يغذي انتشار الفساد اغلب المعضلات الاجتماعية كالإرهاب، والإفلاس الاقتصادي، والبطالة، حيث تقف عدة اسباب وراء تنامي الفساد عربيا، أهمها هيمنة السياسيات الإستراتيجية الاقتصادية الاحتكارية وسيطرة الجماعات المتنفذة (المقربون من الحاكم واولاده وعائلته)، مع فقدان السبل النافعة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة، فعلى الرغم من ان الفساد كان أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية في عدة دول عربية، إلا أن آمال الحد منه مازالت بعيدة المنال في الوقت الحالي، بسبب التراخي في تطبيق القانون وسياسة محاباة المسؤولين المقربين من الحاكم ونظامه، فهناك بعض الحكام يتعاملون مع الفاسدين وفسادهم وفق سياسة غض الطرف لمجرد انهم داعمون للنظام وموافقون ومؤيدون لسياساته، وعلى الرغم من الجهود الجدية لمكافحة للفساد، مازالت هذه الظاهرة السلبية في الوطن العربي متدثرة تحت غطاء الإصلاح السياسي الكاذب، فضلا عن غياب الحلول الجذرية الاكثر فعالية، ومع انتشار ظواهر الرشوة وغسيل الأموال لا تزال آفة الفساد تعمل على تنمية الازمات السياسية بالدرجة الأولى، كذلك لا يزال الفساد واسع الانتشار في اغلب البلدان العالمية المتقدمة منها والنامية وخاصة الإفريقية والاسيوية، حيث يمارس بمختلف أنواعه في تلك البلدان، فهو لا يختصر على هيئة او شخصية معينة، بل يشمل النظام بأكمله، لذا فانه يشكل أكبر المشكلات العالمية فضلا عن كونه سببا رئيسا لتنامي أعمال الارهاب والمخدرات والمافيات، ولعل صورة الفساد باتت اليوم اكثر وضوحا في البلدان العربية كما اثبتت الوقائع.

المغرب

في هذا السياق امر القضاء المغربي باعتقال عشرة دركيين على سبيل الاحتياط، اثر الاشتباه في ضلوعهم بعمليات رشى وابتزاز واستغلال نفوذ بعد ظهور اشرطة فيديو تظهر تسلمهم رشى، بحسب الصحف ا. وافادت صحيفة "التجديد" المقربة من حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي ان الدركيين العشرة يواجهون تهم "الرشى والابتزاز واستغلال النفوذ والإخلال بالواجب المهني".

من جانبها، ذكرت "أخبار اليوم المغربية" الخاصة، ان "عملية تفتيش روتينية قادت الى العثور على اشرطة فيديو للمتهمين وهم يتسلمون رشى أو يتفاوضون حولها مع سائقي حافلات". واضافت ان الأشرطة وجدت "في الحاسوب الشخصي لأحد عناصر الدرك المعتقلين، وبعد التأكد عمليا من صحتها (...) قادت المتهمين الى المثول سريعا امام قاضي التحقيق". وتابعت ان من قام بتصوير الاشرطة "عمد الى ابتزاز الدركيين، حيث كان يتلقى تحويلات مالية مقابل عدم نشرها (...) ويواجه بدوره شبح الاعتقال بتهمة +التستر+ على الابتزاز والرشى".

فلسطين

(رويترز) قال رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية إن الهيئة احالت ملفا للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان الى محكمة جرائم الفساد. ورفض النتشة الرد على سؤال لوكالة رويترز خلال مشاركته في احتفال لإحياء اليوم العالمي لمكافحة الفساد حول التهم الذي يتضمنها الملف. بحسب رويترز.

اليمن

عل صعيد آخر قال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح إن مسؤولين يمنيين سابقين ربما يكونوا نهبوا المال العام لكنه لم يكن واحدا منهم وتحدى السلطات أن تعثر على دولار واحد حصل عليه دون وجه حق ومحاسبته. ويتهمه منتقدوه في اليمن حيث يعيش 40 في المئة من السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم باختلاس مليارات الدولارات خلال حكمه الذي امتد 33 عاما. ويقول آخرون إن من الواضح أن الرئيس السابق لايزال يتمتع بنفوذ غير رسمي هائل على الساحة السياسية اليمنية المضطربة وهم يرون أن من أسباب هذا امتلاكه لثروة طائلة. لكن صالح نفى هذا في مقابلة مع رويترز. وقال صالح (72 عاما) الذي جلس على أريكة وثيرة في خيمة بحديقة قصره في العاصمة صنعاء إنه يتحدى أن يعثر أحد على أدلة على ارتكابه مخالفات. وأضاف في المقابلة التي أجرتها معه رويترز مؤخرا وقد بدا مسترخيا وواثقا مرتديا حلة باللونين الأسود والرمادي وربطة عنق مخططة "عندي مالية وعندي بنك مركزي يطلعوا دينار واحد علي عبد الله سحبه يتحاسب عليه."

مصر

وقضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المشدد ثلاث سنوات للرئيس الأسبق حسني مبارك لإدانته بالاستيلاء على أموال عامة خلال حكمه الذي امتد ثلاثة عقود. كما قررت المحكمة معاقبة نجليه علاء وجمال بالسجن المشدد أربع سنوات في القضية المتعلقة بالاستيلاء على جانب من أموال خصصت من المال العام للقصور الرئاسية. وقضت المحكمة أيضا في الجلسة التي أذاعها التلفزيون المصري على الهواء بإلزامهم برد 125 مليونا و779 ألف جنيه (17.67 مليون دولار) أدينوا بإنفاقها من المال العام على قصور ومكاتب مملوكة لهم وتغريمهم 21 مليونا و197 الف جنيه. وهذا الحكم قابل للطعن أمام محكمة النقض أعلى محكمة مدنية مصرية. وإذا قبلت المحكمة الطعن تأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة.

ويقول قانونيون إن الحكم بالسجن المشدد يحرم المحكوم عليه من العفو عن جزء من العقوبة في المناسبات الوطنية والدينية. ووجهت النيابة لمبارك تهمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على 125 مليونا و779 الف جنيه من أموال الدولة المخصصة لمراكز الاتصالات في رئاسة الجمهورية في الفترة من 2002 إلى 2011 بالاضافة إلى تزوير أوراق رسمية. كما وجهت لعلاء وجمال تهمة الاشتراك في التهم الموجهة لوالدهما "بطريق الاتفاق والمساعدة". وقال القاضي أسامة شاهين قبل النطق بالحكم "كان لزاما عليه كبح جماح نفسه وابنائه وغيرهم عن المال العام لا يستبيح منه شيئا الا بحقه وكان عليه أيضا أن يعدل بالمساواة بين أبعد الناس وأقربهم فى قضاء الحقوق." وأضاف "بدلا من الالتزام باحكام الدستور والقانون أطلق لنفسه ولنجليه العنان في المال العام يغترفون منه ما شاءوا دون رقيب ودون اعتبار وحق عليهم العقاب."

ودافع مبارك ونجلاه ببراءتهم من الاتهامات المنسوبة اليهم في أولى جلسات القضية في فبراير شباط. وسبق أن صدر حكم بالسجن المؤبد على مبارك (86 عاما) في 2012 بعد ادانته بتهم تتعلق بقتل متظاهرين في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت به عام 2011 لكن تعاد محاكمته حاليا بعد قبول الطعن على الحكم. وأسقطت المحكمة التي عاقبت مبارك في 2012 تهما بالفساد وجهت له كما وجهت لابنيه. وتعاد محاكمة الثلاثة بالتهم التي قالت النيابة إنها حصولهم على قصور في منتجع شرم الشيخ بأسعار زهيدة من رجل أعمال مقابل تخصيص مساحات واسعة له من أرض الدولة في المنتجع.

وبدا مبارك الذي يقيم في مستشفى عسكري بالقاهرة في حالة صحية جيدة. وقبل حكم اليوم لم يكن محبوسا على ذمة أي قضايا. وقال مصدر قضائي لرويترز إنه بعد الحكم الصادر يوم الأربعاء يتعين نقل مبارك إلى السجن. وذكرت وكالة انباء الشرق الأوسط الرسمية نقلا عن مصدر أمني قوله إنه سيتم دراسة إمكانية نقل مبارك إلى محبسه القديم بمنطقة سجون طره بناء على التقرير الطبي لحالته الصحية.

العراق

فيما أعلنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي أن الحكومة قررت منح عشرة في المائة من الأموال المهربة من قبل نظام الرئيس الراحل، صدام حسين، لمن يدل عليها، مؤكدة وجود مليارات الدولارات المسجلة بأسماء وهمية. وقالت عضوة اللجنة، نجيبة نجيب، في حديث صحفي نقلت تفاصيله قناة "العراقية" الرسمية إن اللجنة المالية في مجلس النواب "شرعت في العام 2012 قانون صندوق استرداد الاموال العراقية بموجب وزارة المالية بالتعاون مع وزارة الخارجية وكل الجهات المعنية بالبحث عن الأموال المهربة وأملاك النظام السابق وزمرته في الخارج." وأضافت نجيب أن معظم تلك الأموال "سجل بأسماء وهمية وغير معروفة، ولا تستطيع الحكومة معرفتها، لهذا قررت الحكومة منح عشرة في المئة من الأموال المهربة التي يعثر عليها المخبر أو يبلغ عنها."

وكانت "الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة" في العراق، والتي شكلت بهدف اجتثاث حزب البعث وتركته السياسية والمالية، قد أعلنت في 23 أبريل/نيسان الجاري أنها قدّرت قيمة أملاك النظام السابق خارج البلاد، في دول عربية وغربية، بنحو ثمانية مليارات دولار، معظمها أبنية وفلل وقطع أراض سكنية.

سلطنة عمان

على صعيد مقارب قالت وسائل إعلام حكومية إن محكمة في سلطنة عمان قضت بالسجن ثلاث سنوات على اثنين من المسؤولين السابقين في الحكومة لإساءة استخدام سلطاتهما ضمن سلسلة من المحاكمات بدأت العام الماضي للحد من الفساد. ويقود السلطان قابوس سلطان عمان حملة لمكافحة الفساد سعيا لتهدئة الاستياء الشعبي. وكان الفساد واحدا من أسباب احتجاجات حاشدة خرجت في عدة مدن عمانية عام 2011 كما كان من اسباب اندلاع انتفاضات في عدة دول عربية في ذلك العام. وقالت جريدة الشبيبة الخاصة إن أحد المسؤولين المدانين كان وكيلا لوزارة الاسكان والآخر شغل منصب أمين عام اللجنة العليا لتخطيط المدن والتي تم إلغاؤها وحلت محلها هيئة جديدة. واتهمهما الادعاء باستخدام وظيفتيهما في التصرف في قطع اراض ضمن حدود مشروع في ولاية الدقم تم تزع ملكيتها للمنفعة العامة عام 2006. وهذا المشروع جزء من جهود حكومة مسقط لتطوير القاعدة الصناعية للبلاد. وقالت الصحيفة إن أحكاما صدرت بالسجن لمدة عام واحد على واحد وعشرين متهما آخرين في القضية. كما قضت المحكمة بتغريم كل من المتهمين الثلاثة والعشرين 100 ريال (260 دولارا) و"إلغاء كافة مستندات الملكيات الصادرة بحق الاراضي المقامة عليها الدعوى مع ضرورة الاخلاء الفوري لها واستخدام القوة الجبرية إن لزم الامر."

السعودية

وفي قضية الفساد ايضا افادت صحيفة "عكاظ" السعودية ان قاضيا احيل الى المحاكمة مع اخرين بتهمة الاستيلاء على 600 مليون ريال (160 مليون دولار) مدعيا خضوعه لرغبات "جن" يسيطر عليه. وذكرت الصحيفة ان هيئة الرقابة والتحقيق احالت قاضي محكمة المدينة المنورة الشهير بـ"القاضي الجني" مع 36 من رفاقه المتهمين ب"التزوير والرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي". واوضحت "عكاظ" ان القضية بدأت قبل عامين مشيرة الى ان القاضي ادعى خلال الاستجواب أنه "مريض ويرتقي (يعالج بالرقية الدينية) عند بعض المشايخ في القصيم والمدينة، ولا يسيطر على أفعاله وأقواله". ونقلت عن أحد الرقاة قوله انه "اكتشف أن جنيا يتلبس القاضي وهو المسؤول عن جميع تصرفاته". لكن تحقيقات الجهات الأمنية اثبتت ان القاضي كان وراء "هذا الفساد الكبير فرفعت الحصانة عنه لتبدأ سلسلة تحقيقات طويلة معه استمرت أكثر من سنة وانتهت إلى إدانته ورفاقه، وتحويلهم للمحكمة الشرعية" بحسب الصحيفة. واضافت ان متهما رئيسيا "يعتبر العراب الأول" في القضية ما يزال هاربا خارج المملكة. يشار الى ان ممارسة الرقية من قبل بعض رجال الدين تعتبر عملا شرعيا في المملكة. ويلجا كثير من السعوديين للرقية خوفا من الحسد والعين، ولإبعاد الجن.

اضف تعليق