بينما تكتفي الأمم المتحدة بإعلان إحصائية شهرية عن عدد الضحايا في العراق من المدنيين والعسكريين الذين يسقطون نتيجة التفجيرات التي يقوم بها داعش واعوانهم في المدن العراقية.. فإنها وحسب ما يبدو تذرف الدموع على اولئك الذين فخخوا وفجروا وقتلوا الناس بلا رحمة وعلى الهوية.. وتدعو الى إيقاف عقوبة الاعدام في العراق.. بل في كل العالم انها تدعو بشكل غير مباشر الى تفشي الجريمة بين المجتمعات من خلال انهاء فاعلية الرادع.. فالمجرمون في جميع انحاء العالم تحت رعاية الأمم المتحدة، وحياتهم مضمونة واحتمالات عيشهم سهلة التحقيق، حتى وان كانت بين جدران مغلقة.. أما الضحايا وذووهم فعليهم شرب ماء البحر، ولملمة اشلاء ابنائهم واطفالهم، لأن المساس بكرامة أي مجرم يعتبر جريمة بحد ذاتها، وخرقا لحقوق الانسان..

بهذا المنطق يخاطبنا العالم من خلال هيئته التي تدعى الأمم المتحدة.. حسب احصاءات الأمم المتحدة فإن التقديرات تشير الى استشهاد أكثر من نصف مليون عراقي منذ عام 2004 وعلى مدى عشر سنوات حتى يومنا هذا، وهنالك اربعة اضعاف هذا العدد من الجرحى والمعوقين وهذا الوضع تسبب في ترمل وتيتم وفقدان المعيل لأكثر من مليون امرأة وطفل، وجبال من الأحزان.. كل هذا لم يحزن الأمم المتحدة، ولم يحرك مشاعرها بقدر ما يحركها الحكم على أحد المجرمين بالإعدام بسبب قيامه بعملية إبادة جماعية لمئات البشر بسيارة مفخخة أو عبوة أو أحزمة ناسفة يرتديها، وحوش بشرية تعيش مطمئنة برعاية الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان سيئة الصيت.. ما جدوى ان يعيش المجرمون ويموت الابرياء وتُقطع اشلاؤهم.. وبعضهم لا يدفنون.. أمن أجل حفنة من الوحوش البشرية وجدت تلك المنظمات التي تدّعي حقوق الانسان لتدافع عنهم..؟!..

تقارير عديدة صدرت من الأمم المتحدة تعلن عن اسفها لأن بعض الدول مصرة على تطبيق عقوبة الاعدام في حين تغض الطرف عن الأسباب الحقيقية وراء الأحكام التي صدرت بحقهم.. بل أنها أي الأمم المتحدة تحاول ان توفر الغطاء القانوني لوقف عقوبة الاعدام في عملية غامضة لخلط الأوراق بين من يرتكبون الجرائم السياسية والجرائم الجنائية دون ان تستثني أحداً حتى اولئك الذين قاموا بجرائم إبادة جماعية.

 آخر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في شهر تشرين أول 2014 قالت فيه ان العراق يجب ان يوقف استخدامه الواسع لعقوبة الإعدام التي وصفتها بأنها جائرة ومعيبة ولا تؤدي سوى إلى اشعال العنف.. تصور الحكمة، الأمم المتحدة تجد أن انهاء العنف يتم من خلال الإبقاء على حياة مرتكبي الجرائم ضد الأبرياء.. بهذا المنطق صدر البيان الجديد وكل البيانات التي صدرت سابقاً..

إن القصاص من القاتل شرعة السماء وهي على وفق ما جاء في القرآن الكريم حياة وبقاء للناس ذوي الألباب.. وسوى تلك الأحكام الجائرة التي تصدرها السلطات الغاشمة ضد معارضيها ومن يتبنون أفكاراً وآراءً مغايرة لأفكار وآراء الحاكمين.. فإن عقوبة الإعدام ضد المجرمين عدالة سماوية وإحقاق حق وشفاء لجرح خلفته الجريمة بحق الأبرياء.. الأمم المتحدة التي كما أشرنا بانها تذرف الدموع على القتلة والمجرمين أشارت في بياناتها أن (60) شخصاً أعدم في العراق بحلول نهاية شهر آب 2014 وهؤلاء جرى تنفيذ العدالة فيهم خلال تسعة أشهر، متناسية ان المجرمين أعدموا (1700) جندي أسير مجرد من السلاح وبدم بارد وبأسباب طائفية وعنصرية في حالة واحدة.. وأنهم قاموا بإعدام 520 سجيناً في سجن بادوش ولم تمس الرحمة والشفقة قلوب الذين قاموا بتنفيذ جرائمهم في وضح النهار، الأمم المتحدة أحصت (177) مجرماً تم تنفيذ أحكام الإعدام بهم عام 2013 في حين ان عدد الضحايا الذين سقطوا بسبب جرائم هؤلاء اكثر من (24) الفا ضحية بين شهيد وجريح.. وهي تأسف لأن هناك (1724) مجرماً ما زالوا يواجهون حكم الإعدام وربما تطلب تخفيف الأحكام او إلغائها بمناسبة عيد ميلاد الأمين العام للأمم المتحدة أو طهور ولده..

وفي الوقت الذي تمتدح المنظمة الأممية موقف رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني الذي أثار غضب أبناء الشعب وذوي الضحايا بعدم توقيعه على الأحكام، فإنها تشكك بتلك الأحكام التي صدرت لاحقا في تهمة باطلة للقضاء العراقي، وخروج عن اللياقة الدبلوماسية، واهانة للقضاء، في حين ان تلك الأحكام ميزت أكثر من مرة وانها صدرت بتواقيع (20) قاضياً لضمان سير العدالة، وحتى لا تقع حالات الخطأ، إذ تعتمد الأمم المتحدة على تقارير ظل تعدها منظمات وهمية وتنقل رأي ذوي المجرمين بتشكيكهم بالأحكام الصادرة ضد مرتكبي تلك الجرائم حفاظا على ابنائهم.

 وأخيراً تدعو الأمم المتحدة إلى إيقاف عمليات الإعدام حتى يستقر الوضع الأمني في العراق لتسلق المجرمون الى سدة الحكم واضعة أصابعها في آذانها حتى لا تسمع دوي الانفجارات التي تحدث يومياً لإبادة أبناء الشعب العراقي وآخرها التفجيرات التي حدثت في الطالبية والحرية والكاظمية وكربلاء، وقبلها في بغداد الجديدة والباب الشرقي ومدينة الصدر، وفي بابل ومناطق أخرى من العراق.. المنظمة الدولية بات همها اليوم كيفية المحافظة على حياة المجرمين وليس الأبرياء من الناس الذين يقتلون في الأسواق والمساجد والشوارع والمطاعم وأي أماكن يتواجدون فيها وعندما يمارسون طقوسهم.. إنه منطق تبرير الجريمة.

..........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق