كامل عن خطط إعادتهم إلى البارجة مجددًا، أو إلى أي أماكن أخرى قد تشكّل تهديدًا على صحتهم أو تمس بكرامتهم الإنسانية.

ووصلت المجموعة الأولى من طالبي اللجوء والمكونة من 15 فردًا إلى البارجة الضخمة "بيبي ستوكهولم" الراسية في مقاطعة "دورست" جنوبي إنجلترا، بناءً على طلب الحكومة البريطانية على ما يبدو لخفض تكاليف إيواء المهاجرين وطالبي اللجوء.

وتتوقع وزارة الداخلية البريطانية أن تستوعب السفينة ذات الثلاثة طوابق ما يصل إلى 506 أفراد من الرجال العازبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا – باستثناء عدة فئات من الأشخاص المستضعفين – بينما ينتظرون نتيجة طلبات لجوئهم.

وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة في المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي" إنّ "قرار الحكومة بنقل طالبي اللجوء إلى بارجة غير صحية ومعزولة لا ينبع من نيّة خفض تكلفة إيوائهم، بل هو جزء من مشروع قانون مكافحة الهجرة غير القانونية الذي أقرّته أخيرًا، والذي يجرّم الهجرة عبر القوارب الصغيرة، في محاولة مستميتة لصدّ هؤلاء المضطهدين وتحويل حياتهم في المملكة المتحدة إلى جحيم".

وأضافت أنّه "لا ينبغي إجبار طالبي اللجوء على العيش في بارجة ضخمة عائمة شبيهة بالسجن بعد خوضهم رحلة لجوء صادمة بين الأمواج العالية في البحار".

وأوضحت "بولييزي" أنّ "الضعف لا يكون ظاهرًا وسهل الاكتشاف في كثير من الحالات، فحتى لو لم يتعرّض المهاجرون وطالبو اللجوء للاضطهاد قبل وصولهم، من المحتمل أن يصبحوا كذلك بعد الوقت الذي يقضونه على متن السفينة وهم مهمشون ومحرومون ومُبعدون عن المجتمع وفرص العمل وخدمات الرعاية الصحية والمرافق الاجتماعية".

ووفقًا للتوجيهات الداخلية، يجب ألا تؤوي البارجة أشخاصًا من ذوي الإعاقة أو كبار السن أو ضحايا التعذيب والاغتصاب وغيرهما من أشكال العنف النفسي أو الجسدي أو الجنسي أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الصحية المعقدة مثل المصابين بالسل والأمراض المعدية أو أي شخص يعاني من مشاكل نفسية خطيرة، فضلًا عن أي شخص معرض لخطر "إيذاء النفس" أو لديه "سجل في اضطراب السلوك".

ورغم ذلك، شملت أولى الدفعات التي نقلتها وزارة الداخلية البريطانية إلى البارجة أشخاصًا من ذوي الإعاقة وضحايا تعذيب وضحايا عبودية حديثة، فضلًا عن آخرين عانوا تجارب قاسية وصادمة في البحر، في انتهاكٍ واضحٍ لقواعد الوزارة نفسها والقانون الدولي عامةً.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ البارجة ليست – بأي حال من الأحوال – شكلًا من أشكال السكن الملائم أو ملجئًا آمنًا لأي شخص.

وأرسلت نقابة رجال الإطفاء في المملكة المتحدة خطابًا إلى وزيرة الداخلية البريطانية "سويلا برافرمان" للتعبير عن القلق بشأن معايير السلامة من الحرائق في بارجة "بيبي ستوكهولم"، إذ قالت إنّ مداخل وممرات البارجة ضيّقة، ولا يوجد بها مخارج طوارئ، فضلًا عن الاكتظاظ، ووصفتها النقابة بأنها "فخ قاتل".

وحذّر المدير التنفيذي لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة من خطر انتشار التهابات الجهاز التنفسي في مثل هذه المساحات المكتظة ذات الممرات والمداخل الضيقة.

وكشفت تقارير نُشرت أخيرًا عن عدم توفير الحكومة البريطانية لأي مصروفات بنقلها القسري لطالبي اللجوء من الفنادق إلى بارجة "بيبي ستوكهولم"، بل على العكس سيكون هناك تكاليف إضافية.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ القرار في قضية بارجة "بيبي ستوكهولم" ليس قرارًا منعزلًا، إذ بدأت المملكة المتحدة حملة واسعة لإيجاد بدائل لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء داخل المملكة المتحدة أولًا، مثل القواعد العسكرية المهجورة والسجون السابقة، وخارج البلاد والقارة الأوروبية ثانيًا.

وفي إطار ذلك، أعادت وزارة الداخلية البريطانية النظر في خطط سابقة بشأن إرسال طالبي اللجوء إلى جزيرة "أسينشين" التابعة لإقليم ما وراء البحار البريطاني "سانت هيلينا" في جنوب المحيط الأطلسي، والتي تقع على بعد 6 آلاف كيلومترًا من أوروبا، في حال فشل خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية "برافرمان" خططت العام الماضي لبدء ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى رواندا على متن رحلات جوية، إلا أنها أُجبرت على وقف الخطط بعد أن قضت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة بعدم قانونيتها بسبب أوجه القصور في نظام اللجوء الرواندي. ومن المتوقع صدور حكم نهائي من المحكمة العليا في المملكة المتحدة بشأن القضية في أواخر الخريف المقبل. ولكن في غضون ذلك، تدرس الحكومة أماكن خارجية مماثلة لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء، بما يشمل جزيرة "أسينشين" وقواعد عسكرية بريطانية في قبرص وغانا ونيجيريا وناميبيا والمغرب.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن النيجر كانت ضمن القائمة أيضًا، قبل إزالتها بعد انقلاب يوليو/ تموز المنصرم، ما يشير إلى أن القائمة الكاملة لأماكن الإقامة البديلة بعيدة كل البعد عن كونها أماكن مستدامة ومدروسة جيدًا لإدارة الواصلين وطلبات اللجوء في المملكة المتحدة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي المملكة المتحدة إلى التراجع عن خطتها لإيواء طالبي اللجوء قسرًا على متن بارجة "بيبي ستوكهولم" والعمل على استيعابهم بشكلٍ يحترم حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وعلى النحو المنصوص عليه في القانون الدولي وخاصةً في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صدّقت عليه المملكة المتحدة عام 1976، وضمان حق طالبي اللجوء في السكن اللائق مع الاعتراف بضروريته للتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كلفة نقل كل طالب لجوء خارج البلاد

وتُكلّف خطة المملكة المتحدة المثيرة للجدل لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا 169 ألف جنيه إسترليني (210 ألف دولار) للشخص الواحد، بحسب تقييم لتأثيرها، رغم أن الحكومة تصر على أنها ستعوّض معظم التكاليف.

جعلت حكومة المملكة المتحدة التعامل مع ملف الهجرة أولوية علما بأن الأمر كان من أبرز تعهّداتها عندما انسحبت من الاتحاد الأوروبي.

وتسعى لتصنيف جميع طلبات اللجوء التي يقدمها أشخاص وصلوا بشكل غير شرعي مخالفة للقانون ونقلهم إلى بلدان ثالثة "آمنة" مثل رواندا، على أمل ثني آلاف المهاجرين عن عبور المانش على متن قوارب صغيرة.

وأفادت الحكومة بأنها يمكن أن تعوّض مبلغا يصل إلى 165 ألف جنيه إسترليني بفضل الاقتصاد في كلفة الدعم المقدّم لطالبي اللجوء.

كما تأمل لندن بأن يشكّل البرنامج رادعا للمهاجرين.

سلطت الحكومة الضوء على كلفة توفير سكن لطالبي اللجوء ريثما يتم البت بطلباتهم في إطار محاولتها كسب تأييد البرلمان لمشروع القانون.

يظهر تقييم وزارة الداخلية بأن الكلفة الأولية لإرسال شخص ما إلى بلد ثالث ستبلغ حوالى 169 ألف جنيه استرليني، بما يشمل مبلغا قدره 105 آلاف جنيه إسترليني يتم دفعه للبلد الثالث إضافة إلى بطاقات الطيران والتكاليف الإدارية.

لكنها توقعت أيضا توفير تكاليف على مدى أربع سنوات تبلغ 106 آلاف جنيه إسترليني عن كل طالب لجوء يُنقل إلى رواندا أو بلد ثالث آخر.

وأضافت أن هذا المبلغ يمكن أن يصل إلى 165 ألف جنيه إسترليني إذا ازدادت تكاليف السكن بالمعدل الملحوظ منذ العام 2019.

مع ذلك، حذّر التقييم من أن الأرقام "غير مؤكدة إلى حد كبير" ولفت إلى أنه سيتعين على الخطة ردع حوالى 37 في المئة من عمليات عبور القوارب الصغيرة ليكون من الممكن تعويض التكاليف.

وقالت الحكومة البريطانية إنها ستدعم مركزا شرطيا تركيا جديدا من شأنه البناء على التعاون القائم في إنفاذ القانون. وأضافت أن البيانات الجمركية سيتم تبادلها بشكل أسرع بموجب مذكرة التفاهم الجديدة.

وقالت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان: "شراكتنا مع تركيا، الصديق والحليف المقرب، ستمكن وكالات إنفاذ القانون لدينا من العمل معا بشأن هذه المشكلة الدولية والتعامل مع سلسلة توريد القوارب الصغيرة".

وجعل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك خفض أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى بريطانيا تعهدا رئيسيا لهذا العام بينما كان يحاول تضييق الفجوة الناجمة عن التقدم الكبير لحزب العمال المعارض في استطلاعات الرأي.

رفع الغرامات على أرباب العمل

كما قالت حكومة المملكة المتحدة الأحد إنها ستزيد الغرامات على أرباب العمل ومالكي العقارات الذين يسمحون لمهاجرين لا يحملون أوراقا رسمية بالعمل أو الاستئجار، في إطار إجراءات جديدة للحد من وصول المهاجرين إلى البلاد. فيما ستدخل الغرامات الجديدة حيز التنفيذ أوائل العام 2024، بحسب وزارة الداخلية التي لفتت إلى أن المرة الأخيرة التي خضعت فيها الغرامات للتعديل كانت في العام 2014.

وقالت وزارة الداخلية إن "التوظيف والتأجير غير القانونيين يشكلان عاملا جذب" للمهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم لدخول الأراضي البريطانية.

وأضافت الوزارة في بيان أن العقوبات المدنية على أرباب العمل ستتضاعف ثلاث مرات لتصل إلى 45 ألف جنيه إسترليني (57 ألف دولار) لكل عامل.

هذا، وسترتفع الغرامات المفروضة على أصحاب العقارات أيضا من ألف جنيه لكل مستأجر إلى 10 آلاف جنيه كحد أقصى، مع زيادة غرامات المستأجرين أيضا.

وأشارت إلى أن الغرامات ستكون أعلى في حال تكررت المخالفات، وعلى أرباب العمل والمالكين التحقق من أهلية العمال والمستأجرين.

وإلى ذلك، ستدخل الغرامات الجديدة حيز التنفيذ أوائل عام 2024، وفقا للوزارة التي لفتت إلى أن المرة الأخيرة التي خضعت فيها الغرامات للتعديل كانت في العام 2014.

ومن جهته، قال وزير الهجرة روبرت جينريك "إن جعل عثور المهاجرين غير الشرعيين على عمل في المملكة المتحدة مهمة أكثر صعوبة هو أمر حيوي لردع عبور القوارب الصغيرة الخطيرة وغير الضرورية".

كما وعد رئيس الوزراء ريشي سوناك بـ"وقف" وصول المهاجرين غير النظاميين إلى بلاده عبر بحر المانش على متن قوارب صغيرة تنطلق غالبا من السواحل الفرنسية القريبة.

شراكة مع شبكات التواصل الاجتماعي

وأيضا قالت الحكومة البريطانية السبت إنها أقامت شراكة جديدة مع شركات مواقع التواصل الاجتماعي من أجل رصد وتعقب المحتوى على الإنترنت الذي يدفع إلى الهجرة نحو المملكة المتحدة بطرق غير شرعية وخاصة التي تعتمد على القوارب.

وتستهدف الشراكة المعلنة بين وكالة الجريمة الوطنية البريطانية وشركات "ميتا" و"تيك توك" و"إكس" أو "تويتر" سابقا، المحتوى المرتبط بتهريب البشر، مثل عروض تأمين مستندات مزيفة والخصومات على هجرة المجموعات والمقاعد المجانية للأطفال والادعاءات الكاذبة بشأن المرور الآمن، وفق داونينغ ستريت.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك "لإيقاف القوارب، علينا مجابهة نموذج عمل مهربي البشر الأشرار من المصدر". وأضاف "هذا يعني تضييق الخناق على محاولاتهم لجذب الناس لعبور هذه الممرات غير القانونية والتربح من تعريض الأرواح للخطر". مؤكدا "هذا الالتزام الجديد من شركات التكنولوجيا سوف يجعلنا نضاعف جهودنا لمحاربة هؤلاء المجرمين، والعمل معا لإغلاق تجارتهم الوضيعة".

لكن إيفيت كوبر المتحدثة باسم الشؤون الداخلية في حزب العمال المعارض، قالت إن هذا الإجراء "ضئيل ومتأخر كثيرا"، متهمة الحكومة بأنها "لا تملك أدنى فكرة عن إصلاح الفوضى التي أحدثتها".

هذا، وتعد الهجرة سواء الشرعية أم غير الشرعية قضية سياسية رئيسية في بريطانيا، وكانت المحور الأساسي في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016.

* المصدر: وكالات، رويترز، فرانس برس

اضف تعليق