q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

ليلة قصف اليمن

على هامش الجدل وخارج الگروب سألني صديق لماذا لاتتناقشون في قضية وتتركون هذه الحرب التي لاناقة لكم فيها ولا جمل، وهو سؤال يشبه سؤال مذيعة قناة بي بي سي العربية، حين قالت لقيادي حوثي في حوار تلفزيوني، مادخلكم بالحرب وبينكم وبين غزة آلاف الأميال؟ فردّ عليها الضيف، وهل يسكن الرئيسان الامريكي والفرنسي معهم في نفس الطابگ؟!...

كنا مجموعة اصدقاء في گروب خاص نتبادل الآراء حول قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق باليمن، ومن قراءة أولى للقرار وجدت انه يعطي تخويلاّ ضمنياً بتوجيه ضربة عسكرية (للحوثيين)، وشاركني عضو رئيسي في الرأي، و ردّ أحد اعضاء الگروب معترضاً بعدم وجود تخويل، وقال صديق آخر أن القانون الدولي لايسمح باللجوء الى القوة إلا تحت البند السابع، وامتنع اربعة اعضاء عن التصويت.

وكل ماتقدم من آراء صحيح فليس في القرار نص صريح بالتخويل والقانون الدولي لايسمح بذلك، لكن القانون كما في كل مرة بيد عازف القانون والفرقة الموسيقية، وهذا القرار السريع صدر على طريقة لعبة الأمم بما يشبه التخادم، وعلى الطريقة العراقية بما يشبه التوافق، والدول التي سعت للحصول على تخويل حصلت على مرادها بفقرة (حق الدفاع عن النفس) وكما هو معروف في كل قواعد الألعاب فالهجوم هو خير وسيلة للدفاع.

و من ناحيتنا نحن اعضاء الگروب فقد واصلنا النقاش الى وقت متأخر من ليلة الجمعة الماضية حتى غلبَنا النوم وسكتنا عن الكلام المباح الى أن أدركنا الصباح بأخبار وعواجل بدء العملية العسكرية بقيادة امريكية - بريطانية ومشاركة عدد من الدول (الصديقة والشقيقة) وبهجوم جوي وصاروخي شمل عدداً من الأهداف في المدن اليمنية، وكنّا على يقين بأن الضربة آتية لاريب فيها بتخويل ومن دون تخويل، ويبدو أننا لسنا الوحيدين فاعضاء مجلس الأمن الدولي الذين حضروا الجلسة انقسموا حول الضربة وتفسير القرار وسارع بعضهم الى قصف اليمن قبل أن يجف حبره الالكتروني، ورأت روسيا أن القرار لعبة سياسية وأن أميركا هي من تخرق القانون والقرار لايمنح حق توجيه الضربات العسكرية، ومع ذلك فالقرار صدر رغم الإدانات والضربة حصلت مباشرةً بعد القرار الذي اعتمده المجلس بأغلبية 11 عضواً وامتناع 4 أعضاء عن التصويت، بينهما روسيا والصين العزيزتان، وصاغته الولايات المتّحدة واليابان (حتى انت يا بروتس)، وظهر للجميع أن اعضاء مجلس الأمن الدولي متفقون على الاختلاف بشكل شبيه باتفاق المتحاربين على قواعد الاشتباك.

وعلى هامش الجدل وخارج الگروب سألني صديق لماذا لاتتناقشون في قضية عراقية (كالحصة التموينية مثلاً) وتتركون هذه الحرب التي لاناقة لكم فيها ولا جمل وبيننا وبينهم آلاف الكيلومترات، وهو سؤال يشبه سؤال مذيعة قناة بي بي سي العربية، حين قالت لقيادي حوثي في حوار تلفزيوني، مادخلكم بالحرب وبينكم وبين غزة آلاف الأميال؟ فردّ عليها الضيف، وهل يسكن الرئيسان الامريكي والفرنسي معهم في نفس الطابگ؟!

من بين عدة اسئلة وإجوبة تستحق أن تدرّس في كليات الإعلام الحكومية والأهلية كنموذج للحوارات التي تضع مقدّم البرنامج تحت ضربات الضيف المبرحة وفي زاوية محرجة ووضع لايحسد عليه، وكيف يؤدي التوجيه والإنحياز في الإعلام الى فشل في الإعداد والتقديم، مع أن الحوار الساخن تحوّل الى مادة ممتعة في هذا الجو الكئيب، وشر البلية ما يُضحك، أما گروبنا الخاص وعدد اعضاءه أقل من عدد المؤيدين لقرار مجلس الأمن الدولي، فقد أخذْنا بالنصيحة والتقينا لمناقشة مفردات الحصة التموينية، في مطعم باچة.

.........................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق