q
إنسانيات - علم نفس

هل من المعيب أن يبكي الرجل؟

من البدائل الناجحة هي تغير بوصلة تفكير الناس حول وجوب بكاء الانسان وتعبيره عن مشاعره من عدمها عبر العلاج المعرفي السلوكي لمن يعتقد ان مثل هذه الامور هي اخطاء يجب ان لا تكون، وحين يتم اقناع الانسان بأن هذه الامور هي من طبيعة الانسان وليست دخلية عليه...

في الثقافة العربية رسخت قيماً ومفاهيماً مشوهة حول الصورة التي يجب ان يكون عليها الرجل، فالخروج عنها يعد منقصة فمن هذه الثوابت التي وضوعها لصورة الرجل العربي انه لا ينبغي له البكاء ولا التعبير عن مشاعر الحزن او الخوف او غيرها من المشاعر الانسانسية الطبيعية، اذ ان التعبير عنها يقلل من احترامه ويضعه في خانة الضعفاء وبالتالي يفقد هيبته، اليوم في مقالنا هذا وودنا الاضاءة على معضلة تعبير الرجل عن مشاعره، فكيف نواجه هذه المشكلة وكيف نصحح النظرة الخاصة بها؟

في هذا السياق وتأكيداً على ماطرحناه يقول الدكتور المختص في التربية وعلم النفس (شعبان عبد اللطيف) " لم توفر البيئة العربية للرجل الدعم المعنوي وحملته مسؤوليات كبيرة ومنها ان يكون أكثر صلابة عن المرأة وبالتالي أكثر قدرة على التفكير بهدوء وأخذ القرار الحاسم، وعندما يحزن ويبكي فهو لا يرغب في إظهار هذه المشاعر للآخرين، ليس لأن الحزن والبكاء من الأشياء المعيبة بل لأنها صفات ترتبط بالضعف خاصةً بالنسبة للأب الذي يعتبر الملهم والحامي لأبنائه بالتالي لا يمكنه أن يشتكي أو يتعب أو يبكي".

نتفق جميعنا ان الرجل يجب ان يتصف بالقوة والشدة والصبر وتحمل المصائب اكثر من النساء لان تركيبته مختلفة وهي داعمة لان يكون كذلك، لكن الدعوة عن امتناعه عن البكاء و التعبير عن مشاعره يعد نوعاً من انواع الاضطهاد له وربما هي دعوة له للاسنلاخ عن انسانيته التي تكون المشاعر جزء مهم من وعيه بذاته مما ينعكس على تعامله مع الآخرين ونجاحه في حياته العملية والأسرية.

اين الخطورة؟

خطورة كبت المشاعر تكمن في انها تتراكم الى الحد الذي يجعلها تنفجر عليه يوماً ما فيخسر صحته الجسدية في حال تعرض الى الجلطات الدماغية والقلبية علاوة الازمات النفسية التي تنتج من كبت المشاعر وهو ما ينال من رصيد صحته النفسية بالضرورة، وبالتالي ما الفائدة من خسارة الانسان لصحته قبالة ربح رضا المجتمع عنه؟، لذا ينبغي ان يحسب الانسان العواقب والمكاسب في كل تصرفاته وسلوكياته الحياة ويحكم عقله عند الامتناع او العكس.

ما البدائل:

من البدائل الناجحة هي تغير بوصلة تفكير الناس حول وجوب بكاء الانسان وتعبيره عن مشاعره من عدمها عبر العلاج المعرفي السلوكي لمن يعتقد ان مثل هذه الامور هي اخطاء يجب ان لا تكون، وحين يتم اقناع الانسان بأن هذه الامور هي من طبيعة الانسان وليست دخلية عليه يمكن ان يغير من انتقاده لمن يمارسها فلا ينتقدهم او يعرضهم للحرج.

وحين يخشى الانسان التعرض للانتقاد من الاخرين عليه ان يغادر تلك المجموعة ويندمج في مجموعة اخرى لا يخشون إظهار حزنهم، اذ ان إحدى أكثر المهام تحدّيا هي الانفتاح على أشخاص آخرين والتوافق معهم مما يجعله يعيش بينهم وبالتالي يمدونه بالامن النفسي مما يعزز ثقته بنفسه ويرفع لديه مستوى الصحة النفسية.

ومن الاهمية بمكان ان يتقبل الانسان انتقادات الاخرين واعتبار ما يقمون به ليس صحيحاً بل الصحيح هي الاستجابة لمواقف الحزن والهم والقلق والتعبير عما يشعر به، والحل لهذه المعضلة يكمن في تقبل عواطفنا وليس الابتعاد عنها مرعاةً لهذا او ذاك، وبهذه الامور يمكن ان يواجه الانسان الخوف من التعبير عن مشاعر والتغلب على النظرة الخاطئة تجاهها.

اضف تعليق