ان حكومة السوداني حتى اليوم تتعامل مع الجانب التطبيقي لفترات المنهاج الحكومي إداريا وليس سياسيا وستبدأ إدارة الجانب الأهم من هذا المنهاج في فقرات قانون الموارنة العامة لعام 2023، والقانون الاخر علاقة ملفات الفساد والجماعات المسلحة بتعديل قانون الانتخابات المطلوب من مجلس النواب بموجب قرار للمحكمة الاتحادية...

عرف التاريخ السياسي الحديث وظائف السلم الحكومي، الفارق فيما بينهم من يكون موظفا لتنفيذ واجب اداري بموجب القانون، او ان يمثل حزبا سياسيا في المجالس التمثيلية كالبرلمان او مجلس الاعيان، فيما لم يكن ضمن المناصب الخاصة لاسيما مجلس الوزراء من هو موظفا عند الحزب بدرجة مدير عام او مدير قسم، الا في نظام مفاسد المحاصصة ما بعد 2003 وفقا لاتفاق لندن بين أحزاب المعارضة حينها المتصدية لسلطان الحكم اليوم.

السؤال: ما الفارق بين الموظف السياسي ورجل الدولة وما المقاربة التي يمكن ان تقع على الحكومات العراقية منذ 2005 وحتى اليوم؟؟

في هذا السياق اكرر فكرة مقال كتبته اول مرة عندما تسلم السيد المالكي رئاسة الوزراء، اشرت فيه الى ان رئاسة الحكومة ليست وظيفة سياسية عند حزب الدعوة او التحالف الوطني الكتلة البرلمانية الأكبر حينها بل وظيفة رجل دولة لبناء عراق جديد!!

وتكررت ذات الفكرة في حكومته الثانية منبها الى ان الاتفاق السياسي الذي صاحب تكوينها في اتفاق اجتماع صلاح الدين عام 2010 لابد وان ينتقل الى إعادة بناء دولة جديدة تتجاوز أخطاء المرحلة الماضية، لكن ذلك الاتفاق سرعان ما تحول الى مناجزة برلمانية عندما أعلن السيد المالكي ان حكومته ليست مسؤولة عن تشريع او تعديل القوانين التي تضمنها ذلك الاتفاق وهي كلمة حق دستوريا، لكن كتلته الأكبر برلمانيا لم تلتزم بما ورد في متن الاتفاق المشار اليه انفا.

تكرر ذلك مع حكومة الدكتور العبادي وكررته بعد الانتصار على عصابات داعش الإرهابية لإعادة بناء عراق واحد وطن الجميع ضمن رؤية استشرافية حتى عام 2050 لكن أيضا لم يكن السيد العبادي غير موظفا عند التحالف السياسي الذي كلفه رئيسا لمجلس الوزراء!!

وهذا ما حصل مع السيد عادل عبد المهدي وأيضا مع السيد الكاظمي لكن كليهما ايضا لم يكن غير مجرد موظف سياسي عند التحالف السياسي، وأيضا هذا ما يمكن ان يحصل مع السيد محمد شياع السوداني المختلف كليا عن أنماط شخصيات من سبقوه من رؤساء الوزراء، لسببين الأول، خبرته المهنية الميدانية، الثاني، شخصيته القيادية الواضحة في الأيام الأولى من إدارة حكومته التي مرت بولادات قيصرية انتهت باتفاق تحالف" إدارة الدولة" الى تدوين المنهاج الحكومي، هنا تكمن المعضلة التي يمر بها الرجل وسط حقول الألغام التي يمكن ان تواجهه في سياقات القسم المتعلق بالاتفاق السياسي على حل هيئة المساءلة والعادلة وغيرها مما طلب من الأحزاب السنية وما وضعه الحزب الديمقراطي الكردستاني من اشتراطات وهناك وفد سياسي فني من إقليم كردستان في طريقه الى بغداد لمناقشة تفاصيل التفاصيل .

لذلك يتكرر السؤال، هل ما كان ينتقده اعلام وشخصيات الإطار التنسيقي عن تحويل الأموال الى حكومة الإقليم وغيرها من الأمور سيعاد النظر فيها واعتبارها استحقاقات لحكومة الإقليم ام ان كلما ورد في القسم المتعلق بالاتفاق السياسي مع تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني سيتم احالته مرة أخرى الى البرلمان من دون الوصول الى تشريعات حقيقية مثل الغاء هيئة المساءلة والعدالة وقانون النفط والغاز الذي يثبت حقوق الإقليم في استخراج النفط وتصديره وغيرها من الأمور التي يقرأها كل الفرقاء بطريقة كل حزب بما لديهم فرحون؟؟

الإجابة على هذا السؤال ان حكومة السوداني حتى اليوم تتعامل مع الجانب التطبيقي لفترات المنهاج الحكومي إداريا وليس سياسيا وستبدأ إدارة الجانب الأهم من هذا المنهاج في فقرات قانون الموارنة العامة لعام 2023، والقانون الاخر علاقة ملفات الفساد والجماعات المسلحة بتعديل قانون الانتخابات المطلوب من مجلس النواب بموجب قرار للمحكمة الاتحادية.

ما يمكن قوله اليوم، كما سبق وان قلته في مقالاتي لكل رؤساء الوزراء السابقين، انت رجل دولة ولست موظفا سياسيا عند تحالف برلماني ، والفارق واضح وصريح بموجب الدستور فموافقة مجلس النواب على الكابينة الوزارية والمنهاج الحكومي وأداء القسم عليه بات التزاما دستوريا وعدم التزام التحالف البرلماني بما ورد بهذا المنهاج يتطلب مصارحة الشعب به بل حتى وضع استقالة الحكومة عند قيادة هذا التحالف البرلماني، فالالتزام متبادل بموجب وثيقة المنهاج الحكومي دون ذلك لاي مكن غض النظر عن هذه الفقرة او تلك، كما يحتاجه البرلمان والحكومة في هذه الدورة تعديل قانون هيئة النزاهة باشتراط كسف الذمة المالية لكل مرشح للانتخابات المقبلة ما قبل 2003 وما بعدها، وكشف حسابات الأحزاب والتيارات السياسية امام ديوان الرقابة المالية واشتراط التزام مفوضية الانتخابات بما ورد بقانون الأحزاب بعدم قبول ترشيح أي فصيل سياسي يمتلك جناحا مسلحا حتى وان كان الترشيح بمسمى اخر، عندها يتضح الفارق بين الموظف السياسي عند تحالف برلماني وقيادة رجل الدولة لعراق واحد وطن الجميع... ويبقى من القول لله في خلفه شؤون!!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق