بدأ تنصيف شنغهاي أول مهمة له كتصنيف دولي في عام 2003، وتبعنه تصنيفات أخرى في الانتشار السريع في العالم وهذا ما يعكس أهمية تلك التصنيفات.

تقسم التصنيفات إلى نوعين وهما التصنيفات المهتمة بجانب البحث العلمي فقط وأخرى تهتم بالجانب الأكاديمي والجانب البحثي معا. هذه التصنيفات تجعل الكثير من قادة وساسة الجامعات العالمية تنتظر بحماس نتائج تصنيف الجامعات سنوياً، وذلك لما لها من أهمية في السمعة العالمية وأهميتها في توجيه التعليم العالي.

العراق يمتلك اكثر من 85 جامعة حكومية وأهلية، ولكن لم تستطع سوى جامعتين فقط من دخول تصنيف واحد وهو تصنيف (QS) في حين لم تستطع أي جامعة عراقية أخرى الدخول إلى أي تصنيف أخر، مثل تصنيفات US News وTimes Higher Education والتصنيف الروسي والتنصيف الهولندي وتصنيف OECD وغيرهم.

لا يخفى على أحد منا تشخيص النتائج غير المرضية للجامعات العراقية في التصنيفات العالمية ورغم ذلك عجز مسؤولي التعليم العالي عن وضع الحلول المناسبة لذلك. يمكن تشبيه حال الجامعات العراقية "بالمريض" الذي يعاني منذ سنين واختلف واحتار الأطباء في وصف العلاج المناسب له ليعود إلى حالته الطبيعية. هذا المريض حير الكثير من أطباء التعليم حتى الآن، فالمسالة ليست تصنيف واحد فقط بل تصنيفات عديدة وكل ذلك يدعو بتعجب إلى متى سوف يستمر هذا الوضع. فعادةً ما تمر نتائج التصنيفات الجامعية كشيء لم يكن. وغالبا ما يتم تجاهل أهمية تلك التصنيفات العالمية على مستوى العالم.

في دراسة Rankings in institutional strategies and processes (RISP)، أشار 35٪ من المشاركين في الدراسة، أن التصنيفات الدولية تساهم بشكل كبير في تحسين سمعة أو الموقع الدولي للجامعات. كما يعد التصنيف العالمي هو واحدة من أهم أسباب التدويل. كما تكمن أهمية التصنيفات في أنها تستخدم من قبل بعض الحكومات من اجل توجيه سياسة التعليم العالي، وأيضا تكمن أهميتها في بحث المؤسسات التعليمية عن شركاء دوليين.

والاهم هو أن الطلبة يستخدمون التصنيفات من اجل إيجاد جامعة ملائمة للدراسة وذلك بسبب، في كثير من الأحيان، لعدم وجود مقاييس أخرى واسعة الانتشار. وهذا ما أكد عليه تصنيف Times Higher Education بأن أكثر من 30 مليون زائر يزور الموقع بحثاً عن التصنيف التعليم العالي. أهمية التصنيفات الجامعية الدولية تكمن في عدة مجالات مهمة لابد من سردها والتي لابد من جامعاتنا الاستفادة منها والاستفادة من تجارب بعض الدول في توجيه التعليم العالي وفقا لنتائج لتلك التصنيفات العالمية.

السياسة الوطنية

أكدت دراسة (RISP) أن العديد من الحكومات تستخدم التصنيفات لتوفير التمويل والدعم اللازمين لجامعات معينه تعتقد بأنها قادرة على أن تصبح من الطراز العالمي، السعودية جعلت 4 من جامعاتها ضمن نطاق الاهتمام من اجل جعلها ضمن أفضل 200 جامعة في العالم لغاية 2030.

ان دخول بعض الجامعات العربية ضمن أفضل 500 جامعة عالمية يعبر عن نجاح الجهود التي بذلتها تلك الدول في الارتقاء بأوضاع الجامعات العربية من خلال العديد من المبادرات. من جانب آخر تعتمد حكومات أخرى على التصنيف العالمي لأغراض الشراكة الأكاديمية. في السنوات الأخيرة بلدان متنوعة مثل الهند، جعلت من التصنيف الروسي والتصنيف الهولندي كأهم برامج الشراكة والاعتراف.

القرار المؤسسي

أن التصنيفات العالمية تؤثر على عملية صنع القرار المؤسسي. فقد أكد 27% من عينه دراسة RISP أنه تم إعادة النظر في سياسات الجامعات بينما 26% أكدوا أن التركيز قد تحول إلى تبني ميزات جديدة في العمل بدلاً من الإجراءات القائمة، في حين أن 23% أشار إلى أن تغييرات كبيرة حدثت في تعزيز مجالات البحث العلمي و21% اكدوا أن معايير التوظيف والتعزيز قد تغيرت بشكل كبير في جامعاتهم. فعلى جامعتنا اتخاذ خطوات جريئة بضرورة تغيير بعض الإجراءات القائمة من اجل تحسين العمل وتطويره. وكذلك على جامعاتنا صياغة رؤى استراتيجية واضحة تضمن لها التقدّم في التصنيفات العالمية.

الرصد والقياس

الغالبية العظمى من المشاركين في دراسة RISP أكدوا انه يتم مراقبة الأداء المؤسسي في التصنيف العالمي من قبل جامعاتهم ويشارك في الرصد والقياس قادة التعليم العالي وكبار قادة الجامعات العليا. البعض من الجامعات تقوم بتكليف فرق من الموظفين المتفانين أو وحدات من اجل مراقبة الأداء. العديد من الجامعات لا تستخدم التصنيفات لمراقبة أدائها فقط، بل أيضا أن مراقبة أداء الشركاء والمنافسين.

جمع المعلومات

أكد معهد سياسات التعليم العالي الأوربي أن التصنيفات تزيد من مستوى المناقشات حول مستوى الأداء الجامعي. عمليا، تساهم التصنيفات في جمع المعلومات عن الجامعات المنافسة سواء على مستوى الوطني أو المستوى العالمي. كما أن التصنيفات لا تشجع فقط جمع المعلومات، بل تساهم في نشر المعلومات عن الجامعات وعن أدائها وهذا ما يعرف بالشفافية. يتوجب على جامعاتنا العمل على دعم الترابط الشبكي بينها وبين الجامعات الأخرى وذلك يساعد على التبادل المعلوماتي بينها وبين الجامعات الأخرى.

التوأمة والشراكة

معظم الدراسات في مجال التصنيفات تشير إلى أن ترتيب الجامعات يؤثر على التوأمة والشراكة المؤسسية، وهذا ينطبق بشكل خاص على الشراكة الدولية. ان معرفة معلومات مفصلة ودقيقة عن المؤسسات التعليمية ( الشركاء المحتملين) قد لا تتوفر غالبا بما فيه الكفاية إلا عن طريق التصنيفات. وجود شريك في المرتبة العالية يمكن أن يستخدم أيضا لأغراض السمعة المحلية والإقليمية والدولية. من اجل ذلك على الجامعات العراقية بناء شراكات وبروتوكولات وتحالفات مع الجامعات العالمية المرموقة والعمل على بناء تشريعات وقوانين تسهل تلك الشراكات.

السمعة وسوق العمل

أكدت دراسة صادرة من Hanover Research في 2014 أن السمعة التجارية للجامعات تتطلب الجهد والبيانات المستمرين لدعم الصورة المطلوبة. موقف الجامعة في التصنيف العالمي يخدم هذا الغرض أيضا. أن أهمية نشر النتائج المتحصلة من التصنيفات على مواقع الجامعات الإلكترونية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعية وصحف الجامعة ومنشوراتها تساهم في زيادة وضوح الجامعة ومصداقيتها لدى سوق العمل.

يتوجب على جامعتنا إعادة النظر في التعليم الجامعي وإعادة توجيهه بما يناسب سوق العمل المتميز بالتقنية والتكنولوجية وعدم اتباع أساليب تدريس ومناهج غير فعالة (outdated) والتي لم تعد مناسبه لسوق العمل الحالي.

اختيار الطلبة للجامعات

أشار Dublin Institute of Technology في دراسته عن تأثير تصنيف الدولية على اختيارات الطلبة للجامعات، أن هناك علاقة كبيره جداً بين تصنيف الجامعات واختيارات الطلبة، خاصةً للطلبة الدوليين. التصنيفات الدولية توفر معلومات كبيرة جداً عن جودة الجامعات وسمعتها العالمية. فقد أشار تصنيف Times Higher Education أن 30 مليون زائر يزورون موقعة الإلكتروني، غالبيتهم من الطلبة، وهذا ما يعكس بصورة واضحة عن أهمية تلك التصنيفات لدى الطلبة. من المهم على جامعاتنا توفير تفاصيل دقيقة عن كل تخصص دراسي على مواقعها الإلكترونية ونشر تلك المعلومات على شبكة الأنترنت مما يسهل وصول الطلبة إلى تلك المعلومات.

جودة المدخلات (الطلبة)

اكدت نتائج دراسة معهد دبلن التكنولوجي أيضا أن جودة الطلبة الداخلين للجامعات مرتبط بشكل كبير مع تصنيف الجامعات. الطلبة ذوي خلفية علمية جيده، عادة ما يبحثون عن جامعات توفر تعليم أفضل ومن ثم الحصول على شهادة جامعية من جامعة ذات تصنيف جيد. لذلك على جامعاتنا تبني سياسات تساهم في استقطاب الطلبة الدوليين.

استقطاب الباحثين والكفاءات

عدد كبير جدا من المشاركين في دراسة RISP أكدوا أن ترتيب الجامعات في التصنيفات الدولية تؤدي دورا مهما في استقطاب الباحثين والكفاءات العلمية بسبب أن هؤلاء الباحثين يبحثون عن مؤسسات تعليمية تتمتع بسمعة عالمية وذات تصنيف جيد. لو نظرنا إلى بعض الجامعات العربية ذوات التصنيف المتقدم لنرى ذلك بوضوح حجم الباحثين والكفاءات الأجنبية ضمن هيئاتها التدريسية. إذا ما أرادت جامعاتنا استقطاب الباحثين الدوليين فعليها تحسين سمعتها العالمية ومنافسة الجامعات الأخرى.

اختيار البحوث

نظرا لأهمية المؤشرات المعتمدة، التصنيفات الدولية تأثر بشكل كبير في البحث العلمي بثلاثة عناصر رئيسية وهي: (1) اللغة التي تنشر فيها البحوث فالأفضلية هي للغة الإنكليزية، (2) البحوث التي تهتم بالقضايا العالمية، (3) نوع المجلات الرصينة التي تنشر فيها البحوث. هذه نقاط مهمه فعلى جامعاتنا إيجاد إجراءات وسياسات تعمل على توجيه الباحثين نحو كتابة البحوث باللغة الإنكليزية ونشرها في مجلات عالمية رصينة وكذلك تغيير مجال تركيز البحوث إلى المشاكل الدولية.

* باحث وأكاديمي-إدارة وسياسة تربوية
The State University of New York at Buffalo

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

عبدالموجود عبدالواحد سلطان
العراق
دراسة قيمة مختصرة وشاملة بارك الله بالجهود التي ساهمت فيها وفي نشرها2021-12-10