إنسانيات - علم نفس

ماذا بعد الصدمة؟

اغلب الناس ان لم يكن جميعهم تعرضوا في يوماً ما لمواقف حياتية صادمة، كموت اخ او احد افراد العائلة بشكل مفاجئ، انهيار منزل نتيجة للفيضان، احتراق محل تجاري لاحدهم، وغيرها من صور الصدمات واشكالها، اذ ان مثل هذه الصدمات ستخلف بعدها حزن وقلق وخوف واجترار للذكريات...

يعيش الانسان حياته وهو يمارس انشطة مخطط ومستعد لها نفسياً وجسدياً، لكن بعض الاشياء تحدث بصورة مفاجئة لم يحسب لها حساب، والمؤذي منها ما يتعلق بالامور السلبية التي تنزل كالصواعق على رأس الانسان وتفقده صوابه وهذا الذي يعرف بالصدمة التي تخلف وراءها انعكاسات نفسية مرهقة ان لم يحسن الانسان التعامل معها، واعني اضطراب ما بعد الصدمة، فما هو هذا الاضطراب؟، وما هي انعكساتها على شخصية الانسان؟، وكيف نتعامل معها؟

يمكننا تعريف اضطراب ما بعد الصدمة بأنه اضطراب نفسي قد يحدث بعد تعرض الشخص لحدث صادم أو مؤلم أو مشاهدته له، مثل الكوارث الطبيعية، أو حوادث السير، أو الاعتداء الجسدي أو الجنسي وغيرها من الخبرات غير السارة التي تغير نمط حياة الانسان.

اغلب الناس ان لم يكن جميعهم تعرضوا في يوماً ما لمواقف حياتية صادمة، كموت اخ او احد افراد العائلة بشكل مفاجئ، انهيار منزل نتيجة للفيضان، احتراق محل تجاري لاحدهم، وغيرها من صور الصدمات واشكالها، اذ ان مثل هذه الصدمات ستخلف بعدها حزن وقلق وخوف واجترار للذكريات وبعضها يتعالج بمرور الزمن وبعضها الاخر يستمر فترات ربما لسنوات.

تزيد احتمالية الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة عند النساء عن الرجال، حيث ان النساء هي الاكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، وهذا يعود الى الطبيعة التكوينية لهن بالاضافة الى المنظومة النفسية التي تختلف كثيراً عن الرجال فهم يقاومون اكثر ويغادرون الازمة بصورة اسرع.

ما هو مقياس الاصابة باضطراب ما بعد الصدمة؟

لا يستطيع حتى المختص ان يجزم بكون الفرد مصابا باضطراب ما بعد الصدمة الا اذا استمرت الاعراض لديه بعد اكثر من شهر كامل على الاقل من التعرض للموقف الصادم، ويساعد تاريخ المصاب الطبي في التأكد من الاصابة فحين يكون في عائلته من سبقه في الاصابة فهذا يعني انه مهيأ للاصابة اكثر من سواه.

كما ينبغي أن تكون هذه الأعراض استمرت أكثر من شهر وتتداخل مع الحياة اليومية بشكل كبير مع مراعاة ألا تكون ناجمة عن حالة طبية أخرى أو تعاطي المخدرات، كل هذه المعايير كفيلة بالكشف عن حالات الاصابة باضطراب ما بعد الصدمة، علاوة على بعض الاعراض الظاهرية التي سنذكرها.

الاعراض:

من جملة الاعراض التي تبدو واضحة على سلوكيات المصاب انه يسترجع الذكريات بشكل متكرر ومنها ذكريات الماضي كما يتذكر ذكريات حية وتطفلية لهذا الحدث، ويعاني المصاب من كوابيس متكررة عن الحدث ايضاً، يحاول الشخص الناس أو الأماكن أو المواقف التي قد تذكره بالصدمة.

ومن الاعراض الاخرى الرغبة في الانفصال والعزلة عن العائلة والأصدقا، غياب الجدية في اداء الاعمال اليومية، عدم القدرة على التعبير عن المشاعر وكبتها مما يجعلها عبئاً ثقيلاً عليه، الانفعال والاثارة المبالغ بهما ولابسط الاسباب، صعوبة في التركيز وينتج من ذلك صعوبة في الاستذكار، شعور دائم بالحذر من اي شيء او سلوك يقوم به.

كيف نواجه اضطراب مابعد الصدمة؟

لمواجهة هذا الاضطراب المؤذي تنفع واحد اوكثر من الطرق والاساليب النفسية منها:

العلاج السلوكي المعرفي الذي يمارسه المختص النفسي لتغير افكاره عميله المتعرض للازمة النفسية وهو ما يمكن أن يساعده على إزالة الحساسية للصدمة وتقليل الأعراض تدريجياً، على سبيل المثال لو ان احد مصدوم بوفاة شخص قريب منه بحادث سير يستطيع هنا المعالج بأقناعه بأنه مقدر له ان يموت بهذا السبب وهذا لا يعني ان لا يركب سيارة او لا يقود سيارة.

من الاساليب الاخرى للعلاج هي جماعات الدعم النفسي التي يتسطيع عبرها المصاب مناقشة مشاعره مع أشخاص آخرين لديهم اضطراب ما بعد الصدمة، وسيساعده ذلك على إدراك أن أعراضه ليست غريبة وأنه ليس وحيداً وبالتالي تهون عليه مصيبته، اضافة الى مغادرة مكان الصدمة ولو فترة زمنية محددة له اثر في التخفيف من الصدمة، واخيراً للسفر اثر فعال في الترويح النفسي للانسان لمواجهة ازماته النفسية وبهذه الامور يمكن ان نقضي على اثار الصدمات او نقلل من اثارها على اقل تقدير.

اضف تعليق