باتجاه مبتغاهم سائرين.. هل سيصلون قبل الموعد المحدد؟ ام سيصلون متأخرين؟ مخيلتهم مليئة بالأفكار، وأسماعهم تتلهف لسماع صوت ما باشتياق، صوت له إيقاع في النفوس، انه صوت جرس المدرسة.

فبعد ركود استمر لعدة أشهر، عادت الطرق تلتقط انفاسها من جديد، لتبدو كيوم عيد ولكن بزي مدرسي، فبين سائرٍ على قدميه، وبين راكب على دراجته او سيارته، وبين مستقل لباصات وخطوط نقل، يتجه الطلاب والطالبات نحو مدارسهم لاستقبال عامهم الدراسي الجديد.

اقدام تجري مسرعة، قلوب تخفق فرحة، واصوات وابتسامات، فكل متجه نحو الهدف المنشود، فبين ناجح بتفوق ومستعد لتفوق اكثر، وبين آخر أخذ العهد على نفسه ببذل جهد اكبر. وبين كسول ندم على ما فات وسيطوي صفحة الإهمال وسيثابر.

وبين الاسراع، ووقت الانتظار، واللقاءات التي عادت بعد اشهر الغياب، هناك لحظه حاسمه تعلن للجميع بأنه قد حان بدء العام الدراسي الجديد. انها اللحظة التي سيدق فيها جرس المدرسة ليعلن بدء عام جديد.. عام يشعرهم بأنهم ازدادوا عقلاً واستيعاباً وحجماً.

اما بالنسبة لاطفال السنة الدراسية الاولى فستكون ساعاتهم بل ايامهم الاولى مليئة، اما بالبكاء والدموع خوفا من ابتعادهم عن الاهل واختلاطهم بمحيط جديد اوسع وأعم مما كانوا به، لذا تجدهم مترامين باحضان امهاتهم ومتوسلين اليها لكي يعودوا معهن، غير مدركين انه بمجرد ان تمر ايام، سيعتادون على مدرستهم وستصبح بيتهم الثاني، اما النوع الاخر من الاطفال السنة الاولى، فتكون اوقاتهم مليئة بالضجيج والعشوائية بسبب محيط المدرسة الكبير والواسع والذي يعتبر الساحة المفتوحة للطفل لتفريغ طاقاته، لذا نجد انه من شدة الضوضاء بالكاد يُسمع جرس المدرسة.

طلاب كالورود يتراكضون مسرعين الى صفوفهم، فالجرس قد اعلن نداءه الاخير ليخبرهم بانتهاء رحلة الكلام واللعب وحان وقت الجد والسكون.. نعم فهو كفيل ليخبرهم بذلك.

تتميز اجراس المدارس بتوحد صوتها، حيث لا تسمع جرس اي مدرسة يختلف عن الاخرى، سواء كانت ابتدائية، او متوسطة، او اعدادية، بالاضافة للوقت الموحد الذي تدق به هذه الاجراس، حيث يكون وقت الدرس والفرصة هو وقت واحد بالنسبة للمدارس الابتدائية، وهكذا بالنسبة للمتوسطة والاعدادية.

ان اعتياد الطالب على هذا الصوت يجعله يشعر بأن شيء ما يناديه فيطلب منه الاسراع للدرس، او الخروج للفرصة، او الرحيل للمنزل، فهو كفيل في نهاية اليوم باخبار التلاميذ بأنه قد حان وقت إخلاء المدرسة.

لصوت الجرس نغمة تفاعلية لا تُنسى، تتميز بوقعها الطويل على العقل والنفس، لذا نجد ان من تخرج من المدرسة قبل سنوات لو سألناه عن جرس المدرسة سيتذكره، اما من نسمعه صوت الجرس، فهنا نجده يعيد ذاكرته القديمة ويرحل بالسنين الى الوراء، ففي احصائية لـ (شبكة النبأ المعلوماتية) عن هذا الموضوع حيث وجد ان اكثر من 95% من شريحة المتعلمين، يعتبرون جرس المدرسة شيء من الذاكرة الخالدة، وعند سماعهم لصوت الجرس يحنون لتلك الايام ويتذكرون اصدقاءهم ومعلماتهم ومعلميهم، ويتمنون ان يعودوا ولو يوما واحدا لتلك الايام. اما الشخص المسؤول عنه يكون اما مديرا، او معاونا، او احد المعلمين، وفي كل الاحوال فهذا المسؤول يدق الجرس حسب الوقت من غير زيادة او نقصان.

في وقتنا الحالي وبسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي شمل حتى المدارس، التجأت المدرسة الى استخدام البديل وهو "الهاون" وهي اداة تستخدم لطحن الطعام، كحل بديل عوضا عن الجرس الكهربائي.

وفي سؤال طرحته (شبكة النبأ المعلوماتية) عن تأثير الجرس على الطالب، وهل هناك اختلاف اذا كان للفرصة او الدرس، وكان السؤال موجها الى معلمات المراحل الابتدائية، فقد قالت الست (نور علي) معلمة الصف الاول والثاني الابتدائي:

عندما يدق الجرس للساحة تظهر علامات الفرحة والسرور والشعور بالحرية على وجوههم بحيث تشعر كأنهم كانوا في زنزانة، وحسب اعتقادي بسبب امتلاكهم طاقة لا يستطيعون اطلاقها خلال فترة الدرس. واضافت .. بأن الطالب طوال الدرس يسمع العديد من الكلمات التوجيهية مثل اسمع وانتبه واجلس ولا تتحرك، مما يؤثر عليه ويسبب له ضغطا نفسيا، فتراه يخرج مسرعا كأنه طائر اطلق من قفص هذا عند البدء بالفرصة.

اما الست (غيداء والست هدى) فكان لهما نفس الرأي حيث قالتا: بأن حب الدرس يعتمد على المعلمة في الغالب، فهي التي تسهم في المرتبة الاولى بجعل الطالب يحب المادة الدراسية، وبالتالي يحب الدرس ويشعر بالراحه اثناءه ويتمنى الا ينتهي وتجده ينزعج عندما يدق جرس الفرصة، وقد لاحظنا ان اغلب طلاب الصف الاول الابتدائي يتمنون بأن درس اللغة الانكليزية يكون اطول من باقي الدروس، لما يتميز به من سلاسة ومرونة.

اما الست (علياء فكان) رأيها: عندما يدق الجرس يشعر الطالب بأنه اصبح حرا طليقا، ويتولد احساس عميق بداخله بأنه حان وقت التمتع والاكل واللعب والضحك دون محاسبة وقيود.

اما الست (ياسمين) فقالت: على الرغم من ان وقت الفرصة لا يتجاوز الخمس دقائق الا ان الطالب يعتبره المتنفس ليفرغ طاقاته.

فما رأي الطلاب؟ كان رأي الطالبة (نور حسن) بأنها تتمنى ان يكون اليوم كله فرصة، ولا يدق الجرس للدرس ابدا حتى انها تطلب من والدتها ان تدعُ لها بذلك. اما الطالب (علي محمد)، فقد اخبرنا بأنه يحب سماع الجرس يدق لدرس العلوم، لانه يحب معلمة العلوم كثيرا ويتمنى ان لا يسمع الجرس يدق ثانية للفرصة.

اما الطالبة (فاطمة) فقالت: بأنها تنتظر خلال الدرس بأن يدق الجرس، ولكن الفرصة قصيرة جدا ولا تستطيع خلالها حتى اكمال طعامها. اما عن باقي طلاب المراحل العمرية الاكبر فان نسبة كبيرة منهم يتمنون ان تبقى الفرصة مستمرة، حيث يعني لهم جرس الخروج للفرصة الراحة والسعادة واللعب.

وعن سبب ذلك اخبرتنا المشرفة التربوية (امل عبد الحر) بأن حب الطلاب للفرصة واللعب سببه الضغوط النفسية التي يعيشها الطالب، والتي عادة سببها الاسرة والمحيط، فاما الاسرة فاغلب الاسر تعاني من التشتت والانفعالات والضغوط وتؤثر على اولادها بشكل كبير، اما المحيط فالتهجير والقتل واوضاع البلد غير المستقرة تؤثر على الطالب مهما كان عمره صغيرا، لأن الطفل اسرع من غيره تأثرا بالمحيط، لذا نجد الطلاب يلجؤون للهو والمرح داخل المدرسة لانهم يعتبرونها احدى وسائل الترفيه بالنسبة لهم.

اضف تعليق


التعليقات

نبع الحياة
كربلاء المقدسة
احسنتم مقال ممتاز2015-10-13