q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

حرب بلا عدو

هي الأطول في تاريخ حروبنا الطويلة والخاطفة، والأكثر عبثية من بقية الحروب، حوادث الطرق هي الحرب العراقية - العراقية الخاسرة بإرادتنا وبعدد ضحايانا وبأيدينا وشوارعنا، وبعجلتنا والعجلة من الشيطان، والمستمرة منذ عقود بلا نصر ولا أبطال ولانهاية ولا ضوء في نهاية نفقها المرعب ولا عدو مبين، تشارك فيها آلاف الدراجات وملايين السيارات...

هي الأطول في تاريخ حروبنا الطويلة والخاطفة، والأكثر عبثية من بقية الحروب، حوادث الطرق هي الحرب العراقية - العراقية الخاسرة بإرادتنا وبعدد ضحايانا وبأيدينا وشوارعنا، وبعجلتنا والعجلة من الشيطان، والمستمرة منذ عقود بلا نصر ولا أبطال ولانهاية ولا ضوء في نهاية نفقها المرعب ولا عدو مبين، تشارك فيها آلاف الدراجات وملايين السيارات التي تغص بها الطرق، وخسائرنا فيها آلاف الأرواح والمصابين والمعاقين، وآلاف الدعاوى القضائية والفصول العشائرية.

وكل ما نسمعه إحصائيات سنوية بأعداد الموتى والمصابين في الطرق الداخلية والخارجية على حد سواء، حتى صارت حوادث الطرق أمرا مفروغا منه وتحصيل حاصل وأمرا واقعا يستعصي على الإصلاح وإيجاد الحلول لوقف النزيف اليومي، وكأن السلامة باتت هي الإستثناء والموت على الطرق الخارجية هو القاعدة، وقد تحولنا في هذا الموضوع الخطير الى ( دفانة) لاغير، أما أسباب الموت على الطرق فمازالت ذات الأسباب التي تحصد الأرواح لأتفه الأسباب، جزرة وسطية مهملة بلا لون ولا لافتة تحذيرية، كتلك الموجودة في أهم شوراع العاصمة، او فتحة في سياج او حفرة او مطب اصطناعي، او سرعة قصوى او سير عكس الإتجاه لسائق متهور، او ظهور مفاجيء لدراجة نارية او تكتك، مع العلم أن الدراجة والتكتك مستثنيان ويتحركان بحرية تامة فوق القوانين بما فيها قانون المرور.

وخسائرنا في العام 2022 حسب بيان وزارة التخطيط (11) الف حادث مروري تسببت بوفاة اكثر من (3) آلاف ضحية، و(6493) حادث تصادم، و(3724) حادث دهس و(1098) حادث إنقلاب، والسؤال هو ماذا فعلنا!؟ ( غضبنا كالرجال ولم نصدق ) كما عاتب عبدالله البردوني الشاعر ابو تمام، إكتفينا بالتشخيص وبإحصاء أعداد المغادرين لهذه الحياة فرادى او جماعات، من علماء وأدباء واعلاميين وجنود، وشباب واطفال وتساء في الغالب من عائلة واحدة.

وتتواصل بيانات الموت وتسجّل نسبة عالية من الوفيات سنوياً في حوادث السير، دون إعلان ثورة في إجراءات سلامة وصيانة الطرق ولوحات الدلالة وإجراءات الوقاية وتحديد السرعة على الطرق السريعة مثل بقية دول العالم، ولا نحمّل مديرية المرور العامة لوحدها مسؤولية إستمرار هذا النزيف في الأنفس، مع كون المسؤولية المباشرة تقع عليها.

لكن الإنصاف يقتضي تحميل الجميع هذه المسؤولية لأنه يمثل رؤية وعمل دولة ومجتمع أكثر مما هو عمل مديرية في وزارة، ونأمل أن يأخذ فريق الجهد الخدمي والهندسي الذي شكّله رئيس الوزراء هذا الموضوع على عاتقه، بما يمتلكه من صلاحيات ومرونة وقدرة على الإنجاز وإختصار للزمن، وتحديداً ضمن الحملة الخدمية (العراق أجمل) التي تتضمن تطوير الطرق الرئيسية والجسور، من أجل طرق آمنة وعراق آمن، فالطرق تعكس الصورة الحقيقة للدولة، وهي أول ماتقع عليه عيون الوافدين، ويمكن معرفة الدولة من النظرة الأولى لنظامها المروري وشوارعها وانتظام حركة السير ووسائل النقل، وهي الحب واللا حب من النظرة الأولى وهي أول القصص والإنطباعات وأسرعها في التعبير عن شكل الدولة وتطورها او تخلفها، وقيمة وسعر الإنسان فيها.

.....................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق