تتذكر المواطنة المغربية فاطمة شعوفي بحرقة شقيقها الذي توفي في قرية جزائرية على مرمى حجر من بيتها دون أن تتمكّن من وداعه، بسبب إغلاق الحدود بين البلدين، وحرمت عائلات عديدة مغربية وجزائرية يتوزع أفرادها بين جانبي الحدود من التواصل في ما بينها، بسبب إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب منذ 1994...

تتذكر المواطنة المغربية فاطمة شعوفي بحرقة شقيقها الذي توفي في قرية جزائرية على مرمى حجر من بيتها دون أن تتمكّن من وداعه، بسبب إغلاق الحدود بين البلدين، وحرمت عائلات عديدة مغربية وجزائرية يتوزع أفرادها بين جانبي الحدود من التواصل في ما بينها، بسبب إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب منذ 1994. بحسب فرانس برس.

في قرية أولاد بوعرفة الواقعة شرق مدينة وجدة المغربية، تنظر فاطمة الى القرية الجزائرية قبالتها حيث يعيش أقاربها الذين لم ترهم منذ سنوات، وتقول بينما تنظر إلى الجانب الآخر من السياج الفاصل بين البلدين "نحن قريبون جدا... لكننا بعيدون".

وتضيف متحدثة عند مدخل مزرعتها العائلية المتواضعة بعين دامعة "لم أتمالك نفسي عندما بلغني نبأ الفاجعة، فارتميت على السياج الحدودي محاولة اختراقه"، لكنها اكتفت عاجزة بمتابعة الموكب الجنائزي من بعيد، "بينما كان يمكن أن أكون هناك لو لم تكن الحدود مغلقة"، على غرار فاطمة، يمزّق إغلاق الحدود عائلات أخرى مؤثرا أيضا على الأوضاع المعيشية لبعضها، وأغلقت الجزائر حدودها مع المغرب ردا على قرار الأخير فرض تأشيرة لدخول أراضيه على المواطنين الجزائريين، متهما السلطات الجزائرية بالتورط في تفجير استهدف فندقا بالعاصمة السياحية للمملكة مراكش.

ودعا ملك المغرب محمد السادس في أواخر تموز/يوليو الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إعادة فتح الحدود، إلا أن تصاعد التوتر بين البلدين قبل أسابيع يجعل هذه الإمكانية مستبعدة، ففي آب/أغسطس الماضي، قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب متهمة المملكة بارتكاب "أعمال عدائية". بينما أعربت الرباط عن أسفها لهذا القرار، "رافضة مبرراته الزائفة"، ثم تزايدت حدة التوتر حين أعلنت الجزائر مقتل ثلاثة من مواطنيها في قصف نسبته إلى القوات المسلحة المغربية، في الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المملكة وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر.

مستقبل مظلم

ويعرب المواطن المغربي بشير الشاوش الذي يعيش في وجدة عن "أسفه لرؤية شعبين تفرقهما قرارات سياسية"، وقد فقد كل صلة بأعمامه وعماته وأبنائهم المقيمين في الجزائر، ويتابع بشير الذي رأى النور في مدينة العامرية الجزائرية العام 1951 قبل أن تعود عائلته إلى وجدة، "كانت الأمور مختلفة تماما قبل إغلاق الحدود. كنا نزور بعضنا البعض، كما أن التجارة كانت رائجة. لم نكن لنتخيل يوما الوصول إلى هذا الوضع".

على الرغم من إغلاقها منذ حوالي 30 عاما، بقيت الحدود المغربية الجزائرية منافذ للاتجار في المحروقات والسلع المهربة، إلى غاية العام 2013، في تلك السنة، شدّدت السلطات الجزائرية المراقبة بتعزيز الدوريات الأمنية وحفر خنادق "لمحاربة تهريب المخدرات"، الأمر الذي ردّت عليه الرباط بإقامة سياج حديدي تعلوه أسلاك شائكة.

ويتذكر السكان القلائل الذين لا يزالون يقطنون قرية أولاد بوعرفة بمرارة الفترة "المزدهرة على جانبي الحدود"، عندما كان التهريب النشاط الرئيسي في المنطقة، وكانت تجارة التهريب تشمل "جلب المحروقات من الجزائر لبيعها في المغرب مقابل بيع الثياب في الجزائر"، وفق محمد حضوري الذي له هو الآخر أقارب على الجانب الآخر من الحدود "مثل كل سكان المنطقة تقريبا"، ويضيف المهرب السابق أن سكان القرية اليوم "يتدبّرون أمرهم معوّلين على تربية المواشي، دون أن يكون ذلك كافيا لإعالة أبنائنا"، ويتابع الرجل الخمسيني متحسرا "مستقبلنا يبدو مظلما"، وتستطرد جارته مريم حميوي مستاءة "إنها ضربة قاسية بالنسبة إلينا، أبنائي الأربعة يعانون البطالة".

معاناة

ويأسف الناشط السياسي الجزائري المقيم في وجدة وليد كبير "للحسابات السياسية التي ترهن قضية إنسانية". ولا يظهر أي أفق اليوم لتحسّن علاقات البلدين، ويضيف كبير الذي يعمل في قطاع الاتصالات، "ليس هناك أي وجدي (نسبة إلى وجدة) ليس له أقارب في الجزائر، والأمر نفسه بالنسبة للجانب الجزائري. الإبقاء على هذه الفرقة خطأ جسيم"، وينطبق هذا الأمر على وليد الذي ينشط على موقع يوتيوب، "ويعيش معاناة نفسية" بسبب فراقه عن أهله الموجودين في الجزائر، وفق قوله، لكنه يتمسك بالأمل بإمكانية قيام "علاقات هادئة بين البلدين".

اضف تعليق