لغاية يومنا هذا وعلى الرغم من كل ما تم تأمينه من موارد مادية لإستنهاض القطاع الزراعي في البلد كان مصيرها معلقاً فيما نراه في الاسواق المحلية من منتجات زراعية مختلفة، كل إنفاق المبادرة الزراعية لم تساعد على ايصال الوطن الى مرحلة الاكتفاء الذاتي والسبب يعود الى تهديدات بيئية كبيرة تواجه الزراعة اهمها ضعف الموارد المائية الواردة لنهري دجلة والفرات، لذلك لم نعد نستطعم برتقال ديالى أو رمان شهربان وبطيخ سامراء وفي الجنوب حشرة السوسة تهاجم نخيل البصرة وطماطة الزبير تصل وقد دار عليها التلف والعفن!

عوضاً عن تلك المنتجات أغرقت الاسواق العراقية بالرمان المصري وانواع الرقي الاردني والسوري وأنواع الموز من امريكا اللاتينية والليمون والفواكه التركية والخضار الاردني والرقي الايراني والسوري، لاشيء أمامنا يحمل النكهة العراقية باستثناء بعض الخضار والتي سيأتي اليوم لنفقدها أيضاً فأنت ما أن تنتقل من مدينة الى أخرى حتى تربكك صورة آلاف الدوانم الزراعية المتروكة المستصلحة منها وغيرها، مجرد أرض تركها أصحابها فمنها من تحول الى أراض سكنية ومنها من بقية تتابع عليها الزمن وفقدان العناية لتصبح أرض بور.

تلك الاراض الزراعية على الحكومة أن تبدأ خطواتها الجادة بإعادة حصر مساحاتها والضغط على طريق استثمارها استثماراً حقيقياً وبما يساهم ببدء انتاجيتها فالجميع يعلم أن الارض الزراعية المتروكة هي ثروة مهدورة، هدرها يساهم في ابتعادنا عن تحقيقي امننا الغذائي الذاتي وتحقيقية سيستنزف المليارات التي تبعث الى الخارج في ميزان تجاري يميل لصالح الدول الجارة دائماً.

تقديرات منظمة الغذاء والزراعة الدولية التابعة للأمم المتحدة اشارة الى أن الاراضي الصالحة للزراعة في العراق تقدر بحدود 43.4 مليون هكتار اي حوالي 27% من مساحة العراق، رقم هائل يجب ان تكون له الانتاجية التي تغني العراق حتى عن النفط والغاز، فدول كبرى تعتمد الانتاج الزراعي بأنواعه وحتى الورود، أنها تزرع كل شيء ممكن ان تستوعبه الارض، مراكز بحث علمي وتطوير وكليات زراعة فاعلة وتحسين منتجات وتطويرها ومعالجات ووقاية واضحة للمنتجات الزراعية وحسن ادارة الري والمياه وتنسيق كامل بين مؤسسات الحكومة المختلفة بهدف رفع وتيرة الانتاج الزراعي وتطوير المنتجات واتباه أهم طرق التنمية المستدامة دفعت بتلك الدول الى التربع على عرش التصدير الزراعي بل أن موازناتها تعتمد كلياً على الزراعة.

نحن بحاجة ماسة الى تطوير الكوادر الزراعية العليا من خلال الدفع بهم الى دول العالم الزراعية لزيادة الخبرة وبحاجة لنقل تقنيات زراعية متنوعة ميكانيكية وحيوية وكيمياوية وسلوكية، مهارية، بهدف زيادة مساحة الارض المزروعة لا أن تترك لتصبح بعد حين لا تصلح إلا للسكن فالكثير من الاراضي تعمد اصحابها الى تركها لتموت وتجدب طمعاً في تحويل جنسها والاستفادة من بيعها سكنية وعلى مرئى الحكومة ومؤسساتها العقارية، وهذا أخطر شيء ممكن أن يحصل فالأرض الزراعية ليست ملكاً لأحد بل هي ملكاً عاماً للشعب يجب ان يجبر اصحابها على العمل أو ان يتم تحويل ذمتها لآخرون قادرون على استغلالها والاستفادة منها.

الحكومة من جانبها عليها أن تقطع دابر المشككين بقدرتها على توفير كل وسائل الانتاج الزراعي وتبطل حججهم بصورة عملية والمساهمة معهم من خلال المراكز البحثية في تطوير ارضهم، وتوفير مياه الري وانهاء التباحث مع دول الجوار عن حصة العراق المائية والتوجه لمنظمة الامم المتحدة وتقديم شكوى بذلك، فتركيا كانت قد تصرفت لمدة ستة اشهر بقطع المياه عن الفرات، في تصريح لوزير الموارد المائية السيد محسن الشمري، في حين أننا طول الفترة الماضية لم نسمع ان العراق قد طالب أو قدم شكوى بالخصوص.

زراعتنا اليوم أحد الثروات الوطنية المهدورة والمسؤولية الكبيرة تجاهها يجب أن تتقاسمها الدولة مع اصحاب الاراض الزراعية والتوعية بأهميتها يجب أن تكون سريعة وعاجلة لا أن نترك ارضنا، ثروتنا ونحن بأمس الحاجة لمنتجاتها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق