بقلم: انتوني كوردسمان
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
نقلا عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS /واشنطن.
ترجمة: وحدة الترجمة في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

 

لا تستطيع الولايات المتحدة الامريكية التعامل مع الاتفاقية النووية مع إيران بشكل مبسط، او اهمال الحقيقة ان إيران تمتلك تهديداً استراتيجياَ مهما للمصالح الحيوية الامريكية، رغم انها لا تمتلك قوات عسكرية نظامية حديثة او اسلحة نووية، الا انها تعتبر تهديداَ اقليمياَ مهما للأسباب الاتية:

- يستمر القائد الايراني الاعلى، ورجال الدين المتشددين، وفيالق الحرس الثوري الايراني بمواقفهم العدائية للولايات المتحدة الامريكية وشركائها الاستراتيجيين من العرب في المنطقة. وقد قاموا بتغذية الجانب الشيعي بتصعيد التوتر بين السنة والشيعة وبقية الفرق الاسلامية، والتي تزايدت على الجانب السني بسبب وجود حركات مثل القاعدة و" دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام". وبعبارة اخرى، جعلوا من إيران تهديداً متناميا وأغفلوا الاهتمام الرئيس بخيارات اخرى.

- تقوم إيران بتطوير قدرات خاصة تقليدية لسلاح الصواريخ وتحاول توفير الارشاد الدقيق لضرب الاهداف العسكرية والاقتصادية والبنى التحتية بشكل دقيق في جميع منطقة الخليج، وابعد من ذلك جغرافياً. وتتوفر لإيران الامكانات لبناء الصواريخ البالستية العابرة للقارات، الا ان تهديدها الدولي يتركز على قدراتها الحالية في ضرب الاهداف في المنطقة والجهود التي تحاول التوصل اليها في الاستهداف الدقيق للصواريخ البالستية وصواريخ كروز بحيث تستطيع تدمير الاهداف الرئيسة لدرجة تتمكن بها من الاستعاضة باستخدام "الاسلحة ذات التأثير الشامل" وليس الاسلحة ذات التدمير الشامل.

- تمكنت إيران من تطوير خليط من الصواريخ للقوات البحرية والجوية التي يمكن ان تشكل تهديداً رئيساً لتدفق الملاحة والصادرات النفطية والغازية والمنتجات الاخرى من منطقة الخليج.

ويؤدي استقرار تدفق نفط، والمنتجات النفطية والغاز الخليجي الى انحاء العالم الى التأثير على كلفة الطاقة في الاقتصاد العالمي. ويعتبر هذ التدفق أمراً حيوياً للصناعيين في اسيا وأوروبا، والاقتصاد العالمي والواردات والوظائف الامريكية. ومن المحتمل ان تصل الولايات المتحدة الامريكية الى مرحلة الاكتفاء في مجال الطاقة فيما يتعلق بالنفط والغاز، الا ان تقرير إدارة معلومات الطاقة الامريكية يرى ان على الولايات المتحدة استيراد (4.9) مليون برميل يومياً من النفط والمنتجات في عام 2016. وقد بلغت استيرادات الولايات المتحدة (10.1) مليون برميل يوميا بكلفة تصل الى 44 بليون دولار – ويقابل ذلك جزئياً بصادرات تصل الى (5.2) مليون برميل يومياً.

كما ان الجانب الاكثر أهمية للاقتصاد الامريكي هو ان التدفق المستقر لصادرات الخليج وبقية مناطق الشرق الاوسط يؤثر على شركاء امريكا التجاريين بشكل اقوى ويتزايد هذا التأثير بتقدم الزمن. وإذا نظرنا الى الامر فيما يتعلق بكلف الطاقة، ستتصاعد الاسعار الامريكية لتصل الى الاسعار العالمية في اي ازمة طاقة رئيسة، وبالتالي سيكون لهذا تأثيره الحرج على الاقتصاد الامريكي.

وعلى كل حال، سيكون التأثير الجدي على هيكلية التجارة الامريكية. فالاقتصاد الامريكي أصبح أكثر تداخلاً مع الاقتصادات الاخرى، حيث يقدر مكتب الاحصاءات الامريكي ان الناتج المحلي الاجمالي قد نما الى (18.56) تريليون دولار في عام 2016، الا انه جرى الاحتفاظ بمبلغ (2.2) تريليون دولار او حوالي 12% من الناتج المحلي الاجمالي بواسطة الاستيرادات الامريكية للبضائع القادمة من الصين، و (132.2) بليون دولار من اليابان، و (69.9) بليون دولار من كوريا الجنوبية، و46 بليون دولار من الهند، و (39.3) من تايوان. ويصل هذا التدفق الى 750 بليون دولار من المصنعين المتخصصين والبضائع الخاصة الى الولايات المتحدة لوحدها من خمسة اقطار التي تعتمد اساساً على التدفق المستمر للصادرات النفطية من منطقة الخليج.

- استغلت إيران لعبة العروش بين الدول العربية، واستفادت من جراحهم الداخلية، فقد حصلت على ميزان التدمير الذاتي القائم في العالم العربي، والفشل في تحديد التمييز الديني والحروب والصراعات الاهلية داخل الدول العربية. وهي تستغل بشكل فعال ان الوحدة العربية هي مجرد اسطورة استراتيجية، وان التحالف العربي مجرد خيال استراتيجي، وان التوترات الموجودة بين اقطار مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً الرئيسة منها، ومثال ذلك قطر وعمان مقابل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، ما زالت قائمة.

- قامت إيران بشكل مستمر بتوسيع نفوذها الاقليمي على حساب جيرانها الرئيسيين وقواها الامنية، او على جميع مصادر عدم الاستقرار داخلها. وتشمل هذه الدول كل من لبنان وسوريا والعراق وافغانستان والبحرين واليمن. وهددت إيران بإنشاء ممر ذو اهمية استراتيجية سيقسم العالم العربي من إيران عبر العراق ووصولا الى سوريا على شواطئ البحر الابيض المتوسط، حيث تقوم فيالق الحرس الثوري الايراني وقوات القدس بتقديم التدريب والمساعدة واستخدام المتطوعين الايرانيين والعلاقات مع حزب الله اللبناني، وشحنات الاسلحة والتمويل من المصادر غير الحكومية... كل هذا يعطي إيران القوة على التدخل في شؤون الدول الاخرى.

وتشمل علاقات إيران مع الحوثيين والعناصر الاخرى في اليمن بتوفير القذائف البرية والمضادة للسفن، ومكونات الصواريخ التي يتم تهريبها، في الوقت الحاضر، عبر عمان (مسقط). وتمثل إيران تهديداً كامناً للملاحة عبر باب المندب في مدخل البحر الاحمر، حيث تتواجد قوة تسيطر عليها إيران قادرة على تهديد الملاحة عبر قناة السويس، بضمنها (3.9) مليون برميل من النفط، والسوائل الاخرى يومياً (مثل النفط الخام والمنتجات المكررة)، فضلا عن الغاز السائل الذي يصل نسبته ما بين 6% و17% من الحمولات التي تمر عبر قناة السويس. كذلك تبين تقديرات ادارة معلومات الطاقة الامريكية ان (1.6) مليون برميل يومياً من النفط يجري نقله عبر البحر الاحمر الى انبوب سوميد (وهو خط بترول يمتد من عين السخنة على خليج السويس إلى سيدي كرير على ساحل البحر المتوسط بالإسكندرية وهو يمثل بديلا لقناة السويس لنقل البترول من منطقة الخليج العربي إلى ساحل البحر المتوسط. وهو مملوك للشركة العربية لأنابيب البترول والتي تساهم فيها شركات من مصر والإمارات والكويت والسعودية وقطر، والذي يمتد بمحاذاة قناة السويس باتجاه البحر الابيض المتوسط، ثم يتم تحميل النفط بواسطة الناقلات البحرية للتجارة به. ووصلت عمليات تدفق النفط عبر خط سوميد وقناة السويس الى (5.5) مليون برميل يومياً في عام 2016، اي بزيادة (100.000) برميل يومياً عن عام 2015.

- تحركت إيران الى نقطة الاختراق فيما يتعلق الامر بتطوير الاسلحة النووية قبل اتفاقها مع خطة العمل اللجنة الشاملة (الاتفاق النووي)، فهي تمتلك جميع التكنولوجيا التي تحتاجها لتطوير اسلحة الانشطار النووي، وربما عززت اسلحتها بذلك. وأدى اتفاقها النووي مع الدول 5+1 (خطة عمل اللجنة الشاملة) الى تفكيك او تحوير معظم منشآتها الحيوية. وعلى كل حال، تستطيع إيران الاستمرار بالنشاطات الثنائية مثل تطوير التخصيب، وتطوير صواريخها وربما تستطيع تسليح صواريخها وطائراتها بأسلحة كيمياوية او بيولوجية.

- يبدو ان إيران تستفيد فائدة كبرى من علاقاتها مع روسيا والصين وتركيا في توسيع قدراتها للحصول على الاسلحة المتطورة واستغلال التقاسمات داخل العالم العربي. كما ان المبيعات الروسية لصواريخ ارض-جو اس 300 المتطورة ما هو الا مثال اولي لانتقال الاسلحة المتطورة الى إيران، وبالتالي ستسمح خطة العمل للجنة الشاملة، ولو نظرياً، بانتقال الاسلحة المتقدمة او التقنيات المتعلقة بها الى إيران.

- تستغل إيران الاخطاء الاستراتيجية الرئيسة التي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية. فالغزو الامريكي للعراق ازاح دكتاتوراً خطراً، الا انه ترك العراق مقسماً بشكل عميق، وبقدرات عسكرية وامنية محدودة لا تستطيع توفير الامن الداخلي او احتواءه او صد الاعداء. لقد حقق الجيش الامريكي علاقات عمل جيدة مع شركائه العرب الاستراتيجيين، الا ان صناع السياسة الامريكية الكبار لم يستطيعوا توفير ضمانات امنية مقنعة، وابتعدوا عن التعامل مع الازمات في اقطار مثل ليبيا والعراق وسوريا واليمن. كانت المحاولات الامريكية في مساعدة مصر او خلق مجلس تعاون خليجي اقوى وأكثر وحدة تهدف الى تحقيق بعض النجاحات، ولم يكن للولايات المتحدة الامريكية اية سياسة استراتيجية اقليمية بالنسبة للعراق او بعض الدول الاكثر ضعفاً في المنطقة تتجاوز محاولات هزيمة داعش. ورغم نجاح الولايات المتحدة في مساعدة العراق في هزيمة داعش، الا انها لا تمتلك استراتيجية متكاملة لمساعدة العراق في استعادة قواه من الحرب وتنميته. وبشكل عام، لا تتوفر لديها استراتيجية في تحقيق كل من الامن والاستقرار المدني في منطقة الشرق الاوسط مع وجود شركائها الاستراتيجيين في تلك المنطقة.

- وبالمثل، يمكن لإيران الاستفادة من الحقيقة القائلة ان اوروبا – مثل المجتمع الدولي-مجرد اسطورة بدون وجود حقيقي عالمي. فقد ساهمت الدول الاوربية – واقطار اخرى مثل كندا واستراليا-بقوات تقاتل داعش والارهاب في العراق وبقية دول منطقة الشرق الاوسط، الا ان الاوربيين فشلوا في القيام بعمل متماسك في التعامل مع حالة عدم الاستقرار والصراعات في اي من دول منطقة الشرق الاوسط، وبالتالي ادى هذا الى تقليل النفقات الدفاعية وبالتالي اضعاف قدرات الحماية للدول الاوربية المهمة مثل بريطانيا وفرنسا.

كل هذه من الاسباب التي جعلت الولايات المتحدة الامريكية تدرك ضرورة ابقاء قواتها في منطقة الخليج من اجل مصالحها الاستراتيجية لمدة غير محددة في المستقبل. وهذه الاسباب تجعل من الضروري القيام بكل ما هو ممكن لتوحيد حلفاء امريكا الاستراتيجيين من العرب من اجل تكوين مستوى قوي من الردع الامريكي والعربي ضد جميع محاولات إيران العسكرية ومغامراتها وتأمين عدم وجود صدامات اضافية بين اسرائيل والدول العربية. انها اسباب التي تجعل من الضروري مراقبة خطة العمل للجنة الشاملة بشكل وثيق بحيث تجبر إيران على احترامها، ومحاولة العمل مع روسيا والصين وتركيا لتحديد علاقاتهم مع إيران وانتقال الاسلحة المتطورة اليها.

وهناك ايضاً اسباب لبذل الجهود الممكنة من اجل تقليل العداءات العقيمة والتوترات بين شركاء امريكا الاستراتيجيين من العرب والتركيز على مساعدتهم في التنمية وتنويع اقتصاداتهم وتقوية الاستقرار المدني والامني فضلا عن قدراتهم العسكرية والدفاعية. ويكون للاستقرار الاستراتيجي في التعامل مع إيران والتهديدات الاخرى في منطقة الشرق الاوسط بعدين اثنين: اولهما الشأن العسكري، وبينت احداث عام 2011 ان البعد المدني من الاهمية بمكان وربما أكثر اهمية من الشأن العسكري.

الا انه هناك جانب اخر من التعامل مع إيران التي تنازلت عن الكثير من الجوانب الحساسة الخاصة ببرنامجها النووي قبل يوم تنفيذ خطة العمل للجنة الشاملة في 16 كانون الثاني من عام 2016. فقد كان عليها تعديل موضوع الماء الثقيل في مفاعل آراك من اجل عدم انتاج اسلحة البلوتونيوم. وكان عليها القبول بضوابط مشددة حول خزينها واستخدامها للماء الثقيل ومفاعلاتها الاخرى، فضلا عن القبول بحد خمسة عشر عاماُ لإنتاجها الوقود وقدراتها في مجالات التخصيب المركزية.

كان على إيران القبول بحدود معينة في مجالات انتاج المواد المخصبة والابحاث والتطوير، اذ يجب عليها التوقف عن نشاطات تخصيب اليورانيوم في منشأتها الجبلية المسماة "فوردو" ولمدة خمسة عشر عاماً، والقبول بتحديد نشاطها التخصيبي وحجمه ومستواه في مجالات اليورانيوم وعلى مستوى البلاد قاطبة. واجبرت إيران على القبول ببروتوكول تفتيش جديد وبمزيد من اعداد المفتشين واختام الكترونية جديدة وضمانات دخول لأغراض التفتيش وتوفير الشفافية في فعاليات اخرى مثل انتاج معدات التخصيب. كما يجب عليها التجاوب مع تقارير وكالة الطاقة الذرية الدولية والموافقة على عدم تنفيذ اية تصاميم واسعة للأسلحة المتعلقة بالأبحاث والتجارب.

لا تعتبر اتفاقية خطة العمل الشاملة نموذجية، مع وجود احتمالات الغش في ثناياها، الا انه لا يمكن تحقيق اية ترتيبات للسيطرة على الاسلحة بشكل متكامل. كما يمكن اعتبار الازمة الامريكية في التعامل مع كوريا الشمالية كإنذار في الحصول على خطة عمل شاملة التي تستوجب جهوداً وتحتمل مخاطراً قد تساعد إيران في الوصول علناً الى المرحلة النووية وتطوير صواريخ بالستية عابرة للقارات. إن اضافة وفرض عقوبات فعالة على إيران يعني انها لن تحصل على المنافع الاقتصادية بموجب الخطة الشاملة مما قد يؤدي الى تجديد محاولات إيران النووية و/وربما زيادة رئيسة في التوتر والجهود العسكرية الاخرى بدلاً من الوصول الى مرحلة الامن الاقليمي وامن الولايات المتحدة الامريكية.

وتحتاج الولايات المتحدة الامريكية الى الاعتراف بان تصميم إيران على تطوير اسلحتها الصاروخية امر محتم في ضوء تقادم الكثير من القوة الجوية الايرانية ومشاكل طلعاتها الجوية في حالات الصراع الحقيقي، اذ ليس من المعقول ان تمتلك برنامج اسلحة صاروخية تقليدية دون تجربته او نشر الصواريخ. كما ان قانون منفصل خاص للأمم المتحدة يتولى المدى النظري للصواريخ امر غير عملي اذ ان قوات الطيران الايرانية المقاتلة قد اصبحت اقل قوة من القوات الجوية الاخرى للدول العربية والامريكية والاوربية. هناك حدود عملية لما تستطيع إيران القيام به لتغيير هذا الجزء من تطورها العسكري – في ضوء تاريخ الحرب العراقية الايرانية وقدراتها المحدودة في استيرادات الاسلحة من الخارج.

ونظراً لجميع الاسباب التي ذكرناها سابقاً، لا تكون خطة العمل هي الجواب الشافي للعديد من جوانب الامن في الخليج. ولا يوجد في التاريخ اتفاقية متكاملة تتعلق بالسيطرة على الاسلحة الا ان تتغير او تعدل لاحقاً او تكون شرطياً على ذاتها. لكنه من الواضح ان ايجاد حالة من الاجبار لإنهاء الخطة الشاملة هي طريقة تؤدي الى إيران النووية –وزيادة احتمالات خطر الحرب– وتحويل الامور الى حالاتها الأسوأ.

ان تعزيز الوضع الاستراتيجي الامريكي في المنطقة لا يعني الانعزال عن الشعب الايراني الى ما لا نهاية، او الافتراض ان كل عنصر في النخبة السياسية الايرانية هو عدو او لن يبذل جهوده في الحصول على القوة العسكرية والتأثير في التطورات الاقتصادية والامن السياسي. يجب على المرء ان يكون حذراً في تسمية بعض العناصر في القيادة الايرانية بـ "المعتدلين"، او وضع المزيد من الثقة في الاصلاحيين الذين قد يكونوا مخلصين او غير مخلصين، والذين غالباً ما يتم اعتقالهم وتجريدهم من نفوذهم عندما تبرز لديهم حالات جدية للتغيير. وبما اننا سنكون حذرين، فإنه لا سبب يدعونا ان نرفض استخدام الطريق الثاني للدبلوماسية.

من الافضل الاستفادة من منافع الشك عندما يتواجد لدينا اقل درجة من المخاطرة في القيام بذلك، ولكن نكرر دوماً ان الولايات المتحدة الامريكية ترغب بالتعامل مع إيران على اسس ثنائية فعالة إذا اختارت إيران طريقاً أكثر اعتدالاَ.

تحتاج الولايات المتحدة الامريكية ان تبين بوضوح انه بدلاً من الاعتماد على الردع والاحتواء، تفضل نوعاَ جديداً من العلاقات مع إيران تؤدي الى المزيد من الاستقرار والسلام في منطقتي الخليج والشرق الاوسط. يجب على الولايات المتحدة الامريكية ان تبين للزعامة الايرانية وجود خيار أفضل من سباق الاسلحة والمواجهة. يجب ان تكون حذرة في كيفية انتقاد تصرفات الحكومات الايرانية والتركيز على الزعماء الايرانيين المسؤولين عن التصرفات الاستفزازية بدلاً من الاشارة على إيران بكاملها كأمة – او الشعب الايراني-باعتبارهما المسؤولين عن الاحداث.

لا يجب على الولايات المتحدة الامريكية خلق مشكلات لا معنى لها للإيرانيين البسطاء الراغبين بالدراسة والزيارة وعقد الصفقات في الولايات المتحدة، وانما على العكس من ذلك. ان مثل هذه الزيارات والاتصالات هي العنصر الرئيس في خلق الثقة والتوقعات الايرانية في ان الولايات المتحدة ستكون صديقة لها. وبالمثل، لا يجب على الولايات المتحدة الخلط بين الاعداء الحقيقيين والشخصيات المعادية التي تتمتع بإسناد الاغلبية الايرانية وبقية الشيعة. يجب ان توضح لشركائها العرب ان تعامل الشيعة لديها بالحُسنى كأي مكون ديني اخر ضمن المجتمع – وهذا الامر أصبح مهماَ بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية.

لا يجب ان يكون هناك تساهل حول انتقال الاسلحة الايرانية وبعثاتها العسكرية ومتطوعيها واستخدام تلك التحركات، ومثال ذلك ما نلاحظه في حزب الله. يجب ان تقوم الولايات المتحدة بالتحذير علناً من هذه النشاطات وتبين انها سترد عليها حسب تطور الامور. ولا يجب ان تتسامح في قيام بعض الحلفاء العرب بتضخيم الدور الايراني او استخدام هذا الدور لتبرير اساءة المعاملة لشعوبها. يجب ان تعمل الولايات المتحدة مع شركائها من العرب على توفير التأكيدات والامن والردع وقدرات القتال العسكرية الضرورية لتحقيق امنها. ومن جديد، يجب ان تشجعهم وبقوة في اتخاذ الخطوات الممكنة للتفاوض حول العلاقات الجيدة وتقليل التصادمات الامنية إذا حاولت القيادة الايرانية تغيير سلوكها.

ويمكن لخطة العمل مقاومة الاختبار الصعب حيث انها أفضل البدائل في الوقت الحاضر. وإذا استمرت الدورة الحالية من المواجهات المتزايدة، وتصعيد بناء القوة العسكرية، والمواقف العدائية سيؤدي هذا الامر الى خيارات وبدائل سيئة، إذ انها تجعل الولايات المتحدة والمنطقة عموماَ على عتبة سباق تسلح وايجاد احتمالات أكثر سوءاَ في الصراع المستقبلي.

تشكل إيران خطراَ حقيقيا وتضع القيادة الامريكية والحلفاء العرب في مجالات اختيار ضيقة في المستقبل، ولكن حتى لو كان الوضع سيئاَ كما هو موجود الان وتزايدت ردود الافعال نحو الاسوأ فإن هذا لن يؤدي الى العقلانية.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2017
www.fcdrs.com

.........................................
رابط المقال:
https://www.csis.org/analysis/iran-gulf-jcpoa-and-american-strategy

اضف تعليق