السعادة هدف مشروع يسعى اليه كل انسان. وعادة ما يعتمد الانسان في تحقيق سعادته على جهده الشخصي. لكن هذا لا يعفي الحكومات التي يخضع لها هذا الانسان من واجبها الاخلاقي والدستوري في ان تساعد الانسان بصورة مباشرة او غير مباشرة على تحقيق سعادته...

السعادة هدف مشروع يسعى اليه كل انسان. وعادة ما يعتمد الانسان في تحقيق سعادته على جهده الشخصي. لكن هذا لا يعفي الحكومات التي يخضع لها هذا الانسان من واجبها الاخلاقي والدستوري في ان تساعد الانسان بصورة مباشرة او غير مباشرة على تحقيق سعادته.

لكن الشعور بالسعادة امر شخصي. فكل انسان يشعر بالسعادة وفقا لمعاييره الخاصة للسعادة. وكما يقول الفليلسوف عمانويل كانت لايمكن اجبار انسان على الشعور بالسعادة وفقا لمعايير غيره. فكل انسانه يحدد سعادته على نحو مختلف وله ان يسعى الى تحقيقها بالشكل الذي يراه على ان لا يتعارض ذلك مع القانون، كما ارى.

لكن هذا لا يمنع من وجود معايير عامة مشتركة يتفق عليها اغلبية الناس. وهم يعرفونها فلا داعي لذكر امثلة عنها.

مؤشر السعادة العالمي الذي يصدر منذ ١٠ سنوات يسعى الى قياس الشعور بالسعادة على مستوى عالمي بالتوجه الى سكان بلدان البلدان المذكورة بالسؤال عن مدى شعورهم بالسعادة اضافة الى وضع معايير ثابتة يقيس بموجبها مستوى الشعور بالسعادة في هذه البلدان. وهذه المعايير غير جامعة مانعة كما يقولون في المنطق، حيث ان هناك معايير لم يذكرها المؤشر، وبالتالي فان السعادة في البلد المذكور في المؤشر هي سعادة بناء على هذه المعايير وليس غيرها. وهذه المعايير هي:

1. الناتج المحلي الإجمالي للفرد GDP per capita.

2. متوسط العمر المتوقع life expectancy

3. الدعم الاجتماعي Social support جوابا على سؤال "إذا كنت في مشكلة ، هل لديك أقارب أو أصدقاء يمكنك الاعتماد عليهم لمساعدتك في كل مرة تحتاجها أم لا؟"

4. حرية اتخاذ القرارات في الحياة Freedom to make life choices جوابًا على سؤال: "هل أنت راضٍ أم غير راضٍ عن حريتك في اختيار ما تفعله في حياتك؟"

5. السخاء Generosity حوابا على سؤال التبرع "هل قدمت مساهمات مالية لجمعيات خيرية في الشهر الماضي؟"

6. تصور الفساد Perceptions of corruption جوابا على سؤالين: "هل الفساد متفشٍ في جميع أرجاء الحكومة أم لا؟" و"هل الفساد متفشٍ في الشركات أم لا؟"

وبناء على هذه المعايير الستة فازت فنلندة بالدرجة الاولى في مؤشر عام ٢٠٢٣ بينما احتل العراق المرتبة ٩٨ من ١٣٧ دولة.

ويحسب المؤشر الدرجة من ١٠. وعليه حازت فنلندة على ١٠/٧,٨ بينما حاز العراق ١٠/٤,٩. واذا كانت درجة النجاح من ٥ فان العراق قريب منها.

اذا اعتبرنا ان ١٠/٥ هو خط السعادة الادنى فهناك ٩٤ دولة فوق هذا الخط، يعني مجال الدول السعيدة.

والباقي اي من الدولة ٩٥ الى نهاية الجدول اي الرقم ١٣٧ دول في مجال الدول غير السعيدة. مرة اخرى: بموجب المعايير الستة المذكورة وليس غيرها.

ويجب ان نلاحظ ان فنلندة لم تحز على ١٠/١٠ رغم انها احتلت الدرجة الاولى، يعني ان سعادة شعبها ليست تامة ولم تبلغ درجة الكمال، ما يعني ان الحياة في فنلندا تعاني من منغصات تؤثر على شعور مواطنيها بالسعادة مثل الفراغ الروحي، والمشاكل الاسرية، والمخدرات، والاغتصاب، وغير ذلك مما نعرف او لا نعرف.

والعراق حاز على ما يقارب الخمس درجات اللازمة للنجاح، رغم انه في المرتبة ٩٨، ما يعني ان هناك شعورا بالسعادة بمستوى معين لا يستهان به بموجب المعايير الستة. ومن منا يستطيع ان يغفل الموشر الخامس، واعني به السخاء الذي صار مضرب المثل خاصة اثناء دورة خليجي ٢٥ واثناء زيارة الاربعين؟

الخلاصة، انه لا شك ان هناك جوانب قد تكون كثيرة تحسنت في حياة العراقيين، ولا شك ايضا في ان جوانب اخرى مازالت بائسة.

وقد يشعر بالسعادة ذلك المواطن العراقي الذي يشارك في زيارة الاربعين اكثر من ذلك المواطن الفنلندي الذي يعاقر الخمر كل مساء بارد!

وهذا هو تفسير الدرجة التي حصل عليها العراق.

.....................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا عبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق