إذا كانت الصحافة هي السلطة الرابعة التي تراقب عمل السلطات الأخرى ومدى التزامها بالقوانين، فإن الصحفيين أنفسهم، هم من يقومون بالرقابة الذاتية على نقابتهم ويتابعون مدى خروجها عن القانون، فربما تحدث هفوات بدون قصد، وعلى من يلاحظها التنبيه انطلاقاً من القانون....

جرت انتخابات نقابة الصحفيين العراقيين في دورتها الثانية والعشرين يوم 15 نيسان 2022، وسط تغطية إعلامية موسعة، وإشراف لجنة قضائية، واهتمام سياسي من أعلى المستويات ظهر بعد إعلان النتائج، وهو ما أبرز الثقل الذي تتمتع به نقابة الصحفيين ودورها في العراق الديمقراطي الجديد.

لجنة استلام وقبول الترشيحات أعلنت عن اسماء المرشحين لمجلس النقابة بعد ان تقدم 64 صحفياً لدخول السباق الانتخابي.

أربعة صحفيين رشحوا لمنصب النقيب وهم: مؤيد اللامي، نجاة الزغبي، مفيد عبد المجيد رشيد العبيدي، يحيى أحمد الزيدي.

ورشح لمنصب نائبي النقيب سبعة صحفيين هم كل من خالد جاسم محمد، محمد حنون، عبد الجبار التميمي، حسين علي حسين، عبد الكريم ياسر، باسم الشيخ، صالح الحسناوي.

وعلى عضوية مجلس النقابة تم ترشيح 21 صحفياً كل من: جبار اطراد الشمري، حسن العبودي، ناظم الربيعي، محمد سلام عبد، بان القبطان، زهرة الجبوري، سناء النقاش، سعد محسن، علي بابان، علاء الحطاب، مهدي كعيم العكيلي، راوية هاشم حمود، صادق فرج التميمي، علي الوادي، سلمان الشرع، خالد حسن ماضي التميمي، رسول الفزع، ماجد عودة، جواد كاظم اسماعيل، جبار فرحان العكيلي، رزاق العكيلي.

وعلى عضوية لجنة المراقبة تم ترشيح 14 صحفياً هم: كاظم تكليف، هادي جلو مرعي، محمد جاسم الساعدي، هبة حسين قاسم، محمد صادق داود، زياد طارق حرب، رياض محمود خضير، حيدر يعقوب الطائي، فليح حسن الجواري، عدي عبد الجبار (علي الحمداني)، محمود كاظم عبد الامير، رامي عماد عبد الهادي، ناهض القريشي، ايهاب عبد الواحد.

وإلى عضوية لجنة الانضباط رشح 18 صحفياً وهم: فراس الحمداني، رعد المشهداني، ثائر الغانمي، عمار منعم، فارس المهداوي، كريم كلش حسن، سالم تكليف عبد الحسن، ثمين الفهد، قاسم نكة نزال، نعيم حاجم عبد الحمزة، سعدون جاسم المالكي، رقية الجبوري، عبد الزهرة نعيم الركابي، علي حسن علي الحبيب، كريم راضي العماري، مصطفى كهلان، صلاح كاظم الخزعلي، حسين كاظم مهدي.

النتائج

أعيد انتخاب مؤيد اللامي نقيباً للصحفيين لدورة انتخابية جديدة بعد حصوله على أعلى الأصوات 1184 صوتاً وبفارق كبير عن منافسيه حسب ما ذكر الموقع الرسمي للنقابة.

وفاز خالد جاسم بمنصب النائب الأول بعد حصوله على 740 صوتاً، فيما فاز محمد حنون بمنصب النائب الثاني بعد حصوله على (664) صوتاً.

واحتفظ اعضاء في المجلس السابق بمقاعدهم مع صعود صادق فرج وجاءت النتائج كالآتي: حسن العبودي 783 صوتاً، جبار طراد 632 صوتاً، بان القبطان 517 صوتاً، سعد محسن 509 صوتاً، صادق فرج 506 أصوات، ناظم الربيعي 490 صوتاً، وبمنصب أعضاء مجلس الاحتياط كل من سناء النقاش وحصلت على 466 صوتاً، زهرة الجبوري 453 صوتاً، وعلاء الحطاب 446 صوتاً.

وفي لجنة المراقبة فاز كل من: هادي جلو 678 صوتاً، كاظم تكليف 619 صوتاً، هبة حسين 421 صوتاً، أما الاحتياط في لجنة المراقبة فكل من محمد جاسم الساعدي 352 صوتاً، وزياد طارق حرب 306 أصوات.

وبعضوية لجنة الانضباط هم: فراس الحمداني 633 صوتاً، رعد المشهداني 437 صوتاً، كريم كلش 309 صوتاً، وكأعضاء احتياط في لجنة الانضباط كل من ثمين الفهد 246 صوتاً، وسالم تكليف 240 صوتاً.

خرق للقانون

رغم قول النقابة أنها استقطبت لجنة قضائية للإشراف على إجراء الانتخابات إلا أن هذا لا يعني عدم وجود خروقات واضحة للقانون، فنقيب الصحفيين مؤيد اللامي اختير نقيباً عام 2008 بعد وفاة النقيب السابق شهاب التميمي متأثراً بجراحه بعد أصابته في عملية اغتيال تعرض لها.

ثم أعيد انتخاب اللامي عام 2011 وعام 2014 و2018 للدورات الثانية والثالثة والرابعة وانتخب عام 2022 في الانتخابات التي جرت منتصف نيسان الجاري.

يضعنا التجديد لمؤيد اللامي في مواجهة القانون، وكما أوضحه في النقاط الآتية:

أولاً: لا يجوز انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متتاليتين، مدة الدورة الواحدة أربع سنوات، وهذا مثبت في التعديل الرابع لقانون نقابة الصحفيين رقم 178 لسنة 1969.

ثانياً: يتعارض تجديد انتخاب اللامي مع قانون رقم 48 لسنة 2017 والذي ألغى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 180 لسنة 1977.

ووفق المادة الثانية من القانون رقم 48 لا يجوز انتخاب النقيب أو الرئيس لأي نقابة مهنية إلا في ضوء ما حدده قانون النقابة، وبما أن قانون نقابة الصحفيين قد حدد الانتخاب بدورتين كل واحدة أربع سنوات فإن انتخاب مؤيد اللامي نقيباً للصحفيين غير قانوني.

ثالثاً: إن أحكام القانون رقم 48 تسري ابتداءً من 9 نيسان 2003، بمعنى أن نقيب الصحفيين الحالي مشمول به ولا يحق له تسنم منصب نقيب الصحفيين لكون تسنم منصب النقابة للمرة الخامسة على التوالي.

وفيما يتعلق بأعضاء مجلس النقابة، فإن فوز بان فائق القبطان فيه مخالفة لقانون نقابة الصحفيين لكونها مدير عام دائرة الأفراد في وزارة الدفاع العراقية، بمعنى أنها موظف حكومي وغير متفرغة للعمل الصحفي.

ووفقاً لقانون نقابة الصحفيين رقم 178 لسنة 1969 المعدل، فقد تم تصنيف عضوية النقابة إلى ثلاث فئات، هي:

الصحفي المتمرن، والصحفي المتمرس، والصحفي المشارك.

عضوية المتمرن والمشارك لا تسمح له بالترشح أو التصويت في انتخابات النقابة، ويبقى خيار واحد أمام المرشحة بان القبطان، بأنها قد حصلت على صفة عضو متمرس، لكن في حال حصولها على هذه الصفة فإنها تخالف المادة السابعة من قانون النقابة التي تنص على الآتي:

"الصحفي المتمرس هو الذي يعمل في الصحافة المقروءة أو المرئية أو المسموعة أو وكالات الانباء بصورة فعلية وقد اتخذها مهنة رئيسية له ومر على عمله فيها بصورة متصلة مدة سنتين".

ونحن نعرف أن القبطان تعمل مديراً عاماً لدى وزارة الدفاع وغير متفرغة للعمل الصحفي كما يشترط القانون، ما يعني مخالفة وضعها في سجل الصحفيين المتمرسين، ويترتب على ذلك عدم أهليتها القانونية للترشيح لمجلس النقابة.

كما أن القبطان لا ينطبق عليها وصف الصحفي، إذا ما التجأنا إلى قانون حقوق الصحفيين رقم 21 لسنة 2011 الذي يعرف الصحفي في الفقرة أولاً من المادة الأولى بأنه: كل من يزاول عملاً صحفياً وهو متفرغ له"، أي أنه اشترط التفرغ ليحمل صفة الصحفي وفق النص القانوني.

قد يعترض البعض ويقول كيف تعبر هذه المخالفات على الهيأة القضائية المشرفة على الانتخابات؟ وهذا اعتراض مهم، وسنجيب عنه.

الهيأة القضائية مهمتها الإشراف على سير العملية الانتخابية، وليس التدقيق في سيرة المرشحين ومدى أهليتهم للترشح سواء لمنصب النقيب أو اللجان.

طيب من يحق له الاعتراض على الترشيح؟

الصحفيون هم المتضرر الأول من مخالفة فقرات قانون نقابة الصحفيين، ومن ثم فإن المتضرر هو من يجب عليه إقامة الطعن لدى محكمة التمييز الاتحادية.

لماذا لا يقيم أي صحفي هذا الطعن؟

هذا سؤال مهم ونوجهه لجميع الصحفيين بما فيهم كاتب هذا السطور، وحسب علمي أن هناك لجنة من الصحفيين والمحامين تعمل على كتابة لائحة بالطعن وتقديمها إلى محكمة التمييز الاتحادية للنظر في الأمر.

وأعتقد أن مثل هذه الإجراءات تصب في صالح النقابة وتعزز العمل النقابي، ولا سيما نقابة الصحفيين التي تعد المحامي الأول عن الدولة المدنية الحديثة التي يحكمها القانون.

فإذا كانت الصحافة هي السلطة الرابعة التي تراقب عمل السلطات الأخرى ومدى التزامها بالقوانين، فإن الصحفيين أنفسهم، هم من يقومون بالرقابة الذاتية على نقابتهم ويتابعون مدى خروجها عن القانون، فربما تحدث هفوات بدون قصد، وعلى من يلاحظها التنبيه انطلاقاً من القانون.

اضف تعليق