يتكرر مشهد الاستحواذ على السلطة من الإباء المؤسسين للعملية السياسية ما بعد الاحتلال الأمريكي 2003، ويغفل الكثير منهم عندما يكررون تصريحاتهم ان 20% او اقل من ذلك النسبة الحقيقية للمشاركة في العملية الانتخابية التي تمنحهم وفق المعيار المتعاقد عليه في الدستور العراقي النافذ لتمثيل الشعب...

يتكرر مشهد "الاستحواذ على السلطة" من الإباء المؤسسين للعملية السياسية ما بعد الاحتلال الأمريكي 2003، ويغفل الكثير منهم عندما يكررون تصريحاتهم ان 20% او اقل من ذلك النسبة الحقيقية للمشاركة في العملية الانتخابية التي تمنحهم وفق المعيار المتعاقد عليه في الدستور العراقي النافذ لتمثيل الشعب، السؤال لماذا يتكرر هذا المشهد مع كل مشروع تعديل للقانون الانتخابي؟

قد تبدو الإجابة على هذا السؤال شاملة لكل تفاصيل العملية السياسية ودحرجة فشلها الذريع في تحقيق العدالة والانصاف لكل العراقيين لأسباب متعددة الأطراف منها ما يتعلق بالتطبيق الفكري لمنهجية الإسلام السياسي في البيعة والتقليد او منهجية الانفصال الكردي وتوظيف حالة الوهن في هذه العملية السياسية التي ولدت عرجاء في "مجلس الحكم" وما نقل من قانون الدولة الانتقالي الى متن الدستور في اعتبار ان ثوابت الإسلام ومبادئ الديمقراطية أساس التشريعات وما يفهم عن حق تقرير المصير للأكراد بعد تطبيق المادة 140 لما وصف بالأجزاء المستقطعة من إقليم كردستان فكان التطبيق وجود اكثر من دولة مكونات.

يشعر فيها الإسلام السياسي الشيعي بقوة الهيمنة على السلطة بدعم إقليمي إيراني واضح، مقابل طموح كردي بتحقيق حلم الاستقلال وإعلان دولة "مهاباد" من جديد فيما شعر اهل المناطق الغربية بالتهميش والاقصاء.

في سياق دحرجة كرة السلطة على ظهور جياع العراق الجديد - نسبة الفقر تجاوزت 30% - تحول العراق بأفعال داخلية وإقليمية ودولية الى ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران حتى بات التساؤل كبيرا عن أسباب منح وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد "سيف ذي الفقار" ورمزية ذلك التعامل المستقبلي مع تمثيل السلطة الحقيقي والمزيف عبر صناديق الاقتراع حتى بات المجتمع الدولي وممثليه في العراق "شهود زور" في مقاربة واقعية بين اغلبية صامتة لا تشارك في الانتخابات وتزايد نسبة الفقر مقابل صرف اكثر من ترليون دولار في موازنات انفجارية يقال في قياس ذلك انها يمكن ان تغطي الأراضي العراقية بطقة سميكة من الذهب!

ومع صخب الحديث عن الديمقراطية وتطبيقاتها، ما زالت قياسات الحكم الرشيد في عراق اليوم تجعل اهل السلطة واباؤها المؤسسيين خارج التصنيف الدولي او في الأرقام العشرة الأخيرة من مدركات هذا الحكم، مرة أخرى لماذا ؟؟

لأن اهل السلطة جعلوا من الانتخابات مجرد "لعبة دومينو" تكرر ذات القيادات المؤسسة لمجلس الحكم والخارجة من معطف اتفاق لندن برعاية زلماي خليل زاده، مما يجعل كل تصريحات سفراء واشنطن والاتحاد الأوربي وبعثة الأمم المتحدة عن الديمقراطية والحكم الرشيد في عراق اليوم مجرد تزيف وحرب ناعمة لا غير.

في هذا السياق مطلوب من نشطاء المجتمع المدني تفعيل المناصرة والتحشيد لتعديل قانون الانتخابات وفق المقترحات التالية:

أولا: عدم السماح لأي حزب او تيار سياسي دخول حلبة السباق الانتخابي من دون الكشف عن ذمته المالية ما قبل 2003 وخلال عمله السياسي ما بعدها حتى موعد الانتخابات، وهذا يشمل تفعيل الفقرات المذكورة عن هذا السياق في قانوني هيئة النزاهة والأحزاب، مما يجعل المرجعيات الدينية للأحزاب والتيارات السياسية امام استحقاق الكشف عن الذمة المالية والافصاح عن تمويل مقراتهم ووسائل اعلامهم في تقارير موثقة من خلال ديوان الرقابة المالية.

ثانيا: العمل بنظام الانتخاب الحر المباشر على ان تكون كل محافظة منطقة انتخابية على ان يقدم الحزب او التيار السياسي مرشحيه للرئاسات الثلاث في برنامجه الانتخابي واعداد مسودة برنامج حكومي مقترح يقدم الحلول الفضلى للمشاكل التي يعاني منها العراق أبرزها تخفيض نسبة الفقر مقابل أموال النفط واعتبار ذلك الزاما امام ناخبيه بإمكانهم في حالة الفشل في السنة الأولى إقامة دعوى فضائية بتوقيع عدد مناسب من الناخبين لتغيير أي مرشح فاز وفشل في تنفيذ وعوده في برنامجه الانتخابي.

ثالثا: تفعيل جميع نصوص قانون الأحزاب بما في ذلك عدم صحة مشاركة أي تيار سياسي يمتلك جناحا مسلحا في الانتخابات التشريعية او مجالس المحافظات، وان تكون لهذا الحزب او التيار السياسي "ولاية وطنية " تشارك في قاعدته التأسيسية على الأقل 15 محافظة عراقية.

هذا غيض من فيض في قبيل المناوشات الجارية لتمرير تعديل قانون الانتخابات، والعودة لنموذج "سانت ليغو" وتدوير الزعامات لعوائل أحزاب الإباء المؤسسيين لعملية سياسية يعترفون بفشلها ويتمسكون فيها بمفاسد المحاصصة ولله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق