q
كيف يمكن للمياه الجوفية أن تسهم في حماية الأمن الغذائي وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. غير أن هذا المورد، وفي معظم الحالات، تعرض للتقييم بأقل من قيمته الحقيقية والإفراط في استغلاله، دون إيلاء الاعتبار الكافي فيما يتعلق باستدامته على الأجل الطويل، الأمر الذي يرجع في شقٍ منه...

تُعد المياه الجوفية أهمَ ما لدينا من موارد المياه العذبة، لكن نقص التحليل المنهجي لأهميتها الاقتصادية لم ينل الاهتمام الكافي من جانب واضعي السياسات والجمهور العام، الأمر الذي يمثل تهديداً لهذا المورد. يقدم تقرير "الثروة المخفية للأمم: اقتصاديات المياه الجوفية في أوقات تغير المناخ" بيانات وشواهد جديدة تعزز فهمنا لقيمة المياه الجوفية، وتكاليف سوء إدارتها، والفرص المتاحة للاستفادة من إمكاناتها.

تتناول النتائجُ التي خلُص إليها التقرير أيضاً قضايا السياسات التي يواجهها واضعو السياسات عند محاولة المواءمة بين التكاليف الخاصة والاجتماعية لاستخدام المياه الجوفية. وتتمثل إحدى الرسائل الرئيسية لهذا التقرير في ضرورة قيام واضعي السياسات بإعطاء الأولوية للمياه الجوفية، وأن تتم إدارتها بعناية من خلال إجراءات متكاملة مشتركة فيما بين القطاعات لضمان استخدامها بطريقة تعود بالنفع على المجتمع والاقتصاد والبيئة.

تقرير جديد للبنك الدولي يبحث القيمةَ الاقتصادية للمياه الجوفية، وتكاليف سوء استخدامها، والفرص المتاحة للاستفادة منها بشكل أكثر فعالية.

وتُعد المياه الجوفية بالغة الأهمية للنشاط الاقتصادي والنمو والأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن التكيف مع الآثار الناجمة عن تغير المناخ. لكن استدامة هذا المورد الحيوي محاطة بالخطر في العديد من المناطق، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم تقديره على نحو ملائم كما أنه يعتبر من المُسَلمات. وفي سياق الضغوط العالمية على منظومات الغذاء وإمدادات المياه، يتعين على واضعي السياسات العمل الآن لضمان التعامل مع المياه الجوفية على نحو مسؤول عبر مختلف القطاعات التي تعتمد على هذا المورد.

إن المياه الجوفية هي أهمَ مواردنا من المياه العذبة - لاسيما في الأوقات التي يضرب فيها الجفاف. ومع ما يشهده تغير المناخ من تطورات، يتعين على واضعي السياسات رفع مستوى الإدراك والوعي بأهمية هذا المورد الحيوي وحُسن إدارته. ويبحث تقرير جديد للبنك الدولي القيمةَ الاقتصادية للمياه الجوفية، وتكاليف سوء استخدامها، والفرص المتاحة للاستفادة منها بشكل أكثر فعالية.

ويُبين التقرير كيف يمكن للمياه الجوفية أن تسهم في حماية الأمن الغذائي وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. غير أن هذا المورد، وفي معظم الحالات، تعرض للتقييم بأقل من قيمته الحقيقية والإفراط في استغلاله، دون إيلاء الاعتبار الكافي فيما يتعلق باستدامته على الأجل الطويل، الأمر الذي يرجع في شقٍ منه إلى عدم توافر بحوث منهجية حول الأهمية الاقتصادية لهذا المورد.

ومن هذا المنطلق، يقدم التقرير الجديد بيانات وأدلة وشواهد جديدة على أنه بالإمكان تعظيم حصاد المياه الجوفية حالياً أو مستقبلاً، إذا وُضعت سياسات صحيحة وتم تطبيقها.

آلية تأمين الطبيعة

تُعتبر المياه الجوفية هي آلية التأمين الخاصة بالطبيعة، حيث يمكنها درء ثلث الخسائر الناجمة عن موجات الجفاف في النمو الاقتصادي العالمي، مع ضمان عدم نفاد المياه في المدن في أثناء فترات الجفاف الممتد.

ويكتسي هذا المورد أهمية خاصة بالنسبة للقطاع الزراعي، حيث يمكنه خفض ما يصل إلى نصف الخسائر الناجمة عن تقلبات هطول الأمطار في إنتاجية هذا القطاع. وهذا يعني بدوره توفير الحماية من سوء التغذية. وفي تناقض صارخ، يؤدي نقص إمكانية الحصول على المياه الجوفية الضحلة إلى زيادة فرص الإصابة بالتقزم بين الأطفال دون سن الخامسة بنسبة قد تصل إلى 20%.

وعلى هذا النحو، يمكننا استخدام هذا المورد في السعي لتحقيق أهدافنا الإنمائية الجماعية. فعلى سبيل المثال، يمكن للمضخات التي تعمل بالطاقة الشمسية ويتوفر لها ضمانات وقائية كافية أن تزيد من الري باستخدام المياه الجوفية في أفريقيا جنوب الصحراء، وبالتالي الحد من الفقر وحماية المجتمعات المحلية من الصدمات المناخية.

وعلى نطاق أوسع، ومع ازدياد آثار تغير المناخ، يمكن للمياه الجوفية أن تستمر في لعب دور بالغ الأهمية في الحفاظ على النظم الإيكولوجية الحساسة التي تحجز الكربون، وفي حماية المجتمعات المحلية المعرضة للخطر من الظواهر المناخية القاسية.

مورد يساء إدارته

لكن استنفاد منسوب المياه الجوفية وتدهور نوعيتها والمنافسة المتزايدة على هذا المورد يهدد استدامته. وهذا يعني أن المجتمعات يمكن أن تصبح أكثر عرضة للصدمات المناخية.

وبالرغم من عدم كفاية استخدام المياه الجوفية في بعض البلدان، فإن بلداناً أخرى أصبحت تعتمد عليها اعتماداً مفرطاً. وبالفعل، فإن ما يصل إلى 92% من مكامن المياه الجوفية العابرة للحدود في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا تُظهر مؤشرات على نضوب المياه الجوفية. وفي جنوب آسيا، وفرت المياه الجوفية ميزة في الإيرادات الزراعية تتراوح بين 10% و20%، لكن هذه المنافع آخذة في التراجع مع نضوب الموارد.

وعلى الطرف الآخر من المعادلة، لا يتم استخدام المياه الجوفية في أفريقيا جنوب الصحراء. ويعيش أكثر من 255 مليون شخص في المنطقة في فقرٍ في مناطق يمكن فيها التوسع في نطاق استخدام المياه الجوفية الضحلة. وعن طريق استخدام هذا المورد على نحو مسؤول - وتقديره على نحو ملائم - يمكن لهذه المنطقة تحسين غلاتها الزراعية والنهوض بالجوانب الإنمائية فيها.

اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة

تتمثل إحدى الرسائل الرئيسية للتقرير في ضرورة قيام واضعي السياسات بإعطاء الأولوية للمياه الجوفية لضمان استخدامها بطريقة تعود بالنفع على المجتمع والاقتصاد والبيئة. ومن الضروري اتخاذ إجراءات سياسية رفيعة المستوى لمواءمة التكاليف الخاصة والاجتماعية لاستخدام المياه الجوفية.

على سبيل المثال، يمكن للسياسات الموجهة وإصلاحات الدعم أن تضمن ألا يؤدي التوسع في الطاقة الخضراء والاستثمار الزراعي إلى الإفراط في استغلال المياه الجوفية وتدهورها وسوء إدارتها هي وما يعتمد عليها من نظم إيكولوجية.

ويؤثر الدعم الحكومي للزراعة - بنحو 635 مليار دولار سنوياً - على الخيارات الخاصة بالمحاصيل الزراعية والري، بما في ذلك مقدار استخدام المياه الجوفية. وهذا يعني ضرورةَ وضع سياسات زراعية وإصلاحات للدعم تراعي المياه الجوفية لتعزيز الإدارة المستدامة لهذا المورد الحيوي. ففي نيبال، على سبيل المثال، أدى الدعم للري باستخدام الطاقة الشمسية وتوسيع نطاقه إلى دفع المزارعين لتوسيع سبل كسب أرزاقهم في الإنتاج الزراعي لتشمل تربية الأحياء المائية.

وفي الوقت نفسه، يؤدي انخفاض تكلفة الطاقة الشمسية والتحرك المتسارع نحو الطاقة النظيفة بشكل عام إلى إتاحة الفرصة أمام واضعي السياسات للنظر في إدارة المياه الجوفية في سياساتهم ومؤسساتهم واستثماراتهم الخضراء. ومع سهولة الحصول على تكنولوجيا الطاقة الشمسية بأسعار معقولة، يمكن أن نرى توسعاً في استخدام المياه الجوفية في الري وإمدادات المياه، مما يزيد من مخاطر الإفراط في استغلالها.

ومن الضروري التوصل إلى فهم شامل للآثار المترابطة فيما بينها على أهداف الاستدامة والحد من الفقر من أجل تقييم المفاضلات وتوجيه السياسات. ومن بين الاعتبارات المهمة الأخرى التي يجب النظر فيها من جانب واضعي السياسات هي طبيعة مكامن المياه الجوفية التي تقع في أراضيهم، ومستوى استخدام هذه الموارد، والحاجة إلى الحفاظ على مستوى جودتها.

وبطبيعة الحال، سيتعين على كل بلد مراعاة ظروفه الخاصة عند وضع السياسات الخاصة بالمياه الجوفية.

وحيثما تكون المياه الجوفية حالياً غير مستغلة - في أفريقيا جنوب الصحراء، على سبيل المثال - سيكون من المهم الارتقاء بمستوى المعرفة بهذه الموارد وتحديد أولويات تنمية مكامن المياه الجوفية الضحلة المحلية لدعم الري، وتحسين الأمن الغذائي، والتخفيف من حدة الصدمات المناخية.

وبالنسبة للبلدان التي تستخدم كميات معتدلة من المياه الجوفية - مثل كمبوديا ونيكاراغوا ومعظم بلدان أوروبا الشرقية - فينبغي تحسين مستوى إدراك قيمة هذه الموارد لضمان الحفاظ على جودتها واستدامتها.

وحيثما يكون الاستغلال المفرط للمياه الجوفية - كما هو الحال في كثير من مناطق جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا - فمن الضروري اتخاذ إجراءات إضافية، بما في ذلك برامج تعزيز مصادر المياه غير التقليدية، وتخزين المياه السطحية، وتحسين إدارة الطلب عليها.

وفي كل حالة من هذه الحالات، فقد حان وقت إعطاء المياه الجوفية الاهتمام الذي تستحقه من جانب واضعي السياسات.

تخزين المياه هو صميم التكيف مع تغير المناخ

وفقا للتقرير سيكون تخزين المياه غاية في الأهمية للتكيف مع تغير المناخ. حيث يواجه العالم فجوة في تخزين المياه مع نمو الطلب على المياه العذبة وتراجع الأنهار الجليدية، والكتلة الثلجية، والأراضي الرطبة.

ضرورة وجود نهج جديد يدمج مرافق تخزين المياه المبنية والطبيعية لإدارة المياه بصورة شاملة في جميع أنظمة المياه بأكملها.

في الستينيات، بدأ المزارعون في شمال الهند استخدام المياه الجوفية لري حقولهم. وحفزت هذه الممارسة ثورة خضراء في الزراعة وحولت الهند إلى بلد يتمتع بالأمن الغذائي. وبعد 6 عقود من ذلك التاريخ، أدى الاستخدام المرتفع للمياه الجوفية في جميع أنحاء البلاد بصورة مستمرة إلى نفاد مورد ثمين لملايين الهنود.

وتضع معظم البلدان اليوم ضغوطا غير مسبوقة على الموارد المائية. ومن الملاحظ أن هناك زيادة سريعة في تعداد السكان، وتشير التقديرات إلى أنه إذا استمرت الممارسات الحالية، فإن العالم سيواجه نقصا بنسبة 40% بين الطلب المتوقع والإمدادات المتاحة من المياه بحلول عام 2030. وينظر إلى شحة المياه المزمنة، والظواهر المناخية الشديدة على أنها من أكبر المخاطر التي تهدد الرخاء والاستقرار على الصعيد العالمي.

ووفقا لتقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "ما يخبئه المستقبل: نموذج جديد لتخزين المياه"، فإن تغير المناخ يجعل أنماط هطول الأمطار غير متوقعة على نحو متزايد، وبالتالي على البلدان والمجتمعات المحلية في مختلف أنحاء العالم إعادة النظر في كيفية استخدامها للمياه عذبة وإدارتها. ويحذر التقرير من أن المياه هي "التحدي الأكثر إلحاحا في حياتنا"، حيث تؤثر أزمات المياه المرتبطة بتغير المناخ بالفعل على الناس والبيئة والاقتصادات. وفي عام 2022، واجه ثلثا البلديات في المكسيك نقصا في المياه، وشهدت فرنسا أسوأ موجة جفاف في التاريخ، وغمرت الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة ثلث باكستان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص وتشريد 33 مليون شخص.

وتعليقا على ذلك، يقول ساروج كومار جاه، المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي: "يأتي تخزين المياه العذبة في صميم التكيف مع تغير المناخ، لا سيما من خلال توفير المياه لاستخدامها في الأوقات الأكثر جفافا والحد من آثار الفيضانات".

وأعد البنك الدولي هذا التقرير لأننا ندرك أن العديد من البلدان المتعاملة معه في مختلف أنحاء العالم تواجه أوضاعا غير مسبوقة، وتكافح من أجل مواجهة الكوارث المرتبطة بالمياه، وتتصدى لكيفية تطوير خدمات مرافق المياه وتشغيلها وصيانتها على نحو أكثر مرونة وقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات."

تزايد الفجوة في تخزين المياه

المياه هي محور التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ وهي التي تحدد ما إذا كانت المجتمعات المحلية تصلح للعيش، أو زراعة المحاصيل الغذائية، أو بها مصادر للطاقة النظيفة يمكن الاعتماد عليها. وتشكل المياه أيضا ركيزة للنظم الإيكولوجية الطبيعية مثل الغابات أو الأراضي الرطبة، وتحفز الصناعة، وتخلق فرص العمل، وتمس كل جانب من جوانب التنمية، مع وجود صلة مباشرة بين المياه وكل هدف تقريبا من أهداف التنمية المستدامة.

ويتم تخزين المياه العذبة بطرق مختلفة، منها تخزين كميات كبيرة بشكل طبيعي في الجليد، وفي التربة والغطاء النباتي، أو تحت سطح الأرض في مكامن المياه الجوفية، أو على السطح في البحيرات والأراضي الرطبة. كما يتم تخزين المياه ذات الأهمية الإستراتيجية في أبنية أو خلفها مثل السدود، أو الصهاريج، أو برك التخزين، أو حقول المزارع، أو حقول الأرز. وقد يكون التخزين أيضا من خلال مزيج من المرافق الطبيعية والمبنية (تسمى أحيانا حلولا خضراء ورمادية). فعلى سبيل المثال، تستخدم المرافق المبنية لتسريع إعادة تغذية المخزون الطبيعي من المياه الجوفية.

ومن المتوقع أن يزداد تخزين المياه من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال الطاقة الكهرومائية التي يمكنها، إلى جانب توليد الكهرباء، توفير خدمات تخزين الطاقة وتحقيق التوازن على مستوى الشبكة العمومية لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى الأكثر تغيرا مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ومع ارتفاع الطلب على المياه العذبة، يعاني العالم من اتساع الفجوة في تخزين المياه، وبالتالي هناك ضرورة لتخزين المياه بقدر أكبر من المعدل الحالي في العديد من الأماكن. ومع تضاعف عدد سكان العالم على مدى الخمسين عاما الماضية، انخفضت المياه المخزنة في الطبيعة بنحو 27 ألف مليار متر مكعب مع ذوبان الأنهار الجليدية، وانحسرت الكتلة الثلجية، وتم تدمير الأراضي الرطبة والسهول الفيضية.

مع تضاعف عدد سكان العالم على مدى الخمسين عاما الماضية، انخفضت المياه المخزنة في الطبيعة بنحو 27 ألف مليار متر مكعب مع ذوبان الأنهار الجليدية، وانحسرت الكتلة الثلجية، وتم تدمير الأراضي الرطبة والسهول الفيضية.

وجرت العادة أن يتم التركيز على تخزين المياه في السدود والخزانات، لكن هذا النهج لن يجابه تحديات القرن الحادي والعشرين في العديد من المناطق. ويقدم هذا التقرير إطارا لدمج وتعظيم منافع جميع أشكال تخزين المياه: التخزين من خلال مرافق طبيعية ومرافق بنية تحتية مادية مبنية، ومزيج من الطريقتين في جميع مستجمعات المياه بأكملها. ويسلط التقرير الضوء على الأدوات العملية للمساعدة في تحديد خيارات التخزين التي تستجيب لمجموعة متنوعة من الاحتياجات الفريدة، وتجعل التعاون أكثر سهولة، وتدعم في نهاية المطاف حلول التخزين المتكاملة القادرة على الصمود والمصممة للحفاظ على الاستدامة لصالح الأجيال القادمة.

وتتحرك بعض المدن والمناطق والبلدان بالفعل في هذا الاتجاه، مدفوعة بالمخاوف بشأن الأمن المائي.

تخزين المياه الجوفية في الهند

مع وجود 18% من سكان العالم في الهند، و 4% فقط من الموارد المائية العالمية فيها، تسعى الهند إلى وقف الاستغلال المفرط للمياه الجوفية من خلال أكبر برنامج لإدارة المياه الجوفية في العالم بقيادة المجتمعات المحلية: برنامج إدارة المياه الجوفية. وبمساندة من البنك الدولي، يساعد هذا البرنامج 8220 مجلسا قرويا يغطي أكثر من 20 ألف قرية في سبع ولايات هندية، لحصر جميع تدفقات المياه التي تتدفق من هذه القرى وإليها. ويتمثل أحد الجوانب الأساسية للبرنامج في خطط الأمن المائي التي تقودها المجتمعات المحلية ويتم إعدادها على مستوى القرى لمساندة الجهود الجارية لتشجيع المزارعين على استخدام المياه بمزيد من الكفاءة. وقد أعد أكثر من 5200 مجلس قروي وشرع في تنفيذ خطط الأمن المائي "والموازنات المالية للمياه" التي تبين مقدار المياه الجوفية المتاحة، ومقدار إعادة تغذيته، ومقدار ما يمكن تخصيصه للزراعة. ودفع هذا الجهد العديد من المزارعين إلى استخدام أساليب ري مبتكرة موفرة للمياه والابتعاد عن المحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه إلى المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه، وزراعة محاصيل عالية القيمة مثل الرمان والكمون.

إستراتيجية جديدة للمياه في جنوب أفريقيا

وضعت كيب تاون بجنوب أفريقيا إستراتيجية جديدة للمياه في أعقاب أزمة مائية في عام 2018، وكيب تاون واحدة من عدة دراسات حالة وردت في هذا التقرير. وفي ذلك العام، كانت صنابير المدينة على شفا الجفاف بسبب الجفاف التاريخي الذي عصف بالمنطقة. وفرضت كيب تاون قيودا شديدة على المياه للحفاظ على تشغيل الشبكة إلى أن أدت الأمطار الغزيرة في وقت لاحق من ذلك العام إلى تخفيف أعباء المياه.

وواجهت واقعا جديدا تطلب منها إعادة النظر في نهجها الخاص بالمياه، فتحسن تخزين المياه غاية في الأهمية، لكن يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع إستراتيجيات أخرى لإدارة المياه. وتخطط كيب تاون لتحديث كيفية توزيع المياه في المنطقة، وتحسين كفاءة استخدام المياه، وتنويع مصادر المياه من خلال إعادة استخدام المياه (تنقية مياه الصرف المعالجة)، وتحلية مياه البحر، والتخلص من الأنواع الغازية التي تفرط في استهلاك المياه، وتطوير مصادر المياه الجوفية وتخزينها. وتعتمد المنطقة أيضا في تخطيط السيناريوهات على بيانات وتحليلات تأخذ في الحسبان إمكانية حدوث تغيرات مناخية مفاجئة، وحددت في الآونة الأخيرة أولوية الاستثمارات في زيادة المياه، وذلك باستخدام دراسة مائية واقتصادية أخذت في الاعتبار مختلف مستخدمي المياه (استخدامات الزراعة والصناعة والاستخدامات المنزلية والإيكولوجية).

وفهم الوضع الحالي للمياه في العالم واتخاذ قرارات أفضل بشأن إدارتها يخلق أساسا أكثر قوة للتنمية المستدامة، والعمل المناخي وبناء القدرة على الصمود، وسيعود بالنفع على السكان والبلدان وكوكب الأرض والأجيال القادمة.

الرسائل الرئيسية

بوصفها "تأمين من الطبيعة" تحمي المياه الجوفية الأمنَ الغذائي، وتحد من الفقر، وتعزز النمو الاقتصادي القادر على الصمود، لكن هذا المورد مهدد بفرط الاستغلال والتلوث.

من الضروري اتخاذ إجراءات سياسية رفيعة المستوى لإعطاء الأولوية للمياه الجوفية ومواءمة التكاليف الخاصة والاجتماعية لاستخدامها.

يمكن استخدام المياه الجوفية كمورد وقائي لمواجهة الصدمات المناخية بما يؤدي إلى تقليل فاقد المحاصيل الزراعية الناتج عن الجفاف بما يقارب النصف.

يُمكِّن الحصول على المياه الجوفية من تحسين الأمن الغذائي وتقليل معدلات سوء التغذية بين الأطفال.

يمكن أن تحمي المياه الجوفية المدن من مخاطر نضوب الموارد المائية.

يمكن أن تؤدي المياه الجوفية دوراً بالغ الأهمية في التكيُّف مع آثار تغيُّر المناخ، لكن شريطة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها.

تساعد المياه الجوفية في تخفيف آثار تغيُّر المناخ من خلال الحفاظ على مجموعة واسعة من النظم الإيكولوجية المُعتمِدة على هذه المياه والتي تضم الغطاء النباتي والبحيرات والمستنقعات التي تمتص الكربون.

تحمي المياه الجوفية المجتمعات المحلية المعرَّضة للخطر من خلال تمكينها من الحصول على المياه العذبة عندما تشح الموارد المائية السطحية

مع استنزاف المياه الجوفية، تصبح المجتمعات أكثر عرضة للصدمات المناخية.

تمت الاستهانة بقيمة المياه الجوفية وشابها الاستغلال المفرط وسوء الإدارة.

يتفاوت استخدام المياه الجوفية تفاوتاً شديداً فيما بين المناطق، حيث تعتمد بعض البلدان اعتماداً مفرطاً على هذا المورد فيما لا يستخدمه بعضها الآخر بشكل كافٍ.

في معظم الحالات، لا تُقدَّر قيمة المياه الجوفية كما ينبغي أو تتم الاستهانة بها تماماً؛ ومن الضروري لإدارة استخدامها بشكل منصف تقدير قيمة ما توفره من منافع.

تحد مستويات الاستنزاف المتزايدة من القدرة على تكوين احتياطيات وقائية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة وتزايد تقلُّب معدلات هطول الأمطار المصاحب لتغيُّر المناخ.

استنزاف المياه الجوفية وتدهورها والتنافس على استخدامها تهديداً يقوض استدامتها مما ينذر بسلب هذا المورد من الأجيال المستقبلية.

المياه الجوفية هي مورد مشترك يلزم تقدير قيمته بشكل صحيح وإدارته بعناية لإفادة المجتمع والاقتصاد والبيئة.

يلزم اتخاذ إجراءات سياسية رفيعة المستوى تضمن المواءمة بين التكاليف الخاصة والاجتماعية لاستخدام المياه الجوفية، والموازنة بين المنافع المتحققة من الضخ وتكاليف الاستخراج المرتبطة بذلك فضلاً عن التكاليف المفروضة على مستخدمي المياه الآخرين.

يمكن لإصلاحات السياسات وأنظمة الدعم المُوجَّهة بدقة والمدعومة باتخاذ إجراءات متكاملة في مختلف القطاعات أن تضمن ألا يؤدي التوسُّع في إنتاج الطاقة الخضراء والاستثمار الزراعي إلى تعريض موارد المياه الجوفية والأنظمة المعتمِدة عليها للاستغلال المفرط أو التدهور أو سوء الإدارة.

يجب إدارة العلاقة بين مستخدمي المياه الجوفية الذين يتشاركون في استخدام هذا المورد المشترك بعناية من أجل الحفاظ على استدامته على المدى الطويل.

اضف تعليق