يمضي الرئيس العبادي قدما في محاولات تبدو جادة لإحداث تغيير وقيادة حركة إصلاحات من المستبعد أن تكون جذرية لكنها منتظرة ومطلوبة وبشدة من قطاعات شعبية تبحث عن التغيير بعد تجربة طويلة من الإحباط عاشتها الدولة العراقية لم يتحقق الكثير على الأرض وخاصة في قطاع الخدمات.

فالوزراء هم أتباع نظرية المحاصصة والعيش في جلباب القيادة الروحية للكتلة والحزب والإرتهان لتعاليم وتوجيهات السلطة العليا فيها التي تريد تحقيق مصالح خاصة فئوية ولاتعبأ بالناس وعذاباتهم التي أخذت تتكشف رويدا وتبعث حراكا غير مسبوق يهدد بنية الدولة الأساسية خاصة، وإن المشاكل عميقة في الإقتصاد وسوق التوظيف والخدمات العامة كالماء والكهرباء والصحة والتعليم والطرق وكل قطاع يمكن أن يكون متصلا بحياة الناس وأملهم في مستقبل آمن ومستقر لهم ولأجيالهم التي بدأت تنضج وتكبر ولاتريد العيش في ترهات الماضي وتبريرات السياسيين الفاشلين، أو اللصوص الذين إعتادوا السرقة ونهب المال العام وبحجج واهية لاتنطلي على أحد من العامة حتى على البسطاء والسذج وجموع المستغفلين الذين تعودوا أن يستمعوا للكذب فيتبعون أسوأه.

السيد ميخائيل غورباتشوف قاد حركة إصلاحات وإعادة هيكلة نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وكان يركز على الإصلاح الإقتصادي الذي هو مشكلة كل أمة يقودها الى الفشل حكام لايمتلكون الأهلية، ولا القدرة، ولا الرغبة وينشغلون بأحلام وطموحات فارغة، وليس من العدل أن نتهمه بالفشل حتى لو لم نصرح له بالنجاح فقد فتح أفقا أكثر حيوية لروسيا الإتحادية التي تخلصت من أعباء عديد الدول الفقيرة وإنشغلت بالأصل بعد أن كانت مرتهنة بالفروع، وبدت كأنها دولة إستعمارية غير شريفة، وكان غورباتشوف في مساعيه التي راقبناها طوال نهاية الثمانينيات يركز على علاقة ملائمة مع الغرب من بينها التحرك في قطاع الإستثمارات الكبرى التي مهدت لروسيا جديدة يقودها فلاديمير بوتين.

لاأعرف وقد أكون مخطئا لكن الفكرة تعجبني حين أتأمل في السياسة التي إتبعها الرئيس الإيراني المعتق هاشمي رفسنجاني الذي قاد إيران بعد الحرب مع العراق وكانت تعاني من مشاكل جمة، وربما كان نجاحه هو السبب في إطلاق تسمية " الثعلب" عليه من قبل الغربيين.

السيد حيدر العبادي لايريد أن يكون غورباتشوف روسيا، ولا رفسنجاني إيران، لكنه ترأس حكومة تعاني من تصدعات، ومن فشل ذريع في الإدارة، ولاصلة للأوضاع في روسيا وإيران بالأوضاع العراقية خاصة وإن هذا البلد مر بتحديات الإحتلال وتبعاته، ومشاكل الإقتصاد والمحاصصة الطائفية، وإنتشار مجموعات مسلحة عديدة، مع وجود منظمات إرهابية عالمية تبحث عن فرص لتقويض جهود الإستقرار وبناء الدولة، وهنا تبرز الحاجة الى حكومة خارج حسابات المحاصصة الطائفية والعرقية، مع محاولة لابد أن تكون جادة للحصول على دعم شعبي وإستثمار حضور المرجعية الدينية في الشارع العراقي لتمرير الإصلاحات المهمة رغما عن المعارضين وهم كثر من الفاسدين الذين لايهتمون بالعراق ومصالحه، ويركزون على مصالحهم الخاصة سواء في البرلمان وأطراف الحكومة، أو المتحالفين معهم من أصحاب الأموال ومافيات الفساد في الشركات الخاصة والتكتلات الكبرى النفعية التي فعلت الأعاجيب وماتزال مصرة على خراب الدولة طالما إنه يحقق مصالح خاصة.

العبادي بحاجة الى دعم شعبي كامل وتفويض وتشجيع وشجاعة أيضا لينجح.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق