حاولت بريطانيا في البداية التكتم على قضية اختطاف محمد بن راشد آل مكتوم إحدى بنات حاكم دبي، لتجنب الحرج الرسمي مع الإمارات، لكن كل شيء تغيَّر، خاصةً مع الحكم الأخير لصالح الأميرة هيا فقد ارتبطت الملكة والشيخ محمد بن راشد بعلاقة وثيقة منذ عقود...

حاولت بريطانيا في البداية التكتم على قضية اختطاف محمد بن راشد آل مكتوم إحدى بنات حاكم دبي، لتجنب الحرج الرسمي مع الإمارات، لكن كل شيء تغيَّر، خاصةً مع الحكم الأخير لصالح الأميرة هيا فقد ارتبطت الملكة والشيخ محمد بن راشد بعلاقة وثيقة منذ عقود، من خلال حبهما المشترك لسباق الخيول، واعتاد الشيخ أن يحل ضيفاً على المقصورة الملكية في حلبة سباق Ascot Racecourse الملكية، لكن كل شيء تغيَّر، خاصةً مع الحكم الأخير لصالح الأميرة هيا إذ قالت صحيفة The Daily Mail البريطانية، إن المحقق ديفيد بيك الذي كان يُحقِّق في واقعة اختطاف الأميرة المراهقة شمسة في عام 2000 من كامبريدج على يد والدها حاكم دبي، حاول التحري عن اختطاف الأميرة لكنَّ تحقيقه أُغلِق لتلافي الحرج الرسمي، وحُفِظَت القضية وسط مزاعم بتدخل وزارة الخارجية البريطانية.

قال قاض بريطاني إن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي أمر بخطف ابنتيه وكان العقل المدبر وراء حملة تخويف لزوجته السابقة، في حكم من المرجح أن يكون ضربة قاصمة لصورة الشيخ محمد كمصلح في الشرق الأوسط، وقال القاضي آندرو ماكفارلاين إنه يعتبر سلسلة من المزاعم التي قالتها الزوجة السابقة الأميرة هيا بنت الحسين، وهي الأخت غير الشقيقة للعاهل الأردني الملك عبد الله، حقائق مثبته وذلك خلال معركة قانونية على الحضانة لطفليهما بالمحكمة العليا في لندن، وفرت الأميرة هيا إلى لندن في 15 أبريل نيسان العام الماضي مع طفليها الجليلة (12 عاما) وزايد (8 أعوام) خوفا على سلامتها وسط شكوك في أنها كانت على علاقة بأحد حراسها البريطانيين.

وقال محاموها إن معاملة الشيخ محمد لابنتيه الأكبر من زواج سابق أظهرت أن طفليها معرضان أيضا لخطر الخطف، وفي إطار المعركة القانونية للحصول على الحضانة بعد ذلك، قام القاضي ماكفارلاين، رئيس محكمة الأسرة في انجلترا وويلز، بإجراء سلسلة من "تقصي الحقائق" عن المزاعم التي قالتها الأميرة هيا خلال جلسات الاستماع على مدى الأشهر التسعة الماضية، وقال القاضي إنه قبِل زعمها الذي قالت فيه إن الشيخ محمد رتب لخطف ابنته شمسة، التي كانت وقتها في الثامنة عشرة من عمرها، من شوارع كمبريدج في وسط انجلترا عام 2000 وأعادها جوا إلى دبي.

كما أضاف أن من المثبت أن الشيخ رتب أيضا لخطف لطيفة الشقيقة الصغرى لشمسة من على متن قارب في المياه الدولية المقابلة للهند على يد قوات هندية في 2018 وأعادها للإمارة من ثاني محاولة لها للهرب، وقال ماكفارلاين إنهما بقيتا هناك "محرومتان من حريتيهما" وبعد إعلان الحكم قال الشيخ محمد إنه يقدم فقط "جانبا واحدا من القصة" وأضاف الشيخ محمد في بيان أصدره محاموه "بصفتي رئيسا للحكومة، لم أتمكن من المشاركة في عملية تقصي الحقائق التي قامت بها المحكمة.. وأدى ذلك لإصدار حكم ’تقصي حقائق‘ يخبر بالضرورة جانبا واحدا من القصة"، وقال إن قرارا يسمح بنشر الأحكام لا يصب في صالح حماية أبنائه "من التغطية الإعلامية، وهي الحماية التي يتمتع بها الأطفال الآخرون في قضايا الأسرة في بريطانيا".

حكم المحكمة البريطانية يعرض "جانبا واحدا من القصة"

قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ان الحكم الذي اصدر القاض البريطاني كبير بأنه أمر بخطف ابنتيه وعرض زوجته السابقة لحملة تخويف يعرض جانبا واحدا من القصة، وأضاف في بيان أصدره محاموه "بصفتي رئيسا للحكومة، لم أتمكن من المشاركة في عملية تقصي الحقائق التي قامت بها المحكمة... وأدى ذلك لإصدار حكم ’تقصي حقائق‘ يخبر بالضرورة جانبا واحدا من القصة"، وقال ايضاً إن قرارا يسمح بنشر الأحكام لا يصب في صالح حماية أبنائه "من التغطية الإعلامية، وهي الحماية التي يتمتع بها الأطفال الآخرون في قضايا الأسرة في بريطانيا".

أمر بخطف اثنتين من بناته

توصل قاض في لندن إلى هذه الاستنتاجات بعد معركة قضائية بين حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والأميرة وأثارت الأميرة هيا التي أصبحت عام 2004 الزوجة السادسة لحاكم دبي، ضجة كبيرة العام الماضي عندما فرت إلى لندن وأخذت معها طفليهما اللذين كانا حينها في الثامنة والـ12 من العمر، وأطلقت آلية قضائية غير مسبوقة ضد زوجها الذي طلقها في السر، على حد قولها، مطلع عام 2019 وتقدمت بطلب إلى قاضي شؤون الأسرة في المحكمة العليا في لندن، للحصول على حماية ابنتها من الزواج القسري وطالبت أيضا بالحماية من العنف وبحضانة أطفالها ومن جهته، طلب الشيخ محمد عودة طفليه إلى الإمارات.

وفي استنتاجات بشأن بعض النقاط في القضية، اعتبر القاضي أن الشيخ "تصرف اعتبارا من أواخر العام 2018، بطريقة تهدف إلى ترهيب وتخويف" الأميرة، وضمن هذه الآلية، طلبت الأميرة هيا من القضاء اتخاذ قرار، خصوصا بشأن مصير شمسة ولطيفة، وهما ابنتا الشيخ من زوجة أخرى، وبحسب القاضي، فإن الشيخ محمد "أمر ودبر" خطف هاتين الابنتين.

ترهيب

في الأحكام التي نشرت قبِل ماكفارلاين أيضا أن الشيخ محمد عرض الأميرة هيا لحملة من التخويف جعلتها تخشى على حياتها، وأضاف القاضي أن الشيخ الذي تزوج من هيا في 2004، طلقها في الذكرى العشرين لوفاة والدها الملك حسين وهو توقيت قالت إن اختياره كان متعمدا، وقال ماكفارلاين "خلصت إلى أن الأم دعمت قضيتها فيما يتعلق بما قالته عما حدث، فيما عدا استثناءات محدودة" ولم يحضر الشيخ محمد بن راشد (70 عاما)، الذي يشغل أيضا منصبي نائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء جلسات المحاكمة، وأمر محاميه بعدم تقديم دفوع مضادة للادعاءات التي يقولون إنه يرفضها.

ولا يرقى الحكم إلى حد اعتباره جريمة جنائية لكنه سيوجه على الأرجح ضربة لسمعة الشيخ محمد الذي يُنظر إليه عالميا على أنه صاحب الرؤية والقوة الدافعة وراء القفزة التي شهدتها دبي على الساحة الدولية، وردا على سؤال عما إذا كانت هذه التطورات ستؤثر على العلاقات التجارية للمملكة المتحدة مع دبي قال وزير الخارجية البريطاني دومنيك راب لرويترز في الرياض "سنبحث الأمر بعناية فائقة قبل القفز إلى أي استنتاجات".

ولمح محامو الأميرة هيا إلى أن وزارة الخارجية البريطانة تدخلت لعرقلة تحقيق للشرطة بشأن اختفاء شمسة وقال ماكفارلاين إن المحقق المسؤول عن التحقيق منع من مقابلة شهود محتملين في دبي لكن القاضي أضاف بأنه لم يتسن التأكد بشكل قاطع من أن هناك تدخلا مباشرا من وزارة الخارجية بطلب من الشيخ محمد أو دبي، وكان القاضي قد خلص إلى هذه الاستنتاجات في ديسمبر كانون الأول لكن الحكم خرج إلى العلن بعد رفع القيود المفروضة على إعلانه في أعقاب حكم المحكمة العليا البريطانية الذي صدر في وقت سابق برفض طلب الشيخ محمد بالاستئناف على قرار الإعلان.

وقال ماكفارلاين إن المزاعم التي أوردتها الأميرة هيا عن خطف وتعذيب شمسة ولطيفة والتهديدات التي وجهت إليها ثبت صحتها ما عدا زعمها ببحث مسألة زواج الجليلة بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكان القاضي قد أصدر في يوليو تموز أمرا مؤقتا بحماية الجليلة من الزواج القسري بناء على مخاوف الأميرة هيا لكنه قال إن هذا الأمر استند فقط إلى أقاويل، وتزوج الشيخ محمد بالأميرة هيا التي يعتقد أنها الزوجة السادسة، عام 2004 وقال ماكفارلاين في حكمه إنه في فترة ما من عام 2017 أو 2018 كانت على علاقة بأحد حراسها الشخصيين وتدهورت علاقتها بزوجها أوائل عام 2019 عندما غادرت دبي.

وقال محامي الشيخ محمد للمحكمة إن هيا أغلقت الحسابات المصرفية للطفلين وسحبت نحو 32 مليون دولار قبل وصولها إلى بريطانيا، وحضرت الأميرة هيا كل جلسات القضية بصحبة فريقها القانوني الذي ضم فيونا شاكلتون التي مثلت ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في قضية طلاقه من زوجته الأولى الراحلة الأميرة ديانا، وقدمت الأميرة هيا شخصيا الأدلة على مزاعمها في نوفمبر تشرين الثاني وأبلغت ماكفارلاين بأنها تخشى أن يختطف الشيخ محمد طفليها ويعيدهما إلى الإمارات وهو ما يعني أنها لن تراهما أبدا، وقالت "رأيت ما حدث لأختيهما ولا أستطيع أن أواجه حقيقة حدوث نفس الشيء لهما".

محاولة فرار

وفي آذار/مارس 2018، أعلنت ابنته لطيفة آل مكتوم (32 عاما) في فيديو نشرته عبر يوتيوب أنها تريد الفرار من بلادها، وبدت الشيخة على وشك البكاء، وقالت إنها تعرضت "للتعذيب"، وقد سجنها والدها "لثلاثة أشهر" بعد محاولة أولى للفرار عندما كانت مراهقة عام 2002 منتقدة والدها الذي اعتبرت أنه "لا يفكر إلا بصورته"، وأنه "دمّر حياة الكثير من الأشخاص"، وقالت "أنا أسجّل هذا الفيديو في حال فشلت" ونُشر الفيديو بعد فشل محاولة الفرار الجديرة بأن تكون فيلم رعب إذ انطلقت الشيخة على متن مركب شراعي في 24 شباط/فبراير 2018 في وقت كان فيه البحر هائجا.

وكسرت حكومة دبي الصمت بشأن هذه القضية في 17 نيسان/أبريل 2018 وأكدت أن الأميرة "أعيدت" إلى عائلتها وأنها بحال "جيدة"، وحاولت شقيقتها شمسة عندما كان عمرها 18 عاما، وهي من مواليد 1981، الفرار من والدها عام 2000 أثناء قضائها عطلة في بريطانيا، وبحسب رواية لطيفة، فقد عُثر على الشابة بعد شهرين من فرارها "تحت تأثير المخدرات"، وأُعيدت إلى دبي على متن مركب خاص و"تعرضت للسجن".

اضف تعليق