دمشق (رويترز) - في البلدة القديمة في دمشق دفعت الحرب السورية أسرة بأكملها إلى حمل السلاح.. فالاخوة داود الذين نشأوا في حي باب توما المسيحي القديم يقولون ان المسلحين الذين يقاتلون الرئيس بشار الاسد يمثلون تهديدا وجوديا لهم.

وانضم الإخوة الثمانية إلى قوات الدفاع الوطني التي تعمل تحت إشراف الجيش السوري منذ تشكيلها في عام 2012 وقتل إثنان منهم في معركة مع المسلحين جرت العام الماضي في منطقة الدخانية القريبة.

صورهما بالزي العسكري تقودك إلى منزلهما داخل الأزقة الضيقة حيث مازال الاخوة الباقون يقطنون مع عوائلهم ويتوزع كل أخ وعائلته في غرفة خاصة تحيط بالباحة التي تتوسط المنزل.

وقال إبراهيم داود (53) الذي يلبس في عنقه قلادة تحمل صور اخويه "نحن ندافع عن أرضنا وبيوتنا وأنفسنا مهما كلف الثمن. ما في خوف. هذه معركة الحياة."

وأضاف "أنا مدرس موسيقى شرقية ولكن نحن بالمقابل نحب شعبنا ونحب أهلنا ولا نستطيع أن نجلعهم يقتربون من أهلنا."

ومع بداية الصراع السوري عانى الجيش من إنشقاقات انضمت إلى صفوف المسلحين. واعتمدت الحكومة على قوات محلية في المناطق الموالية لها للمساعدة في التصدي للمسلحين بما في ذلك الاسلاميين السنة المتشددين الذين هيمنوا في نهاية المطاف على قوات المعارضة.

وتقدر أعداد قوات الدفاع الوطني بعشرات الالاف وهي تلعب دورا أساسيا في جهود الدولة في الحرب التي تقدر الامم المتحدة عدد ضحاياها بأكثر من 200 الف.

والاخوة داود يشكلون عينة من قاعدة الدعم التي تساعد الجيش السوري في الحرب التي على وشك ان تدخل عامها الخامس. والكثير من المسيحيين هم من انصار الاسد ويعتبرونه حصنا ضد المتشددين بما في ذلك تنظيم الدولة الاسلامية الذي مارس أعمالا وحشية منها قطع الرؤوس والحرق وشق الصدور واجبار الاقليات على اعتناق الاسلام.

وقال ناجي دواد 49 عاما وهو أحد الاخوة ان اخويه عامر وبشار اللذين قتلا في سبتمبر ايلول الماضي خاضا معارك في محيط دمشق وأبعد من ذلك أيضا.

ومن ضمن هذه المعارك معركة يبرود وهي بلدة قرب الحدود مع لبنان كان قد أحكم الجيش السوري سيطرته عليها بمساندة حزب الله اللبناني. وتكريما لحزب الله ولأمينه العام السيد حسن نصر الله أنشد إبراهيم داود مدرس الموسيقى أغنية بمرافقة العود.

وفي غرفة جلوسه بجانب مكبرات للصوت يعرض ناجي صاروخا فارغا يفتخر بانه أطلقه خلال معركة في جوبر وهي منطقة على أطراف دمشق الشرقية حيث مجموعات المسلحين تقصف باب توما بقذائف المورتر والصواريخ باستمرار. وسقط أحد هذه الصواريخ على منزل داود في يناير كانون الثاني.

وقال ناجي الذي كان يرتدي سترة عسكرية ويعلق على كتفه الايمن شارة الدفاع الوطني "أنا كمقاتل كلما يزدادون إصرارا على القضاء علينا نحن نزداد إصرارا للدفاع عن أنفسنا ومهاجمتهم."

ورفع ناجي سترته للكشف عن الندوب جراء اطلاق النار عليه من قبل مسلحي الاخوان المسلمين اثناء تأديته الخدمة العسكرية في الثمانينات.

ويحتفظ على الكومبيوتر القديم بفيديو نشر على الانترنت يظهر جثتي أخويه في معركة الدخانية. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتابع الحرب في سوريا إن المجموعات المسلحة التي كانت تقاتل في الدخانية كانت تابعة لجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وقال ناجي داود "بالنسبة للشهداء أخويي لم يتركا زاوية لم يقاتلا فيها ... ولو إستشهد منا الثالث نحن سنكمل الطريق."

ويقوم الاخوة داود بمراقبة تحركات الغرباء في باب توما ويقفون على نقاط التفتيش ويساعدون في نقل الضحايا الى المستشفيات عندما تنهمر القذائف على المنطقة. وفي وقت سابق من فبراير شباط قتلت سيدة في الثمانينات من عمرها جراء سقوط قذيفة على منزلها.

وقال ابراهيم داود "بالنسبة لنا أكثر ما يقلقنا هو بيوتنا وحينا."

 

اضف تعليق