تعد صناعة السيارات من الصناعات الهامة، التي تعكس مدى تطور البلد والمستوى التكنولوجي فيه، ويقدر عدد العاملين في هذه الصناعة بشكل مباشر بنحو 9 ملايين عامل، بينما يقدر عدد العاملين في صناعات ترتبط بصناعة السيارات بنحو 50 مليون عامل، أما حجم الاستثمارات في مراكز أبحاث تعمل على تطوير هذه الصناعة فتقدر بنحو 85 مليار دولار، بينما تحقق 26 دولة في العالم منتجة للسيارات مدخولات من هذه الصناعة تقدر بـ 430 مليار دولا، وتقدم سوق السيارات المزدهرة في الولايات المتحدة مردودية عالية تحمل وعودا كثيرة للمدراء الماليين الأجانب.

لكنه ما زال من الصعب الدخول إليها وقد عجزت عدة شركات عن ذلك حتى الان، غير أن هذه الصعوبة لا تمنع مجموعات صينية وهندية وإيطالية وفرنسية من وضع مشاريع بهدف اقتحام هذا الحصن المنيع، ولا سيما مع ترقب معرض ديترويت الذي يفتح ابوابه للمهنيين، وأوضحت ستيفاني برنلي اختصاصية قطاع السيارات في مكتب "آي إتش إس ماركيت" للدراسات أنه منذ شركة "كيا" الكورية الجنوبية في التسعينيات، لم تتمكن اي شركة سيارات أجنبية من الدخول الى الولايات المتحدة وترسيخ وجودها هناك، واضطرت بعض الشركات مثل سوزوكي الى التخلي عن مشاريعها، فيما شهدت أخرى مثل ميتسوبيشي انهيارا في مبيعاتها.

واغتنمت شركة "فيات" عملية الاستحواذ على "كرايزلر" لتسويق سياراتها من طراز "500"، لكنها لم تلق سوى نجاحا محدودا، على غرار شركة "دايملر" مع سياراتها "سمارت"، اما شركة "فولكسفاغن"، فتكبدت خسائر تجارية حتى قبل فضيحة سياراتها ذات محركات الديزل.

لكن الواقع أن السوق الأميركية للسيارات هي حاليا في أفضل وضع عرفته حتى الان، فقد استوعبت 17,55 مليون وحدة عام 2016 ومن المتوقع أن تبقى بمستوى مماثل حتى 2020 على أقل تقدير، بحسب مكتب "آي إتش إس ماركيت"، وذكر المحلل المستقل المتمركز في ديترويت برتران راكوتو "إذا تمكنت (شركة) من الحصول على 1% من سوق تستوعب 17,5 مليون سيارة، فهذا يؤمن الاستمرارية لمصنع".

وأوضح مسؤول قسم صناعة السيارات في شركة "دولويت" غيروم كرونيل أن الولايات المتحدة عرفت "خمس سنوات رائعة" نجح منتجو السيارات خلالها في "زيادة حجم مبيعاتهم وهوامش (الأرباح) في آن واحد، وتظهر بعض الشركات طموحاتها مثل "بي إس آ" الفرنسية (بيجو وسيتروين ودي إس) التي لحق به فشل كبير قبل 25 سنة، أما شركة "ماهيندرا" الهندية التي لم تنجح عام 2010 في تسليم شاحنات "بيك آب" إلى الولايات المتحدة، فتطمح الى دخول السوق الأميركية بعلامتها "سانغيونغ" الكورية الجنوبية.

وصرح متحدث باسم سانغيونغ في سيول اننا ندرس مسالة الدخول الى السوق الأميركية، لكننا لم نقرر البرنامج بعد، نجري دراسات بهذا الصدد ولا يسعنا بعد تاكيد ما سنبيعه في السوق الأميركية عام 2020، ولم ينجح المنتجون الصينيون حتى الان في مسعاهم للدخول الى الولايات المتحدة، ولا سيما شركتا "جي إيه سي" المشاركة في معرض ديترويت، و"لينك أند كو" التابعة لمجموعة "غيلي" التي تملك سيارات "فولفو" ايضا. ويخطط مسؤولو المجموعة لإطلاق سيارة رباعية الدفع خاصة بالمدن في نهاية 2018، بعد تسويقها في الصين وأوروبا، ووضعت شركة "بي إس آ" خطة لعشر سنوات، يفترض في حال نجاحها، أن تؤدي الى توزيع سياراتها في الولايات المتحدة.

ويكمن التحدي الهائل أمام الشركة الفرنسية للدخول الى السوق الأميركية في بناء شبكة في بلد مساحته أكبر من فرنسا بـ14 مرة في حين أن الكثافة السكانية فيه اقل بالنصف، ولخص كرونيل الوضع بأنه لا يمكننا الدخول الى الولايات المتحدة بوسائل ضعيفة، وأكدت برينلي "هذا يتطلب أموالا، وتحقيق الأهداف على صعيد الحجم والمردودية يفترض الالتزام البعيد الأمد". وتأكيدا على ذلك، فقد استغرق الامر عشر سنوات قبل أن تتمكن شركات كيا وهيونداي وسوبارو من احتلال موقع في السوق الأميركية، وهي سوق واسعة تسير فيها 800 سيارة لكل ألف شخص.

وتسويق السيارات في الولايات المتحدة يحتم التوصل أيضا الى اتفاق مع جمعية موزعي السيارات الواسعة النفوذ، وهو ما انعكس سلبا على شركة "تيسلا" الأميركية التي تخوض معارك قضائية في ولايات عديدة حتى تتمكن من بيع سياراتها الكهربائية الفخمة مباشرة بدون المرور عبر الوكلاء.

وحذر راكوتو بأنه يتحتم على شركات السيارات الأجنبية أن تنتج سياراتها محليا لتفادي عواقب فوارق العملات و"تشغيل اليد العاملة الأميركية" عملا بما يطالب به الرئيس المنتخب دونالد ترامب، فضلا عرض مجموعة تأخذ بتنظيمات محددة وتستوفي المواصفات المطلوبة من الأميركيين.

ترامب يهدد تويوتا بسبب خطط تصنيع سياراتها في المكسيك

هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب شركة تويوتا بأنها ستواجه رسوما جمركية كبيرة على سياراتها المصنعة في المكسيك من أجل بيعها في السوق الأمريكية، وكانت شركات السيارات الأمريكية قد تعرضت لانتقادات حادة من قبل ترامب لتصنيعها السيارات بتكلفة أقل خارج الولايات المتحدة.

ومن جهته، ذكر أكيو تويودا رئيس شركة تويوتا إنه ليس لدى الشركة خطط فورية للتراجع عن الإنتاج في المكسيك، وأضاف في تصريحات أدلى بها في اليابان انه سوف ننظر في خياراتنا في ضوء السياسات التي سيتبناها الرئيس الجديد، وأصدر ذراع الشركة في الولايات المتحدة بيانا جاء فيه إن مستويات الإنتاج والعمالة في تويوتا بأمريكا لن تنخفض نتيجة للمصنع الجديد في المكسيك. وللشركة 10 مصانع في الولايات المتحدة.

وكان ترامب قد استهدف بالفعل شركتي صناعة السيارات الأمريكية جنرال موتورز وفورد لإقدامهما على تصنيع سياراتهما في المكسيك، مما دفع فورد لإلغاء خططها لبناء مصنع بقيمة 1.6 مليار دولار في المكسيك، وتوسيع عملياتها في الولايات المتحدة بدلا من ذلك.

يذكر أن منطقة النافتا للتجارة الحرة وانخفاض تكلفة اليد العاملة عاملان يجعلان الأمر جذابا للشركات لتصنيع سياراتها في المكسيك من أجل بيعها في الولايات المتحدة، وكانت شركة تويوتا قد أعلنت عام 2015 أنها ستبني مصنعا للسيارات من طراز كورولا بقيمة مليار دولار في المكسيك. وبدأ البناء بالفعل عام 2016، يذكر أن لتويوتا منشآت تصنيع بالفعل في باجا بالمكسيك، أقيمت في عام 2002.

فورد تلغي خطة لإنشاء مصنع في المكسيك بتكلفة 1.6 مليار دولار

أعلنت شركة فورد الأمريكية العملاقة لصناعة السيارات أنها قررت إلغاء خطط لإنشاء مصنع في المكسيك بتكلفة 1.6 مليار دولار، وبينت الشركة إنها بدلا عن ذلك ستقوم بزيادة عملياتها الإنتاجية والتوسع في مصانعها في ولاية ميشيغان الامريكية بتكلفة قد تصل إلى 700 مليون دولار أمريكي.

وأكد مارك فيلدز مدير الشركة أن القرار جاء بسببين أما الاول فهو تناقص نسبة مبيعات السيارات الصغيرة التي تنتجها الشركة بينما وإن الثاني هو إعراب عن ثقة الشركة في القرارات التي ذكر الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب إنه سيتبناها، وكان ترامب قد وجه انتقادات حادة لشركة فورد ومنافستها جنرال موتورز بسبب إعلان قيامهما بإنتاج بعض أنواع سياراتهاما في المكسيك لأسباب قالوا إنها اقتصادية.

وصرح فيلدز لبي بي سي إن تراجع الطلب على السيارات الصغيرة التي تنتجها الشركة عالميا سيسمح لها بتلبية حاجات السوق عبر بعض التوسع في المصانع الموجودة داخل الاراضي الامريكية، وأضاف أن الأمر الذي حفز إدارة الشركة لاتخاذ القرار هو السياسات الاقتصادية المحفزة للانتاج داخل الولايات المتحدة التي أعلنها ترامب.

وأوضح فيلدز أن الشركة لن تمنع إنتاجها في المكسيك كليا لكنها ستستمر في إنتاج سياراتها من طراز فوكاس هناك لتعزيز هامش ربحها، من جانبه عبر وزير الاقتصاد المكسيكي عن حزنه لقرار فورد مؤكدا ثقته في ان الشركة ستقوم بدفع التعويضات اللازمة للبلاد في حال وجود خسائر ترتبت على الإعلان الأخير.

تراجع مبيعات السيارات الأوروبية

أظهرت البيانات تراجع مبيعات السيارات الأوروبية 0.3 بالمئة بقيادة أكبر ثلاث شركات لصناعة السيارات في المنطقة فولكسفاجن وبيجو سيتروين ورينو، وذكر اتحاد صانعي السيارات الأوروبيين في بيان إن التسجيلات بلغت 1.14 مليون سيارة في الاتحاد الأوروبي وأيسلندا والنرويج وسويسرا.

وتراجعت مبيعات بيجو سيتروين 7.4 بالمئة تحت وطأة انخفاض مبيعات علامة سيتروين 8.9 بالمئة في حين انخفضت مبيعات بيجو 4.6 بالمئة، وانخفضت تسجيلات مجموعة رينو 2.1 بالمئة وعانت فولكسفاجن من انخفاض المبيعات 1.8 بالمئة بسبب هبوط مبيعات العلامة الأساسية 7.8 بالمئة.

وقلصت هذه الارقام أداء سوق السيارات الأوروبية منذ بداية العام لتصبح نسبة النمو 6.9 بالمئة على أساس سنوي للفترة من يناير كانون الثاني إلى أكتوبر تشرين الأول، كما تراجع الطلب الفرنسي والألماني وفقا لبيانات وطنية نشرت في وقت سابق وهو ما حدا بمؤسسة إل.إم.سي أوتوموتيف إلى تقليص توقعات العام بأكمله لسوق غرب أوروبا.

تراجع مبيعات السيارات في الولايات المتحدة

تباطأت وتيرة مبيعات السيارات في الولايات المتحدة من العام الماضي بفعل هبوط في مبيعات سيارات الركاب غطى على طلب قوي على الشاحنات الصغيرة والمركبات الرباعية الدفع، ووفقا لبيانات من أوتو داتا كورب بلغ حجم المبيعات هذا العام 16.66 مليون مركبة إنخفاضا من 17 مليونا قبل عام، وسجلت شركات جنرال موتورز (جي إم) وتويوتا موتور وفولكسفاجن إنخفاضا في المبيعات.

وأفادت جي إم -أكبر صانع للسيارات في الولايات المتحدة- إن مبيعاتها تراجعت 1.6 بالمئة إلى 255210 مركبة، كما أوردت شركات فورد موتور وفيات كرايسلر أوتوموبيلز ونيسان موتور بتحسن في المبيعات مدفوعا بشكل رئيسي بالطلب على الشاحنات الخفيفة، اذ وصلت مبيعات فورد موتور زادت 6.4 بالمئة مع بيعها المزيد من الشاحنات في حين دفع طلب أعلى على فئة سيارات الجيب مبيعات فيات كرايسلر للصعود بنسبة 7 بالمئة.

وذكرت تويوتا إن مبيعاتها في الولايات المتحدة انخفضت 5.6 بالمئة فيما يرجع بشكل أساسي إلى ضعف مبيعات سيارات الركاب الفاخرة بينما سجلت شركة بي إم دبليو الالمانية لصناعة السيارات الفاخرة هبوطا في المبيعات بلغ حوالي 12 بالمئة.

المكسيك ترتقي سُلم صناعة السيارات

اصبحت المكسيك حيث يريد الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب خفض استثمارات كبرى شركات السيارات الاميركية او اليابانية، في السنوات الاخيرة مركزا عملاقا لهذا القطاع، والمكسيك رابع دولة مصدرة للسيارات الخفيفة في العالم وسابع دولة منتجة عالميا للسيارات بحسب ارقام الخبراء.

ويمثل قطاع صناعة السيارات في هذا البلد رقم اعمال سنويا قدره 52 مليار دولار ويؤمن اكثر من 875 الف وظيفة مباشرة كما قالت وزارة الاقتصاد المكسيكية، ولا تملك المكسيك شركات وطنية لانتاج السيارات لكن 80% من السيارات التي يتم جمعها في هذا البلد مخصصة للتصدير خصوصا الى الولايات المتحدة (72,2% من الصادرات) وكندا (10,5%).

ويبرر ازدهار صناعة السيارات في المكسيك بالرواتب المنخفضة نسبيا والموقع الجغرافي القريب لهذا البلد من سوق اميركا الشمالية الضخمة ومعاهدات التبادل الحر التي وقعتها المكسيك مع 46 بلدا في العالم، كلها عناصر تجذب كبرى الشركات العالمية لصناعة السيارات.

واتفاق التبادل الحر (نافتا) الذي دخل حيز التنفيذ في 1994 مع كندا والولايات المتحدة يتيح تصدير بضائع مصنوعة في المكسيك الى الولايات المتحدة بشروط ودون رسوم جمركية، وخلال الحملة الانتخابية هاجم ترامب هذا الاتفاق ووعد باعادة التفاوض بشأنه او بالتخلي عنه بكل بساطة.

وهدد دونالد ترامب مجموعة تويوتا اليابانية العملاقة لصناعة السيارات بفرض رسوم جمركية اذا مضت في احد مشاريعها في المكسيك. بهذا التهديد يمارس ترامب ضغوطا غير مسبوقة على كبرى المجموعات الصناعية لحملها على البقاء في الولايات المتحدة، ودعا ترامب مجموعة "جنرال موتورز" اول مصنع للسيارات في الولايات المتحدة، الى ان تنتج في اميركا سياراتها المخصصة للسوق المحلية تحت طائلة دفع رسوم جمركية كبيرة.

كما اعلنت مجموعة "فورد" الاميركية التي انتقدها ترامب بشدة لانتشار مصانعها في الخارج، الثلاثاء انها ستعدل عن بناء مصنع في المكسيك وستستثمر في مصنع موجود في ميشيغن (شمال الولايات المتحدة) سيوفر 700 وظيفة جديدة.

وخلال الاشهر ال11 الاولى من العام 2016 (بحسب آخر الارقام) كانت جنرال موتورز اول مصدر للسيارات الاتية من المكسيك مع 495790 سيارة مصدرة متقدمة على نيسان (464877) وفيات كرايزلر اميركا (404160) وفورد (351691) بحسب الجمعية المكسيكية لصناعة السيارات، واحتلت تويوتا المرتبة التاسعة مع تصدير 124439 سيارة الى السوق

الاميركية.

كيف ستكون صناعة السيارات في العام 2017؟

تزداد مخاف صانعي السيارات في ظل الفرص الحالية في العام 2017، لاسيما بعد موجة التهديدات التي اطلقها الرئيس الامريكي ترامب، والتي قد تنذر بموجة مضادة من التغييرات في سياسة العديد من شركات السيارات، خاصة تلك التي تملك خطوط انتاجية في الخارج.

وبالتالي قد تشهد اسعار السيارات ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام مع تدني مستويات الانتاج العالمية بعد غلق وتوقف العديد من المشاريع المستقبلية التي تنوي توسيع الخطوط الانتاجية لهذه الشركات، وهذا مايعني ان سوق السيارات ستشهد مرحلة حاسمة هذه السنة، في حال استمرار هذه التهديدات التي قد تجد معاملة بالمثل من المنافسين للولايات المتحدة الاميركية وبالتالي حدوث حرب سعرية مابين الشركات العالمية لصناعة السيارات.

اضف تعليق