q
أن هذا المقال يُسلط الضوء على التوافق بين القيم الإسلامية والديمقراطية، وكيف يمكن أن تكون القيم الإسلامية والقيم الديمقراطية متوافقة عندما تُفسر وتُطبق بشكل صحيح وعادل، والغرض العملي من هذا المقال ان يجد العلمانيون والاسلاميون اساسا مشتركا وصحيحا للتصالح والتعايش والعمل معا على بناء دولة حضارية حديثة...

تتميز الديمقراطية بأنها نظام سياسي يؤمن بحق الإنسان في التقرير الحر لمصيره والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياته. تعتبر هذه القيمة الأساسية جذرية في تأسيس الأنظمة الديمقراطية حول العالم، وهي قيمة تجدها أيضًا في الإسلام.

في القرآن الكريم، يقول الله تعالى في سورة الشورى: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" (الشورى: 38). هذه الآية تحث على مشاركة الناس في اتخاذ القرارات والتشاور في الأمور المهمة. كما أن القرآن يشجع على العدالة والمساواة ويحث على حقوق الإنسان.

من السنة النبوية، روى ابن عباس أنه لما نزلت {وشاورهم في الأمر} قال رسول الله (ص): (أما أن الله ورسوله لغنيّان عنها ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمّتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غيّاً) الدر المنثور، 2/359.

هذا الحديث يؤكد على أهمية التشاور ومشاركة الناس في اتخاذ القرارات وأنها جزء لا يتجزأ من المجتمع الإسلامي.

من هنا، نلاحظ أن القيم الإسلامية تتماشى مع القيم الأساسية للديمقراطية، وتؤكد على حق الإنسان في التعبير عن آرائه والمشاركة في صنع القرارات. تجد العديد من القيم الديمقراطية مرسومة بوضوح في الأسس الإسلامية، مما يظهر توافقًا وتقاربًا بين القيم الديمقراطية والقيم الإسلامية فيما يتعلق بحق الإنسان في التقرير الحر لمصيره.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن الإشارة إلى أن التاريخ الإسلامي قد شهد أمثلة على ممارسة هذه القيم، حيث كانت هناك تقاليد للتشاور ومشاركة الناس في القرارات المهمة في الحكم الإسلامي القديم.

الوقائع التي استشار الرسول (ص) فيها بعض أصحابه:

1- أشار سلمان الفارسي على رسول الله (ص) يوم الأحزاب بحفر خندق حول المدينة، وقبل الرسول (ص) مشورته وأمر بحفر الخندق، وكان النصر للمسلمين.

2- بعد أن تم التوقيع على صلح الحديبية، أمر النبي أصحابه أن ينحروا ما معهم من الهدي فلم ينحر أحد، فبان الغضب بوجه النبي (ص) وعاد إلى خيمته، فقالت له أم سلمة: لو نحرت يا رسول الله لنحروا بعدك. فنحر صلى الله عليه وآله وسلم هديه، فنحروا بعده.

3- في أيام الخندق، أراد النبي (ص) أن يفرّق الأحزاب ويكسر شوكتهم، فقرر أن يصالح عيينة بن حصن – كبير غطفان – على سهم من ثمر المدينة لقاء انسحابه بمن معه من غطفان وهوازن. دعا النبي (ص) سعد بن عبادة – رئيس الخزرج – وسعد بن معاذ – رئيس الأوس – واستشارهما في ذلك، فقالا: يا رسول الله، إن كنت أمرت بشيء فافعله، وامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف.

فقال النبي (ص): (لم أُمر بشيء، ولو أُمرتُ بشيء ما شاورتكما…)

يُظهر التحليل الشامل للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والتاريخ الإسلامي أن حق الإنسان في تقرير مصيره يحظى بالاهتمام والاحترام في الإسلام، ويتماشى مع القيم الديمقراطية المعاصرة. إن هذا النهج يعزز العدالة والمساواة ويعكس الرغبة في بناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان ويعزز مشاركة الجميع في صنع القرارات المؤثرة على حياتهم.

في النهاية، يجدر بالذكر أن هذا المقال يُسلط الضوء على التوافق بين القيم الإسلامية والديمقراطية، وكيف يمكن أن تكون القيم الإسلامية والقيم الديمقراطية متوافقة عندما تُفسر وتُطبق بشكل صحيح وعادل.

والغرض العملي من هذا المقال ان يجد العلمانيون والاسلاميون اساسا مشتركا وصحيحا للتصالح والتعايش والعمل معا على بناء دولة حضارية حديثة تتبنى الديمقراطية ولا تتعارض مع القيم العليا الاسلامية.

........................................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة الشبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق