يواجه العراق أزمة قطع كهرباء في قمّة موسم الصيف الحارّ في مناطق واسعة من الوسط والجنوب، ممّا أدّى إلى اشتعال حركة احتجاجات واسعة في البصرة وذي قار وديالى ومناطق أخرى من وسط العراق وجنوبه. وفي زيارته إلى محافظة ديالى في 9 تمّو/يوليو، أرجع رئيس الوزراء...
بقلم علی معموري

 

بعد قطع إمدادات الكهرباء من إيران، تشهد مختلف مناطق الوسط والجنوب في العراق موجة احتجاجات واسعة، تطالب بتقديم حلول كافية لأزمة الكهرباء المستمرّة والمتصاعدة في موسم الصيف.

يواجه العراق أزمة قطع كهرباء في قمّة موسم الصيف الحارّ في مناطق واسعة من الوسط والجنوب، ممّا أدّى إلى اشتعال حركة احتجاجات واسعة في البصرة وذي قار وديالى ومناطق أخرى من وسط العراق وجنوبه.

وفي زيارته إلى محافظة ديالى في 9 تمّو/يوليو، أرجع رئيس الوزراء حيدر العبادي سبب قطع الكهرباء إلى إيقاف إيران خطوط الكهرباء التي يستوردها العراق منها بسبب النقص الحاصل لديها وحاجتها إليها، موضحاً أنّ "النقص في الطاقة الكهربائيّة كان بسبب إيقاف خطوط الكهرباء التي يستوردها العراق من إيران، بفعل نقص الطاقة الحاصل لدى الأخيرة وحاجتها إلى الكهرباء، الأمر الذي أفقد العراق نحو 1400 ميغاواط، وانعكس على ساعات التجهيز في محافظات بينها ديالى"، واعداً بأنّ الأزمة ستنتهي قريباً، في ظلّ محادثات مستمرّة مع الجهة الإيرانيّة لإعادة الخطوط إلى الخدمة.

ولكنّ المتحدّث باسم وزير الكهرباء العراقيّ محمّد فتحي، كان قد أعلن في 8 تمّوز/يوليو أنّ سبب قطع إيران الكهرباء المصدّر إلى العراق هو جرّاء تراكم الديون المستحقّة على بغداد.

ويبدو أنّ السببين كان لهما التأثير في قطع إمدادات الكهرباء من إيران إلى العراق، حيث بالفعل على العراق حجم كبير من الديون إزاء الكهرباء المستوردة سابقاً، وإيران تعاني أيضاً من شحّة في الكهرباء في العاصمة طهران وبعض المدن الجنوبيّة بسبب ازدياد استخدام الكهرباء في الصيف.

وهذه ليست المرّة الأولى التي تقطع إيران إمدادات الكهرباء عن العراق، حيث حصل ذلك في أوائل عام 2017 بسبب تراكم أكثر من ملياري دولار ديون مستحقّة لإيران. وقد قام العراق بتقسيط الديون ضمن اتّفاقيّة إعادة إمدادات الكهرباء. كما أنّ تراكم الديون في تمّوز/يوليو 2016 أدّى إلى قطع الكهرباء عن العراق لمدّة شهرين ولم تتمّ إعادة إيصالها إلّا بعد قيام العراق بدفع قسم من الديون.

ويستورد العراق منذ عام 2005 بين 1500 و2000 ميغاواط من إيران لتغطية نقص إنتاجه الداخليّ. ويحتاج العراق إلى أكثر من 23 ألف ميغاواط/ساعة من الطاقة الكهربائيّة، لتلبية حاجات السكّان والمؤسّسات من دون انقطاع. ولكن لا يستطيع إنتاج أكثر من 15 ألف و700 ميغاواط من الكهرباء، ممّا يؤدّي به إلى الحاجة إلى الاستيراد من الخارج. وتزداد عادة نقمة المشكلة في موسم الذروة في فصل الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئويّة يتزامن مع تكرار الانقطاعات في الشبكة الوطنيّة للكهرباء.

ويشهد العراق منذ بداية الأسبوع موجة احتجاجات واسعة في مدن مختلفة أدّت بعضها إلى العنف. فقد أطلقت القوّات الأمنيّة النار على المتظاهرين في 8 تمّوز/يوليو في قضاء كرمة علي، ممّا أدّى إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين. وباشر المحتجّون في قضاء المدينة في شمال محافظة البصرة بنصب خيم على الطريق العامّ. كما أنّ مدينة الكوت مركز محافظة واسط، منطقة سوق الشيوخ في محافظة ذي قار ومناطق مختلفة أخرى في محافظتي النجف وبابل تشهد حركة احتجاجات مستمرّة، أدّى بعضها إلى قطع شوارع المدينة، مندّدة بضياع المليارات على ملفّ الكهرباء وهدرها من دون تطوير الخدمة، ومطالبة بتحسين خدمات الكهرباء. وشهدت محافظة ميسان في جنوب البلاد، تظاهرات ليليّة بدل النهار، بسبب صعوبة التجمّع في الحرّ البالغ أكثر من 50 درجة مئويّة.

ولم تكشف الحكومة العراقيّة عن قيمة الديون المترتّبة عليها إزاء الكهرباء المستوردة من إيران، ولكنّ مسؤولاً في وزارة الكهرباء العراقيّة كشف لـ"المونيتور"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أنّ الديون هي في حدود المليار دولار.

ويضيف وكيل وزارة الكهرباء العراقيّة عادل جريان في تصريح له إلى راديو المربد في 9 تمّوز/يوليو، سبباً آخر للأزمة، حيث يقول إنّ موضوع الديون المترتّبة على الوزارة ليس بالجديد وإنّ وزارته مستمرّة في دفع الديون على شكل دفعات، مؤكّداً أنّ "المشكلة في تسديد الديون تعود الى حصول عرقلة في آليّة دفعها بفعل العقوبات الجديدة التي فرضت على إيران"، بعد خروج الولايات المتّحدة الأميركيّة من الاتّفاق النوويّ مع إيران، مبيّناً أنّ هناك مفاوضات مستمرّة بين البلدين لإيجاد آليّة جديدة لدفع تلك المستحقّات.

وفي بيان لها في 9 تمّوز/يوليو، أكّدت وزارة الكهرباء العراقيّة أنّ المفاوضات مستمرّة مع الجهة الإيرانيّة، منوّهة بأنّ إمدادات الكهرباء الإيرانيّة ستعود من جديد قريباً. لا يوضح البيان بالتحديد كيفيّة الحلول المقترحة، ولكنّ المصدر السابق ذكره أوضح لـ"المونيتور" أنّ الطرفين يبحثان عن آليّات دفع المبالغ بطرق غير متداولة، خارج إطار قنوات التبادل الماليّ العالميّ المعرّض لعقوبات أميركيّة، وضمن أقساط متناسبة لوضع العراق، وبعد انتهاء أزمة الكهرباء في إيران.

ويظهر ذلك أنّ إعادة الإمدادات سوف لا يتمّ خلال أيّام قليلة، بل هناك حاجة إلى وقت أكبر لتجاوز العراقيل السابقة الذكر، وخصوصاً النقص الذي يشهده الداخل الإيرانيّ نفسه.

وأخيراً، تطرح المؤشّرات السابقة السؤال عمّا إذا كانت الاحتجاجات الجارية في العراق ستخمد تدريجيّاً بعدما يتمّ التعايش مع الواقع الجديد، أم ستتطوّر الاحتجاجات إلى موجة غضب عارمة تدخل العراق في حالة عدم استقرار جديدة.

http://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق