بات من الضروري على المجتمع الدولي، وعلى الاتحاد الأوربي العمل على تشجيع ودعم مجلس التعاون الخليجي والدول العربية لتوسيع مشاركتها في الاستثمار بالعراق وفي كافة القطاعات وأهمها المجال الأمني والمناخي، كما ينبغي على الأوربيين أن يعملوا ما بوسعهم من أجل دعم الفرص التي تجذب طهران إلى أطر التعاون...

حالة الصراع (الأمريكي-الروسي الصيني) جعلت خارطة التحرك الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط تتراجع كثيراً، فمع تصاعد حدة الصراع والاقتتال في أوكرانيا تراجع وهج واشنطن في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً العراق وسوريا واليمن، واتضح ذلك من خلال حالة الهدوء النسبي الذي يسود المنطقة، وجعل حركة الاقتصاد تتحرك فيها بسهولة، وحجم الاستثمارات يتزايد خصوصاً في العراق.

بالإضافة إلى المتغيرات الايجابية التي قربت وجهات النظر بين طهران والرياض، وقادت المباحثات التي كان العراق الراعي الرسمي لها، الى تفاهمات ناضجة أفضت إلى عقد اتفاقيات وتبادل السفراء ليس فقط بين طهران والسعودية، بل أوسع من ذلك إلى دول الخليج عموماً، وبالفعل قاد العراق هذه المباحثات المهمة والتي انعكست بالإيجاب على الوضع الإقليمي ككل، والوضع الداخلي وجعله أكثر هدوء واستقراراً من ذي قبل.

المجتمع الدولي دعم توجهات العراق نحو تعميق علاقاته مع دول التعاون الخليجي، وذلك من أجل التغلب على مشاكله الداخلية والانفتاح السياسي والاقتصادي عليه، ما جعله يكون لاعب مهم في عملية الاستقرار، خصوصاً بعد زوال مبررات المواقف المتشنجة تجاه العراق واعتباره (الحديقة الخلفية لإيران)، لذلك سعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أن يعمل على إحداث توازن من خلال إقامة علاقات أوثق مع دول الخليج، خصوصاً وانه مدعوم من أكبر الأحزاب القوية في البلاد.

العراق بدا ملتزماً تجاه الوضع العربي، حيث جاء ذلك من خلال خطابه الذي ألقاه في قمة الجامعة العربية التي عقدت في الرياض مؤخراً، والتي تعهدت باستضافة جامعة الدول العربية في بغداد عام 2025، ما يعطي إشارة واضحة بالتزام العراق تجاه المجتمع العربي، بالمقابل كان موقف دول مجلس التعاون الخليجي إيجابياً تجاه الوضع في العراق، واعترفت اخيراً انه على الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها النظام السياسي، إلا انه يسير نحو الاستقرار والثبات والقدرة على معالجة معالم التحديات ومواجهة الأزمات الكبرى كالإرهاب والحركات الانفصالية والاحتجاجات الواسعة التي تخرج بين الحين والآخر.

وهذا ما انعكس بالفعل من خلال الاستثمارات الكبيرة في العراق، إذ بلغت الاستثمارات السعودية لوحدها أكثر من 6 مليار دولار شملت قطاع الطاقة وباقي قطاعات الخدمات، ومن المرجح ان تنمو هذه الاستثمارات في مجال الطاقة لتشمل قطاعات اقتصادية مهمة أخرى في البلاد.

بات من الضروري على المجتمع الدولي، وعلى الاتحاد الأوربي العمل على تشجيع ودعم مجلس التعاون الخليجي والدول العربية لتوسيع مشاركتها في الاستثمار بالعراق وفي كافة القطاعات وأهمها المجال الأمني والمناخي، كما ينبغي على الأوربيين أن يعملوا ما بوسعهم من أجل دعم الفرص التي تجذب طهران إلى أطر التعاون في المنطقة، والتي من شأنها تعزيز خفض التصعيد الإقليمي والدولي على نطاق أوسع والوقوف بوجه التحديات التي تواجه المنطقة، مثل التي يفرضها تغير المناخ والذي بات من أهم المشاكل التي يعاني منها العالم اجمع.

اضف تعليق