q
تسود لعبة السلطة في سوس الاغلبية الصامتة، فأما مشارك مستفيد من المناصب العليا والدرجات الخاصة، وأما رجال أعمال في شرائح انتهازية تعاملت مع جغرافية المصالح الحزبية والواجبات الاقتصادية لهذه الأحزاب وتحولت الى حيتان فساد بحماية مليشيات وسلاح منفلت بمشاركة واجهات عشائرية يهتم شيخ العشيرة بصفقاته اكثر من اهتمامه بفقراء عشيرته...

ما زالت الكثرة ممن يتبجحون بصخب ضجيج الاعلام بعناوين براقة مختلفة، ما زالوا يسوقون مفاسد نظام المحاصصة بعناوين مقدسة للمكونات المجتمعية، هناك من يدعي ان الحكم للشيعة او تحت قيادتهم، مقابل من يكرر تسويق تهميش السنة مقابل صمت شعبي كردي تحت لافتة حق تقرير المصير .

ناهيك عن بقية المجموعات السكانية العراقية القومية والدينية، كل هذا الخطاب غادر فضاء المواطنة الدستورية وارتكز على تسويق حق المكونات الطائفية والقومية كاولوية متقدمة على اعلوية الدستور العراقي الجامع والمؤسس لدولة لم تظهر سلطاتها حتى اليوم على الرغم من انقضاء عقدين ونيف على التغيير .

في نصاب هذا التسويق المتهالك على توظيف السلطة لمؤسسات الجهاز الحكومي او السلطة الموازية للاحزاب النافذة، في ابسط مثال لها قضية اراضي الجادرية واخلاء دار المرحوم علي الوردي، يمكن ملاحظة ان النخب والكفاءات الاكاديمية والمثقفة التي تقف على تل الاغلبية الصامتة ما زالت تتعامل مع المصلحة النفعية الذاتية، هناك مخاوف للحفاظ على مناصب وظيفية هنا وهناك لاسيما في الجامعات والجهاز الحكومي الخدمي، وهناك مصالح اقتصادية للقطاع الخاص الذي ما زال يعتاش على فتات موائد الجهاز الحكومي ولم يخرج بنظام ابتكاري منتج يجبر الدولة على التعامل مع برجوازية وطنية مقتدرة في التأثير على قرار السلطة فكان العكس هو الصحيح .

كذلك وظفت الواجهات العشائرية في خدمة مفاسد المحاصصة، اظرف مثال على ذلك ان اي مجلس فاتحة يدور فيه الحديث عن نقد هذا الفاسد او ذاك المرتشي من أبناء ذات العشيرة، وحين يصل موكبه لمكان الفاتحة ينبري الشيخ العام لاستقباله ويتنافس اكثر من (مهوال) لاطراء هذا الذي وصف بالفساد قبل دقائق معدودة.

والانكى من ذلك ان الاغلبية الصامتة الرافضة لنظام مفاسد المحاصصة تتهم اليوم بانتظار غزو عسكري امريكي جديد لتغيير هذا الواقع المزري، وفي هذا اكبر مخادعة اعلامية تمارس عليهم ومنهم وفيهم، لان حقيقة الامر ان القوات الأمريكية وسفارتها وبعثة الامم المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي كلهم مشاركون في تأسيس نظام مفاسد المحاصصة والدفاع عنه بكل الوسائل والاساليب بما فبها تضليل الراي العام الجمعي من خلال الاعتراف الدولي بنتائج انتخابات لا تمتلك الحد الأدنى من مقومات الحوكمة ونزاهة الاحزاب المشاركة فيها.

هكذا تسود لعبة السلطة في سوس الاغلبية الصامتة، فأما مشارك مستفيد من المناصب العليا والدرجات الخاصة، وأما رجال أعمال في شرائح انتهازية تعاملت مع جغرافية المصالح الحزبية والواجبات الاقتصادية لهذه الأحزاب وتحولت الى حيتان فساد بحماية مليشيات وسلاح منفلت بمشاركة واجهات عشائرية يهتم شيخ العشيرة بصفقاته اكثر من اهتمامه بفقراء عشيرته.

اما هذا التضليل الضارب على مواقع التواصل الاجتماعي عن التغيير بعودة الاحتلال الامريكي فالسؤال متى غادر المحتل والاقتصاد العراقي مرهون تحت سلطة الفيدرالي الأميركي.

مطلوب التحشيد والمناصرة ان الاحتلال الامريكي وشركاه الإقليميين والمحليين بمختلف تناقضاتهم ليسوا اكثر من توزيع ادوار في لعبة السلطة، اما الاغلبية الصامتة فمطلوب ان تتحرر من عقدة الانتظار للتغيير من قبل غيرهم الى ممارسة ادوار فاعلة تحشد جمهورها للتغييرالناجز، دستوريا عبر صناديق الاقتراع، من دون ذلك ستبقى ثورة الجياع طريق المواجهة الحتمية .

ما دامت احزاب مفاسد المحاصصة ليس لها غير نهب المال العام في كل دورة برلمانية، حتى ضاعت فرضيات حقيقية للتنمية المستدامة بفشل كل محاولات الخروج من شرنقة المكونات الى حاضنة المواطنة الدستورية... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

........................................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق