q
إذا كانت في إمكانك محاولة رؤية القلق كحالة مؤقتة وعابرة – على أنها جزء من كونك إنساناً ويمكن أن تؤثر في أي شخص في أي وقت – فمن المرجح أن تجد الدافع للتخلص من الانزعاج والبحث عن مزيد من الطرق البناءة للتعامل معها. يطلق علماء النفس على...
  1. واجه مخاوفك

من الطبيعي أن ترغب في تجنب المواقف التي تجعلك قلقاً، ولكن على المدى الطويل، من المحتمل أن يؤدي ذلك فقط إلى تأجيج قلقك. عندما تتجنب المواقف التي تثير القلق، فأنت لا تخاطر فقط بتفويت فرص مهمة في حياتك، ولكنك لن تتمكن أبداً من ”التحقق واقعياً“ من أسوأ مخاوفك. كأن تذهب، مثلاً، لحضور لقاء من دون أن تخرج منه بنتيجة كارثية، أو أن تستقل الطائرة وتجد أنها واصلت رحلتها بأمان.

يمكن للمخاوف التي لا نواجهها على أرض الواقع أن تنمو وتتفاقم، عندما نفترض أننا محاطون بهالة غير متناسبة من الخطر. في المقابل، عندما تواجه مخاوفك وتجد أن الأسوأ لا يحدث، يسمي علماء النفس ذلك ”انتهاك التوقعات“ Expectancy-violation. لقد فجرت الفقاعة المؤلمة. بتقويض توقعاتك السلبية مثل هذه، فإنك تدرب عقلك تدريجياً على أن يكون أقل قلقاً. المصطلح التقني لمواجهة مخاوفك وقلقك هو ”التعرّض“ Exposure. وستكون فكرة جيدة أن تبدأ تدريجياً. اختر موقفاً أو تحدياً تجده مثيراً للقلق على نحو طفيف وجرِّبه (باستخدام مجموعة أدوات الطوارئ الخاصة بك قبل وفي أثناء وبعد بحسب الاقتضاء). إذا كان التعرض في الحياة الواقعية أمراً شاقاً جداً، يمكنك حتى محاولة الاضطلاع بذلك في مخيلتك.

  1. ممارسة الرياضة بانتظام

إن تخصيص حيز من الوقت وبناء فرص لممارسة الرياضة البدنية ضمن نمط حياتك ليس مفيداً لجسمك فحسب، بل إنه مفيد لعقلك أيضاً. أظهرت الدراسات أن التمارين الرياضية يمكن أن تعزز الحالة المزاجية وتقي من الاكتئاب. يميل الأشخاص الأنشط بدنياً أيضاً إلى أن يحققوا فوائد في سماتهم الشخصية بعد سنوات، بما في ذلك إبقاء عصابيتهم تحت السيطرة. تظهر أبحاث أخرى أن التمارين المنتظمة يمكن أن تساعد على درء خطر الإصابة باضطراب القلق.

هناك عديد من الأسباب التي تجعل لممارسة الرياضة كل هذه الفوائد، بما في ذلك الإلهاء وتكوين صداقات وتحسن الصحة البدنية، وكلها يمكن أن تكسر الروابط المعروفة بين ضعف الصحة والقلق.

هناك سبب آخر يجعل التمارين البدنية –خاصة التمارين القوية– أداة رائعة للتغلب على القلق، وهو أنها يمكن أن تجعلك تعتاد نوعَ الأحاسيس الجسدية التي تغذي القلق، مثل تسارع ضربات القلب والشعور بضيق التنفس.

إذا كنت معتاداً هذه الأحاسيس في فصل الجري الأسبوعي أو تمرينات الملاكمة، فلن تكون مقلقة جداً في المرة المقبلة التي يتعين عليك فيها إلقاء كلمة أمام جمع من الناس أو الذهاب إلى مقابلة عمل.

  1. خفِّف من تناول الكافيين

سواء كان ذلك قهوة إسبريسو الصباحية أو مشروب الطاقة في صالة الألعاب الرياضية، قد يكون الكافيين جزءاً لا يتجزأ من روتينك، بحيث إنك لا تتوقف برهة لتفكر فيه على أنه في الواقع منبه نفسي؛ أي إنه مادة كيميائية تؤثر في الدماغ. على وجه التحديد، يعمل الكافيين على تعطيل عمل الأدينوزين Adenosine الكيميائي في الدماغ الذي يعمل عادةً على تهدئتنا فسيولوجياً بخفض ضغط الدم وإبطاء التنفس، مثلاً. هذا التأثير العصبي رائع لأنه يجعلنا نشعر بمزيد من اليقظة والنشاط ولكنه ليس موضع ترحيب على الإطلاق إذا كنا عرضة للقلق.

لذا فإن أحد التغييرات المتواضعة في نمط الحياة التي يجب إجراؤها على المدى الطويل لتقليل مستويات القلق لديك هو استهلاك كمية أقل من الكافيين، من دون أن ننسى أنه موجود أيضاً في الشوكولاتة والشاي. في الواقع، إذا كنت شخصاً قلقاً وتستهلك حالياً كمية زائدة من الكافيين، فمن الممكن أنه يساهم إلى حد كبير في مشكلاتك، حتى أن الطب النفسي يصنف ”اضطراب القلق الناجم عن الكافيين“ Caffeine induced anxiety disorder كنوع فرعي من التشخيص الرسمي لما يعرف باسم ”اضطراب القلق الناجم عن المواد الكيميائية والأدوية“ Substance or medication induced anxiety disorder.

  1. أعد النظر في علاقتك طويلة الأمد مع القلق

إذا تكوَّن لديك اعتقاد بأن القلق هو جزء أساسي ودائم من هويتك، فإنك عندما تواجه مواقف تجعلك تشعر بعدم الارتياح أو الخوف، من المرجح أن تستسلم لعدم الراحة وتنسحب بأسرع ما يمكن.

في المقابل، إذا كانت في إمكانك محاولة رؤية القلق كحالة مؤقتة وعابرة – على أنها جزء من كونك إنساناً ويمكن أن تؤثر في أي شخص في أي وقت – فمن المرجح أن تجد الدافع للتخلص من الانزعاج والبحث عن مزيد من الطرق البناءة للتعامل معها. يطلق علماء النفس على هذا المنظور الأخير ”عقلية النمو“ Growth mindset بدلاً من ”العقلية الثابتة“ Fixed mindset.

ربما سمعت بهذه المصطلحات مُستخدمة في مجال الذكاء والتعلم، لكن الأبحاث الناشئة تقترح أن التمييز ينطبق أيضاً على الكيفية التي نفكر وفقَها في تجارب القلق لدينا. لذلك أعد النظر في علاقتك بالقلق وتذكر أنه يمكن أن يكون مفيداً ويمكن ترويضه.

* بقلم: د. كريستيان جاريت، عالم نفس وكاتب.

** المصدر: مجلة مدار، العدد سبتمبر - أكتوبر 2023

https://madar.aspdkw.com/

اضف تعليق