نحن يجب أن لا نكتفي بتحريم تقديس السلطويين مهما كانت توجهاتهم فحسب وإنما علينا رفع الحصانة وتحريم تقديس الكثير جدا من القيادات التاريخية التي تولت قيادة أمتنا عبر التاريخ، فالأعم الأغلب منهم، أسهموا في مصادرة وعينا وإرادتنا، وحولونا إلى آلات تسير بأمرهم، وتقف بأمرهم، وتأكل بأمرهم، وتقتل بأمرهم.

إن النماذج التي نجحت بالتحكم في الحياة العامة للمجتمع الإسلامي عبر تاريخه الطويل، نجحت كذلك في تربيته تربية سلطوية قهرية، قتلت فيه الطاقات الإبداعية، وحولت الفرد إلى شخصية ضعيفة مهزوزة مشوهة مضطربة غير متوازنة، ثم قوضت مهاراته، وشلت قدراته، وعطلت طاقاته البدنية والفكرية، ومحقت إبداعاته، لكي تتمكن من قيادته وتلوينه بالشكل الذي يضمن لها الاستمرار في الحكم.

والدليل على ذلك أن كل الثورات التي وقعت منذ ثورة الحسين بن علي (عليه السلام) سنة 61 للهجرة وإلى الآن، كان قادتها من الذين أفلتوا من التربية السلطوية، ولم يخضعوا إلى مؤثراتها، فلم تتلوث فطرتهم، وحافظوا على نقائهم.

أما الذين حاربوهم، والذين تمسكوا بالحديث عن نوع واحد وجانب واحد من أوجه الإسلام، والذين سكتوا عن خرق الحكام للقوانين الإسلامية، ولم يعترضوا عليهم بحجة وحدة الجماعة وغيرها من الأقوال، فهم كلهم تخرجوا من تحت يد التربية السلطوية القهرية، ففقدوا الإرادة والكثير من الكرامة. وتحولوا بإرادتهم أو ما تبقى منها إلى أدوات طيعة تنفذ للسلطة رغباتها، وتنجز لها مهامها، وتعينها في مشروعها،

دون أن يشعروا أن الاصطفاف مع السلطويين الاستبداديين باهظ الثمن جدا، كان من نتائجه أنهم أفسدوا أحلام المسلمين بالحياة الحرة الكريمة،

ومهدوا للسلطات الاستبدادية العربية والأعجمية طريق السلطة، وحكم الأمة بالنار والحديد على مدى قرون طويلة، فحملوا أوزارهم وأوزار غيرهم.

وهم مهما تقدموا الناس لن يفوزوا في السباق، وسيأتي من يتقدم عليهم، وينال الكأس، وهم ينالون الخيبة والخسران.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق