في مناسبات عديدة اقترحت ان يتم تقسيم فقرات المنهاج الوزاري الى جدول ذي ثلاث شعب. شعبة المهام العاجلة، وشعبة المهام متوسطة المدى، وشعبة المهام بعيدة المدى. هذا بشرط ان تشرع الحكومة بالعمل على انجاز المهام كلها في وقت واحد، بمعنى ان خط الشروع سوف يتضمن ثلاث نقاط انطلاق في نفس الوقت...

في مناسبات عديدة اقترحت ان يتم تقسيم فقرات المنهاج الوزاري الى جدول ذي ثلاث شعب. شعبة المهام العاجلة، وشعبة المهام متوسطة المدى، وشعبة المهام بعيدة المدى. هذا بشرط ان تشرع الحكومة بالعمل على انجاز المهام كلها في وقت واحد، بمعنى ان خط الشروع سوف يتضمن ثلاث نقاط انطلاق في نفس الوقت.

ومن بين المهام بعيدة المدى المشروع التربوي الذي اطلقت عليه اسم "النظام التربوي الحضاري الحديث" والذي كتبت عنه الكثير من المقالات.

ويستغرق تنفيذ هذا المشروع دورة دراسية كاملة، اي ١٢ سنة متداخلة، باعتبار ان هذه هي الفترة التي يقضيها الطالب العراقي في المدرسة منذ السنة الابتدائية الاولى الى نهاية المرحلة الثانوية قبل دخوله الى الجامعة.

ولاختصار الوقت او حرق المراحل كما يقولون قلت "١٢ سنة متداخلة" بمعنى ان يتم الشروع بتنفيذ المشروع في وقت واحد في كل السنوات الدراسية ال١٢.

والهدف الستراتيجي للمشروع هو تنشئة جيل من المواطنين الفعالين المؤمنين بنموذج الدولة الحضارية الحديثة والذين يمارسون حياتهم الاجتماعية طبقا لهذا النموذج.

ويتطلب هذا غرس مفردات القيم الحضارية العليا الحافة بعناصر المركب الحضاري الخمسة اي الانسان والارض والزمن والعلم والعمل، وهذه بمجموعها تشكل الارضية القيمية للدولة الحضارية الحديثة، وركائزها اي المواطنة والديمقراطية والقانون والمؤسسات والعلم الحديث. وبسبب خصوصية المجتمع العراقي، اقترح ان يتضمن النظام التربوي مادة "الفهم الحضاري للقران" او للاسلام او للدين بصورة عامة. وبالتالي تحويل مفردات القيم العليا المختلفة الى اتجاهات سلوكية لدى الافراد والجماعات ومن ثم المجتمع والدولة.

اجرائيا، يتطلب مشروع النظام التربوي الحديث اعادة النظر بالمناهج والمقررات الدراسية واعادة صياغتها وتأليفها لتشكل بمجموعها وحدة متكاملة مترابطة يكمل بعضها البعض الاخر. هذا فضلا عن خلق اجواء مدرسية، بما في ذلك النشاطات اللاصفية، التي تجسد القيم الحضارية العليا.

كما يتطلب هذا اعداد المعلمين والمدرسين من الجنسين اعدادا خاصا يؤهلهم ان يكونوا قادة ومربين لطلابهم على اساس منظومة القيم العليا. وهذا يتطلب ايضا ادخال مواد جديدة في معاهد وكليات التربية الخاصة بتخريج المعلمين والمدرسين، ليكونوا خير رسلٍ للنظام التربوي الحضاري الحديث.

في الجانب التنظيمي للمشروع اقترحت ان يتم تشكيل المجلس الدائم او اللجنة الدائمة (=١٢ سنة) للمشروع التربوي الذي يأخذ على عاتقه الاشراف على تنفيذ المشروع بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية.

ويجب ان يتم تشكيل اللجنة الدائمة او المجلس الدائم من اشخاص مهنيين مؤمنين بنموذج الدولة الحضارية الحديثة ومنظومة القيم العليا الخاصة بها، وابعادها عن المنافسات السياسية، والمحاصصات الحزبية والطائفية والعرقية. واقترح ان تكون عضوية اللجنة مجانية لا يتقاضى اعضاؤها رواتب عنها، على ان يتم تنسيب موظفين من وزارة التربية للعمل في الجهاز الاداري للجنة الدائمة.

تقوم اللجنة الدائمة بوضع الستراتيجية التربوية لمدة ١٢ عاما اعتبارا من العام الدراسي الحالي او المقبل، بالتعاون والتنسيق مع المديريات ذات العلاقة في وزارة التربية الاتحادية ووزارة التربية في حكومة الإقليم ودوائر التربية في المحافظات فضلا عن اللجنة المختصة في مجلس النواب.

ولما كانت المباني المدرسية وتجهيزها تؤدي دورا كبيرا في النظام التربوي الحضاري الحديث، فيجب ان تتضمن الستراتيجية التربوية الجديدة تشييد العدد المطلوب من المدارس على مدى ١٢ عاما بالشكل الذي يستجيب لمتطلبات النظام التربوي الحديث والمواصفات العالمية. ويجب تخصيص الاموال اللازمة لتحقيق ذلك.

سبق لي ان قدمت هذه الافكار للحكومات العراقية السابقة، بما فيها حكومة الكاظمي، وها انا اقدمها الى حكومة السوداني، متمنيا ان تحظى بالاهتمام الكافي المنطلق من الحرص على الزمن وبناء المستقبل الافضل للعراق والعراقيين.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق