آراء وافكار - مقالات الكتاب

المال الانتخابي

من أين جنى هذا المرشح كل هذا المال الضخم، الذي يتم صرفه على دعايته الانتخابيَّة؟ إن هذه الفخامة والأبهة في رسم الدعايات الانتخابيَّة وصرف الأموال على الدعاية؛ تجعلنا نتساءل أيضا: أليس هذا المال، مالا مهدورا للدعاية وليس لخدمة الشعب...

بدأت حملات الدعاية الانتخابيَّة تملأ الشوارع، وهو حق يكفله القانون، حق يراد عن طريقه تعريف جمهور الناخبين على المرشحين، الذين سيتولون الدفاع عن حقوق الناس، وهم الأشخاص الذين يوليهم المواطن الثقة. إلا أن هذه الحملة الانتخابيَّة، تكشف عن حقيقتين أساسيتين هما:

أولا- إن جميع الأسماء المرشحة للانتخابات ومن دون استثناء، هي صاحبة المبادرة في طرح اسمائها، وليس هناك من ألزمها على الترشيح.

بمعنى أن هذه الأسماء تريد ان تكون في مقدمة الشعب وتحرص على خدمته، في حين يعتقد بعض المرشحين أن الشعب ينبغي أن يكون في خدمتهم، وهذا يعني أن المرشحين، هم نخبة من المواطنين الذين يجدون في أنفسهم القدرة والشجاعة والمقدرة والخبرة والنزاهة، على أن يكونوا في خدمة الشعب، وسن القوانين التي تحقق الحياة الأفضل للناس، وأن يكونوا العيون الساهرة والراصدة لكل فساد ولكل ما هو سلبي في الواقع الاجتماعي، ورصد سلبيات الأداء الحكومي.

إذًا هي مهمة تتطلب من أصحابها ان يمتلكوا وعيا قانونيا من جهة، إلى جانب قبولهم التضحية في سبيل رعاية حقوق و امال الاخرين. وهذا يتطلب ان يكون الناخب على دراية ومعرفة بمن ينتخبه، وما اذا كان مؤهلا فعلا لكي يكون القدوة الحسنة، التي تجد نفسها الأكثر اهتماما بحقوق الناس المهدورة، والعمل على تحقيق الرفاهية والعدالة والحرية للناخبين.

وكان من الأفضل والأهم ان يكون أفراد المجتمع، هم من يمارسون الضغط على شخصيات مجربة ومعروفة بكفاءتها ونزاهتها واحترامها، لكي تلقى قبولا من الجميع، حتى يتولى ترشيحها للانتخابات، وليس العكس، بحيث يمارس فيها الناخب ضغوطا تحمل الاعتزاز والفخر في الدفع بهذه الشخصيات لترشيح نفسها، بوصفها تمتلك القدرة على التضحية، مثلما تمتلك العقلية الوطنية النزيهة؛ في حين نجد أن معظم الأسماء المرشحة لا يعرفها حتى أقرب الناس اليها، وهي لا تشكل حضورا في محيطها الاجتماعي، فكيف يمكن أن تقود شعبا بكامله؟

ثانيا- أما الحقيقة الثانية فتكمن في هذا الفقر الدعائي والمتواضع جدا في الدعاية الانتخابيَّة لأسماء وقوائم مدنية، بعضها لا يجد سوى تقديم أوراق بسيطة لتعريف نفسه.

في حين نجد البذخ المالي الهائل والمهدور على الدعاية الانتخابيَّة لهذه القائمة وهذه الشخصية.

وهذا الامر يدفعنا للسؤال: من أين جنى هذا المرشح كل هذا المال الضخم، الذي يتم صرفه على دعايته الانتخابيَّة؟ إن هذه الفخامة والأبهة في رسم الدعايات الانتخابيَّة وصرف الأموال على الدعاية؛ تجعلنا نتساءل أيضا: أليس هذا المال، مالا مهدورا للدعاية وليس لخدمة الشعب.

ألم يكن من المناسب والممكن كذلك صرفه على البنى التحتية للمجتمع، وعلى الأفراد والجماعات المحاصرة بالفاقة والجوع والمرض والأمية والتهجير والاكتفاء ببطاقات تعريفية متواضعة، يستدل عن طريقها الناخب على المرشح، الذي يعتقد بأهليته، لكي يكون نائبا عنه؟ إن هذا المال المبذور بإسراف، يثير الشكوك حول أصحابه. . كما يثير جملة من الأسئلة التي تتعلق باستعادة ما تم صرفه على هذه الدعاية الانتخابيَّة، وكيف يمكن استعادته بعد الفوز، وكيف يمكن التضحية به في حالة الفشل؟!

إن هذا التباين في الدعاية الانتخابيَّة يحمل فخامة لا تليق بمن يريد التضحية في الدفاع عن حقوق الوطن والمواطنة، كما أنه يشكل فجوة عميقة بين مرشحين متخمين مالًا وأبهة ومرشحين بالكاد يمكنهم طبع بطاقة تعريفية بأنفسهم. . كذلك نجد أن كل مواطن عراقي بات يعاني في هذا الزمن الصعب، الكثير من الأزمات المادية، التي تجعله يتبين حقيقة الحنطة من الزؤان. . وهو الأمر الذي سيفرز وعي كل ناخب حريص على إعطاء ثقته الكاملة لمن يستحقها.

.............................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق