يتظاهر العراقيون، ويطالبون بحقوق شرعت لهم في دستور لايطبق إلا عليهم، لكنه لايطبق لهم فلايحصلون منه سوى على الوعود، وتوجيهات بالخروج للتصويت عليه ودعمه لكنه يؤسس لدولة لاترى النور، ويستمر السياسيون الذين صاغوه وصوتوا عليه في برلمانهم الخاص بنيل المكاسب وتحصيل المنافع، وبمرور الوقت يتحمل الشعب المزيد من المعاناة والمتاعب ويبدأ بفقدان حقوقه رويدا، فلاماء ولاكهرباء ولو بالحد الأدنى وهو أمر يثير الإستغراب والعجب! فمن غير المعقول ولا المقبول أن تكون للعراق مليارات من الدولارات تنفق يوميا في الهواء ويدعي القائمون على قطاعات النفط والكهرباء والخدمات العامة إنهم ينفقونها على الإستثمار فيها، بينما تذهب الى العدم، ولايشعر المواطن المسكين بوجود أثر لها.

الواضح تماما إن المليارات العراقية تسرق، فمنذ 2003 لم يستطع القائمون على العملية السياسية برغم تشكيل حكومات عدة، وبرغم التصويت على الدستور والقيام بعمليات إنتخابية محلية وبرلمانية عدة إلا إن شكلا حقيقيا للدولة لم يظهر للأسف حتى اللحظة، ويتخبط السياسيون والقوى الحاكمة في قرارات غير ذات جدوى لم تحقق المطلوب، وتثبت الوقائع أن إنفصالا تاما حصل بين السياسيين والشعب، فلم يفعل هؤلاء شيئا للناس سوى إنهم ظهروا بصورة المستثمر الذي يبحث عن المكاسب ولاينشغل بغيره، بينما هو موظف في خدمة الناس وهذا هو الإنحراف بعينه الذي جعل منا عرضة للتهميش والتضييع والتمييع، وإلا مامعنى أن لايحصل مواطن عراقي على شربة ماء وساعات من الكهرباء في ظروف جوية مخيفة لايتحملها ذوو القدرة، فكيف بالمرضى والنساء والأطفال ومنهم النازحون الذين مات منهم العديد بفعل إرتفاع الحرارة؟

ويشير مواطنون إلى إنهم راجعوا ثلاجات الموتى في بغداد لإستلام موتى لهم فوجدوا إن الكهرباء منقطعة، بينما الجثث مكدسة! وتعاني محافظات عراقية عدة من إنقطاع كامل للمياه والكهرباء، ولاتصلها الخدمات، بينما يعمل في العراق عدد من المسؤولين يفوق ماموجود في بلدان عدة، ويتقاضون مرتبات خيالية، ولايقدمون شيئا سوى أن يضمنوا الحصول على مكاسب خاصة يفتقد المواطن العادي الى النزر اليسير منها، ولهذا يتظاهر الناس ويعبرون عن حزن عميق ويأس وشعور بالإرهاق والإحباط من سياسيين لم يعودوا يمثلونهم ولايرتبطون بهم على الإطلاق، ويذهب معظمهم الى المنتجعات والبلدان القصية هم وأسرهم ليستمتعوا بأجواء لطيفة دون وعي بمعاناة ومأساة الناس.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق