q

مرة أخرى كانت العاصمة الفرنسية، باريس، على موعد مع الهجمات الإرهابية التي تشنها التنظيمات المتطرفة، بعد ان أعادت الى الاذهان هجمات (شارلي ايبدو) في بداية العام الحالي، لكن بطريقة أكثر عنفا واتساعا وتنسيقا، بعد ان بلغ عدد القتلى (127) ومئات المصابين، مقارنة بـ(18) قتيل في حادثة المجلة الساخرة، إضافة الى:

1. أعلن الرئيس الفرنسي (فرانسوا هولند) حالة الطوارئ الوطنية، والتي اعتبرت المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، بعد ان أعلن رئيس فرنسا ان الهجمات هي "عمل من أعمال الحرب نظمته الدولة الإسلامية (داعش) من الخارج بمساعدة من الداخل"، اضافة الى فرض قيود على الحدود وحركة النقل بشكل مؤقت لمنع منفذي الهجمات من الهرب.

2. لم يحمل المهاجمين الأسلحة الالية فحسب، بل دخلت (الاحزم الناسفة) في تكتيك الهجمات ضد الأهداف المدنية في باريس، حيث كان المهاجمين الثمانية يرتدون "احزمة ناسفة"، سبعة منهم فجروا أنفسهم، فيما تمكنت قوات الامن الفرنسية من قتل المهاجم الثامن، وقد قتل العشرات بإطلاق المسلحين النار بشكل عشوائي، فضلا عن تفجير أنفسهم.

3. تنوع المواقع التي تم مهاجمتها، ووصلت الى (5) مناطق في قلب باريس، والغريب في الامر ان المسلحين نفذوا أهدافهم بشكل تام على الرغم من حالة التأهب المعلنة للأجهزة الأمنية منذ حادثة (شارلي ايبدو)، إضافة الى حالة تأهب قصوى اخرى "تحسبا لوقوع هجمات إرهابية قبل مؤتمر عالمي للمناخ من المقرر أن تستضيفه البلاد هذا الشهر"... من دون نسيان وجود الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية الألماني داخل الملعب وهو لا يبعد سوى بضع مئات الأمتار عن المهاجمين واحزمتهم الناسفة.

الخبر العاجل الذي صدر بعد ساعات قليلة من الاعتداءات جاء من تنظيم (داعش) الذي أعلن من خلاله تبنيه للمجمل العمليات الانتحارية التي شهدتها باريس بالقول "قام ثمانية إخوة ملتحفين أحزمة ناسفة وبنادق رشاشة باستهداف مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا منها ملعب (دي فرانس) أثناء مباراة فريقي ألمانيا وفرنسا الصليبيتين، ومركز (باتاكلون) للمؤتمرات، وأهدافا أخرى"، مؤكدا ان فرنسا ستكون "على رأس قائمة أهداف الدولة الإسلامية (داعش) ما داموا قد تصدروا ركب الحملة الصليبية وتجرأوا على سب نبينا، وتفاخروا بحرب الإسلام في فرنسا، وضرب المسلمين في أرض الخلافة بطائراتهم".

ومع ان الرئيس الفرنسي استبق الجميع باتهام تنظيم داعش بالوقوف خلف الهجمات بالقول إن "ما حصل أمس هو عمل حربي، ارتكبه داعش ودبر من الخارج بتواطؤ داخلي على التحقيق اثباتها"، الا ان تحقيقات إضافية قد تربط المزيد من التنظيمات او الجهات الأخرى... ربما تلك التي سهلت ومولت ودعمت هذا الهجوم، (خصوصا تنظيم القاعدة)، حتى يخرج هذا الهجوم بهذا العنف والتخطيط العالي الذي أوقع اضعاف ما اوقعته الاعتداءات السابقة في صفوف المدنيين في فرنسا.

ومع ان سيناريو اخر، اشارت اليه صحيفة "الغارديان" البريطانية، قد فرض تنفيذ العملية من قبل "جماعة محلية من الشباب المسلمين المهمشين والمحرومين والغاضبين تعيش في فرنسا"، هم من شن الهجوم "بطريقة فردية، أو ما يطلق عليه (الذئب المتوحد)، ومن هؤلاء محمد مراح عام 2012، ومهدي ميموش، الذي قتل أربعة في متحف يهودي في بروكسل"... الا انها استدركت ان "هجوم ليلة الجمعة لا يشير إلى أنه من تنظيم أفراد هواة".

وعلى العموم... ما حدث من اعتداءات في باريس، يدرج ضمن الاحداث الضخمة التي سيترتب عليها الكثير من الاحداث والتغيرات والمواقف السياسية اللاحقة، اوربا والازمة في الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب في اسيا وشمال افريقيا وغيرها... كلها أمور سيتم مناقشتها وإعادة صياغتها ضمن اعتداءات باريس الأخيرة.

اضف تعليق